أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - كل شيء على ما يرام














المزيد.....

كل شيء على ما يرام


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 3092 - 2010 / 8 / 12 - 11:35
المحور: الادب والفن
    



(لا بُدَّ للانسان من ضَجْعَةٍ---لا تقلِبُ المُضْجَع عن جَنْبِه
....................................................................
نحن بنو الموتى, فما بالنا--- نعافُ ما لا بد من شُرْبِه)
"المتنبي"


*كل شيء على ما يرام. انت جاهز الآن ومستعد لتلقي النداء.لديك بضعة امور صغيرة غير مؤثرة تحتاج لتسويتها. ما ترجوه فقط, ان يتم الامر بسرعة وهدوء. فأنت هادىء رغم الضرام الذي يعصف في داخلك. والاهم بالنسبة لك ان لا تسبب ارباكاً اوألماً لأحد, وبخاصة لاُمِك, التي ازعجك واثر فيك كثيراً, مرآها- وقد شرعت بالبكاء- حينما جاء المسعفون لنقلك الى المستشفى. غالبت جسدك الواهن وانفاسك المتقطعة, لتطلب اليها ان تهدأ وان تتوقف عن البكاء. وفي الحقيقة, فان بكاءها قد فاجأك وادهشك, فمذ كنت صغيراً- بقدر ما تستطيع ان تتذكر- لم يسبق لك ان رأيتها في مثل هذا الموقف, حتى عندما مررت في اوقات سابقة بظروف حرجة وخطرة تستوجب القلق! وقد اعتدت منذ زمن بعيد على تعاملها العاطفي المحايد معك, بخلاف تعاملها مع بقية اخوتك واخواتك. ولطالما حررك هذا الشعور ومنحك الاحساس بأنك اكبر من عمرك.
كفَّت امك عما شرعت فيه, فشعرت بالراحة, رغم الالم الشديد الذي كان يمزق صدرك بسبب النوبة القلبية الحادة التي داهمتك, فيما السيارة تمضي بك مسرعة في طريقها.
* * *
عدا هذا الامر المكدر, لا قلق لديك. صحيح أنك لا تدعي أنك راضٍ عن نفسك تماماَ, لكنك تشعر- اجمالاً- ان لا بأس عليك. لكن, كم بودك لو انك تلتقي بمن اخطأت بحقهم فتعتذر لهم. وكم بودك اكثر لو تعرف اولئك الذين لا تعرف انك أسأت اليهم دون ان تدري. هذه الرغبة الصادقة لا يلغيها او يقلل من شأنها يقينك بأنك كنت حسن النية دائماَ, فأنت تدرك جيداَ ان النوايا الحسنة لا تكفي للشفاعة عندما يتعلق الامر بالتعامل مع الآخرين.
* * *
في المستشفى, شخًّص الاطباءُ علًّتكَ وقدموا لك العلاج اللازم. لذا, فإن حديثك عن الجهوزية والاستعداد لتلقي النداء لا علاقة له بحالتك الصحية كما قد يظن البعض, ولا بالافتراض الغريب لأحد من قرأووا مقالتك "كل ما في الامر.." بأن "الكاتب يتقدم في السن"! والاكيد أن لا علاقة للحديث باليأس او الاحباط او الفجيعة.
المسألة ببساطة هي انك تشعر بالاكتفاء. وبالسأم من مساكنة عالم يبدو لك وقد فقد المعنى وانهمك في عيش بائس لا يكاد يختلف عن عيش الكائنات الاخرى سوى في شدة ضراوته وفتكه, وفي كبر زهوه المتبجح الصلف. هذه المسألة سبق لك وأن قاربتها بمعالجات متعددة خلال السنوات الماضية, فلا جديد فيها اذاَ سوى بلوغك درجة "التشبع" كما يقول الفيزيائيون او الكيميائيون. ثم انها تصدر عن اختبار واختيار شخصي, وتتوجه منك واليك فحسب, وليست اطروحة مقدمة للآخرين لتبنِّيها. انها- على الارجح- نوع من البوح والمكاشفة "الجوانية" التي نحتاج اليها بين الحين والآخر وسط زحام وفيضان الكتابات والاقوال "البرَّانية" التي تتحدث عن موضوعات وقضايا خارجية. وفيما يخصك, فان الإطلال الدائم على النفس, ومراجعتها ومساءلتها, امور مطلوبة- بل هي واجبة- كي لا تعتاد على مسايرة قوة دفع العادة التي تهيمن على سلوك معظم الناس في العالم, الذين يظنون باخلاص ان ما ألفوه واعتادوا عليه هو "الطبيعي", وأن قيامهم به هو اختيارهم الواعي والحر والصحيح, وأن اتباعه هو الغاية المنشودة.
* * *
لست واهماً ولا مدعياً لتعلل نفسك بالقول ان "ثمة في الحياة ما ينتظر انجازه" كما كتب لك صديق. وهذا لا ينطلق من عجز او قصور, ولا من ضعف في تقدير قدراتك, او من تواضع مفتعل, بل من معرفتك بأن غيرك قادر على الانجاز, فلا حاجة بك للزهو ولتضخيم الذات-الشائع عادة بين المثقفين- ومنحها اكثر مما هي عليه.
* * *
كل شيء على ما يرام اذاً.
قدَّمت لنفسك, وها انت مهيأ للرحيل والانتقال.
لا تتمنى الموت, ولا تفر من الحياة, لكنك سئمت.
فوقفت تنتظر..
تنتظر ان تدعى.. فتجيب, وتلبي النداء.



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل ما في الامر..
- صيف لاهب
- ماكريستال..افتضاح الاخفاق
- حق الاختلاف...البشر ليسوا اشياء !
- خبرٌ عابر..أسوأ من الخيانة !
- تشومسكي ..اضافة جديدة ؟
- سردشت عثمان..الجرأة على الاسياد
- مئة واربعون عاما على مولده.. لينين: التقديس, الانكار, وشجرة ...
- القمة والقاعدة..وجهة النداء
- سبب آخر للاعتذار
- خزانة الألم..السينما في خدمة السياسة
- مستعرب وعرب..حب وحوار!؟
- أمل دنقل..بلسان عربي مبين
- آفاتار:استعارات.. واحالات
- تشيخوف..حفاوة جديرة بالتقليد
- ضد الكتاتورية
- غولدستون: تعليق الجرس
- في حوار لم يحدث مع اوباما: بلا حسد! استحق جائزة نوبل!
- محمد علي باشا :الإقليم .. والقيادة
- الثورة الفرنسية : ما لم يطوه التاريخ


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - كل شيء على ما يرام