كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 937 - 2004 / 8 / 26 - 12:48
المحور:
الادب والفن
معاً ..حدجناها …!
برهبةٍ حدجناها …!
تلك الزائرة السوداء … الكثيفة العطر والحضور ..!
تلك التي افترشت عجيزتها ، بحبور وألفةٍ وأناقة ، الكنبة الوحيدة التي لما تزل قادرةٍ على احتمال مثل هذه المخلوقة الثقيلة الجرم …!
كُلٍ من زاويته …في طرفٍ قصيٍ من القفص المكعب الذي ، نستهلك فيه بغير حماسة ، البقية الباقية من أعمارنا …!
ما هي إلا ثوانٍ … وإذ بي أسترخي … أشعر بالدفء الذي غادرني مُنذ دهر … أشعرني أتسع في مكاني … أشعر أشيائي تفارقني بغير توترٍ مصطنع … تغادرني عيوني …سابحة جهة الأخرى …!
أما أنت … أيتها الطاغية الجمال … فأني أراك تنكمشين … !
في ركنك من الكنبة المجهدة العتيقة ، تنكمشين …كسلحفاةٍ مطاردة … تلملمين بعضك على بعضك بارتباكٍ جليٍ ، وتنغرسين في الكنبة …أوشك أن أراها تبتلعك …أكاد أسمع طقطقة عظامك ، إذ تنحشرين بين طيات الكنبة …!
وجهها الأسود الجميل الوافر الأبعاد ، يرفرف فوق رأسي … يملأ حدقات العين ، طيفاً زاهي الألوان …!
أسنانها البيضاء اللامعة …تبرقُ إذ تبتسم …يستحيل وجهها كُلّه إلى ابتسامة عريضةٍ ، بسعة هذا الفضاء الرحب ، الذي ملأه حضورها المسائي الشجاع هذا …!
تتوالى الدقائق … تتحركين بإعياء ، وأنت المثقلة برشاقتك المجهدة من فرط حرصك عليها … تتوجهين صوب المطبخ… رباه كم أنت ثقيلة أيتها الصغيرة الجميلة الرشيقة …!
- شاي أم قهوة …أم …!
- أي شيء …!
وتبتسم …وتباغتني منها نظرةٌ … طافحةٌ بالمعنى … رباه … كم أنا جائعٌ لنظرةٍ تحفل بالمعنى …!
أكاد أرى خمسيني ترقص أمامي بنزقٍ فتيٍ في تلك اللحظة …!
تصلني مع النظرة موجة زعفرانٍ وحنّاءٍ …تلهب جسدي … أشعرني أحلق … قامتي التي تضاءلت في حضور الأخرى ، أراها تسبح بخفة في أثير الرّب الرحيم …!
- أف … ( وتنفست الصعداء إذ خرجت ) …. كم هي ثقيلة …( يطل وجهي وقد أزاح صدفة السلحفاة التي أغلقها على أبعاده كلّها ) …!
- ………
- ثم …( وبانت على وجهكِ تكشيرة اشمئزاز ، مُقرفة )…. رائحتها … كادت تخنقني …!
- ………
أغلقت الباب الذي لم نحكم إغلاقه بعد … فتحته ثانيةٍ … التقطتُ نظرةٍ صغيرةٍ إلى الخارج ثم أغلقته …!
- ماذا … أنسيت شيئاً …فاتك أن تقله …( قلبت شفتكِ باشمئزاز ) … لا أظن شيئاً فاتك ، فقد طرقت كل المواضيع ….. حتى السياسة والجنس والأدب …رغم إنها …!
- ………
- هه…لا أضنها كانت تفهم ما تقول …!
- ………….
- بالتأكيد ( أكدت لنفسكِ ، ثم عقبتي ) … فأنت ليس من السهل أن تُفهم …!!
قهقهت بلطفٍ زائف … وأنا أود أن أطل ثانيةٍ لأرى قلبي الذي فارقني ، سابحاً فوق مويجة زعفرانٍ كثيفةٍ
مباركة …!
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟