|
ايهما افضل الاخلاق والضمير ام القانون والعدالة في حماية المجتمع الانساني؟
يوحنا بيداويد
الحوار المتمدن-العدد: 3090 - 2010 / 8 / 10 - 20:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قبل بضعة اسابيع إنتشر خبر طريف وغريب بسرعة في المواقع الالكترونية (1). مفاده اخيراً تم اكتشاف اللغز الذي حير الفلاسفة والعلماء لمدة الاف السنين في جدلية مقيتة ( هل البيضة قبل الدجاجة ام الدجاجة قبل البيضة)، كانت النتيجة هي ان الدجاجة قبل البيضة وليس العكس معتمدين في برهانهم على مكونات قشرة البيضة التي لا توجد الا في مبيض الدجاجة!.
ارتاح بال الكثيرين في حل هذه المعضلة ولكن لم يرتاح بالهم من الجدلية الجديدة التي ظهرت من بعد الازمة الاقتصادية التي ضربت امريكا قبل عام ونصف من جراء الاوراق الملفقة والتزوير المتعمد الذي كان متداول في اضخم بنوك عالمية بالاخص الامريكية، بالحق كانت بمثابة سرقة مشرعة ومحمية بحسب قانون، قام بها مدراء البنوك واصحاب الشركات الكبيرة، فخسر الناس الفقراء البسطاء بيتوهم ووظائفهم واعمالهم التجارية الصغيرة بسبب الكساد الاقتصادي الذي ضرب العالم. كل هذا جعل الناس ان يتراجعوا للوراء ويفكرون ويسألون السؤال التالي : ايهما افضل الاخلاق و الضمير ام القانون والعداله في قيادة المجتمع او حمايته؟! هل فعلا القانون يستطيع ان يحمي الانسانية وقيمها من الانهيار الذي قد يحصل لا سامح الله في اي لحظة مثلما حصل في قضية الفساد في البنوك او غيرها من الفضاح السياسية المتكررة اسبوعيا في العالم؟ هل فعلا لم يعد للاخلاق والضمير اي دور في حماية او بناء المجتمع بعد كل الذي نراه ونسمع عنه يحدث في العراق وافغانستان وصوماليا واليمين وباكستان وغيرها من بقع العالم المملوءة من الازمات والصراعات القتل الجماعي بدون مبرر او اي سبب معقول؟.
لا شك ان الانسان كحيوان اجتماعي عاقل، ذكي ومبدع ، يعرف جيدا لم ولن يستطيع اختزال الغرائز الحيوانية الموجودة في داخليه والتي هي جزيء من صلب كيانه او وجوده و جوهره . لهذا كره بعضنا للشخصيات الانانية ، هي في الحقيقة فضيلة مقدسة لدى اصحابها (ذلك الفرد او تلك الذات)!. وإلا بخلاف ذلك يصبح الانسان كائن خامل ومهمل ويضمر ذكاؤه بعد ان يفقد الاثارة والنشاط فيهذا العالم. في نفس الوقت الشعور بالوجود يفقد معناه، مالم يكون ذلك الوجود واقع في بيئة حقيقية. بكلمة اخرى الوجود كما نراه هو عبارة عن مجموعة من حلقات المعرفة المرتبطة مع بعضها ، يتوسع قطرها كلما زاد الوعي لدى داركها (الانسان). واحيانا كثيرة يحصل التطابق بين القطر والمركز بين عدة دوائر( مع اختلاف طول القطر)، فيتم من جراء ذلك خلق مجتمع سواء كان ذلك المجتمع من مكون قبلية او عائلة اوقرية او قومية او وطن. ولكن هذا الانطباق هو ليس دائميا بل متأرجح غير مستقر ووقتي، لان الانسان لامحال في حياته واقع تحت تأثير الغرائز والرغبات الذاتية التي قلنا سابقا هي من صلب اي ذات بل هي الوقود الذي يدفعه للامام في نشاطه.
الان ماهي الاخلاق والضمير وكيف تعمل في الانسان؟ الاخلاق هي البنود التي وضعها او اختارها وعي الانساني عبر العصور الزمنية الماضية من خلال التجارب والخبرة كمحرمات يلتزم بها الانسان، بكلمة اخرى هي دليل لتصرفات للانسان الصحيحة، او يصبح الانسان اكثر انسانياً، غايتها حماية مصلحة المجتمع العام والفرد معا، اي كلاهما يستفادان ( تطابق المركز وقطر للدائرتين مع اختلاف الطول)، لانه يحمي كلا الطرفين من المخاطر والعشوائة(1)، بالاحرى يحميهما من قانون الغابة الاتي من الطبيعة التي معدومة الوعي . اما الضمير هو ذلك الشعور الداخلي الذي يُُشِعر (يُلزم) الانسان بواجبه اتجاه الاخرين، سواء كان ذلك الواجب هو ديني او اجتماعي او قومي او وطني او عائلي . فيمنعه من التخاذل او التنازل او ابتذال لتلك القيم المقدسة تحت نفوذ رغبة الغرائز الفردية.
اما القانون والعدالة، فهما ايضا خبرة الانسان الواعية، لكنها يتجسدان في الواقع من خلال بنود او قوانيين التي ورائها قوة للمعاقبة ( تحقيق العدالة) وتعمل كما قلنا كدليل ليعرف الانسان ما هو حقه وما هو ليس من حقه . لكن يمكن تغير هذه البنود ) القانون) او الغائه حسب النظام الديمقراطي (قرار المجتمع الدوري) وحركة تفاعل المجتمع في قضية التي يعالجها ذلك القانون . العدالة هي حكم المجتمع عن طريق القانون او المنطق على المعتدي (المجرم) او المخالف للقانون او الذي يعمل بعكسه. هذا طبعا يتم دراسته ومناقشته من قبل اطراف المحكمة (الحاكم، المدعي والدفاع ) ومن ثم يتم تقرير مصيرالمذنب( المجرم) من منظور القانون او الدليل او القياس، لهذا القانون يحمي المجرم لحين اثبات ادانته.
اما عن هذه الجدلية التي قسمت الناس الى الطرفين من حيث ايهما اكثر فعالا اواصح في حماية الانسانية وقيمها من الانهار والرجوع الى قانون الغابة. والتي تبدا بسؤال فهل الخوف من القانون و تطبيق العدالة ام الشعور الاخلاقي وتأنيب الضمير؟.
في الحقيقة انها جدلية جديدة وطويلة لن يتم ايجاد الجواب لها بسرعة الا بعدة قرون طويلة، بعدما يكتسب الانسان الخبرة الكافية من خلال التجارب . ليدرك الانسان ايهما اكثر امانة او افضل لحماية استقرار المجتمع والفرد ، هل القانون والعدالة ام الاخلاق والضمير؟.
مع هذا يجب ان نقول هنا، ان الانسانية بحاجة الى الاخلاق والضمير مهما كانت قوة القانون ودقت تطبيقه صحيحة، الانسانية بحاجة الى محاسبة ضميرها مهما كانت العدالة مطبقة وجارية في اي مجتمع. ............ 1- موقع ccn العربية الرابط: http://arabic.cnn.com/2010/scitech/7/15/Chicken.Egg/index.html 2- تجسد المنطق في هذه المحرمات
#يوحنا_بيداويد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من كمب كنكال في تركيا الى مائدة وزير الهجرة
-
اللعنة عليكم ايها السياسيون العراقيون غير الوطنيين!
-
دراسة قصيرة عن الديانة المانوية
-
الفيلسوف اليهودي فيلون الاسكندري 20 ق م – 50 م
-
تقرير عن محاضرة يوحنا بيداويد عن مذابح الدولة العثمانية ضد ا
...
-
الحماية الدولية المؤقتة هو الحل الامثل لشعبنا
-
السيد علي اللامي يريد حرق العراق من جديد؟
-
مفهوم الخير والشر حسب اللاهوت المسيحي - الجزء الثاني
-
هكذا تكلم زرادشت وهكذا تكلم المسيح !!
-
دراسة موضوعية لماذا خسر الكلدان في الانتخابات؟
-
بمناسبة اعتراف برلمان السويدي بمذابح سيفو، ماذا حصل في فيشخا
...
-
مفهوم الخير و الشر عبر التاريخ- الجزء الاول
-
المفوضية المشرفة على الانتخابات في استراليا مخيبة الامل
-
دعوة لإقامة يوم حداد عالمي على ارواح شهدائنا في الموصل
-
متى يظهر غاندي جديد في العراق؟ّ
-
الفيلسوف الكبير افلوطين والافلاطونية الحديثة
-
من هو فوق القانون هيئة المساءلة والعدالة ام البعثيين؟
-
اثيل النجيفي والمحكمة الدولية بشأن جرائم الحرب في الموصل
-
من يقلع الزوان الذي زرعه اللصوص في العراق ؟
-
جرائم حرب دولية ضد المسيحيين في الموصل
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|