امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3090 - 2010 / 8 / 10 - 15:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
" رُبَ صائمٍ ليسَ لهُ من صيامهِ إلا الجوع والعطش " . تُرى كَم من صائمي هذا الزمن ينطبق عليهم هذا الحديث ؟ كم منهم يلتزم ب ( آداب الصوم ) بل ب ( روح العبادة ) التي يتظاهر بأنه مؤمن بها ؟ ما يهمني في الحقيقة هو هذه : الآداب وهذه الروح ، يهمني الجانب الذي " يؤثر " فيّ اليوم في هذا الزمن ، هنا في هذه الارض ... أما الجانب الآخر ، المتعلق بممارسة ركنٍ ديني وواجبِ شرعي ، فهنالك ربٌ يُحاسب وهو المسؤول الوحيد عن تقييم علاقة عِبادهِ بهِ !. هنالك العديد من الذين يصومون ويُراعون جميع " آداب " الصوم ، وهؤلاء المتدينون الحقيقيون ، صادقون مع أنفسهم ، لاينافقون ، لايكذبون ، يُراعون حقوق الدين وحقوق الناس في نفس الوقت ، تراهم بعيدين عن الجشع وإستغلال الآخرين وميالين الى العطف على النساء والاطفال ، مُبادرين الى مساعدة المُستضعفين بغض النظر عن دينهم ولونهم وجنسهم ، بغض النظر عن كون هؤلاء المحتاجين صائمين او مُفطرين ! . تُرى كم نسبة هذهِ الفئة الجميلة النقية من الصائمين ؟ بالنسبة لي على الأقل وفي المُحيط الذي أعيش فيه ، أعتقد ان نسبتهم قليلة ، بل قليلة جداً !.
المغزى الحقيقي للصوم هو كما أفهمهُ : الزُهد في الأكل والشرب والإبتعاد عن الإسراف والتبذير ، وتجربة الشعور بالجوع والعطش وربط ذلك بمعاناة وعوز الفقراء والمحتاجين والذين يعانون من شحة الطعام وسوء نوعيته طيلة أشهر السنة وليس في شهرٍ واحد فقط ، والتفكير الجدي بمعالجة اسباب تردي أوضاع الطبقات الفقيرة وعدم الإكتفاء بالتصدق عليهم ورمي الفتات اليهم . وكذلك التحلي بالصبر وروح المُسامحة ، وإستغلال هذه المناسبة لحل الخلافات مهما كان نوعها والعزوف عن التعنت والتصلب الأعمى وتقديم التنازلات والجنوح نحو السلم .
أما النموذج الشائع الذي نراه اليوم ، فهو بعيدٌ كل البعد عن ماتقدم أعلاه . فليسَ نادراً ان تجد أحدهم وهو صائم ، يرفع أسعار بضاعتهِ بمناسبة حلول شهر رمضان ويّدعي ان تلك تجارة وسلوكه شطارة ! ، او يحلف بأغلظ الايمان كذباً وزوراً ، او يلاحق بنظراتهِ الخبيثة النساء ، ويُنافق المسؤولين والمتنفذين في المجتمع ويُوافق على آرائهم مهما كانتْ سخيفة ورديئة !. ان معظم هؤلاء " الصائمين " لا يصومون لوجه الله ولا يعرفون معنى " الزهد " و " التصوف " ، بل انهم في الحقيقة يتباهون أمام بعضهم البعض كجزءٍ من النفاق الاجتماعي المُستشري .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟