أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل سوداني - الفضاء السميولوجي لعمل الممثل















المزيد.....


الفضاء السميولوجي لعمل الممثل


فاضل سوداني

الحوار المتمدن-العدد: 201 - 2002 / 7 / 26 - 08:23
المحور: الادب والفن
    


 


لا تتكامل عملية الابداع المسرحي الا بتركيب واستخدام فنون مختلفة، كالرسم والرقص والنحت والشعر والموسيقى وغيرها، والقدرات الأخرى لفنانين لهم علاقة مباشرة في خلق التأثير المسرحي كالمخرج والممثل والتقنيات الفنية العديدة، وهذا هو جوهر المسرح الذي يهدف الى خلق تلك الدلالات والإشارات الفنية والإقونية التي تنتجها اللغة التعبيرية المرئية لجسد الممثل ومكونات الفضاء المسرحي الاخرى بغية خلق معنى معرفي جديد وغربلة وعي المتفرج وارباك تقليديته من خلال الوسائل المسرحية المختلفة.

«فالاشارة المسرحية تتميز بتعددية وظائفها وقدراتها على التحول الدائم. وخاصية التحول هذه يتفرد بها المسرح» الذي له دائما مهمة واحدة هي «الاشارة الى شيء آخر، ويكفي ان يكون مسرحا اذا لم يدل على شيء آخر» بمعنى «ان العرض المسرحي هو مجموعة اشارات» كما يفاجئنا جيندريك هونزل.

واذا كان المسرح بطبيعته يستوعب هذه الفنون جميعها فانه يتميز ايضاً بالقدرة على «تحررها من القيود التي فرضتها عليها فنونها الاصلية وتوحيدها في كل موحد يتميز بخصائص مسرحية حتى تدخل هذه العناصر في علائق وانساق جديدة عند تمسرحها، وتفقد هذه العناصر المختلفة لهذه الفنون، استقلاليتها وخصوصيتها وتندمج عبر الفعل المسرحي».

وإذا استعرنا مفهوم هونزل فان المسرح فن أحادي «بمعنى انه فن موجد.... أي يخلق وحدة الفنون المختلفة لخدمة هدف واحد» على خلاف مفهوم فاغنر للمسرح الذي ينص على انه فن تركيبي ـ مكون من عدة فنون.

المسرح هو فن اللحظة «الان وهنا» التي لا يخضع الزمن فيها لأبعاده الواقعية والمنطقية، وانما يخضع الابداع المسرحي لقوانين زمن الابداع الذي يكون ديناميكيا يعبر عن الايقاع المستتر للموضوع الفني، فيظهر لنا الخفايا اللامرئية في الواقع والحياة وذات الانسان. ويقوم ايضا بدلالات واحالات الى الماضي وكذلك المستقبل.

فالطاقة الابداعية في الفنون جميعها وفي المسرح خاصة، ذات قيمة دلالية، تقوم بالعدوى وتؤثر على الفنان، ومن خلاله يتسرب الابداع المبني على الاشارات والدلالات والإحالات السميولوجية الى المتلقي الذي يتحول الى متفاعل بمفردات هذه اللغة التعبيرية لخلق صورة درامية في زمن وظروف محددة، ولكنها تخضع للآنية «الان» وللمكانية «هنا» وبهذا يكمن جوهر الفن المسرحي.

والشيء الذي يمتلك أهميته في المسرح ايضا هو «اللحظة الابداعية» التي تعتبر رؤيا درامية ذات دلالات سميولوجية يتجلى بمفرداتها فكر المؤلف والمخرج، ويتجسد المعنى الذي ينتجه جسد الممثل وقدراته التعبيرية لتأليف لغة دلالية اشاراتية للمخاطبة والتأثير على الحواس البصرية والسمعية للمتفرج المتفاعل. وتتم عدوى التأثير بين حامل اللحظة الابداعية «الفنان» والمتفاعل «الجمهور» فقط عبر اللغة الابداعية المتفردة وغير المعادة، التي لا تؤثر على السمع فقط وانما على مجموع الحواس الاخرى. ولا يغفر المسرح لكل مبدع لا يمتلك حساسية الوجد الفني هذه.

ففي الفن المسرحي وبالذات في ابداع الممثل ليس هنالك حدود بين الدراما والشعر. والهذيان المبدع «الارتجال» لجسد وفكر الممثل الفنان الذي هو اختزال لفكر المخرج الدراماتورج هو الذي يحقق هذا التلاحم الكيميائي لمكونات اللغة السميولوجية، وهذا يخلق تكامل لغة الممثل الابداعية التي لا تلعب دلالاتها تأثيرا الا عندما يكون جوهر هذه اللغة خاضعا للحظة الزمن الإبداعي، وامتلاكها لا يتم الا من خلال دلالات الرؤيا الشعرية المتفجرة دراميا، والرؤيا الدرامية المتفجرة شعريا.

وتمتزج عادة الرؤيا الدرامية السميولوجية وتتحول الى صورة واشارات شعرية فقط من خلال امتلاك المبدع لمفردات لغته التعبيرية غير اللفظية، لان المسرح هو فن الدلالات والاحالات والاشارات التي تخلق تكاملية الصورة الدرامية الشعرية، حيث ينثر الشعر كتعويذة امام بصر وبصيرة الاحياء الذين مازالوا ينحدرون نحو الهاوية بابتهاج لا مثيل له.

الممثل الفنان.... والممثل المتكيف

يهدف الفنان عادة الى خلق المعرفة والجمال في ذاته والمحيط الذي يتفاعل معه. اما اذا كان هدفه بوعي او بدونه هو السذاجة الفنية تحت ضغوط انانية مرضية او منافع مادية آنية كما في الكثير من تجارب المسرح العربي،

فان هذه الفرضية تشترط علينا النظر الى مشكلة رئيسية في الفن المسرحي، وهي علاقة الممثل بذاته وبمفردات عمله الابداعي وكيفية امتلاكه للوسائل التي تؤدي الى رفض السكونية والنمطية في عمله، عندما لا يعي الممثل لغته الابداعية، ومن ثم علاقته بالأشياء والكتل ومكونات الفضاء الابداعي التي يجب ان تكون غير ساكنة في مكان وزمان الفعل.

وتعتبر هذه النمطية والسكونية ـ حتى وان كان الممثل في حركة سواء كانت مادية او فكرية ـ اثم لا يغتفر له في المسرح المعاصر، لانها لا تنتج معنى.

ان جسد الممثل الذي يعتمد النمطية يخلق بالتأكيد دلالات واشارات مكررة وساذجة بسبب كونها لا تنتج احالات لمعان معرفية، بل تشكل ثرثرة في الفضاء، يصبح فيها جسد وفكر الممثل بعيدا عن الخلق الفني والمعرفي. فالحركة التعبيرية لجسد الممثل هي مفردات للغة معرفية في الفضاء الديناميكي المكتظ بالدلالات والرموز والضاج بالمعاني.

وعلاقة الممثل بالسكونية والنمطية تحدد لنا نوعين من الابداع في عمله: ـ الممثل الفنان: وهو الفنان الذي ينشيء معنى معرفيا في الفضاء الابداعي في مكان وزمان وظرف محدد، ويمتلك معرفة علمية وابداعية بتكنيك لغته الفنية، وهو الذي يكوّن من جسده والوسائل التعبيرية الاخرى لغة سميولوجية لانتاج المعاني.

ويمتلك هذا الفنان عادة حساسيته الشعرية التي تكتنف علاقته بالأشياء والمواد الأخرى من اجل اعادة خلق الفضاء المسرحي المشحون بالمعنى الفني والدلالي والمعرفي من جديد، على غنى علاقة الممثل بالأشياء والمواد المحيطة به، فتتغير وظيفة هذه الاشياء عادة بتغير ايقاعها نتيجة لطبيعة تعامل الممثل معها اي العلاقة بين جسد وفكر الممثل وهمس الأشياء، فيصبح لها كيانها وجوهرها ورموزها من خلال مدلولاتها في الفضاء المسرحي.

وبهذا يمكن خلق ديناميكية فضاء الطقس المسرحي مما يدفعنا الى التفكير بالمسرح كإيقاع حركي ديناميكي، ولون له دلالته التعبيرية، وضوء من خلاله نسمع الصمت، وموسيقى لها وجودها البصري. وكل هذا له تأثيره على البصيرة ايضا، وعلى تلك الخفايا وأسرار الوجد في روح الانسان.

ـ الممثل النمطي المتكيف: الذي يتكيف مع نمطية وسكونية المسرح التقليدي، وهو عبد مخلص لهذه الطريقة التي تنتج وتعيد واقعا فوتوغرافيا. ويعتمد الممثل فيها على الارتجال الساذج، بغية خلق علاقة تعتمد الثرثرة في الحركة التي لا تعني شيئا. فهي لا تنتج المعنى المعرفي في الفضاء المسرحي، ولا يمكن ان يتحملها جسد وفكر الممثل العارف بخلق التأثير البصري والمعرفي في الفضاء.

والارتجال السكوني غير الديناميكي لهذا الممثل «حتى وان اعتمد على نص مؤلف ما» يعني ان يلعب جميع الأدوار بذات السكونية وتلك المسالك والأنماط المعادة «يعرفها جمهور المسرح التقليدي ويشجعها» التي تخلق منه ممثلا لا يملك خيالا خصبا ولا روحا متوهجة بل يعتمد على الصدفة في عمله الابداعي.

القيمة الابداعية في الفضاء المسرحي: ان الخطورة التي تواجه الفن المسرحي المعاصر تكمن في انه قد يفني ذاته كفن... لثلاثة أسباب: اما كونه فنا واقعيا فوتوغرافيا يخدعنا برؤية الواقع والطبيعة بسذاجة مرة ثانية في فضاء المسرح. او مسرحا متأثرا بوسائل الاعلام الدعائية التي تنتج الضجيج الاعلامي المؤدلج، فيتحول الى وسيلة لتسريب المعلومات الدعائية والاعلامية الساذجة مبتعدا عن معالجة القيم الانسانية والمعرفية العميقة.

او باعتباره مسرحا ادبيا يعتمد الوسائل الادبية لمعالجة الواقع بدون اعتماد لغة المسرح البصرية، ومازال المسرح العربي متأثرا بهذه الاتجاهات ماعدا بعض الاستثناءات.

ولهذه الاسباب جميعها فان المسرح العربي يخضع للهامشية والاستهلاك الثقافي لانه لا يمتلك الحصانة الداخلية ايضا، فيتورط بالتقليد الأعمى لاتجاهات فكرية تجريدية ليس لها مدلولاتها الاجتماعية في مدينته كما هو الحال بالنسبة للتقليد غير الواعي لبعض اتجاهات المسرح الغربي.

غير ان هذا الواقع المنقول بكل تفصيلاته كما نراه بالعين، يفرض منطقا على الممثل ويحتم عليه ان ينقل الى الجمهور واقعا معاشا ومكررا يوميا. وعلى الجمهور ان ينسى بانه يشاهد مسرحا وامامه غابة وهمية، وليلة نسى القمر فيها اطلالته على هذا الوجود وانزوى بين الكواليس.

ومؤثرات مسرحية متقنة خلقت عاصفة كان غضبها مختلطا بمطر كالفؤوس تحفر جبهة ملك مشوش الفكر يتخبط وسطها هائجا، يائسا من الانسان ومن الحب البشري، لا يعرف ماذا يفعل بعد ان استشرى مرض العقوق، فيلعن غاضبا بناته الثلاث ونفسه والطبيعة. اذن على الجمهور ان ينسى بان كل هذه الاشياء تضخمت بفعل المؤثرات المسرحية، وعليه ان يصدق بحقيقية هذا الواقع وطبيعية هذه العاصفة.

وحقيقة الأمر ان هذا التصور المسرحي كان هدفه نقل الواقع والطبيعة فوتوغرافيا ولا يمكن اعتباره تكاملا فنيا. ولكن المسرح كان ومازال واقعيا، الا ان هذا الواقع الذي نعنيه ومن الوجهة الفنية هو واقع فني ديناميكي «اذا جاز التعبير» مملوء بالرموز والإشارات والدلالات والغرابة والفنتازيا التي تبدو غير واقعية. وان الفن يفرض لغة ومفردات فنية رؤيوية لانتاج المعرفة ضمن المفهوم والوعي السميولوجي.

فالابداع المسرحي هو فن يولد لذاته ومحيطه، مكتفيا بذاته فنيا وتعبيريا، وعندما يولد الممثل ويبدع في مكان فعله، فان الأفكار الفنية والحقيقة المعرفية المؤثرة والوسائل التي تساهم في خلق الحياة من جديد هي التي تبقى في الفضاء لتقلق المتلقي «المتفاعل» ضمن مفهومنا الذي ندعو له حول البعد الرابع للزمن والفضاء «الرؤيا الاخراجية» في الطقس المسرحي.

ولهذا السبب بالذات يحتاج اي عمل درامي الى قراءات سميولوجية عدة من قبل منتجي الوعي الفني. وكنتيجة لهذه القراءة تختلج في ذواتنا أفكار كثيرة، منها ان الكاتب من خلال مؤلفه يريد ان يكشف لنا مقطعا من الحياة، او انه يريد ان يحدثنا عن سعادة بعض الناس ومستقبلهم، او تعاستهم وتعقيدات حياتهم اليومية، او انه يعالج الخراب الروحي لانسان ما في الزمن المفتعل.

وبالتأكيد فانه الممثل يمتلك انطباعاته وأفكاره الحياتية والفنية الخاصة عند تفاعله مع هكذا نص درامي. ولكن عندما تصبح الدراما مقطعا محددا ومنقولا من الواقع له تكامله فوتوغرافيا، هنا يكف المسرح ان يكون فنا يتواصل مع الجمهور سميولوجيا،

ولهذا يختلف مدلول القراءة للنص بشكل عام وكذلك القراءة البصرية للفضاء المسرحي من قبل الفنان الذي يعتمد الوعي السميولوجي لانتاج المعرفة، عن مدلولها بالنسبة الى الفنان الآخر صاحب الوعي التقليدي الذي يبحث دائما عن تكامل الواقع فوتوغرافيا على خشبة المسرح ومتمكنا من طرح الاجوبة الجاهزة عن الواقع الجاهز.

وللتدليل على استخدام الرؤيا الفنية للتعبير عن الواقع او الظاهرة الواقعية باستخدام وسائل واقعية ايضا، لكنها بالضرورة تحيل الى دلالات ورموز جديدة، سأستعير المثال الذي أتى به جيندريك هونزل عن احد عروض المخرج الروسي اوخلوبكوف التي عبر من خلالها تعبيرا مشحونا بالوعي السميولوجي عن عاصفة ثلجية: «ان المسرح يمتلك ادوات صوتية عديدة للايحاء بالعاصفة،

ولكن في عرض للمخرج اوخلوبكوف كان مجاز العاصفة قد اظهر بغزو من قبل مهرجي كرنفال، فتيان وفتيات «ممثلون في مآزر زرقاء» يتراشقون بقصاصات ورق صغيرة وهم يقفزون محدثين ضجيجاً. هذا المجاز للعاصفة ـ الكرنفال الذي يبدو كالزوبعة ـ لم يكن فصلا من اخراج اوخلوبكوف لمسرحية «الارستقراطيون»، بل كان مشهدا مكانياً.. SPACIAL SCENERY او وسيلة لتصوير «مناخ» الفعل ـ أي الاشارة للعاصفة».

ونستطيع ان نستنتج من هذا، بان اي مادة او عنصر يستخدم في الحيز الابداعي، يمكن ان ينتج معنى جديدا ويعاد خلق مكونات الفضاء المسرحي بحسب القراءة او الطريقة التي استخدمت فيها والمنظور الذي اريد الوصول اليه.

وضمن هذا المفهوم كان المخرج راينهاردت يحاول ايضا تحقيق المعاني والاشارات والاحالات التي تعيد تشكيل المكان من خلال علاقة الممثل بالديكور وكذلك تلك الحركات التي يقوم بها الممثل والتي تعطي معنى اخر وتشكل الفضاء الابداعي في جدلية علاقة جسد الممثل بفضاء وجوده.

ان البحث في ماهية وجوهر الفن المسرحي المعاصر يدفعنا الى التفكير بالفن كإيقاع ورتم حيوي داخلي وحركة ديناميكية متطورة تخلق القيمة الابداعية في الفن عموما وبالذات ابداع الممثل كما اشرنا الى ذلك سابقا. حيث من الضروري بمكان هو الكشف عن جوهر المادة او الشيء الساكن في مكان الفعل من خلال التركيز على خلق الايقاع الداخلي لهذه المواد، المرتبط بديناميكيتها غير المنظورة. فمثل هذا الايقاع هو الذي يعبر عنها ويعكس حقيقتها وجوهرها بشكل فني.

ويكمن ابداع الفنان في الفضاء المسرحي في القدرة على تحويل المادة الواقعية الى معرفة ابداعية جديدة تؤثر على الحواس سمعيا وبصريا وتخضع لقوانين الخلق الفني. وهذا الهدف يضع عمل الفنان عموما والممثل خاصة ضمن مفهوم الواقعية المطلقة «مصطلح استعاري من المفكر البلغاري غيو ميليف» التي تعني دائما بالكشف عن جوهر المادة الداخلي وتعطي أبعاداً شعرية جديدة لعناصر الفضاء المسرحي، وذلك من خلال اكتشاف واعادة خلق الايقاع الداخلي للمادة التي تكون حية وديناميكية فقط بارتباطها بحركتها الداخلية غير المرئية.

فالإيقاع الداخلي للمادة، الجسد، الأشياء وهي في زمنها الابداعي وديناميكيتها، هو الذي يعبر عن حقيقتها وجوهرها ضمن العملية الابداعية. ويساعد على الفهم الحقيقي للمعنى الذي تبثه هذه المواد للمتلقي. ولذلك فان الصورة الدرامية ذات البعد السميولوجي، والإحساس بها وامتلاك حرفية خلقها تحتم على الفنان المبدع،

التعمق بجوهر المادة الداخلي او روح الظاهرة من اجل الكشف عن ذلك الشيء الجوهري لاعادة تشكيله ورؤيته من جديد ضمن الشروط الابداعية. وبمعنى اخر إعادة خلق الواقع المنظور له من خلال رؤية فنية حقيقية، اي ابراز وإعطاء بعد مادي للايقاع الجوهري غير المرئي للمادة او الشيء او الموضوع، وهذا بالتأكيد يحيل الى دلالات الفكرة الجديدة والتأكيد عليها بعد ان كانت مستترة.

وتعتبر اعمال الفنان شاجال مثال حي على ابراز ذلك الجو والايقاع الداخلي الذي هو في حقيقة الأمر موتيف خفي للحياة الواقعية اذا تعمقنا بوعي بما يحيطنا. ومن خلال شفافية فنتازيا شاجال المشوبة بسحر الرموز الحلمية لدرجة تظهر فيها ألوانه ومواده الفنية والكتل والأجساد التي تكون عالمه الفني، وكأنها تسبح في سديم حلمي، ميتافيزيقي، لازوردي وغريب، لكنه في كل الأحوال لا يقل غرابة وغموضا عن الواقع الذي نعيش فيه. ولا يقل جمالا عن الطبيعة التي نحاول ان نباركها من خلال الفن.

وبالتأكيد فان هذا المفهوم حول هكذا ايقاع يشمل مجموع مكونات الخطاب المسرحي، كالنص، الاخراج، والتمثيل، بما فيها مكونات الفضاء وما ينتجه من ديناميكية جمالية وحقائق معرفية من خلال استخدام واع من قبل الممثل والمخرج وبعقل ابداعي حر وغنى فني بعيد عن التقليدية. ويشمل ايضا تلك الاشارات والرموز والعلامات التي تمتلك خصائصها وقدرتها على التحول لإغناء الخطاب المسرحي السميولوجي.

ويمكن القول بان الاستخدام الصائب للمفهوم السميولوجي ـ الدلالي في المسرح وكذلك إعادة اكتشاف امكانيات جسد الممثل التعبيرية وفنتازيا المخرج غير المقيدة بحدود منطق الواقع او الزمن الواقعي، وكذلك الفهم الجدلي المعاصر لمكونات الفضاء المسرحي باعتباره قيمة تعبيرية مملوءة بالرموز... كل هذا سيمنح آفاقا جديدة لتشكيل اللغة التعبيرية للممثل والمخرج والمؤلف في المسرح العربي المعاصر ضمن تحديات الألفية الجديدة.



#فاضل_سوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي البائس للمثقف المتكيف
- مثيولوجيا الجسد في الطقس المسرحي البصري
- جدلية العلاقة بين المسرح والمدينة العربية
- شيزوفرينيا الذات في فلسفة سورن كيركغارد
- العنف وهستيريا الروح المعاصرة في النص الشكسبيري
- ميتافيزيقا الذاكرة الجسدية المطلقة في الطقس المسرحي البصري
- التعازي ……… طقس درامي شعبي


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاضل سوداني - الفضاء السميولوجي لعمل الممثل