أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - تخاريف رجال الأزهر 3















المزيد.....

تخاريف رجال الأزهر 3


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3090 - 2010 / 8 / 10 - 13:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


خرّف رجال الأزهر تخريفاً كثيراً في جوابهم على الشبهة رقم 9، ألا وهي الناسخ والمنسوخ، فقالوا: (النسخ فى اللغة هو الإزالة والمحو ، يقال: نسخت الشمسُ الظلَّ ، يعنى أزالته ومحته ، وأحلت الضوء محله. ثم تطورت هذه الدلالة فأصبح النسخ يطلق على الكتابة ، سواء كانت نقلاً عن مكتوب ، أو ابتدأها الكاتب بلا نقل. والنُّساخ أو الوراقون هم جماعة من محترفى الكتابة كانوا ينسخون كتب العلماء ينقلون ما كتب فيها فى أوراق جديدة فى عدة نسخ ، مثل طبع الكتب الآن) انتهى.
إلى هنا وقولهم متزن ويمكن أن نقبله رغم أن أهل القرآن (الشيخ أحمد صبحي منصور) وهو شيخ أزهري سابقاً، يجزم جزماً قاطعاً أن النسخ تعني الكتابة ولا تعني الإلغاء.
ويستمر شيوخ الأزهر فيقولون: (أما النسخ فى الشرع فله عدة تعريفات أو ضوابط ، يمكن التعبيرعنها بالعبارة الآتية: "النسخ هو وقْفُ العمل بِحُكْمٍ أَفَادَه نص شرعى سابق من القرآن أو من السنة ، وإحلال حكم آخر محله أفاده نص شرعى آخر لاحق من الكتاب أو السنة ، لِحكمة قصدها الشرع ، مع صحة العمل بحكم النص السابق ، قبل ورود النص اللاحق. والنسخ موجود بقلة فى القرآن الكريم ، مثل نسخ حبس الزانيات فى البيوت حتى الموت ، وإحلال الحكم بالجلد مائة والرجم حتى الموت محل ذلك الحبس) انتهى. وأضاف الشيوخ في المراجع شرحاً لهذه الجُمل، فقالوا: (هذا التعريف راعينا فيه جمع ما تفرق فى غيره من تعريفات الأصوليين مع مراعاة الدقائق والوضوح. الجلد ورد فى القرآن كما سيأتى. أما الرجم فقد ورد قوليا وعمليا فى السنة ، فخصصت الجلد بغير المحصنين.) انتهى. وسوف أبيّن لاحقاً عدم مصداقية هذا القول.
أولاً نبدأ بتعريفهم للنسخ الشرعي حيث قالوا " النسخ هو وقْفُ العمل بِحُكْمٍ أَفَادَه نص شرعى سابق من القرآن أو من السنة ، وإحلال حكم آخر محله" انتهى. ما كل نسخ في القرآن جاء بعد الحكم المنسوخ. هناك آيات ناسخة جاءت في الترتيب قبل الحكم الذي ينوي مؤلف القرآن نسخه. فمثلاً الآيتان اللتان ذكرهما الشيوخ (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصيةً لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج (البقرة 240) و والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا (البقرة 234). فالآية الأخيرة نزلت أولاً وجعلت العِدة أربعة أشهر وعشرة أيام. ثم جات الآية 240 من نفس السورة لتقول إن العدة سنة كاملة. ولكن لسببٍ ما أصبحت الأولى ناسخةً للتي أتت بعدها. وهذا طبعاً يعكس منطق الأشياء كلياً ويوحي لنا أحد ثلاثة احتمالات: الاحتمال الأول هو أن الله لم يحكّم آياته كما قال واختلط عليه الأمر. الاحتمال الثاني هو أن جبريل لم يحفظ الآيات كما أعلمه الله، والاحتمال الثالث هو أن محمد هو مؤلف القرآن وقد سها كما يسهو جميع البشر وخلط بين عادات الجاهلية وبين رسالته لأن عدة المتوفي عنها زوجها كانت سنة كاملة في الجاهلية. فعلى الشيوخ أن يختاروا أخف الاحتمالات ضرراً لهم.
والغريب أن الشيوخ بعد أن اعترفوا أن هناك نسخاً في الآيتين المذكورتين، عللوا ذلك برحمة الله وتربية المجتمع، فقالوا (وحكمة التشريع من هذا النسخ ظاهرة هى التخفيف ، فقد استبعدت الآية الناسخة من مدة العدة المنصوص عليها فى الآية المنسوخ حكمها ثمانية أشهر تقريباً ، والمعروف أن الانتقال من الأشد إلى الأخف ، أدعى لامتثال الأمر ، وطاعة المحكوم به.. وفيه بيان لرحمة الله عز وجل لعباده. وهو هدف تربوى عظيم عند أولى الألباب.) انتهى.
وغريب منطق الشيوخ هنا. الله ينزل الآية رقم 234 التي تقول إن العِدة أربعة شهور وعشرة أيام، ثم بعد خمس آيات يأتي بآية زائدة لا فائدة منها تشريعياً ولا تعليمياً للمجتمع وهي الآية 240، ويقول إن العدة سنة كاملة، وتنسخ الآية الأولى الآية الثانية حتى قبل أن تنزل. فلماذا انزلها الله وهو يعلم أنه قد نسخها قبل أن تنزل؟ وأين هو الانتقال من الأشد إلى الأخف؟ بل بالعكس هو انتقل من الأخف إلى الأشد. وأين البيان لرحمة الله لعباده؟
وفي بعض الأحيان نجد الآية الناسخة تعقب الآية المنسوخة في نفس السورة. فمثلاً في سورة المجادله، يقول الله للمؤمنين: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقةً ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم (المجادلة 12). فعندما كان محمد بالمدينة في أول عهده وكان فقيراً طلب من المؤمنين الذين يأتون إليه ليسمروا معه أو يسألونه عن الدين، أن يقدموا له صدقةً. ولكنّ المؤمنين لم يكونوا بذلك السخاء المتوقع منهم، فأبوا أن يقدموا له الأموال. والنتيجة أن الآية التي أتت مباشرةً بعد ذلك نسخت، أي ألغت الصدقة وقت المناجاة (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقاتٍ فإذ لم تفعلوا تاب الله عليكم فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون) (المجادلة 13). فاكتفى محمد بالطاعة بدل الصدقة. فأي إله ذلك الذي خلق القرآن قبل أن يخلق العالم وحفظه في لوح محفوظ تحت عرشه، لا يستطيع أن يعرف إذا كان المؤمنون سوف يدفعون الصدقات لمحمد أم لا، فاضطر أن ينسخ هذه الآية بالآية التي تليها؟ أليس هذا من تأليف محمد نفسه؟
ثم أن الشيوخ قد قالوا عن النساء اللاتي يأتين الفاحشة (الجلد ورد فى القرآن كما سيأتى. أما الرجم فقد ورد قوليا وعمليا فى السنة ، فخصصت الجلد بغير المحصنين)، فالقرآن الذي حفظه الله في اللوح المحفوظ بلايين السنين (13.7 بليون سنة) وحكّم آياته لدرجة أن الشيوخ يقولون "محكم التنزيل" عندما يتحدثون عن القرآن، ومع ذلك يتخبط رب القرآن في حكم الزانية فيقول أحبسوهن في البيوت حتى الموت، ثم يغير رأيه ويقول أجلدوهن. ثم يأتي البخاري بحديث عن أبي هريرة يقول إن اليهود بالمدينة أتوا بامرأة ورجل قد زنيا وسألوا محمد أن ينفذ فيهم حكم السماء، فرجمهما محمد ولذلك أصبح عقاب الزنا الرجم للمتزوجين. ألا يغضب هذا الإله لنفسه بعد أن بذل كل هذا الجهد في حفظ القرآن ونسخ بعضه، ثم يأتي محمد ويرجم اليهودية وبذا يُلغى حكم الله؟ شيوخ الإسلام لا يملون من ترديد أن الإسلام يحترم العقل ويشجع على التدبر. فما دام الأمر كذلك ألا يتدبر الشيوخ هذه القصة الواهية التي ألغت محكم التنزيل؟ اليهود لم يصدقوا برسالة محمد، وهم كانوا قد عاشوا في المدينة حتى من قبل أن يولد جد محمد، ولهم رهبانهم ودينهم الذي عجز الاحتلال الروماني عن إثنائهم عنه، وعجز كذلك محمد أن يثنيهم عنه وفضّل بنو قريظة السيف على تبديل دينهم، فهل يُعقل أن يأتوا برجل وامرأة منهم لمحمد ليحكم فيهم؟ ما هو السبب الذي يجعلهم يحضرون الرجل والمرأة الزانيين لمحمد ليحكم عليهم؟ وماذا فعلوا في الذين زنوا من قبل هذا الزوج بمئات السنين؟ هل قالوا لهم "روحوا في طريقكم يهوه يساعدكم"؟ وإذا كان الغرض اختبار محمد، ألم يكن كافياً أن يسألوه عقاب الزاني والزانية سؤالاً شفهياً فيخبرهم بالجواب؟ هل كان لابد من البيان بالعمل؟
وقصة البخاري هذه عن اليهودي واليهودية مأخوذة من قصة لا يصدقها عقل طفل، ناهيك عن شيوخ الإسلام. رُوي عن عروة بن ميمون الأودي قال قيل له اخبرنا بأعجب شيء رأيته في الجاهلية، قال: (رأيتُ الرجم في غير ابن آدم. إن أهلي أرسلوني في نخلٍ لهم أحفظها من القرود، فبينا أنا يوماً بالبستان إذ جاء القرود فصعدت نخلةً فتفرقت القرود فاضطجعوا، فجاء قرد وقردة فاضطجعا فأدخلت القردة يدها تحت القرد فاستثقلا نوماً فجاء قردٌ فغمز القردة فسلت يدها من تحت القرد فذهبت معه فأصاب منها القرد، ثم رجعت القردة إلى القرد فذهبت تُدخل يدها في المكان الذي كانت فيه فانتبه القرد فقام فشم دبرها فصاح صيحةً فاجتمعت القردة فقام واحد منهم كهيئة الخطيب، فوجهوا في طلب القرد فجاءوا به بعينه وأنا أعرفه، فحفروا لهما فرجموهما) (تاريخ دمشق لابن عساكر، ص 417، وكذلك فتح الباري، شرح صحيح البخاري، للعسقلاني، ج7، باب القسامة في الجاهلية، وفيض القدير، شرح الجامع الصغير للإمام المناوي، ج3، حديث 2924). كل هؤلاء الشيوخ بما فيهم البخاري، صدقوا هذه القصة وتسببوا في نسخ صريح القرآن. لم يخطر ببال واحد منهم أن يسأل من الذي عقد قران ذلك القرد على القردة حتى تكون زوجته ويحق عليها الرجم، إذا كانت القرود قد اتبعت ملة موسى وأباحت الرجم. وفي الغالب أن القصة جاءت توكيداً لقصة القرآن التي تقول إن الله مسخ بعض أفراد اليهود إلى قردة وخنازير. وبما أن القرود كانت بشراً يهوديا قبل المسخ، لا بد أنهم احتفظوا بدينهم وهم قرود.
ويستمر شيوخ الأزهر، فيقولون (((أما القسم الثانى ، فقد ذكروا فيه آيات على أن فيها نسخاً وهى لا نسخ فيها ، وإنما كانوا فيها حاطبى ليل ، لا يفرقون بين الحطب ، وبين الثعابين ، وكفى بذلك حماقة. وها نحن نعرض نموذجين مما حسبوه نسخاً ، وهو أبعد ما يكون عن النسخ.
النموذج الأول:
(لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى) (البقرة 256). (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) (التوبة 29). زعموا أن بين هاتين الآيتين تناسخاً ، إحدى الآيتين تمنع الإكراه فى الدين ، والأخرى تأمر بالقتال والإكراه فى الدين وهذا خطأ فاحش ، لأن قوله تعالى (لا إكراه فى الدين) سلوك دائم إلى يوم القيامة. والآية الثانية لم ولن تنسخ هذا المبدأ الإسلامى العظيم ؛ لأن موضوع هذه الآية " قاتلوا " غير موضوع الآية الأولى: (لا إكراه فى الدين))) انتهى
شيوخ الأزهر فلقوا رؤوسنا بثوابت الإسلام التي ورثوها من السلف الصالح، فتعالوا نقرأ ما قاله السلف الصالح عن آية (لا إكراه في الدين). يقول القرطبي في تفسيره للآية: (اختلف العلماء في هذه الآية على ستة أقوال، الأول: قيل إنها منسوخة لأن النبي قد أكره العرب على الإسلام وقتلهم ولم يرض منهم إلا الإسلام. قال سلمان بن موسى قال: نسختها (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين) التوبة 73. ورُوي هذا عن ابن مسعود وكثير من المفسرين. الثاني أنها غير منسوخة وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصةً وأنهم لا يُكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية، والذين يُكرهون هم أهل الأوثان. هذا قول الشعبي والحسن والضحاك. والثالث هو رأي ابن عباس الذي قال إنها نزلت في الأنصار لأن نساءهم اللاتي لا يعيش لهن ولد كن إذا ولدت إحداهن مولوداً جديداً كانت تهوده. ولما أجلى النبي يهود بني النضير عن المدينة أراد صبيان العرب المتهودون أن يذهبوا معهم وحاول أهلهم منعهم، فنزلت الآية. والقول الرابع أنها وردت في السبي متى كانوا من أهل الكتاب لم يجبروا، وإن كانوا مجوساً أو وثنيين يُجبرون على الإسلام) انتهى.
فإذاً غالبة السلف الصالح قالوا إن الآية منسوخة، وحتى الأقلية الذين قالوا إنها غير منسوخة، قالوا لذلك بالنسبة لأهل الكتاب، وأكدوا أن المجوس والوثنيين يُجبرون على الإسلام.. فإذاً هناك تضاد بين لا إكراه في الدين وبين آيات القتال. والدليل أن كل الشيوخ الحاليين يؤمنون بأنها منسوخة هو موقفهم من المسلم المرتد، الذي يتفقون على قتله. فإذا لم يكن هذا إكراهاً في الدين، ما هو الإكراه؟
ويستمر رجال الأزهر فيقولون: (((النموذج الثانى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) (البقرة 219). (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) (المائدة 90). والآيتان لا ناسخ ولا منسوخ فيهما. بل إن فى الآية الثانية توكيداً لما فى الآية الأولى ، فقد جاء فى الآية الأولى: " فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " ثم أكدت الآية الثانية هذا المعنى: (رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه) فأين النسخ إذن ؟ أما المنافع فى الخمر والميسر ، فهى: أثمان بيع الخمر ، وعائد التجارة فيها ، وحيازة الأموال فى لعب الميسر " القمار " وهى منافع خبيثة لم يقرها الشرع من أول الأمر ، ولكنه هادنها قليلاً لما كان فيها من قيمة فى حياة الإنسان قبل الإسلام ، ثم أخذ القرآن يخطو نحو تحريمها خطوات حكيمة قبل أن يحرمها تحريماً حاسماً ، حتى لا يضر بمصالح الناس.))) انتهى
ووكان من الممكن لرجال الأزهر أن يروا التعارض الفاضح في آيات القرآن عن الخمر لو كانوا نزيهين مع أنفسهم وأتوا بآيات سورة النحل التي تقول (وإنّ لكم في الأنعام لعبرةً نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين. ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سَكرَاً ورزقاً حسناً إنّ قي ذلك لآية لقوم يعقلون) (النحل 66، 67).
وحسب السياق التاريخي فإن سورة النحل مكية وسبقت سورة البقرة ثم سورة النور المدنيتين. وبما أن مكة لم يكن بها نخيل أو أعناب، كانت آيات سورة النحل عبارة عن عربون ليهود المدينة لتشجعهم على اتباع محمد. والعربون قال لهم فيه (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سَكرَاً ورزقاً حسناً إنّ قي ذلك لآية لقوم يعقلون). فمحمد هنا يقول لهم من هبات الله عليكم أنه جعل لكم النخيل والأعناب تتخذون منه خمراً مسكراً ورزقاً حسناً، وإنّ في ذلك لآيةٍ لقوم يعقلون. فالخمر هنا كان من تسخير الله لهم ليتخذوا منه رزقاً حسناً وسكراً.
فما الذي تغير عندما وصل محمد إلى المدينة، وفجأة أصبح الخمر المسخر من الله، فيها أثم كبير، بل أن إثمها أكبر من نفعها؟ الشيء الوحيد الذي تغير هو أن اليهود لم يُهبّوا لأخذ محمد بالأحضان ويومنوا به. فجاءت آية البقرة إنذاراً لهم. ثم تلتها سورة النور التي قال فيها إنما الخمر والميسر رجس من عمل الشيطان. كيف أصبحت الخمر رجس من عمل الشيطان وكانت قبل ذلك من نِعم الله على العباد يتخذون منها سَكراَ ورزقاً حسناً؟ إذا لم يكن هذا تعارضاً ونسخاً، فلا ندري ما هو النسخ والتعارض.
أما قول شيوخ الأزهر (أما المنافع فى الخمر والميسر ، فهى: أثمان بيع الخمر ، وعائد التجارة فيها ، وحيازة الأموال فى لعب الميسر " القمار " وهى منافع خبيثة لم يقرها الشرع من أول الأمر ، ولكنه هادنها قليلاً لما كان فيها من قيمة فى حياة الإنسان قبل الإسلام ، ثم أخذ القرآن يخطو نحو تحريمها خطوات حكيمة قبل أن يحرمها تحريماً حاسماً ، حتى لا يضر بمصالح الناس)، فقول أقل ما يقال عنه إنه قول غير أمين. لأن منافع الخمر أكثر من ذلك بكثير، فهي تُفرح الإنسان وتنسيه همومه، وقبل اكتشاف المخدر العم كانت العمليات الجراحية تُجرى للمريض تحت تأثير الخمر الذي تقدمها له المستشفى. وفي العصر الحديث هذا فإننا نستعمل الكحول في تطهير الجروح وفي علاج المرضى الذين يشربون ماء لاديتر Radiator السيارات إذا تاهوا في الصحراء. وكذلك نستعملها في علاج ما يُعرف ب Fat Embolism وهي حالة خطيرة من مضاعفات كسور العظام الكبيرة مثل الفخذ أو الحوض، عندما يتسرب النخاع من العظم ويدخل الدم ويستقر في الرئة. ففوائد الخمر تفوق إثمها الذي فّرض مؤخراً بعد أن كانت رزقاً حسناً. وقولهم إن الشارع اتخذ في تحريم الخمر خطوات حكيمة حتى لا يضر بمصالح الناس، فكذلك قول تعوزه الأمانة أو فهم اقتصاد جزيرة العرب قبل الإسلام. فتجارة المرابحة، وبيع الأجل، والقروض الربحية (الربا) كانت هي حجر الأساس للاقتصاد. ولم يتورع محمد عن تحريم الربا وكل أنواع البيوع المهمة بجرة قلم، وقضى على تجارة مكة. فالربا كان أهم من بيع الخمر. فلماذا لم يتدرج في منع الربا وبيع الغرر وغيرها كما تدرج في الخمر؟ السبب الرئيسي هو أن اليهود كانوا بنوك ذلك الوقت، فكانوا يمنحون القروض بالفائدة ويتحكمون في تجارة وتصنيع الذهب والفضة وتجارة التمور. وعندما رفضوا اتباع محمد قرر تدميرهم اقتصادياً بمنع الربا وكل أنواع البيوع الأخرى، قبل أن يجليهم من المدينة ويقتل بعضهم ويستولي على متاجرهم ومزارعهم وبيوتهم.
فالاقتصاد المحمدي أتى بكارثة للعالم العربي ما زلنا نعاني منها، والوحيدون الذين استفادوا من التشريع الإسلامي في تحريم الربا هم الشيوخ الذين يعملون مستشارين شرعيين للبنوك الإسلامية ومؤسسات الاستثمار الإسلامية التي تنهب أموال المغتربين.



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تخاريف رجال الأزهر 2
- تخاريف رجال الأزهر 1
- الدكتور سيد القمني وتأخر المسلمين - تعقيباً على القراء 2-2
- الدكتور سيد القمني وتأخر المسلمين: تعقيباً على القراء 1-2
- الدكتور سيد القمني وتخلف المسلمين
- شيخ الأزهر الجديد وتربيع الدائرة 2-2
- شيخ الأزهر الجديد وتربيع الدائرة 1-2
- نساؤهم ونساؤنا
- لماذا يزداد تخلفنا
- مقارنة بين البوذية والإسلام
- كيف خلقنا الآلهة والأديان 2-2
- كيف خلقنا الآلهة والأديان 1-2
- البطريرك إبراهيم وميثولوجيا الشرق 2-2
- البطريرك إبراهيم وأساطير الشرق 1-2
- طول اليوم الإلهي
- القرآن وبنو إسرائيل 4-4
- القرآن وبنو إسرائيل 3-4
- القرآن وبنو إسرائيل 2-4
- يهود الأندلس
- في استراحة القراء 1


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - تخاريف رجال الأزهر 3