أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - هل ستتغيّر السياسة الأميركية؟















المزيد.....

هل ستتغيّر السياسة الأميركية؟


سلامة كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 3089 - 2010 / 8 / 9 - 13:46
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


(ملاحظات بعد عام من خطاب أوباما في القاهرة)

هل ستتغير السياسة الأميركية؟
هذا ما يطالعنا منذ خطاب أوباما في القاهرة، وهو يطالعنا بين الفينة والأخرى، لكن بشكل مرَضي مستمر. وكأننا لا تفعل سوى أن ننتظر التغيّر في السياسة الأميركية، لهذا نلتقط كل "اختلاف" مع الدولة الصهيونية، أو "نندلق" على تصريح هنا أو هناك، ونميل دائماً للقول بأن السياسة الأميركية قد اختلفت. ورغم تكرار هذه النغمة مئات المرات خلال العقود الخمسة الماضية دون أن يتحقق تغيّر ما، فإن استمرار تكرارها دون الوقوف لحظة للتفكير في مراهناتنا، يعني بأننا لا نراهن على حل "مشكلاتنا" سوى عبر تغيّر السياسة الأميركية. إننا، بالتالي، لا نراهن على امكانية تطوير قوانا، أو مقدرتنا على تغيير الوضع، بل نراهن على التغير في أميركا. حيث أن تكرار فشل المراهنة على التغيّر يجب أن يدفع إلى التأمل على الأقل، وبالتالي أن يجري الخروج من هذا "المستنقع". أما استمرار الأمل في التغيّر فيعني بالتحديد بأننا في حالة من العجز لا تسمح بأي فعل، أو تدفع إلى أي مسار لتغيير الوضع، أو أمل في تطوير قوانا الذاتية.
هذه خلاصة لعقود خمسة من "الأمل في تغيّر السياسة الأميركية". ولاشك في أن التشكل الذي صيغت فيه النظم، حيث هيمنت فئة كومبرادورية ملحقة أصلاً بالرأسمال الإمبريالي، يجعل "خيار الأمل" هو الخيار الوحيد، حتى دون الجراءة على التفكير في خيار آخر، والذي يقصد به الاخراج من الاحراج الذي تسببه السياسة الأميركية. لكن المشكلة تكمن في المثقفين و"السياسيين" الذين هم نتاج برجوازية صغيرة تتسم بسطحية عالية، حيث أنهم من يكرر هذه النغمة، ويظل يلح عليها وكأنها ستحدث يوماً ما. والأسوأ هو السذاجة التي يتناولون فيها المسائل، والشكلية المفرطة التي تحكم فهمهم المسائل. والتسرع في التقاط المؤشرات دون تمحيص حتى من الزاوية اللفظية. ولهذا ينساقون إلى تكرار آمال موهومة، ويعممون الأوهام في كل الاتجاهات.
طبعاً يجب، ويمكن فهم الأساس الطبقي لهذا الميل، حيث أن الحلم بالرسملة، أي بانتصار الرأسمالية، يجعل الحلم بالترابط مع النمط الرأسمالي حتمياً. لقد كان الميل العام لكل الحركات التي كانت البرجوازية الصغيرة هي أساسها هو نحو الترابط مع الدول الرأسمالية حتى وهي ترفع الشعارات "الاشتراكية"، وحتى بعد أن فُرض عليها التحالف مع الاتحاد السوفيتي. فكيف سيكون الأمر بعد "تلاشي الاشتراكية" من الشعارات ومن الواقع؟ إن الاندفاع نحو اللبرلة، وحتى "الالتصاق" بالسياسات الأميركية، هو نتاج ذلك.
وإذا كان موقف الرأسمالية الذي يقوم على رفض التطور هو الذي فرض الشعارات الاشتراكية والتحالف مع السوفيت، فإن السياسات الأميركية (كونها زعيمة الرأسمالية) تجعل هؤلاء في وضع مربك، وبالتالي ليس من خيار أمامهم سوى ايقاد الحلم بتغيّر السياسة الأميركية، واستمرار تكرار الجمل ذاتها على مدى العقود الماضية. وسيبدو تهافت المنطق حين العودة إلى كل المراحل الذي تصاعد فيها هذا المنطق ومن ثم التقييم على ضوء النتائج الواقعية، حيث كانت السياسة الأميركية تخذلهم. وحين يجري تناول الصراع العربي الصهيوني سيكون الخذلان كاملاً. فقد كان التوهم الدائم هو تغيّر السياسة الأميركية نحو إنهاء الصراع، وايجاد حل للقضية الفلسطينية على أساس "حل الدولتين"، وتحقيق التعايش. هذا ما جرى التنظير له بعد حرب أكتوبر سنة 1973. وهو ما جرى بعيد الحرب الصهيونية على لبنان سنة 1982. وكذلك بعد الحرب الأولى على العراق سنة 1991، والتواجد العسكري الأميركي في الخليج العربي، وهنا ارتفعت وتيرة المراهنة إلى الحد الذي جعل هؤلاء يعتقدون بأن دور الدولة الصهيونية السابق قد انتهى بعد أن احضرت الولايات جيوشها إلى المنطقة. واتخذ نغمة "أجمل" بعد "التزام" الرئيس بوش بقيام "دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل". ثم أخيراً حين نجاح باراك أوباما.
لكن ما يميز المراهنة الراهنة هو اتكاؤها على تصريحات و"خلافات" مع الدولة الصهيونية على قضية "جزئية" هي قضية المستوطنات، والتي يجري تناولها في سطحية مفرطة. والمثال الأبرز هو تصريج جوبايدن في جامعة تل أبيب، حيث قال "انكم تعرضون أرواح جنودنا في المنطقة للخطر". وهو النص الذي كرره تقريباً قائد القيادة المركزية الأميركية في المنطقة باتريوس أمام لجنة في الكونغرس. ماذا يعني ذلك؟ إن عدم التدقيق، وبالتالي "الشلف"، جعل الانتباه ينشد نحو الخطر الذي يسببه الصراع على أرواج الجنود، وهنا أميركا أكثر حرصاً على أرواح جنودها. وليلتقط "العقل السطحي" هذا الجانب الذي يخص أرواح الجنود، ليصل بأن حل الصراع "الفلسطيني الإسرائيلي" سوف يجنب هؤلاء الجنود هذا المصير. ليصل إلى أن أميركا "باتت تعرف بأن دعمها لإسرائيل" هو الذي يجلب عليها "هذه المصيبة". وليستنتج بأنها قد أصبحت عبئاً عليها. وليظهر بأن جنودها أصبحوا في "الفخ" بالتحديد نتيجة هذا الصراع الذي يجب أن ينتهي.
هل أن الصراع مع الاستعمار قبل قيام الكيان الصهيوني كان أيضاً نتيجة ذلك؟ إن السطحية تتحدد هنا، حيث أن الصراع مع الرأسمالية، منذ الاستعمار إلى اليوم هو نتاج "السياسات الرأسمالية" التي تسعى لفرض السيطرة على المنطقة، وتمارس النهب الفظيع لها. والأخطر هو أنها باتت تحتل العراق، وتنشر قواعدها في الوطن العربي من الخليج إلى المغرب، مروراً بالأردن ومصر واليمن. ألا يفرض ذلك تعرّض جنودها للخطر؟ أليس ذلك مبرراً كافياً لتعرّض جنودها للخطر؟
ثم أيضاً لماذا أرسلت الولايات المتحدة جنودها إلى هنا؟ أليس من أجل السيطرة والنهب؟ ألا يفرض ذلك أن يتعرض الجنود للخطر؟ الاحتلال يفرض المقاومة، وبالتالي يعرض الجنود للخطر، وهذا ما حدث ويحدث في العراق، ولن يغيّر من الأمر شيئاً "حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي". وكذلك فإن السياسات التي يفرضها الوجود العسكري الأميركي في المنطقة على النظم، والذي يقود إلى نهب الأموال النفطية، ومنع التطور، ومواجهة الميول نحو الوحدة القومية، وبناء الصناعة وتحديث الزراعة، هي التي تجعل "العداء" لأميركا أمراً مستمراً، إضافة إلى دعم الدولة الصهيونية، التي هي مرتكز لسيطرتها وضمان تكريس التكوين المتخلف والمجزأ للوطن العربي. فهذه كلها هي التي تجعل جنودها معرضون للخطر، وتجعل الصراع معها هو الصراع الأساسي. ويُنظر إلى وجود الدولة الصهيونية من زاوية كونه نتاج السياسة الأميركية وليس مستقلاً عنها.
إن النظر للولايات المتحدة وكأنها "طرف محايد"، أو حتى محبَّذ، هو الذي يوجد هذا المطب. وهذه النظرة كما المطب، هما نتاج سذاجة مفرطة كما أشرنا، لكنهما كذلك نتاج الميل لـ "حب أميركا" الذي يفرضه الطابع الطبقي لهؤلاء المثقفين و"السياسيين". وهو الطابع الذي يفرض تجاهل بأن الوجود العسكري الأميركي في العراق يشكل احتلالاً يفرض المقاومة، ويجعل السيطرة على السوق ونهب النفط، أمراً "طبيعياً" في إطار سيادة الرأسمالية. ولهذا ليس من مشكلة مع الولايات المتحدة سوى "دعمها لإسرائيل"!!، وحل هذا الأمر يقود إلى القبول بسياساتها، أو على الأصح يزيل الحرج الذي يفرض تمنّع هؤلاء (مثل النظم) عن التعايش مع الدولة الصهيونية، عبر القبول بوجودها على حدود سنة 1967، وربما أكثر، وإقامة علاقات طبيعية معها كونها دولة جارة. والبعض سارع منذ الآن لتحقيق ذلك، علناً أو سراً.
معنى كل ذلك هو أن المشكلة الوحيدة التي نعيشها هي عدم الضغط الأميركي من أجل حل "النزاع الفلسطيني الإسرائيلي"، بينما يكون الاحتلال الأميركي أمراً طبيعياً، ويكون النهب والسيطرة على السوق واحتجاز التطور، كلها أمراً طبيعياً في سياق ضرورة سيادة الرأسمالية.
هل تغيّر أميركا سياستها لكي تزيل الحرج عن هذه النخب، وتلك النظم؟ أجيب، يجب أن يتكيف هؤلاء مع السياسة الأميركية لا أن تغيّر أميركا علاقتها بالدولة الصهيونية، لأن "الرفض الإسرائيلي" هو رفض أميركي أصلاً، حيث يجب فرض الهيمنة الصهيونية على المنطقة. ولن يغيّر المنطق الساذج والسطحي من كل ذلك، الذي سوف يظل يكرر أوهامه إلى ما لا نهاية.



#سلامة_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار العربي والصهيونية والدولة الصهيونية (حوار مع يعقوب اب ...
- ماركس وحلم الرأسمالية
- لم يخطئ غطاس
- النضال التحرري حينما يسقط في نظرة ضيقة
- حول مشروع المهمات البرنامجية-2 الذي نشره تجمع اليسار الماركس ...
- حول مشروع المهمات البرنامجية- 1 الذي نشره تجمع اليسار المارك ...
- المقاومة من منظور اليسار مرة مكررة
- أي يسار هذا؟
- عن المقاومة من منظور الماركسية
- حول مرجعية منظمة التحرير الفلسطينية
- أوباما: لون البشرة هل يغير طعم السياسة؟
- المنطق الصوري في السياسة (ملاحظات حول تناول الحرب على غزة)
- المقاومة من منظور اليسار
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 3 أخيرة (من أجل توضيح الاختلافات)
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 2 (من أجل توضيح الاختلافات)
- حوار في المبادئ مرة أخرى- 1 (من أجل توضيح الاختلافات)
- الميل نحو اليسار: لكن أي يسار؟
- عن غزة والوضع العربي
- عن أهداف الحرب على غزة
- حوار في المبادئ-4أخير (على هامش الحوار حول الحرب في غزة مع د ...


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - سلامة كيلة - هل ستتغيّر السياسة الأميركية؟