|
ملامح جديدة في صورة المراة العربية
زياد خداش
الحوار المتمدن-العدد: 936 - 2004 / 8 / 25 - 11:12
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
انوثة مثقفة ، وهموم كونية
لم تعد المراة ، رمزا في اغلب الكتابات الادبية العربية ، نسوية وغير نسوية ، شعرا ونثرا ، كانت في السابق ترمز للارض والوطن والحياة ، ولم تكن تعبر عن ذاتها ، في هذه الرمزية الظالمة ، صورة المراة في الادب طرأ عليها تغير واضح ، صارت امراة او انثى تتكلم عن الامها واحزانها و تنافضاتها ، ولكنها ايضا لم تعد تلك الانثى التي لا تقن سوى التشكي والتشفي والبكاء على الغيابات المتكررة لحبيب او زوج ، والتفجع على مصير مؤرق لحياتها ، لم تعد تلك الانثى التي تحب ان تستعرض مفاتنها ، وتمشي الخيلاء امام الرجال المذهولين لتصطادهم وتربكهم ، وقد ترافق مع ذلك انحسارات ملحوظة لمد مفهوم الادب النسوي لصالح الادب الانساني ، ان الاحتفاء الجديد بانوثة المراة في كتابات المراة العربية لم يعد احتفاء شكليا او سريعا وعابرا صار احتفاء راقيا ومثقفا ، لم يعد ينظر الى ادب المراة العربية وكأنه ادب الضعيفة والمضطهدة والوحيدة والشهوانية ، صارت المراة تكتب عن هموم كونية ووطنية ، بعيدا عن اليومي الحزين لحياتها كانثى ، قد يعترض كثير من الاشخاص على هذا الرأي ، وقد يقول احدهم ان الكتابات النسوية العربية ما زالت تنضح بالماسي والفواجع النسوية والاحزان الجسدية ، صحيح ان هناك فواجع شخصية ونحيب ، وادب شكاوي في بعض الكتابات النسوية ، الا ان هناك تطورا مستمرا وانقلابا غريبا ، على هذه الاساليب والثيمات في كتابة المراة ، نلاحظه عند حنان الشيخ واحلام مستغانمي وسحر خليفة و سميحة خريس على سبيل المثال لا الحصر طبعا ، بطلات هؤلاء الكاتبات العربيات ، الروائيات لا يتفجعن او يشكين ،او يزوين في الغرف ، لاطمات الخدود ونادبات ، كما يؤخذ دائما على بطلة الروائية العربية ، ولا يندبن حظهن ، او تكسر حظوظهن امام حظوظ الرجل ، بالعكس ، البطلات هنا قويات ، ومقتحمات ، ويعشن هموم وطنية ، وارق كوني مدمر ، صحيح ان هناك بعض الاثار القديمة للصورة السابقة ، الا انها تبقى محض اثار ، وغير مركزية ، حتى في ادب المراة الفلسطينية الشابة ، نلاحظ غياب الشكوى الفارغة ، والحزن المجاني ، في رواية الشابة مايا ابو الحيات < حبات السكر > يختفي الالم السطحي النسوي لصالح الم من نوع اخر : الم وطن والم روح ، كذلك في رواية باسمة تكروري < مقعد للغريبة > تتجلى الهموم الشحصية بأفق كوني واسع وانساني ، واضح بعيدا عن الشعار النسوي البارد والسهل ، لا ادري سببا لهذا التطور في نظرة المراة الى نفسها في كتابة المراة ، فانا لست بناقد ادبي ، وما مقالتي هذه سوى انطباعات وتساؤلات وتاملات ، غير خاضعة لمراقبة تاريخية ، وعلمية وقد اكون مخطئا وغير علمي في تفكيري ورؤيتي هذه ، لكني ساظل اتساءل الى ان يجيبني احد ما : ، كيف تخلصت او قاومت كثير من الكاتبات العربيات اغراء الشكوى العادي اللذيذ ، في الكتابة ؟؟ كيف خرجن جزئيا من ثوب الضحية ، الدائمة التي حشرها فيه تاريخ الاستبداد العربي ؟؟، انا لا اقول ان هذه الطواهر والثيمات قد اختفت نهائيا من بنية كتابات المراة العربية ، ابدا اقول ان ثمة كاتبات عربيات مهمات ، يشتغلن على نصوصهن بفطنة رائعة ،و يعدن النظر في منزلقات التكنيك القديم ، ويستفدن بذكاء من الاخطاء والجمود السابق والنظرة اليابسة للاشياء ، ان المراة الكاتبة انسان قبل ان تكون انثى ، ولو لم يظلمها التاريخ والسماء والعادات ، لما تخلفت كتابتها عن كتابة الرجل ، ولما اختفت المراة الفيلسوفة ، والعالمة ، من تاريخنا الابداعي العربي ، ان تطور نظرة المراة العربية الى نفسها ، في الكتابة والحياة يبهج الطبيعة والكون والله والانسان ، ويعد انتصارا للحق والجمال ، وانتقاما لدهور من الحصار والعذاب قبعت فيها المراة ، وحيدة وصابرة وصامتة ، هذا النصف الناعم والمسالم والرقيق ، هو صاحب الرؤية الاعمق والاشمل ، هو مالك لهب ، الاشياء وخازن سر العالم ، وهو صاحب الاقتراح الانضر والاجمل ، لحل مشاكل البشرية ، وانصاف المهمش ،
#زياد_خداش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة : حشرة عمياء يقودها طفل
-
نساء فلسطينيات مكللات بالتعب والبياض
-
في مديح المراة الطفلة
المزيد.....
-
احصل على 800 دينار .. عند التسجيل في منحة المرأة الماكثة في
...
-
“قانون الأسرة في الجزائر”.. رسميا 7 شروط هامة لوقوع الطلاق
...
-
أحلى قنوات الكرتون والاغاني .. تردد قنوات الاطفال 2024 على ا
...
-
بزشكيان: الفُرقة جعلت الصهاينة يتجرأون بقتل النساء والأطفال
...
-
بعد طحنها في الخلاط.. رأس ملكة جمال سويسرا في كيس قمامة
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024
-
رهاب المثلية في الجامعة اللبنانية يمنع أطروحة ماجستير عن الم
...
-
السلاح المتفلّت يتسبب بجريمة مروعة في البترون
-
طريقة التقديم في منحة المرأة الماكثة والشروط والضوابط المطلو
...
المزيد.....
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
المزيد.....
|