|
من هو الإرهابي؟
هشام نفاع
الحوار المتمدن-العدد: 3084 - 2010 / 8 / 4 - 11:37
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
المخرج اسكندر قبطي: "لست متفاجئًا"..
سياسيّو اليمين الاسرائيلي أعلنوها حربًا مفتوحة على الجميع. على جميع الجبهات. أمام ألسنتهم المحشوّة بالبارود، وعقلياتهم المفخخة بالعنصرية، تزداد طوابير المستهدفين وتطول. التحريض على العرب لم يعد يشكّل عنوانًا في الصحيفة. إنه أمرٌ عادي. كأن تقول: عضّ كلبٌ شخصًا.. فقد بدأ يتسع ليطال كل من لا يتطابق بأفكاره وممارساته مع "الإجماع القومي الاسرائيلي". وما هو هذا "الإجماع"؟ إنه القاسم المشترك الواطئ الذي ترسمه القوى اليمينية ذات المصالح، بالتواطؤ التام مع مدّعي الديمقراطية في المركز الاسرائيلي ويساره الصهيوني. في فترات الحروب والعدوان المسلّح على الفلسطيني أو اللبناني، يتحوّل ذلك الاجماع الى مستنقع آسن واحد. منجم للسّموم. فتتسمّم معظم المجموعات الاسرائيلية وترقص مخدّرة على وقع دويّ المدافع. أما في غير أوقات الحروب، فيتفرّغ اليمين كي يزيد من سيطرته. ويطلق حملات لملاحقة من لا ينصاعون له من اليهود، ومن هم بنظره "يسار متطرّف". هذا الأسبوع، شهدت لجنة الاقتصاد سيرك تحريض جديدًا. كان موضوع النقاش تغيير أنظمة دعم الإنتاج في قنوات التلفزيون التجارية من أسلوب الإمتيازات الى التراخيص. عضوا الكنيست كرميل شاما وأوفير أكونيس بدآ الهجوم على المنتجين وصانعي الأفلام من خلال اتهامهم باليساريّة! بل اتهما القنوات التجارية بأنها تفرض جدلا تتراوح حدوده ما بين "اليسار واليسار المتطرّف"! (أحقًا؟ هل هذه هي صورة الوضع من زاوية نظر العربيّ؟ حقًا مهزلة). الهدف العميق هو: السيطرة على سياسة التمويل، وحجبه عن كلّ من يرفض لعب دور بوق دعائي لدى المؤسسة. ولكن كيف يمكن تمرير هذه الهجمة الباغية الى توسيع رقعة خطاب اليمين الرسمي/ الحزبي /الممأسس في الاعلام والانتاج التلفزيونيين؟ لا يمكن لهجمة كهذه أن تنجح بدون تحريض على العرب. هذه هي قوانين اللعبة الفاشية في اسرائيل. وهنا، هاجم عضو الكنيست شاما منتجي وصانعي الأفلام الاسرائيليين الحاضرين في جلسة اللجنة المذكورة بالقول: "لقد وفرتم الدعم لمخرجَي فيلم عجمي"، وأضاف قاصدًا المخرج الفلسطيني إسكندر قبطي قائلا: "هناك شخص تلقى أموالا من الدولة ووصل الى مسابقة دوليّة، وأساء لسمعة الدولة. ممنوع لهذا ان يتواصل" ثم بقّ الحصوة البشعة: "كل مبدع يسيء لسمعة الدولة على منصة دوليّة هو إرهابي". إذًا، فقد تغيّر تعريف "الارهابي" في اسرائيل 2010 الماضية بعزم ونشاط، برجليها، الى هاوية سحيقة. الخطاب السياسي الذي يتفاعل في برلمان "واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط" بدأ يؤسس لبوليس أفكار. لقوات خاصة تضبط من يتجاوز برؤيته وأفكاره ولغته الحدود الضيقة المسوّرة بجدران وكلاب وبنادق، والتي يفرضها فاشيو سياسة اسرائيل القرن الحادي والعشرين. من يوسّع نظرته قليلا، سيرى صورة واضحة. مؤسسة هذه الدولة تسير بعكس التاريخ وفي غير حركة تطوره. بفعل تشددها وانغلاقها ورفضها تغيير عقلية القوة والتوسّع والهيمنة وهوَس النقاء العرقي، تتصرف بهستيريا خطيرة. فقيام عضو كنيست باتهام مخرج بالإرهاب لأنه أصرّ على كونه فلسطينيًا وبسبب رفضه تمثيل اسرائيل بفعل سياساتها وبنيتها التي تستثنيه وجوديًا، هو سلوك يشكل عبوة ناسفة في أية بنية تدّعي الديمقراطيّة. هذا الفعل، في أية حالة سياسية متوسّطة – ولا أقول طبيعية- هو فعل الإرهاب الحقيقيّ؛ فعلٌ إرهابيّ بامتياز يهدد بنسف أعمدة هامة في أيّ بنيان ديمقراطيّ متواضع. هذا الأسبوع سألت المخرج إسكندر قبطي: "كيف تفسّر وضعًا يصل فيه سياسيون لدرجة اتهام شخص بالإرهاب، وكل ما في جعبته نصّ، صورة، صوت ومعدات سينمائية؟". فقال: "لست محللاً سياسيًا. انا مخرج سينمائي أنتج الافلام لأنقل قصتي وقصة شعبي للعالم. وكوني مواطنًا فلسطينيًا في هذه الدولة يمنحني كامل الحق- مثل جميع الفنانين- بالحصول على أموال من الدولة لانتاج افلامي. لم أتلق الاموال لأمثل اية دولة ولا لترويج أية فكرة سياسية". ويؤكد قبطي: "لقد وصلت إلى الأوسكار رغمًا عن دولة اسرائيل وليس بفضلها. إسرائيل لم تنجح في استغلال فيلم عجمي لتسويق نفسها كدولة دمقراطية تحترم الاقلية الفلسطينية وتمنحها منبرًا للتعبير والسرد. بل على العكس تمامًا. لقد أثبتت أقوالُ هؤلاء السياسيين أن حرية التعبير عن الرأي أمرٌ مشروط. فالسينما والأفلام بنظرهم يجب أن تكون دعاية رخيصة للحكومة الاسرائيلية وسياساتها العنصرية، وإلا فلا مكان او أموال لدعم إنتاج الافلام.. في النهاية، لست متفاجئًا من أقوال أعضاء في الكنيست وتسميتي بالإرهابي، فهذه الدولة مبنية على التخويف والتهديد. وتسمية أرهابي اصبحت عشوائية بدون أساس.. فاليوم أنا الارهابي.. وغدًا ستكون انت"!
#هشام_نفاع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنظمة المطايا!
-
ويا لها من حداثة..
-
روث البقرة الأمنية المقدسة
-
الكذبة وتكذيبها
-
فنون اسرائيلية في الاستغلال والنفاق
-
مأساةُ الصّنوبرهشام نفاع
-
الحقيقة المرّة
-
حق درويش في العودة
-
طيف ماركس على ممرّ مشاة
-
ماركس و-الفلورنسيّ العظيم-
-
تجميلٌ فاشل ل -صورة إسرائيل-
-
عن الطائفية وأسرار يغآل ألون!
-
محكمة عُليا تحت الاحتلال
-
جُرح غزّة، بعيدًا عن أصوليّات بعض اليسار
-
جوهر السياسة الأمريكية هو نفسه: الهيمنة... وفقط الهيمنة!! -أ
...
-
قمة مختلفة بفضل المقاومة
-
ما أحوجنا الى -تيّار كُفّار- في حزبنا وجبهتنا
-
نيران شقيقة تخدم الإحتلال
-
يبدو أن مؤسسة الجريمة المنظمة الحاكمة في اسرائيل، كأخلاقها،
...
-
شرطة اسرائيل تحارب إعلاميًا أيضًا لمنع كشف جرائمها
المزيد.....
-
حزب الله يحدد 23 فبراير موعدا لتشييع نصرالله وصفي الدين معا
...
-
رئيس كولومبيا: سياسات ترامب فاشية
-
خبير عسكري يكشف سر زيارة زيارة نتنياهو لواشنطن
-
ترامب: لدينا مناقشات مخطط لها مع أوكرانيا وروسيا
-
المهاجم الدولي الجزائري أمين غويري يدعم هجوم مرسيليا
-
المكسيك ترفض البيان الأميركي وترامب يقر بتداعيات الرسوم الجم
...
-
تدشين معبد هندوسي ضخم في جنوب أفريقيا
-
سياسي بريطاني سابق يعلن انضمامه إلى المرتزقة الأجانب في أوكر
...
-
تبون: الجزائر تحافظ على توازن علاقاتها مع روسيا وأمريكا
-
رئيس كوبا: الضغط الأمريكي على المكسيك يهدد استقرار أمريكا ال
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|