|
عاصمة الاقليم بلا سينما
روند بولص كوركيس
الحوار المتمدن-العدد: 3083 - 2010 / 8 / 3 - 15:17
المحور:
الادب والفن
السينما هذا الفن الراقي لم يكن غريباً عن مدينة اربيل ومجتمعها الاربيلي، كان للسينما روادها من مختلف الشرائح الاجتماعية (الموظفين، المعلمين، الطلبة، الكسبة).. اصبحت السينما منذ خمسينيات القرن الماضي ظاهرة اجتماعية وثقافية، وكانت تتحول ايام وساعات العرض الى كرنفال فني واجتماعي، اذ كانت تقصد دور السينما الكثير من العوائل، حيث كانت هنالك مقصورات مناسبة مخصصة للعوائل تسمى (لوجات).. وكان الحديث في الوسط الاجتماعي يطول عن احداث وابطال الافلام وكانت ذكراهم تبقى عالقة لفترات طويلة في اذهان المشاهدين. كانت الافلام المعروضة متنوعة بمواضيعها( تراجيدية، اجتماعية، رومانسية، كوميدية، تاريخية وافلام كاوبوي)، واكثرها رواجاً كانت الافلام الهندية ذات الطابع التراجيدي الاستعراضي، الى جانب الافلام المصرية واللبنانية والتركية وبعض الافلام الغربية. ومن الافلام التي علقت في الذاكرة لحد هذا اليوم: ( اليتيم، ولدي، اين ولدي، عقداللولو، ابي فوق الشجرة،عاد لينتقم، ترنتي، الانتصار العظيم .. والقائمة تطول)، ومن اشهر ابطال هذه الافلام: ( شامي كابور، اميتاباباجان، فهد بلان، نجاح سلام، صباح، غوار، فريد شوقي، عبد الحليم حافظ، ميرفت امين، برتلانكستر). ومن الطريف ان العديد من رواد السينما وخاصة الشباب منهم واغلبهم من شريحة الكسبة والباعة المتجولين، قد تعلموا اللغة الهندية لشدة ولعهم بها وحبهم للافلام الهندية. لقد كان المجتمع الاربيلي يتعامل بحب ووعي وتحضر مع السينما، وكانت الأجواء التي تسود صالات العرض الثلاث (صلاح الدين، حمراء، سيروان) اجواء محترمة وممتعة ومرحة، ابتداء من فترة الانتظارأي قبل العرض، والتي كانت تُبث خلالها اغانٍ جميلة من الطرب الأصيل لـ (ام كلثوم، ناظم الغزالي، القبنجي، فائزة احمد، نجاة الصغيرة، عبدالوهاب وغيرهم من المطربين والمطربات الكبار)، تلك الاعاني التي كانت تطرب الاذان وتنعش النفوس، ، ثم تعقبها الدعايات للفلم الذي سيتم عرضه وللافلام القادمة التي سيتم عرضها لاحقاً. وكانت تتخلل فترة العرض فترات استراحة يتم خلالها تجاذب اطراف الحديث حول الفلم المعروض وشراء المرطبات، والماء، والمشروبات الغازية من باعة مهذبين يتجولون في صالة العرض في فترات الاستراحة فقط. هكذا كانت تجري الأمور بكل سلاسة واحترام ومتعة، وفي النهاية كان الجميع يغادرون دار السينما مرتاحين منتعشين وهم ينتظرون الفلم القادم. هكذا اصبحت السينما منذ فترة الستينيات وخاصة في السبعينيات جزءاً من تقليد وثقافة مدينة اربيل ومجتمعها المتحضر. ومنذ نهاية الثمانينيات بدأت ظاهرة وثقافة السينما تنحسر تدريجياً في المجتمع، الى ان وصلت الى مرحلة التلاشي لأسباب عديدة معروفة لدى الجميع، منها اسباب تقنية وتكنولوجية واقتصادية وامنية واجتماعية، ولكن مما يؤسف له هو هدم المبنى القديم لسينما صلاح الدين المشيدة عام 1946 في اربيل، وأصبحت بقية دور السينما مهجورة ومهملة، وتم تشييد اسواق ومحال تجارية في اماكنها. ألم يكن من الاولى الاحتفاظ بها وجعلها معلماً حضارياً فنياً وثقافياً سياحياً، كونها شاهداً حياً على مرحلة ثقافية واجتماعية واعية عاشها المجتمع الاربيلي؟ اعتقد آن الاوان لأن نُعيد الى اربيل وكافة مدن اقليم كوردستان ألق السينما وسحرها وفنها. وأنا اناشد ومن خلال هذا المقال المتواضع، وزارة الثقافة والشباب في اقليم كوردستان والجهات الاخرى ذات الصلة، على تبني مشروع (احياء السينما في اربيل ) وبقية مدن الاقليم، من خلال تشييد دور عرض عصرية ذات تقنية سينمائية حديثة ومتطورة، ونشر ثقافة السينما في المجتمع من خلال عقد ندوات جماهيرية ونخبوية حول تاريخ واهمية فن السينما، والتعريف بتاريخ السينما في المدينة، واعداد برامج اذاعية وتلفزيونية للتوعية بهذا الاتجاه، موضحين بأن فن السينما لم يكن طارئاً او غريباً عن المجتمع الاربيلي بشكل خاص وعن المجتمع الكوردستاني بشكل عام، ولابد من احياء هذا الفن الساحر وتوسيع قاعدته في مجتمعنا، حيث لاتكتمل سمات العصرنة والتحضر والفن في مدينة اربيل (عاصمة اقليم كردستان-العراق) والفن السابع فيها يتيم يحتضر. روند بولص العراق - أربيل - عنكاوا [email protected] 0096475044960398_ ________________________________________ *أن أول من أطلق تسمية الفن السابع على الفن السينمائي هو الناقد الفرنسي الإيطالي الأصل (ريتشيوتو كانودو)، الذي ولد في إيطاليا عام 1879وعاش في باريس ومات فيها عام 1923. وقد أعلن كانودو عن سبب تسمية السينما بالفن السابع فقال: لأن العمارة والموسيقا وهما من أعظم الفنون مع مكملاتهما من فنون الرسم والرقص والشعر والنحت، قد كونا حتى الآن الكورال السداسي الإيقاع للحلم الجمالي على مر العصور. ويرى كانودو أن السينما تجمع وتضم تلك الفنون الستة، إنها الفن التشكيلي في حركة، فيها من طبيعة الفنون التشكيلية ومن طبيعة الفنون الإيقاعية في نفس الوقت، لذلك فهي الفن السابع.
#روند_بولص_كوركيس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
-
مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
-
الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا
...
-
-الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|