أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (2)















المزيد.....


إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (2)


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 3083 - 2010 / 8 / 3 - 00:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


رزنامة الأسبوع 26 يوليو - 1 أغسطس 2010

(8)
رأينا، في مقام الرَّد على ما أوردت صحيفة (التيَّار)، وسائر البروباغاندا الكاسدة التي تستهدف الترويج، وسط الشباب، لفكرة أن الحزب الشِّيوعي السوداني حزب شمولي، يتربَّص، أصلاًً، بالدِّيموقراطيَّة، وكان، عام 1989م، يعِدُّ لانقلاب، مِمَّا (اضطرَّ!) الجَّبهة لأن تقطع عليه الطريق بانقلابها هي، أن المنهج الأنجع في لجم مثل هذه التخرُّصات هو مجابهتها بمحض الوقائع التاريخيَّة الباردة التي لا تحتمل المغالطة أو المكابرة! وخلصنا، الأسبوع الفائت، إلى سَوْق بعض الدلائل، في هذا الإطار، أهمُّها أن قضيَّة الديموقراطيَّة قد اقترنت، أصلاً، في فكر الحزب، منذ تأسيسه، بقضيَّة (الاستقلال السِّياسي) نفسه، حتى لقد اعتبر عبد الخالق أن المشكلة الأساسيَّة التي واجهت السودان، عند خروجه من الحرب الثانية، هي مسعى الاستعمار لإبعاده عن توجيه حياته وفق نظام ديموقراطي.
في هذا السِّياق لا بُدَّ أن نتوقف، بوجه خاص، عند النقد الذي وُجِّه لرفض الحزب لاتفاقيَّة الحكم الذاتي المبرمة في 12/2/1953م، إثر المفاوضات التي جرت بين دولتي الحكم الثنائي وبين أحزاب الأمَّة والوطني الاتحادي والجمهوري الاشتراكي، واستثني منها الشيوعيون والجنوبيون، فضلاً عن النقد الذاتي الذي مارسه الحزب نفسه بشأن ذلك الرفض، وانتهى به إلى تعديل موقفه خلال نفس الأسبوع، حيث عاد وأعلن عن قبوله بالاتفاقيَّة (دورة اللجنة المركزيَّة، مارس 1953م)، انصياعاً للمزاج الجَّماهيري العارم الذي استقبلها بالترحيب الحار. لقد أعلن عبد الخالق، بنقاء ثوري نادر، أن الحزب أخطأ، في موقفه من تلك الاتفاقيَّة، عندما وجَّه اهتمامه فقط ".. إلى مزالقها التي قد يستغلها المستعمرون، وإلى كونها مناورة للمستعمرين ليخلقوا وضعاً شرعيَّاً في البلاد لاستمرار نفوذهم، ولم ينظر إليها باعتبارها نتاجاً من نتاجات الكفاح الشَّعبي الذي كان في الإمكان أن يثمر أوفر منها لو تقيَّدت أحزاب الطبقة الوسطى بحلفها في الجَّبهة الوطنيَّة المتحدة لتحرير السودان. ولكن هذا لا يمنع من أن المستعمرين، تحت ضغط الحركة الجَّماهيريَّة، اضطرُّوا للتراجُع، وأن الاتفاقيَّة تراجُعٌ، من جانبهم، يمكن استغلاله لصالح الشَّعب" (عبد الخالق؛ لمحات ..، ص 81).
وإذن، وبما أن الحزب ظلَّ يقرن بين الاستقلال وبناء النظام الديموقراطي، فإن موقفه الابتدائي الرَّافض للاتفاقيَّة، أوَّل أمرها، انبنى، في حقيقته، لا على أيِّ شئ سوى (الشَّكِّ) الذي انتابه، وقتها، في نوايا الاستعمار تجاه مطالب الشَّعب بالجَّلاء الناجز، وحقِّ تقرير المصير، وبناء سودان حُرٍّ ديموقراطي. فالاتفاقيَّة، حسب نقد الحزب لها، أوان ذاك، قد أرجأت، بالفعل، هذه المطالب، ريثما تنتهي سنوات الحكم الذاتي الثلاث؛ وأمَّنت موقعاًً، في لجنة الانتخابات، لأمريكا الساعية للحلول محلِّ الاستعمار البريطاني الآفل؛ كما أمَّنت، في لجنة الحاكم العام، موقعاًً لباكستان التابعة للتاج البريطاني، ومن ثمَّ لحلف الشرق الأوسط الاستعماري. وإلى ذلك شرَّعت دوائر انتخابيَّة تأتي بنوَّاب غير منتخبين، مباشرة، من الشعب، بالمخالفة لشروط الانتخابات الديموقراطيَّة في الفقه الدُّستوري؛ وتركت التقرير بشأن القيادة العليا للجَّيش، بعد انسحاب قوَّات دولتي الحكم الثنائي، للجنة الدَّوليَّة التي ستشرف على إجراءات تقرير المصير، مِمَّا يعني، برأي الحزب، توسيع هيمنة النفوذ الأجنبي على الجَّيش، وبالتالي إجهاض إمكانيَّة تحقيق استقلال وطني نظيف؛ وإلى ذلك كله ضربت قيوداً إضافيَّة على الحُرِّيَّات؛ ووفرت للحاكم البريطاني من السُّلطات، كسلطة إعلان حالة الطوارئ، ما يمكنه من تدعيم النفوذ الاستعماري، وممارسة الضَّغط على البرلمان (قاسم أمين؛ اتفاقيَّة السودان في الميزان، بدون تاريخ، ص 20).
(هاجس) الخوف، إذن، على قضيَّة بناء الدَّولة الوطنيَّة الدِّيموقراطيَّة المستقلة من مزالق المؤامرات الاستعماريَّة، وبصرف النظر عمَّا إنْ كان ذلك الهاجس حقيقيَّاً أم متوهَّماً، هو الذي شكل خلفيَّة رفض الحزب، ابتداءً، لاتفاقيَّة الحكم الذاتي، وليست فكرة (الخيانة) للاستقلال، كما تشيع بروباغاندا الخصوم البائسة!
وإن جاز لنا أن نتساءل، من باب الاستطراد المنطقي، فما هي مصلحة الحزب في (خيانة) قضيَّة ظل يبشر بها، منذ أول نشأته، ويناضل في سبيلها، ويستنهض باتجاهها طاقات الجماهير، ويبنى على طريقها شتى الكيانات السِّياسيَّة، والنقابيَّة، والفئويَّة، و(يداوس) لأجلها، على شُحِّ إمكاناته الماديَّة، آلة الإدارة الاستعماريَّة، وأجهزة مخابراتها وقمعها، بقضِّها وقضيضها، فيسقط من بين صفوفه، في ساحات معاركها المشهودة، وعلى رأسها معركة الجمعيَّة التشريعيَّة في الخرطوم وعطبرة وغيرها، أنبل أبنائه، كالشهيد قرشي الطيِّب؟!
يحتاج نقدة الحزب، يقيناً، وهو، من قبل ومن بعد، ليس فوق النقد، إلى تدقيق الحُجج وتجويد المنطق!

(9)
ومالنا نذهب بعيداً! فعلى الرُّغم من تراجع الحزب عن رفضه للاتفاقيَّة، عاد الزَّمن ليتكفل بإثبات أن مخاوفه تلك لم تكن بلا أساس، حيث أقدمت الإدارة الاستعماريَّة، بالفعل، خلال النصف الثانى من عام 1953م، وبين يدي البدء في تطبيق الاتفاقيَّة، على سنِّ ما أسمته بـ (قانون قمع النشاط الهدَّام!)، مستهدفة تأسيس ".. دولة بوليسيَّة تجرِّد الاستقلال من معناه، وتجعله جثة لا روح فيها" (ع. الخالق؛ دفاع ..، ص 53 ـ 54). وكان الحاكم العام قد سبق وأصدر في 25/11/1950م، أمراً قضى بعدم مشروعيَّة أيَّة جمعيَّة في السودان، أيَّاً كان اسمها، تدعو أو تروِّج أو تمارس نظريَّات أو مبادئ الشِّيوعيَّة العالميَّة، أو الجِّهاز المعروف باسم الكومنفورم؛ مستنداً إلى نصِّ المادَّة/3 من (قانون الجمعيَّات غير المشروعة لسنة 1924م)، والتي تقرأ: "إذا رأى الحاكم العام أن أيَّة جمعيَّة تتدخَّل، أو يكون غرضها التدخُّل، في إرساء القانون والنظام، أو تشكل خطراً على السلم العام، فإنه يجوز للحاكم العام أن يعلن تلك الجمعيَّة غير مشروعة بإعلان يُنشر في غازيتة حكومة السودان"؛ كما عاد، في مايو 1952م، وأصدر أمراً آخر بعدم مشروعيَّة الاتصال بأيَّة حركة شيوعيَّة في أيِّ بلد؛ ثمَّ ما لبث، كما سلفت الإشارة، أن استخدم سلطاته الواسعة التي منحته إيَّاها الاتفاقيَّة، وأصدر، في العام التالي، (قانون قمع النشاط الهدَّام!)، بموجب الأمر المؤقت رقم/22 لسنة 1953م. ولم يتبقَّ، لكي يكتسب ذلك الأمر قوَّة القانون النافذ، سوى أن يتأيَّد في البرلمان، وفق المادتين/57، 58 من دستور الحكم الذاتي.
لكن، ولأن الحزب الوطني الاتحادي كان يسيطر على أغلبيَّة مقاعد مجلس النوَّاب؛ ولأنه كان قد أدرج قضيَّة (قانون قمع النشاط الهدَّام!) ضمن حملته الانتخابيَّة، وظلَّ، طوال الفترة التي سبقت تقلده الحكم في يناير 1954م، يعد الناخبين بإلغائه، فقد كان عسيراً عليه تماماً، من الناحية السِّياسيَّة، أن ينقلب، ما بين ليلة وضحاها، يؤيِّد ذلك المشروع! هكذا لم يكن أمام الحكومة سوى أن تنضمَّ إلى المعارضة بالتصويت ضدَّ المشروع، في جلسة 30/3/1954م، مِمَّا مكن من صدور قرار المجلس برفض منح ذلك الأمر المؤقت التأييد الدستوري الذي يحتاجه. وإلى ذلك يورد فيصل عبد الرَّحمن علي طه، في أحدث مؤلفاته، طرفاً من مداولات القوى السِّياسيَّة حول القانون في تلك الجلسة، حيث وصفه مبارك زرُّوق، زعيم الأغلبيَّة، بأنه مطاط، ويفسح المجال لكبت حُرِّيَّات المواطنين، وأنه قد شُرِّع قبل مجئ حكومة الأزهري التي وعدت الشَّعب بإلغائه.
لكن، مِمَّا يجدر وضع خطِّ تشديد تحته، هنا، هو إضافته عبارة ذات مغزى خاص، رغم أنها ربَّما لم تشدَّ الانتباه بما يكفي يومها، وذلك بقوله: إن الحكومة لترجو "ألا تضطرَّها الظروف لسنِّ مثل هذه القوانين مستقبلاً"!
من جانبه أشار حسن الطاهر زرُّوق، نائب الجَّبهة المعادية للاستعمار، إلى أن المذكرة التفسيريَّة للقانون تقول إن الشِّيوعيَّة قد انتشرت، وتجب محاربتها؛ ومضى موضِّحاً أنه، إذا كانت الشِّيوعيَّة قد انتشرت فإن انتشارها لم يكن بطريقة إجراميَّة، لأن الشِّيوعيين لم يحملوا حراباً ولا سيوفاً لكي يرغموا الناس على اتباع آراء معيَّنة؛ وأن الشائع الآن هو أن كلَّ حُرٍّ قام لتحرير بلاده يوصف بأنه شيوعي، فإذا كانت هذه هي الشِّيوعيَّة فنحن شيوعيون بإصرار" (فيصل عبد الرحمن علي طه؛ السودان على مشارف الاستقلال الثاني "1954 ـ 1956م"، عبد الكريم ميرغني الثقافي 2010م، ص 229).
ولئن كان ذلك هو ما جرى تحت قبَّة مجلس النوَّاب، فقد كان للنشاط الشَّعبي في الشارع، بقيادة حزب الجَّبهة المعادية للاستعمار ".. الفضل الأول في إلغاء ذلك القانون، مِمَّا سمح للجَّماهير بالانطلاق خلال فترة الانتقال، وإجراء تحوُّلات في الجَّوِّ السِّياسي لصالح الاستقلال" (ع. الخالق؛ دفاع ..، ص 53 ـ 54). وتشير وثائق الاستخبارات البريطانيَّة خلال تلك الفترة إلى أن قرار البرلمان برفض مشروع ذلك القانون أعقبه أن ".. ساد فرح غامر .. وقرَّر الشِّيوعيون دعم الحكومة دعماً كاملاً" (الوثائق البريطانيَّة عن السودان (1940 ـ 1956م)، تحرير محمود صالح، مجلد/9 ـ 1954م، ج/1، عبد الكريم ميرغني الثقافي 2002م، ص 108).

(10)
لا شكَّ، كما سبق وألمحنا، أن فترة الثلاثة الأشهر ليست كافية، في السودان بالذات، لمحو الوعود السِّياسيَّة من الأذهان! لذا فقد كان من الصعب على حكومة الأزهري أن تنكص، في مارس 1954م، عن وعدها للجماهير، طوال حملتها الانتخابيَّة، وحتى تقلدها الحكم في يناير 1954م، بإلغاء (قانون قمع النشاط الهدَّام!)، باعتباره قانوناً استعماريَّاً! لذا فقد كان من المحتم عليها أن تفي، ولو مؤقتاً، بوعدها، فتصوِّت مع المعارضة، في جلسة مشهودة، على إلغاء ذلك القانون! غير أن عبارة مبارك زرُّوق في تلك الجَّلسة، عن "رجاء" الحكومة "ألا تضطرَّها الظروف لسنِّ مثل هذه القوانين مستقبلاً!"، كانت بمثابة الوعيد، أو، قل، على الأقل، بمثابة الباب الخلفي الموارب الذي يمكن للحكومة أن تتنصل عبره، في مقبل أيَّامها، عن أيِّ التزام سابق .. وقد كان!
هكذا، وبإزاء تزايد نفوذ الشَّيوعيين وسط النقابات والاتحادات المهنيَّة، أقدمت حكومة الأزهري، للأسف، في سبتمبر 1954م، على إعداد مشروع قانون (وطني!)، هذه المرَّة، لقمع النشاط (الهدَّام!)، تمهيداً لإجازته في البرلمان، لدى انعقاده في نوفمبر، بحُجَّة أن بعض المواطنين (استغلوا) فرص (حُرِّيَّة التعبير) المتاحة لهم استغلالاً (سيئاً) رُبَّما (يخلُّ) بالنظام، حيث (تغلغل) النشاط الشِّيوعي في بعض المرافق، كاتحاد مزارعي مشروع الجزيرة، وبدأ (يتسرَّب) لمختلف المؤسَّسات (الأيَّام، 2/9/54 ـ الرأي العام 7/10/54 ـ الأيَّام، 19/10/54 ـ ضمن: فيصل ع. ع. طه؛ السودان ..، ص 231). لكن تلك الخطوة قوبلت بمعارضة الكثير من الأحزاب والهيئات والشَّخصيَّات العامَّة التي أصدرت وثيقة وقع عليها حزب الأمَّة، والحزب الجُّمهوري، والجَّبهة المعادية للاستعمار، واتحاد نقابات عمال السودان، واتحاد مزارعي مشروع الجَّزيرة، والجَّماعة الإسلاميَّة، وجماعة الفكر السوداني، كما وقع عليها من الشَّخصيَّات العامَّة محمد احمد محجوب والشريف حسين الهندي، وجاء في بعض فقراتها "أن إصدار قانون جديد تحت ستار محاربة الشِّيوعيَّة وحدها، أو أيِّ ستار آخر، سيكون قيدا على حُرِّيَّات المواطنين، وسيحول دون قيام الجَّوِّ الحُرِّ المحايد، وسيكون سلاحاً للضغط على السودانيين للتنازل عن استقلالهم وسيادتهم القوميَّة" (محمد سليمان؛ اليسار السوداني في عشرة أعوام، ص 77 ـ ضمن: المصدر، ص 231، 232).
لم تقتصر العقبات التي حالت دون تمرير ذلك القانون على المعارضة الرَّسميَّة له، فقط، في البرلمان، وإنما شملت، كذلك، المعارضة له من جانب عناصر بارزة داخل الحزب الوطني الاتحادي الحاكم نفسه، وبعضها داخل مجلس الوزراء. وفي الأثناء كان يحي الفضلي، وزير الشئون الاجتماعيَّة الذي تتبع له مصلحة العمل، يقود، من منصَّة الحزب الوطني الاتحادي، (عملاً دءوباً!)، لإقصاء الشِّيوعيين من قيادات النقابات. وقد التمس، في ذلك، "وبلا حرج"، (نصيحة!) آدمز، المفوَّض التجاري البريطاني، خلال الأسبوع الأوَّل من ديسمبر 1954م، قائلاً إن "العمليَّة مكلفة، وليست لدى الحزب الوطني الاتحادي موارد ماليَّة إضافيَّة"! لكن (نصيحة!) آدمز كانت أنه لا مجال لتوقع قيام الحكومة البريطانيَّة بتوفير موارد ماليَّة (Minutes by Adams, 8 December 1954 ــ ضمن المصدر، ص 232 ــ 233). ويجدر التنويه بأن يحي الفضلي واصل، خلال تلك الفترة، منفرداً، أو بصحبة آخرين، كالشيخ علي عبد الرحمن، وزير العدل، طلب (النصائح!) من البريطانيين، إمَّا لإصدار تشريع معادٍ للشِّيوعيين، أو لمحاربة الشِّيوعيين في النقابات! ولمن أراد استزادة مراجعة الفصل العاشر من مؤلف د. فيصل ع. ع. طه المشار إليه.
الشَّاهد أن تلك الوقائع التاريخيَّة كشفت، منذ وقت باكر، عن أن الحزب الوطني الاتحادي ليس إجماعيَّاً، أصلاً، لا فكريَّاً، ولا سياسيَّاً، في موقفه من أهمِّ قضايا الصِّراع الاجتماعي، ومن بينها الموقف من الحزب الشِّيوعي؛ وأن هذه التشققات والفروق في المواقف الأيديولوجيَّة والسِّياسيَّة هي انعكاس، بالضرورة، للتركيبة الطبقيَّة شديدة التباين والتعقيد، داخل هذا الحزب؛ فلئن تبدَّت نزعة عدائيَّة، هنا أو هناك، من بعض أقسامه، تجاه الشِّيوعيين، أحياناً، فينبغي البحث عن أسباب ذلك في صميم الفروقات المائزة لهذه الأقسام، ومصادرها الفكريَّة والسِّياسيَّة، وليس في كون الشِّيوعيين قد صدُّوا (اليساريين الاتحاديين)، في بعض المنعطفات التاريخيَّة، عن أيِّ تقارب معهم، على خلفيَّة موقف الشِّيوعيين الذي أنفت الإشارة إليه من اتفاقيَّة الحكم الذاتي، أو تحالفهم مع حزب الأمَّة في الجَّبهة الاستقلاليَّة، أو ما إلى ذلك، مِمَّا قد يعتقد البعض خطأ أنه ".. باعد بين قيادات الاتحاديين واليسار، بل جعل منها معادية، فتحمَّست، ممثلة في السيِّد إسماعيل الأزهري، لحلِّ الحزب الشِّيوعي في نهاية السِّتينات من القرن الماضي" (راجع: حيدر إبراهيم علي؛ مقدِّمة "كتابات سودانيَّة"، ع/49، أكتوبر 2009م).

(11)
دورة مارس 1953م المار ذكرها شهدت بروز اتجاهٍ يساري متشدِّد داخل اللجنة المركزيَّة يعتبر الانتخابات البرلمانيَّة، المُزمَع إجراؤها فى ذلك العام، محض لعبة برجوازيَّة، ويعترض، من ثمَّ، على المشاركة فيها. مع ذلك فإن الحزب قرَّر خوضها كعمل جماهيري يتيح فرصة طرح برنامج الحزب على نطاق واسع، ووسيلة لتوسيع نشاط الحركة الوطنيَّة المناهضة للاستعمار، وتعميق الدِّيموقراطيَّة (ع. الخالق، لمحات ..، ص 82 ـ 83). بل لقد عدَّ الحزب تلك المشاركة بمثابة أداة لتشديد يقظة الجَّماهير بإزاء المزالق التى كان ما يزال يرى أنها تحفُّ باتفاقيَّة الحكم الذاتى (نفسه، ص 83).
وتشهد وقائع السَّنوات الثلاث ما بين اتفاقيَّة الحكم الذاتى، أواخر فبراير عام 1953م، وبين استقلال السودان رسميَّاً، فى الأوَّل من يناير عام 1956م، على انخراط الشِّيوعيين فى نضال لا يفتر، جنباً إلى جنب حلفائهم فى الحركة الجَّماهيريَّة الواسعة، لأجل ترسيخ الحقوق والحُرِّيَّات الدِّيموقراطيَّة. من ذلك، على سبيل المثال، المذكرة التى تقدَّمت بها الجَّبهة المعادية للاستعمار إلى اسماعيل الأزهري، رئيس الوزراء، حول قضيَّة الحُرِّيَّات، والإضراب الذى قاده اتحاد نقابات عمَّال السودان فى سبيل الحُرِّيَّات، ونشاط الهيئة الشَّعبيَّة الدَّائمة للدِّفاع عن الحُرِّيَّات، ومذكرة رؤساء تحرير الصُّحف إلى الأزهري حول الحُرِّيَّات، والمشاريع التى تقدَّم بها حسن الطاهر زروق من داخل البرلمان الأول لتعديل وإلغاء القوانين المقيِّدة للحُرِّيَّات، وما إلى ذلك.
ليس من عجب، إذن، ولا من فراغ، أنْ جاء برنامج الحزب (سبيل السودان نحو تعزيز الاستقلال والديموقراطية والسلم) الذى أجازه مؤتمره الثالث غداة الاستقلال (فبراير 1956م)، ليبرز تصوُّره للتحالف المطلوب لمرحلة الثورة الوطنيَّة الدِّيموقراطيَّة بأسرها، من خلال تحليله لطبيعة الأهداف نفسها المطروحة في أفق المرحلة، والقوى الاستراتيجيَّة المنوط بها إنجازها. فبرغم الأثر الضاغط لمفهوم (الدِّيموقراطيَّة الشَّعبيَّة) على تلك الوثيقة، إلا أنها صاغت تلك الأهداف في: دعم الاستقلال السِّياسي بالاستقلال الاقتصادي، إشراك الجماهير في توجيه شئون البلاد، رفع المستوى المعيشي للكادحين، إحداث الثورة الثقافيَّة، والتخلص من مخلفات الاستعمار. كما أكدت الوثيقة على أنه لا بُدَّ، لإنجاز تلك الأهداف، من الوحدة الشَّعبيَّة التى تتمثل فى ما أسمته بـ (الاتحاد الوطني الديموقراطي)، بين الجَّماهير العاملة والمزارعين، من جهة، وبين كلِّ الطبقات الثوريَّة الأخرى من برجوازيَّة وطنيَّة وبرجوازيَّة صغيرة فى المدن. ورأت أنه من الممكن، بدراسة الوضع العالمي، وظروف البلاد في ذلك الوقت، إحراز التقدُّم المنشود، بالاعتماد على نضال الجَّماهير بالوسائل والطرق السِّلميَّة، حتى لا تتعرض بلادنا لهزَّات، باعتبار أن توفر الحُرِّيَّات الدِّيموقراطيَّة، على حدِّ تعبير الوثيقة، هو الطريق للتقدُّم، وللنمو السِّلمى للثورة الدِّيموقراطيَّة (أنظر: برنامج المؤتمر الثالث 1956م ـ وأنظر أيضاً: ع. الخالق محجوب؛ إصلاح الخطأ فى العمل بين الجماهير، ص 18 ـ 19).
وعن ذلك (الاتحاد الوطنى) الذى نادى الشِّيوعيون بقيامه ليشمل كلَّ المناضلين ضد الاستعمار قال عبد الخالق لاحقاً: ".. لو قدِّر لهذا العمل الجليل أن يتمَّ بنجاح، لكانت بلادنا تقفز اليوم قفزات هائلة فى طريق التطوُّر المستقل، وبناء اقتصاد معزَّز. وسيحكم التاريخ حكماً قاسياً على كلِّ من ساهم فى تفويت الفرصة على شعب السودان لتوحيد صفه الوطني، فقد دفعت البلاد ثمن الانقسام .. غالياً، إضعافاً للاستقلال، واقتصاداً خرباً، وطريقاً وعراً، شائكاً، سارت فيه بلادنا. إن حزب الجَّبهة المعادية للاستعمار يحقُّ له أن يقول إنه كان حزب الوحدة الوطنيَّة، يوحِّد ولا يُفرِّق، ويجمع ولا يشتت .. وقد كان .. مستعدَّاً للاشتراك فى ذلك الاتحاد الوطني حتى لو أصابه الغرم. وما مسلكنا في الانتخاب للبرلمان ببعيد عن الأذهان، ففى سبيل إنجاح الكثير من المرشَّحين الوطنيين، بذلنا الجهد لا نرجو .. جزاءً ولا شكورا ، وهذا لعمري هو النظام الحزبي النظيف ذو المبادئ السَّامية" (ع. الخالق؛ دفاع ..، ص 52 ـ 53).

(12)
ألقى المؤتمر الثالث وبرنامجه بحزمة كثيفة من الضوء على حقيقة موقف الشِّيوعيين من قضيَّة الدِّيموقراطيَّة، فى جوهرها القائم فى الحُرِّيَّات العامَّة والحقوق الأساسيَّة للجَّماهير. فلقد مضى الحزب يتبنى الجُّمهوريَّة البرلمانيَّة إطاراً للحكم، وأسلوباً لإدارة الحياة السِّياسيَّة، ويعارض اللجوء للقوانين الاستثنائيَّة، وفرض حالة الطوارئ، أون ذاك، من جانب حكومة عبد الله خليل، ويطالب بالحكم الذاتي الإقليمي للمديريَّات الجنوبيَّة، كمقترح ديموقراطي باكر لحلِّ الأزمة الوطنيَّة الخطيرة التى كانت قد انفجرت، لتوِّها، بين يدي الاستقلال، وعشيَّة انعقاد المؤتمر الثالث. وسوف يعود عبد الخالق للتشديد على صحَّة استنتاجات ذلك المؤتمر وبرنامجه حول المسألة الدِّيموقراطيَّة من زاوية أن استمرار الحركة الجَّماهيريَّة، ونموَّها، واتساعها، وصلابة تنظيماتها، وتنوعها، هو الضَّمانة الأساسيَّة للتطوُّر المستقل للبلاد (ع. الخالق؛ لمحات ..، ص 112). وقد عبَّر حسن الطاهر زروق، في تأييده لمطالبة النائب إبراهيم المفتى من داخل البرلمان (ديسمبر 1956م) برفع حالة الطوارئ، تعبيراً ناصعاً عن عمق اقتران قضيَّة الاستقلال السِّياسي بقضيَّة الحُرِّيَّات الدِّيموقراطيَّة فى فكر الشِّيوعيين السودانيين، وفى برنامج المؤتمر الثالث، وذلك بتأكيده على أن ".. الاستقلال بدون حُرِّيَّات هيكل متداع بغير روح أو إرادة. ولسنا على استعداد للتفريط في أى مظهر من مظاهر هذا الاستقلال الذي جاء بتضحيات غالية. فعندما تختفي حُرِّيَّات الشَّعب من حياته، يصبح ذلك الاستقلال جسماً بلا روح، وتتغوَّل الحكومات على المحكومين، وتسلط عليهم أوضاعاً ضدَّ حُرِّيَّاتهم" (محمد سليمان؛ اليسار ..، ص 257).
وسوف يعود الأستاذ نقد، فى نهاية 1997م، لينظر فى الخصائص الوطنيَّة الدِّيموقراطيَّة العامَّة لبرنامج 1956م، بقوله عنه، فى ورقته المار ذكرها، إنه قد اتسم "بطابع الجَّبهة .. الواسعة التى توحِّد كلَّ القوى المعادية للاستعمار، بوصفها .. المؤهَّلة للتصدِّي، وإنجاز مهام ما بعد الاستقلال"؛ وإنه "طرح .. مبدأ جديراً بالتأمُّل .. والتجديد، هو: تمثيل عادل للقوى الموجودة فى الجَّمعيَّة التأسيسيَّة داخل الحكومة، ومنع سيطرة قسم خاص .. على جهاز الدَّولة، أو ديكتاتوريَّة حزب من الأحزاب"؛ وأن "الفكرة .. خلف هذه الفقرة تتسع لتستوعب ثلاثة مضامين: الأوَّل ألا ينفرد الشماليون بالحكم دون الجنوبيين والأقليَّات القوميَّة، والثانى ألا ينفرد حزب مفرد بالسُّلطة، والثالث ألا يسيطر الجَّيش على السُّلطة". ويرى نقد أن هذه الفقرة من ذلك البرنامج القديم ".. تعزِّز الأساس النظري لمبدأ تداول السُّلطة ديموقراطيَّاً"؛ ويستخلص من ذلك درساً بليغاً فى ضرورة مراجعة المصطلحات التى استهلكها التداول والتطوُّر، بقوله: ".. ولعله أجدى لظروف السودان وسوابقه .. التعامل مع مصطلح تداول السُّلطة ديموقراطيَّاً، بديلاً للدَّارج والسَّائد عالميَّاً عن تداول السُّلطة سلميَّاً؛ فديموقراطيَّاً تعنى .. ناخبين، ونوَّاب، وبقية آليات .. الديموقراطيَّة. أما مصطلح سلمياً فقد خبرناه في الاتجاهين: حيث سلم المرحوم عبد الله خليل، رئيس الوزراء، السُّلطة لقادة الجَّيش، وصعد قادة الجَّيش إلى السُّلطة بديلاً لديكتاتوريَّة نميري، إستجابة لضغط قاعدة الجَّيش تجاوباً مع الانتفاضة، و(شكلوا) المجلس العسكري الانتقالي الذى كبح جماح الانتفاضة ، وأصبح الوصي .. على تداول السُّلطة سلميَّاً". ثم يخلص إلى تقويم إجمالي مفاده أن "أطروحة الحكومة الوطنيَّة الدِّيموقراطيَّة، وما تحمله دلالات تكوينها من مرونة وواقعيَّة، مضافة إليها أطروحة .. الانتقال المتدرِّج للاشتراكيَّة، حصَّنت البرنامج من الزَّلل، والانزلاق إلى النصِّيَّة المطلقة، ممثلة فى النصِّ المتواتر في .. كلاسيكيَّات الماركسيَّة، وأدبيَّات الحركة الشِّيوعيَّة: نصِّ تحطيم جهاز الدَّولة القديم، وبناء جهاز .. جديد؛ (فقد) استعاض عنه البرنامج بشعار سليم، وهدف واقعي، ممكن التحقيق في ظروف السودان: إصلاحات ديموقراطيَّة في جهاز الدَّولة". ولا يغادر نقد هذا الجانب دون أن يسجِّل ملاحظة ذات أهميَّة استثنائيَّة، وهي أن البرنامج ".. لم يستخدم .. مصطلح ديكتاتوريَّة البروليتاريا"! وإذا كانت ثمَّة "ظلال قد تشِي بالغائب الحاضر" في بعض الفقرات المتناثرة من الوثيقة، مثل: الجَّماهير الكادحة وعلى رأسها الطبقة العاملة، الطبقة العاملة وحزبها، تحالف العمَّال والمزارعين، فإن ذلك لا ينتقص البتة من كون الحقيقة الرَّاسخة هي أن البرنامج قد "أفلت .. من التأويل السَّلفي .. في الأدبيَّات الشِّيوعيَّة حينها عن أن دولة الدِّيموقراطيَّة الشَّعبيَّة في الصِّين وشرق أوروبا تؤدي وظيفة ديكتاتوريَّة البروليتاريا في ظروف تاريخيَّة خاصَّة". ثم يستطرد مؤكداً على أن هذا المصطلح ".. لم يرد في وثائق اللجنة المركزيَّة بين المؤتمرين (1956م ـ 1967م)، ولم يرد في تقرير المؤتمر الرَّابع (الماركسيَّة وقضايا الثورة السودانيَّة)، ولا في الدُّستور الذي أجازه المؤتمر الرَّابع، وما من مبرِّر نظري، أو مسوِّغ سياسي، يجيز أن يرد .. في برنامج حزبنا في المستقبل " (ورقة "مبادئ موجهة ..").
(نواصل)

***



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (1)
- الأَمَازُونِيَّات!
- إِنْزِلاقَاتُ الصُّدُوع!
- عَوْلَمَةُ الشَّعْرِ الهِنْدِي!
- سَنَةُ مَوْتِ سَارَامَاغُو!
- رَطْلُ لَحْمٍ آخَر لِشَيْلُوك!
- الدَّوْحَة: أَبْوَجَةُ الذَّاكِرة!
- مَنْ تُرَى يُقنِعُ الدِّيك!
- مَوَاسيرُ الطُّفَيْليَّة!
- حكاية الجَّماعة ديل! (4 4) أَحْلافُ النَّظَائِرِ والنَّقَائ ...
- حكايةُ الجَّماعة .. ديل! (3) هَمُّ الشَّعْبي وهَمُّ الشَّعْب ...
- حكايةُ الجَّماعة .. ديل! (2) إرتِبَاكاتُ حَلْبِ التُّيوسْ!
- حكايةُ الجَّماعة .. ديل (1 2) الاِسْتِكْرَاد!
- مَنْ يَرقُصُ لا يُخفي لحْيَتَه!
- بَرَاقشُ .. الأَفريقيَّة!
- السَّيْطَرَةُ الهجْريَّة!
- رَدُّ التَحيَّة بأَحْسَن منْهَا!
- لَيْلَةُ البَلاَلاَيْكَا!
- الهُبُوطُوميتَر!
- عَودَةُ العَامل والفَلاَّحَة!


المزيد.....




- قبل عودته إلى بيروت.. نشر لقطات للسفير الإيراني في لبنان الم ...
- اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم شعفاط في القدس
- دمار واسع في منطقة النبطية جراء الغارات الإسرائيلية
- بلينكن يزور أوروبا لإجراء محادثات عاجلة بشأن أوكرانيا بعد ان ...
- الحمل في زمن الحرب: معاناة مضاعفة للنازحات في مراكز الإيواء ...
- واشنطن بوست: ترامب قد يحبط خطط حظر تيك توك في الولايات المتح ...
- صحيفة تشيكية تنقل أخبارا سيئة للغرب بشأن أوكرانيا
- إسقاط 13 مسيرة أوكرانية في أجواء مقاطعتي بيلغورود وبريانسك
- محلل إسرائيلي: تأخر إنهاء الحرب في لبنان سيسمح لحزب الله باس ...
- أكسيوس: ترامب يخطط لتنفيذ نصائح ماسك بشأن الحكومة


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (2)