|
طلاق بائن بين إسرائيل والفلسطينيين و-محلل عربي-
محمود عبد الرحيم
الحوار المتمدن-العدد: 3080 - 2010 / 7 / 31 - 18:41
المحور:
القضية الفلسطينية
طلاق بائن بين إسرائيل والفلسطينيين و"محلل عربي"
*محمود عبد الرحيم: لم يخيب وزراء الخارجية العرب الأعضاء في لجنة متابعة مبادرة السلام، الظن فيهم، وأعطوا لرئيس السلطة الصهيوأمريكية محمود عباس التفويض، الذي أراده، أو بالأحرى الذي أردته إسرائيل وأمريكا، لتبقى عجلة التفاوض العبثي دائرة، بصرف النظر عن النتائج، إن كانت صفرا، أو حتى تحت الصفر، أي مزيد من الخسائر، والإضرار بالمصلحة الفلسطينية، وإعطاء الكيان الصهيوني متسعا من الوقت لإنفاذ مخططاته، خاصة ما يتعلق باستكمال تهويد القدس، وإحداث تغييرات جغرافية وديمغرافية، توطئة لإعلان القدس الموحدة عاصمة للدولة اليهودية، التى سنصحو ذات يوم ليس بالبعيد، لنجد معظم دول العالم معترفة بها. ناهيك عن إستقطاع مساحات ضخمة من الضفة الغربية، وزرعها بالمستوطنات، وطرد فلسطينيي الداخل إلى ما تبقي من الضفة أو غزة، ذلك السجن الكبير، اللذين أوهمونا منذ أوسلو، أنهما مع القدس الشرقية، نواة دولة فلسطينية،غير أن التحركات المتسارعة على الأرض تعني- واقعيا - إجهاض أي فرصة لتسوية، ولو في حدها الأدني، حدود العام1967 ، وأن حلم الدولة لن يرى النور، ولو بعد حين. لقد تصورنا أن محمود عباس بعد أن أشتكى مرارا وتكرارا، من العبث الإسرائيلي بعملية السلام، وعدم وجود جدية لدى حكومة نتانياهو تجاه التسوية، مع الإعتراف بعدم حدوث تقدم في المفاوضات غير المباشرة، وتواصل الإستيطان على قدم وساق، والإجراءات العدوانية الصهيونية بحق الشعب الفلسطييني، خاصة في القدس وضواحيها، علاوة على تواصل حصار غزة، أن يعلن إنتهاء هذه اللعبة العبثية فورا، لا أن يكملها، وينفذ الأوامر الصهيو أمريكية، بهذا الشكل المستفز. فالنتيجة المنطقية لما صدعنا به، خلال الأسابيع الأخيرة ،بشأن عدم التقدم في ملفي الأمن والحدود، وتواصل الإسيتطان، هو الرفض الحاسم للإنتقال لمفاوضات مباشرة، ليس هذا فحسب، بل وإنهاء أية إتصالات سياسية مع الجانب الإسرائيلي. غير أن إستجابته بهذا الشكل، التى سبقه إليه رئيس حكومته سلام فياض بلقاء وزير الدفاع الإسرائيلي، وإسقاط ما كان يسميها بشروط إستئناف التفاوض المباشر، تؤكد أننا لا نبالغ حين نصفه بأنه رئيس سلطة صهيوأمريكية، أو بالاحرى موظف لديهما عليه إتباع التعليمات، وتنفيذها دون جدال، وهو بنفسه يعترف أنه لا يستطيع أن يتحرك من بلدة لبلدة داخل الأراضي الفلسطينية، ولا خارجها، إلا بتصريح إسرائيلي، بل أن مجندة صغيرة، وليس جنرالا، حسبما أقر بنفسه في لقاء بصحفيين، هي التى تعطيه التصريح، وتتأكد من هويته، بشكل مهين. المؤسف، أن الجامعة العربية، التى أحتضنت في الماضي القضية الفلسطينية، وقادت لواء الدفاع عنها، ومواجهة الكيان الصهيوني العدواني، بزعامة مصر ناصر، ورفعت أحدى قممها التاريخية في الخرطوم اللاءات الثلاثة الشهيرة، في وجه إسرائيل والراعي الأمريكي لجرائمها، "لا صلح، لا إعتراف، لا تفاوض، قبل ان يعود الحق لأصحابه "، صارت حاليا تلعب دور "المحلل"، بعد وقوع الطلاق البائن بين الإسرائيليين والفلسطينيين، منذ كامب ديفيد الثانية، وتجلي حقيقة إستحالة تواصل هذه العملية المشوهة، المؤسسة على قاعدة إختلال موازين القوى، والضغوط والإملاءات، وأنها لن تنتج أبدا تسوية عادلة، أو سلام حقيقي. إن كان المندوب السوري في الجامعة العربية يوسف أحمد قد أنتقد بديبلوماسية، ما خلصت إليه لجنة المتابعة العربية، معتبرا أنها تجاوزت صلاحيتها، على نحو يضر بالمصلحة العربية، فإننا سنذهب أبعد من هذا، ونصفها بما يتصف به "المحلل" في ثقافتنا العربية، تلك الصفة المثيرة للغثيان، التى نعرفها جميعا، والتى يعف اللسان عن التصريح بها. فإذا كان عباس قد تورط مع الإسرائيليين في مسلسل التنازل، ولا يستطيع أن يتراجع، أو يرد لهم، أو للامريكان كلمة، فلماذا يورط العرب أنفسهم في هذا الوحل، ويعطون للتنازلات تفويضا عربيا، تحت مسمى الفرصة الأخيرة، التى لا نعرف لها نهاية على مدى عشرين عاما؟! أم أنهم يريدون ألا يغضبوا السيد الامريكي، الذي ضغط، فكان له ما أراد، لتكتمل دائرة الضغوط ، ولتنتقل من نتانياهو إلى الإدارة الأمريكية، في ضوء قرب إنتخابات التجديد النصفي للكونجرس، وتأثير اللوبي الصهيوني الكبير فيها، ثم لتصب في الأخير، عند العرب، الذين عليهم تسديد فواتير غيرهم، بصرف النظر إذا كانوا رابحين أو خاسرين؟ والذين يُعاملون بإهانة، ولا يملكون ردا عليها، ويبحثون لها عن مبررات، بعد أن اعتادوا عليها، مثلما أعترف بنفسه وزير خارجية قطر، رئيس إجتماع لجنة المتابعة العربية. الغريب، أن العرب الرسميين لازالوا يخدعون أنفسهم، ويخدعوننا بتصديق أن ثمة خطاب ضمانات قد ناله عباس من أوباما، رغم أنهم لم يوضحوا لنا ما هي طبيعة هذه الضمانات؟، وكيفية تلمسها على الأرض، وماذا عن الوعود السابقة له، ولأسلافه التي ذهبت مع الريح؟! غير أنهم أكتفوا بالعودة لعبارات المدح التى يجيدونها، من أن اوباما نفسه جاد، ومخلص في عملية سلام تفضي إلى دولة فلسطينية، وتسوية عادلة، وأن المشكلة فقط في إسرائيل، الذي علينا أن ندخل في عملية تفاوض معها، فقط حتي لا نُتهم بأننا لسنا شركاء سلام، وإذا كان نتانياهو يتشدد، ويقول إنه لا مفاوضات بشروط مسبقة، فعلينا أن نبطل حجته، ونتسبدل الشروط بعبارة متطلبات. الأكثر من هذا، والمثير للسخرية، أنهم أرسلوا رسالة شكر لأوباما، على جهوده في "عملية السلام" أي سلام وأية جهود تلك التى يرونها ولا نراها؟!. ومن باب رفع العتب، قالوا أرسلنا إيضاحات، وتذكير بوعوده، ورؤيته للتسوية. وكأنهم لا يرون ولا يسمعون، ولا يدركون الترابط الإستراتيجي الأمريكي الإسرائيلي، وأن عامين مضيا من حكمه، ولا نرى، غير أن واشنطن عجزت عن الضغط لوقف الاستيطان،أو بالأحرى تفهمت الموقف الإسرائيلي ودعمته، ورضخت للضغط نتانياهو لإستمرار عملية التفاوض، ونقلها إلى مستوى أعلى، رغم أنها لم تحقق تقدما، وعلمت على توفير مظلة حماية لإسرائيل في المحافل الدولية، وأكتفت بتطيب خاطر الفلسطينيين بالسماح برفع العلم الفلسطيني فوق الممثلية الفلسطينية في واشنطن. وهذا السيناريو يتكرر من سنوات، وقابل للإستمرار، طالما بقى التحالف الامريكي الصهيوني، وتأثير اللوبي اليهودي في صنع القرار الأمريكي، والإلتزام الأقرب للعقائدي لدى كل الإدارات الأمريكية، بحماية إسرائيل، حتي لو ذهب العرب والفلسطينيين للجحيم. *كاتب صحفي مصري Email:[email protected]
#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة يوليو العربية وبوصلة تحرير فلسطين
-
-ماراثون-:كوميديا موقف وتوظيف جذاب ل-الاوتيزم-
-
رجال مبارك وعباس والتطبيع الديني
-
صراحة ليبرمان وتناقض عباس وفياض
-
حرب فرنسا الصهيونية على المقاومة
-
حين يلون -خان الهندي- صورة السوداء لأمريكا
-
تجريع الفلسطينيين السم بالعسل
-
لا عزاء للفلسطينيين ولا للشعب العربي
-
تجليات الهم الانساني وحكمة العجائز
-
العدو الاول للعرب الذي نراهن عليه
-
مأزق عباس وسلة البيض الامريكية
-
الإنسان حين يصارع ذاته ويحتج بالإنتحار أو الهروب
-
العرب والعودة ل-لعبة العبث- الامريكية الصنع
-
والعرب و-لعبة العبث- الأمريكية الصنع
-
نوستالجيا رومانسية وثرثرة جنسية وتباكي طبقي
-
تهنئة مبارك ل-اسرائيل- والاعتذار الواجب للفلسطينيين
-
انتهت-ازمة التطبيع الفرنسي-وبقى غبار الانتهازين
-
-مهرجان الصورة الحرة-:الخديعة والمتاجرة والهزيمة
-
-عرب المشرق-و-عرب المغرب- والمسافة الفاصلة
-
الجدار والحصار والتقصير الشعبي المصري
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|