أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل السعدون - رحيل - قصة قصيرة














المزيد.....

رحيل - قصة قصيرة


كامل السعدون

الحوار المتمدن-العدد: 934 - 2004 / 8 / 23 - 11:43
المحور: الادب والفن
    


موجعةٌ هي الساعات الأخيرة …طنينٌ في الرأس …دوارٌ …بكاءٌ في القلب …حشرجة أنينٍ في الداخل …في جوف الصدر ، في القلب …..، القلب …أو ظل عندي قلبٌ لم يسحقه الذلّ بعد …أو عندي شيءٌ لم يسحق بعد ….!
قبل دقائق كانت التاسعة …يا إلهي كم هي متلاحقةٌ دقات الساعة …كخيولٍ هاربةٍ من حريقْ ….، أقسم أنها بالكاد كانت التاسعة …وها هي تشير إلى العشرون …الثلاثون …ال…، أشحت بوجهي وألتفت إلى هذه المتعلقةُ بأهداب جلبابي الرثّ …!
بنيتي …قلقٌ باكرٌ في عينيك …يا الله … أو يمكن لمن في مثل عمرك أن يقلقْ …!
تحوم حولي …تتعثر … وما كان في بيتنا البائس ما يمكن للمرء أن يتعثر به …!
أحملها إلى صدري …تلف ذراعها الصغيرة حول عنقي …تدس رأسها الصغير بوجهه الشاحب تحت ياقة جلبابي …يتناهى لسمعي صوت نشيجها الخافت الكسير …أمتلئ بالعار لأني أعجز عن طرح سؤالٍ صغير … لماذا تبكين يا بنيتي …؟
أهدهدها بين ذراعي …تهدأ أنفاسها قليلاً… تزداد تشبثاً بعنقي …يود رأسها الصغير لو إنه يفتح نفقاً في صدري للولوج إلى جوفي …!
أشدها بدوري بقوة …أود أن أبكي …أود لو جرؤت على أن أبكي …ربما لأتطهر من عار انتمائي لهذا الوطن الذي يأبى إلا أن يتجرع دمي …ليرتوي …!
أو يرتوي وطني …وقد شرب ملايين الإقتار من الدماء منذ عشرات السني….؟
أو يرتوي …؟
أتابع الغدو والرواح ، جيئةٍ وذهابا في هذا القفص المستطيل الذي أسميه تجاوزاً بيتي … وما هو إلا قنّ دجاجٍ وما هو إلا بيت الدولة الظالمة التي أنتمي لها قسراً …!
أجول كأسدْ سيركٍ أو …فأر سيركْ ربما ، فأنا أوهى من أن أكون أسداً … أو ظل في بلدي في هذا الزمن الأغبر… أسود …!
فأر سيرك …فأر مختبر … فأرٌ أصغر بكثير من حجم تلك الشظية التي ستقتلني في الغد أو بعد الغد أو في المعركة العبثية القادمة ، بعد أسبوعٍ أو أثنين ، وكم من معارك مرّة ، وكم من آلاف مثلي ذهبوا بآلاف من الشظايا الصغيرة ، بحجم الفأر …الذي هو أنا …!!
ترتخي كفها الصغيرة بأصابعها النحيلة ، تفلت ياقة جلبابي … تفلت عنقي …وليتها لم تفعل … إذ كنت آمناً تحت قبضتها ، كنت أمني النفس بهروبٍ آخر من شظية عدوي المنتظرة عودتي باحتقار لتنسلْ إلى صدري … سريعةٍ …ساخنةٍ كجمرةٍ من جحيم الرّب الأزلي ال لا أبالي … الهرم …القصي عن تحمل مسؤولياته تجاه خرافهْ …!

****
_ نامت ….!
هتفت بآخر هزائمي ، التي كانت مشغولةٍ تلك الساعة بآلام العظام وفوران الدم الملوث في الأوردة والشرايين …!
- أحضر لك حقيبتك …( همست بصوت كمواء قطةٍ جريحةْ ، ونهضت متعكزةٍ على ركبتيها ) ….!
وقفت برهةٍ أراقبها وهي تصرّ بضع أرغفة خبز وبقايا عشائي الذي لم أطق التهامه ( ومن أين لي شهيةٌ وأنا ذاهبٌ الليلة إلى حتفي ) .
ابتلعت ريقي … كدت أغص به … إذ تطلعت إلى الساعة السوداء الوقحة ، شعرت بألمٍ إذ وخزني مؤشرها الأسود وهو يحوم حول العاشرة .
حين ألقيتها برفقٍ على سريرها ، ألتفت إلى الأخرى ، تعالى أنينها المرعب من جديد :
- سلام …أضنني لن أحتمل الألم وحدي هذه الليلة …!
وهذا ما كانت تقوله طوال الأيام العشرة التي أزفت ، ولو بقيت على هذه الحال فسأعدم وأنا على سرير زوجيتي البائس …!
- كلا …ولا ليلة أخرى …!
- وأنا …وأبنتك …و….!
- اللعنة …وأنا …على الأقل ربما أعود في الإجازة القادمة بنصف ساق أو ذراعٍ واحدة أو بلا ….( شعرت بالغثيان وفاض بي القرف وأنا أتخيل مشهد ساقي بلا شيءٌ من رموز الذكورة الشرقية الزائفة يتوسطهما … اللعنة …) … أما أن بقيت …!
وخرجت بقامتي الطويلة الخاوية كجذع نخلةٍ بلا رأس ….
- أنتظر …
- هرولت مجدداً جهة المطبخ … تناهى لسمعي صوت صنبور الماء …
تناولت رأسها الصغير ، لم أجرؤ على رفعه إلي … كنت أعلم أن الوجه مصفرّ مثل ليمونةٍ عصرت للتو … وأنا لا أجرؤ على ذبح الوجه الذي سلف للمرض أن ذبحه …!
قبلت أعلى الرأس وخرجت …
أضطرب أناء الماء في يدها ، حين تناولت أكرّة الباب … :
- مع السلامة …
- أقرأ آية الكرسي …( هززت رأسي موافقاً ، حركت شفتاي في تلاوةٍ زائفةٍ لآيةٍ لا أذكر منها إلا السطر الأول ) .
- أذهب …حب…..( وتهدج صوتها …) ، ورمت الماء خلفي …شعرت بالرذاذ يصفع أسفل ساق سروالي العسكري الكالح السمرّة …!
حين بلغت المنعطف ، ألتفت … كانت لما تزل واقفةٍ تلوح لظهر ظلي المثقل بالذلّ والرعب والأسى …!
ترددت قليلاً …رفعت يدي بتثاقل … ومضيت …إلى حتفي …!



#كامل_السعدون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك الفصل الرابع ويليه الفصل ا ...
- بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك - الفصل الثاني & الفصل الث ...
- بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك
- هذا العابث القميء من يردعه ؟
- منهاج ال ( سيلفا ) للسيطرة على المخ - الجزئين الثالث والرابع
- قوانين النجاح الروحية السبع - قانون التباعد المحسوب عن الهدف
- متى تتحرر المرأة عندنا ...كشقيقتها الأوربية ...؟
- قوة بلا حدود -أستنساخ القدرات المتطورة لدى المتفوقين
- قوة بلا حدود -الفصل الأول
- من ليس لديه أزدواجية ولاء فليرمي الشيعة بألف حجر
- شهداء الكلدان ...شهداء العراق الأبرار ...!
- هذا الإعصار الذي كنّا بحاجة إليه
- القصة المحزنة لرجلٍ أطال إنتظار زوجته ...!
- قوة اللحظة الحاضرة -قراءة في كتاب في التنوير الذاتي
- لغة التعامل مع الطفل
- في اليوم الأول للمدرسة - قصة مترجمة
- قوانين النجاح الروحية السبع - القانون الخامس _ الرغبة والهدف
- العائد - قصة مترجمة
- الآيات الشيطانية -1-
- في بيتنا إيرانيون أكثر فارسية من أهل فارس


المزيد.....




- -كُتاب المغرب-يستنكر -التشويش-على عقد مؤتمره الوطني الاستثنا ...
- في اليابان.. الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان يعزز جسور التباد ...
- “سجل الآن“ اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون 2024 بالجزائر و ...
- الحب كحلم بعيد المنال.. رواية -ثلاثية- لأديب نوبل يون فوسه
- المسرح الروسي يزين مهرجان قرطاج
- الممثل اللبناني نيقولا معوض يتحدث بالتركية.. ما القصة؟
- فنانة كازاخية تهدي بوتين لوحة بعنوان -جسر الصداقة-
- تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
- RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار ...
- فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد ...


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل السعدون - رحيل - قصة قصيرة