أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - العراق.. النجاح في الفشل














المزيد.....


العراق.. النجاح في الفشل


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 16:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



العراق.. النجاح في الفشل
جعفر المظفر
بين مجموعة الأزمات الحقيقية التي تعصف بحياة شعبنا وبمصيره تقدمت أزمة تشكيل الحكومة لكي تكون الأكبر بين الأزمات. في البلدان التي تعيش حياة طبيعية لا غرابة أن يحدث ذلك, اي أن تتقدم أزمة تشكيل الحكومة على كل الأزمات الأخرى لسبب بسيط وهو إن قيمة تلك الأزمات لا يمكن لها أن ترتقي إلى المستوى الذي تتنافس فيه وأزمة تشكيل الوزارة, أما أن يحدث ذلك في العراق فمعناه إن العراق قد دخل فعلا في خانة الدول الفاشلة التي لا يمكن أن تقاس أمورها وتعرف أزماتها بمقاييس تنطبق حتى على آخر الدول مرتبة في عالم اليوم.
إن إحدى أهم صفات الدولة الفاشلة هي أن لا صفة لها تمنحها حق الاستمرار كدولة, ففي حين يمكن تأشير العديد من العوامل التي تصنف الدول من ناحية التقدم أو من ناحية التخلف فإن انفلات أي دولة من جاذبية تلك العوامل ومن إمكانات الاحتكام إليها لغرض التصنيف سوف تجعل تلك الدولة من ضمن الدول الفاشلة لا محالة.
ولربما يكون مفهوم الدول الفاشلة مفهوما أمريكيا بامتياز, وعلى الرغم من أن نعوم تشومسكي كان أبرز من استعمل بشكل إعلامي مصطلح الدولة الفاشلة بعد أن طرحه في كتاب له بهذا العنوان, غير أن ذلك المفهوم جرى تسويقه بجدارة فيما بعد لصالح الدوائر الإعلامية والسياسية الأمريكية من أجل تعريف وتحديد هوية بعض الدول التي لا تنطبق عليها مقاييس البقاء الجغرافي بعد أن عجزت عن توفير بقائها السياسي, وبالتالي تأشيرها سياسيا كدول لا أمل في بقائها على قيد الحياة و تقديم تفسير وتبرير مقنع لانتفاء الحاجة والمعنى لمساعدتها والتعاون معها أو الالتزام بشرعية وجودها قانونيا كدولة ذات سيادة, وربما سيصبح لازما إعداد مشروعا بتقسيمها في وقت لاحق بعد أن تكون قد تمت توفير الأرضية الإعلامية والسياسية اللازمة لدعم مشروع التقسيم والاعتراف بالدول الجديدة الناشئة على أعقاب الدولة القديمة.
لا شك إن للعالم الغربي وفي المقدمة منه أمريكا تعريفات ذات طبيعة تصنيفية بحتة يتحتم وجودها بفعل حاجة دوائر القرار لمفردات تختزل الحالة بكلمة, وذلك اختصارا للوقت والحبر والورق والجهد وتعب العيون أيضا, لكن ما إن تتخطى المفردة غرف تلك الدوائر فإن استعمالها سيدخل سريعا لغير حاجات الاختزال والاختصار, وربما سيكون في المقدمة من وظائفها الجديدة التبشير لموضوعة إن تلك الدول لم يعد هناك مبرر لوجودها على الإطلاق, وهذا يعني إن العمل سيجري لاحقا لإلغائها من الخارطة السياسية ككيان معرف باسم وهوية, أو ربما سيجري تفصيل خارطتها الجغرافية من جديد عن طريق تقسيمها إلى أجزاء تتوافق مع خارطتها السياسية المجزأة بحدة والتي ترفض الالتحام لتشكيل حالة سياسية تتناغم مع الدولة القديمة الموحدة.
أزمة تشكيل الحكومة العراقية هي عنوان كبير لقصة حقيقة تجري فصولها على الأرض وهي تشير إلى قصة أخرى تتجاوز تأثيراتها بكثير ما يقف عنده عنوانها الفني.
بوجود قدر كبير من التفاؤل سيعني فشل تشكيل الحكومة فشل المشروع الأمريكي لإقامة دولة طائفية وقومية على الأرض كبديل للدولة الوطنية. ذلك سيفرحنا حقا رغم ضخامة التضحيات التي قدمها شعبنا نتيجة لعملية تحرير سيجري تصنيفها هي الأخرى كواحدة من أشد الأفلام الأمريكية إثارة للضحك.
بالمقابل فإن الوقت ما زال مفتوحا لمزيد من التشاؤم. استمرار الأزمة أعطى العالم قناعة أكيدة بأن العراق لم يفشل في تشكيل حكومة وإنما فشل في تشكيل دولة. ذلك كنا قد نوهنا عنه بتركيز في مقالتين سابقتين إحداها كانت بعنوان ( العراق.. أزمة دولة وليست أزمة حكومة ) غير إن بإمكاننا الآن أن نضيف عليها حقيقة تؤكد على أن الأزمة الحالية لا تعني فشل مشروع الاحتلال في إقامة دولة ناجحة وإنما نجاحه في إقامة دولة فاشلة, وهو ربما ما كان شاءه بالضبط, مما يوجب ان تكون هناك مراجعة جدية وحقيقية لمعنى النجاح أو الفشل الأمريكي في العراق عبر الإجابة الواضحة على السؤال التالي.. ما الذي ارادته الإدارة الأمريكية للعراق: تأسيسه كدولة أم تأسيسه كدول.
وبمقدار ما يتعلق الأمر بالنجاح أو الفشل فإن الدول في هذا هي نوعان..
الأولى.. تفشل في أن تنجح.
والثانية تنجح في أن تفشل.
وإن أقسى أنواع الفشل هو النجاح فيه.
وربما بات العراق على أبواب أن يكون دولة من النوع الثاني, أي الدولة الناجحة في الفشل
وهل تحتاج الدول إلى أكثر من ذلك لكي تتقسم أو تزول.. ؟!



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من إنحرف عن ثورة تموز.. قاسم أم عارف ؟!
- من الذي بدأ القتال بعد الثامن والخمسين.. الشيوعيون أم البعثي ...
- سقوط النظام الملكي وعيوب نظرية الْ.. ( لَوْ ) لقراءة التاريخ ...
- عيوب في قراءة التاريخ....العيب الثاني
- 14 تموز والعهد الملكي.. عيوب في قراءة التاريخ
- المالكي وعلاوي... بين لغة الأرقام ولغة الأحكام
- عبدالكريم قاسم.. ليس بالنزاهة وحدها يحكم القائد ولكن بها يبد ...
- الرابع عشر من تموز ونظرية المؤامرة
- تموز.. حيث الآخر الطيب هو الآخر الميت
- ظاهرة الأسماء المستعارة
- الديمقراطية العراقية.. وهل ممكنا أن تبيض الديكة
- الدلتا العراقية السياسية... على أبواب أن تغرق
- العراق أفضل بدون حكومة
- الشيوعيون والبعثيون.. وقضية الرحم الواحد
- مقالة بين مقالتين.. عن الشيوعيين والبعثيين وهل هم أبناء رحم ...
- الشيوعيون والبعثيون.. هل هم أبناء رحم أيديولوجي واحد
- محاولة نظرية لفهم تاريخية القتال البعثي الشيوعي وذلك الذي قد ...
- الحزب الأيديولوجي... نزول إلى الأعلى
- أمريكا.. هل هناك فرق بين الجمهوريين والديمقراطيين
- بإمكان الوطنية العراقية أن تنتظر قليلا


المزيد.....




- لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح ...
- السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
- نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام ...
- -د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت ...
- صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي ...
- اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي ...
- بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
- هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا ...
- مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
- ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - العراق.. النجاح في الفشل