أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - رسائل قريبة من القلب














المزيد.....

رسائل قريبة من القلب


حسن مدن

الحوار المتمدن-العدد: 3073 - 2010 / 7 / 24 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


ماذا نفعل برسائل ليست لنا، وقعت في أيدينا بطريق الصدفة أو الخطأ؟ هل نملك الحق الأخلاقي في فتحها وقراءة محتوياتها، والاطلاع بالتالي على خصوصيات أشخاص آخرين ليس من الجائز الإطلاع عليها، خاصة وإن المرء حين يكتب رسالة لشخصٍ آخر، تربطه به علاقة خاصة، ينطلق من القناعة أن لا أحداً سوى الموجهة له الرسالة سيقرأها أو يطلع عليها، لذا تأتي الرسائل تلقائية، عفوية، متحررة من القيود التي يضعها المرء أمام نفسه حين يخاطب جماعة، لا فرداً بعينه يعرفه حق المعرفة، أو هكذا يفترض.

هذه الفكرة تشكل محور التساؤلات التي ترد في قصة قصيرة للكاتبة نادين غورديمر، من جنوب أفريقيا والحائزة على نوبل للآداب عام 1991، حين يحدث لسيدة تشتري صندوقاً لحفظ الأدوات والوثائق من محل لبيع الأشياء المستعملة، ولدهشتها وجدت داخل الصندوق رزمة من الرسائل مربوطة بشريطٍ واحد، وموجهة كلها إلى امرأة بعينها، فاحتارت ماذا تفعل بشأن هذه الرسائل، وهاتفت أصدقاءها تسأل نصيحتهم.

وبالطبع لم يكن من الممكن الأخذ بالنصيحة التي تقول: نعيدها إلى أصحابها، فالعجوز صاحب محل الخردة نفسه لا يعرف لمن يعود هذا الصندوق أصلاً، فيما قالت صديقة أخرى: أقترح أن تحرقيها! ماذا يمكنك أن تفعلي غير حرقها. لكن صديقاً آخر مغرماً بجمع الكتب نصح السيدة: اقرئيها! بالطبع اقرئيها!

وهذا ما فعلته السيدة بالضبط، التي قضت يوماً بكامله لقراءة ثلاثمائة وسبع رسائل هي مجموع ما في الرزمة من اوراق، لتفاجأ بذلك الدفق الهائل من العواطف والمشاعر والتفاصيل بين امرأة ورجل جمعها الذكاء والنباهة.. والحب بطبيعة الحال..!

ما قرأته السيدة في هذه الرسائل يُكذب ما تذهب إليه أغنية أجنبية راجت في الثمانينات تقول: «في الرسائل لا يقال كل شي»، نعم هناك فرق بين أن نسكب المشاعر في رسالة وبين أن تمتلئ العين وتقر برؤية من نكتب له، لكن لا وسيلة كالرسالة قادرة على حمل الشحنة العاطفية لإنسانٍ ما تجاه من يجب أو يقدر أو يحترم.

ولعل هذا قد يفسر، ولو جزئياً، ذلك القلق والتوتر الذي يصاب به كل من ينتظر رسالة يتوقع وصولها، وكيف تذهب به الظنون والأشواق مذهبها حين يتأخر وصول هذه الرسالة، المشابه لذلك القلق والتوتر الذي أصاب «جنرال» غابرييل ماركيز في روايته «ليس لدى الجنرال ما يكاتبه» وهو في مسعاه اليومي إلى الميناء بانتظار قدوم السفينة التي تحمل البريد، وتأتي لكنها لا تحمل له رسالة. وحتى في عصر السفر السريع والاتصالات الهاتفية الميسرة ستظل الرسالة أكثر دفءًا وحميمية وقرباً للقلب والنفس.

يحكى أن الكاتب المعروف أنطون تشيخوف، سافر إلى ألمانيا بناء على نصيحة الأطباء. وهناك سكن في مبنى قبالة مكتب البريد في إحدى المدن، ومن غرفته المطلة على المبنى، كان يلاحظ كيف أن الناس يأتون من مختلف الجهات حاملين أفكارهم المودعة في الرسائل، وكان تشيخوف يهتف من أعماقه: «هذا رائع!».

حقا! لو جمعنا ما في رسائل الناس من مشاعر وأشواق وأشجان، من نجوى ومن شكوى، من فرح ومن حزن، ألن نحص على كمية هائلة من التفاصيل تلخص دهشة تشيخوف.



#حسن_مدن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحدة الوطنية لماذا؟!
- «الديجتال» الخادع
- كيف نشأت الفكرة الوطنية في البحرين؟
- رحيل محمد حسين فضل الله
- حكايات قاسم حسين
- هل علينا أن ننسحب من المشهد السياسي؟
- خليجنا بلا نفط
- إدوارد سعيد والجامعة
- رافعة الوحدة الوطنية
- أطفال أذكياء.. مجتمعات غبية
- لتفادي المجلس الطائفي
- فارس آخر يترجل
- البحرين بحاجة إلى الصوت الآخر
- قافلة الحرية وبلاغة الرسالة
- ديمقراطية 1973 في صور
- ديمقراطية 1973 في صور
- إعادة الجمال المفتقد لبيئة البحرين
- أطروحات أحمد زويل
- حملة «أنا مو طائفي»
- لكي لا تسرقنا التفاصيل


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن مدن - رسائل قريبة من القلب