|
أخرجوا للطبيعة ، أخرجوا للحرية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3072 - 2010 / 7 / 23 - 13:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
ملاحظها لاحظها كثيرون ممن زاروا مصر ، من جنسيات مختلفة ، بما يكاد يؤكد تفردنا بها ، و تلك الملاحظة هي كثرة التواجد الأمني الظاهر للعيان ، و أنا أستشهد بشهادة غير مصريين على أساس أن العين الغريبة تلاحظ أكثر من العين المحلية ما في أي مجتمع من خصائص . في العبارة السابقة أريد أن أشدد على كلمتي : الظاهر للعيان ، لأن التواجد الأمني من الممكن ، بل و من الأفضل ، ألا يكون ظاهرا للعيان ، و هناك من الوسائل ما يكفل تحقيق التواجد الأمني بدون الحاجة لنشر هذا العدد المهول من أفراد جهاز الشرطة في أرجاء مصرنا . أن ظاهرة الإنتشار الأمني تثير عدة أسئلة منها : أولاً : هل نحن الأكثر عرضة للأخطار الأمنية ، مثل الإرهاب ؟ ثانيا : هل هناك وسائل أخرى تحقق الأمن بدون الحاجة لهذا الجيش الضخم من مرتدي ملابس جهاز الشرطة ؟ و يتبقى سؤال ثالث لا يطرح إلا بعد الإجابة عن السؤالين الأولين . إجابة السؤال الأول هي الأسهل ، و معظم القراء الكرام يعلمونها ، و هي أن مصرنا ليست هي الأكثر عرضة لمخاطر الإرهاب ، و كذلك لباقي الأخطار الأمنية الأخرى . أما إجابة السؤال الثاني فهي : بالتأكيد هناك وسائل أخرى ، و هي تلك الوسائل التي تلجأ إليها غالبية الدول ، و التي بعضها أكثر عرضة للأخطار الأمنية ، مثل الإرهاب ، و من تلك الوسائل جمع المعلومات ، و نشر أفراد بملابس مدنية في الأماكن التي تحتاج تواجد أمني مكثف ، و ما إلى ذلك من وسائل ، و لا أشك في أن في ذهن معظم القراء طرق لم أذكرها لدعم الأمن بدون الحاجة لهذا الإستعراض الشرطي الضخم ، و الدائم . لقد أثبتت الأحداث الإرهابية في مصر ، طوال أكثر من عقدين ، عدم كفاءة الأجهزة الأمنية المصرية ، و بخاصة جهاز الشرطة ، و إنه عندما يريد الإرهاب المنظم أن يضرب ، فإنه ينجح بنسبة تقارب المائة بالمائة في تنفيذ ضرباته ، و معظم النجاحات التي حققها جهاز الشرطة لم تكن إلا على صعيد المطاردة ، أي بعد أن يضرب الإرهاب ضرباته ، و حقق أهدافه ، و ذلك إن جاز لنا تصديق إدعاءات الإعلام السلطوي في ميدان مطاردة الجناة ، ذلك إنها إدعاءات لا سبيل للتدقيق في مصداقيتها في ظل سياسة التعذيب المنهجي الممارسة في مصر ، من قسم الشرطة ، و صعودا حتى مقر وزارة الداخلية . الأن يأتي السؤال الثالث : إذا كنا لسنا الأكثر عرضة للمخاطر الأمنية ، و إذا كانت هناك وسائل أخرى لتحقيق الأمن بدون إستعمال أعداد ضخمة من مرتدي الملابس الشرطية ، و إذا كان الفشل دائما قرين جهاز الشرطة عند مواجهته للإرهاب المنظم ، فلماذا الإصرار على نهج نفس المنهاج ، و إستعمال هذا العدد الضخم من الأفراد من مرتدي الملابس الشرطية ؟؟؟ السبب في ذلك إن ذلك الجيش الشرطي ليس موجه للإرهاب ، كما أن ذلك الإنتشار الأمني ليس موجه لمكافحة الجريمة ، إنه موجه للمواطن المصري ، و الدليل أن ذلك الإستعراض الأمني يتواجد حتى في الأماكن التي لا يمكن أن تكون عرضة لضربات الإرهاب المنظم . أنظر لكم عربات نقل جنود الأمن المركزي بالقرب من الجامعات كمثال . هذا الجيش الأمني هو جدران السجن النفسي الذي يعيش بداخله المواطن المصري أسيرا لدى السلطة الحاكمة ، إنه رسالة للمواطن تقول له : تذكر دائما إننا هنا ، و إنك رهن إرادتنا . إذا لكي نتحرر فعلينا أن نخرج من تلك الجدران ، و الحل ، في البداية ، هو أن نخرج من تلك الزنزانة النفسية لفترة ، لتتعود عقولنا على الحرية . الحل يأتي بالخروج بعيدا عن هذا القمع النفسي ، بالخروج للطبيعة ، بالخروج للبرية المصرية . إنها دعوة للشباب المصري ، أمل مصر في التحرر من القمع ، و الإستبداد ، للخروج للطبيعة ، و تنشق نسيم الحرية ، بعيدا عن ذلك الجو القمعي الخانق بالمدن . إنها دعوة لنشر هواية إقامة المعسكرات في أنحاء البرية المصرية ، و إستكشافها . لكن قبل أن تخرج للبرية ، و قبل أن تقدم على إستكشاف مصر ، فعليك أن تكون مستعداً لذلك بإحتراف ، و ذلك بأن تقرأ عن هواية إقامة المعسكرات ، و أن تعرف الأخطار التي يمكن أن تتعرض لها في رحلاتك ، و كيفية تفادي تلك الأخطار ، و كذلك كيفية التعامل معها إن حدثت ، لا قدر الله ، و لكي تنجح في ذلك فعليك أن تعلم دقائق الأخطار الطبيعية في البيئة المصرية التي تنوي الخروج إليها ، مثل ما تضمه من زواحف ، و حشرات ، و نباتات ، سامة ، و ما إلى ذلك ، و عليك ألا تتوغل كثير بعيدا عن العمران في بدايات ممارستك لتلك الهواية ، و لهذا يفضل أن تتعلم أيضا الملاحة الصحراوية حتى لا تضل . و تذكر دائما ، إن هذه ليست دعوة لأي نوع من التنظيم العسكري ، أو للحياة العسكرية ، و ليست كذلك دعوة للتدريب على أي رياضة عسكرية ، حتى لو كانت للدفاع عن النفس ، إنها مجرد دعوة سلمية للإنعتاق ، و لو فترة بسيطة ، قد تكون فقط بضع يوم ، من السجن النفسي الذي يحكم بقضبانه على المواطن المصري . خروجك للبرية ، هو خروج للحرية ، و سيسهم في الإتيان بالحرية ، لأنه عندما يتعود بصرك على الحرية ، سيتعود بعد ذلك عقلك على التفكير الحر ، و ستكون أكثر قابلية للتمرد على هذه الأوضاع الإستبدادية ، و القمعية . رجاء مصر في الحرية هو في الشارع المصري ، أي بالتظاهر ، و هذا لا يحتاج إلى تدريبات عسكرية ، بل إلى مجرد مواطنين أحرار العقول ، و البرية هي طريق لتحرير العقول . لكن المشروع ممكن أن يتقوض ، أو يعاني بعض المتاعب ، لو جرم آل مبارك بيع البوصلة ، و الخيمة ، و كيس النوم ، و موقد الطهو الصغير ، و حذاء السفاري ، أو لو أصبح البيع يحتاج موافقة أمنية ، أو بتسجيل الرقم القومي للمشتري في سجل أمني خاص لدى البائع .
23-07-2010
من المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل هي عادة أمريكية ؟
-
الأسد يمكن قلبه إلى فأر
-
الحبكة يلزمها فارسي و يهودي ، الأفريقي لا ينفع
-
السنن السورية السياسية السيئة
-
التكنوقراط من الأقليات هم الحل في هذا الموقف
-
الأمل يمنع إستخدام القوة ضد إيران
-
وزير الري القائد الأعلى للقوات المسلحة
-
عار على النوبي إن رفض العودة
-
يا أهل النوبة الغارقة : يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة
-
خطوات صائبة من البرادعي ، و لكن
-
المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي
-
التنوير ، كلمة يملكها المؤمن أيضاً
-
و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات الم
...
-
إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
-
لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
-
الفرصة لم تضع لمبادرة مباشرة من حماس
-
غزة ، إنضمام مؤقت ، كحل مؤقت
-
شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة
-
عمر بن حفصون ، لماذا نبشوا قبره ، و مثلوا بجثته ؟
-
هكذا سيتدخل نظام آل مبارك عسكريا في دول حوض النيل
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|