|
مغربي المفارقات
حميد المصباحي
الحوار المتمدن-العدد: 3071 - 2010 / 7 / 22 - 15:49
المحور:
الادب والفن
مغربي المفارقاتمغربي المفارقات - Masquer le texte des messages précédents - ما معنى أن تكون مغربيا؟ أن تسخر من المصائب التي تحيق بك ولاتجد لها حلا،غير أن تحكيها للآخرين لتخفف عنهم وأنت مدرك أن كل الحلول التي يقترحون عليك لن ترضيك،ولن تمارس إلا ما يبدو لك صحيحا،إن أدت بك إلى المحاكم فأنت نادم،تعتدر عما بدر منك،لكنك سرعان ما تبدي استعدادك لاقترافها من جديد،أما إن انتهيت إلى المستشفى،فإنك تتوعد المعتدين باللإنتقام،لتغادر المشفى بعد عناق طويل معهم،مرددا ألا محبة إلا بعد عداوة،وقد تنتهي إلى السجن زاعما أنك المظلوم الوحيد فيه،وعندما تغادره،تقسم أمام بوابته،بأنك لن تعود إليه إلا إدا اقترفت ما يوجب عقوبته،لكنك تصر على محو دكراه من سجلك العدلي،حتى لا تفكر في السجن عندما يظلمك أحد في الطريق العام،أو يلومك رجل أمن وأنت تتحرش بامرأة ليلا نصبت فخاخ فتنتها لرجل يمتلك سيارة،كرهته فقط،لأنك منزعج من مال لا تمتلكه وامرأة كنت تنوي قضاء وطرك منها دون أجر،فركبت معه مبتسمة لك،كأنها تعدك أو تؤجل اللقاء بك إلى ليلة أخرى عندما ينفد زبائن المتعة باكرا. أن تكون مغربيا،يعني،ألا تفكر في السياسة إلا مبجلا للساسة لأنهم كرماء معك،أو لاعنا لهم،لأنك انتظرت وعودهم التي لم يتحقق منها إلا ما يمس مصالحك،ولدلك تحلم بأن تصير سياسيا،لا تعد أحدا ولا تشتري الأصوات،وعندما يصدق الجميع رغبتك،تفاجئهم بأنك كنت تمزح معهم،فحلمت بصوت عال،أنت الساخط على نفسك،النادم على ما أضعت من فرص الإغتناء والهجرة حد البكاء في الحانات،والعتب في المساجد،أنت الباحث عن مجد ضيعته،الناقم على الزمن لقصره عمرا،أو امتداده أبدا،الهارب من الآخرين إليهم المتلحف بوحدته المنكسرة دائما أمام غوايات الجماعات لك،تقسم على العيش وحدك،فتفشل،وخجلا من أصدقائك القدامى،تندمج مع آخرين جدد،تفعل نزاعات أخرى لأنك تحن لمكانك السابق،مشدودا إلى من فيه ممن عرفت،فأنت تميل إلى الجماعة ولا تنفر منها إلا مرغما،تحب المدينة بلغتها الراقية،وشوارعها وحتى ضجيجها،لكنك في القرية تصحو باكرا لتعيش اليوم كله،تكره هدر زمنه في النوم كما تفعل أيام العطل بالمدينة،تتأمل ليالي قريتك،متحسرا على ما فاتك منها،تريد أن تصير بدويا،وتشتم بالبداوة من جلس بالقرب منك دون أن تسمح له،،أو تفوه في وجهك أو صرخ مناديا حبيبا أو صاحبا أو عانقه بقوة مقبلا إياه كما كان يفعل الآباء أيام زمان، أن تكون مغربيا في الثقافة،هو أن تحب المعرفة ولا تكره الجهل،بحيث تدافع عن الأمثلة الشعبية باعتبارها حكمة،وتتظاهر بفهم أحدث أنساق التفكير الغربية،كما ترقص على إيقاعات العالم،خصوصا التي لا تفهم لغتها،وتردد مع المغنيين الشعبيين أفظع ما قيل عن النساء،والجنس والخمر وحتى الحب،فأنت محاصر ومجبر على أن تكون مع كل الناس مدافعا عما يحبون،كارها لما يكرهون،ضد المثقف في غيابه،مصفقا له في حضوره،قارئا لما كتب وما لم يكتب،منتقد مع المنتقدين،مدافع مع المدافعين،وفي الغد تقف ضدهم جميعا،رافضا لكل ما اتفقت معهم حوله،وعندما تصادفهم،تفاجأ بأنهم نسوا كل ما قلته،ولن يطلبوا منك تدكيرهم،لدلك أنت مرغم على تغيير أفكارك ومواقفك دون توجس من المحيطين بك،فسرعان ما تتنكر لكل ما قلته إن كان مضرا بمصالحك،مؤثرا على علاقاتك،حينها تحاجج لتثبت أن كل الناس يسيئون فهمك،لأنك مختلف عنهم،فتزداد اعتدادا بنفسك وتكثر تعليقاتك على ما تفهم وما لا تفهم،حتى إن كان تعليقا لعسكري،في أدغال لا تعرف موقعها على خريطة العالم التي لا تنظر إليها إلا عندما تنشب حرب بين بني جلدتك أو رفاقك السابقين أيام الإيديولوجيات،فحتى انتماءاتك،ترتبها كشعر صبية في طريقها إلى المدرسة،دائما تترك لنفسك أكثر من خيار،واحد تخلص له،،وتضحي في سبيله بالزمن وما لا تملك،وآخر تهدد به أعداءك وحتى أصدقائك،سواء كنت في أسرة أو حزب،أو حتى وطن أو حي أو مدينة, أن تكون مغربيا،معناه،أنك عربي في قارتك،وأفريقي بأروبا ومسلم بالخليج عندما تهاجر بشكل شرعي،أما إن كنت مهاجرا بشكل سري،فأنت كل شيء إلا مغربي،حتى إن كان حجرا،أو جزيرة غمرها البحر،أو بلدا هاجره نصف سكانه هربا من الجوع والحروب،أنت المغامر،بما لا يعوض،العمر والحياة.
#حميد_المصباحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثقافة بين الرفض والإذعان
-
سياسة الحقيقة وسياسة الحقيبة
-
سياسة المثقف
-
تحالفات سياسية
-
متاهات التخلف
-
اليتم قراءة في ديوان أشياء أخرى للمصطفى غزلاني
-
الهروب من الجسد والهروب إلى الجسد
-
دولة التنوير ودولة التهويل
-
الدولة والحزبية
-
العلمانية في العالم العربي
-
السلطة بين التقليد والحداثة
-
سلطة الملكيات
-
الديمقراطية ثقافة أم تقنية
-
العلمانية والدين والسياسة
المزيد.....
-
ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
-
تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر
...
-
المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|