أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - ضعف شرعية الحكومات العربية














المزيد.....


ضعف شرعية الحكومات العربية


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3071 - 2010 / 7 / 22 - 14:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد وجود القائد الملهم الكاريزمي أو التقليد الموروث الراضي بالحكم المطلق مصدري شرعية مقبولين في عصر الدولة الوطنية الديموقراطية الحديثة، القائمة على الدستور والمؤسسات وفصل السلطات وتداول السلطة بالرجوع إلى رأي المواطنين الأحرار من خلال انتخابات حرة ونزيهة.
وفي الحالة العربية ثمة فجوة كبيرة تفصل بين الشعوب والحكام وأزمة شك تاريخية تغلف العلاقة بينهما، إلى حدٍ أدى إلى عزلة من يحوزون السلطة عن الجماهير العريضة بآمالها وآلامها وأحلامها، وهو أمر يؤكد أنّ جزءاً كبيراً من الاحتقان السياسي الذي تشهده عدة أقطار عربية ناجم عن الفراغ السياسي الذي يحتل المساحة بين الحاكمين والمحكومين لدى معظم الشعوب العربية.
إذ أنّ الشرعية السياسية، لدى معظم الحكومات العربية، تعود إلى مرجعيات يصعب الأخذ بها أو التسليم باستمرارها، فالدنيا تتغير والأحوال تتبدل وتبدو مع كل فترة زمنية تجليات لم تكن مطروحة أو كانت مطروحة على استحياء من خلال مقولات صامتة تتحدث عن الإصلاح والتغيير والديموقراطية. وفي هذا السياق فإنّ وجود قوى معارضة للنظم الحاكمة يحافظ على حد أدنى من التوازن الاجتماعي، إذ أنّ غياب المعارضة، على حد تعبير الدكتور برهان غليون، هو الطريق المفتوحة نحو نشوء نخبة متحللة من أي التزام وطني كان أم أخلاقي، محمية من أي ضغط شعبي ومرفوعة عن أي منافسة أو مراقبة أو محاسبة، أي الوسيلة المثلى لخلق شروط تعميم الفساد وتحويل النخب السائدة إلى كائنات مفترسة لا رؤية سياسية لها ولا مشروع سوى التهام موارد الدولة والسيطرة عليها بجميع الوسائل. وبفقدان النخب الحاكمة لمعنى المسؤولية واستفرادها بتحديد معايير القيادة ومهامها من دون منافسة ولا نقد ولا محاسبة أو مساءلة، لم يكن هناك ما يحول دون استباحتها مصالح الناس وحقوقهم وتحولها إلى عدو رئيسي للمجتمع، تستجلب نقمته أكثر مما يستجلبها العدو الخارجي نفسه.
ومن نافلة القول أنّ أغلب النظم العربية تفتقد لأية شرعية دستورية وتعاني في مجملها من إشكالية في أدائها السياسي، وتفتقر إلى الشفافية في طريقة تعاطيها مع مواطنيها. وهذا يبدو جلياً عند متابعة الممارسات السياسية التي ينتهجها أكثر المسؤولين العرب على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وما يهمنا هنا وصف جديد شاع مؤخراً ربما يكون له أهمية كبيرة بالنسبة لمنطقتنا وهو " الدول الفاشلة "، ويعني تلك الدول التي لا يمكنها السيطرة على أراضيها، وعادة ما تلجأ إلى استخدام القوة، وتعجز حكوماتها عن اتخاذ قرارات مهمة، بقدر ما تعجز عن التأثير في حياة الناس أو اتجاه الأحداث، أو تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها، مع انتشار الجريمة والفساد. ومثل هذه الدول في الحقيقة لم تعد دولاً بالمعنى الحقيقي للكلمة، حيث تمثل الدولة الوعاء الأساسي للتنظيم الاجتماعي، وتمثيل المجتمع إزاء العالم الخارجي، وعندما تفقد سلطة الدولة قدرتها على القيام بالوظيفتين فإنها تصبح بؤرة للفوضى الاجتماعية ومصدراً لتهديد ليس سكانها فحسب بل والدول الأخرى حينما تصبح قاعدة للجريمة المنظمة والإرهاب والقرصنة.
وربما كان من بين أبرز ملامح الحياة العربية اليوم تعميم ظاهرة الفلتان الأمني، وهذا ما يمكن أن توصف به الحالة بصورة ظاهرة في العراق ولبنان وفلسطين ولا سيما غزة، وكذلك الحال في اليمن والسودان والصومال، فيما يسود الفلتان الأمني المقنع في أغلب البلدان العربية الأخرى.. والتعبير المعلن لهذه الحالة هو افتقاد المواطن للأمن الشخصي التي يمكن أن تؤدي إلى هلاكه أو أذيته، أو أن تلحق الخسائر بممتلكاته وأمواله.
إنّ المؤسسات الصورية القائمة، في أغلب الأقطار العربية، أو التي يتم تصنيعها كشكل فارغ للتطوير والتحديث لا تكفي إلا قليلاً ومؤقتاً، كما أنّ الدساتير لا تعني شيئاً ما دامت معطلة بحالة الطوارئ الرسمية أو الفعلية. فالنزعة الدستورية مفهوم لا يقبل الالتفاف عليه، والعصر لن يقبل بين ظهرانيه دفاعاً مفبركاً عن الشرعية المبنية على غير العقد الاجتماعي، أي الدستور المنبثق عن برلمان تأسيسي منتخب، الذي هو وحده شريعة المتعاقدين والحكم بينهم.
كما أنّ ذريعة الدولة القوية أيضاً لم تعد كافية، فلا أحد عاقلاً يريد عبور باب التغيير عن طريق النيل من قوة الدولة التي هي بذاتها ضمانة هذا التغيير، لكنّ قوة الحاكم لم تعد التعبير الملائم عن قوة الدولة منذ قرون، فالقهر والغلبة لم يعودا مصدراً للشرعية، وليسا حصناً منيعاً للدولة في الشروط المعاصرة.
إنّ المشكلة التي يواجهها العالم العربي الآن، بسبب غياب الشرعية الدستورية، أنّ هناك دولاً مرشحة للدخول إلى مصفوفة الدول الفاشلة، بكل ما يعنيه ذلك من نتائج استراتيجية موجعة للدول التي لا تزال متماسكة وتقوم بوظائفها في حماية المجتمع من نفسه ومن الآخرين.
لقد سقطت النظم التسلطية بسبب افتقارها للنقد الداخلي وغياب مفهوم الإصلاح، وبالتالي تعفنها الداخلي وفسادها المضطرد، واستسهالها استخدام العنف على الاحتكام لمنطق السياسة، وإمعانها في الكذب على الرأي العام وتجاهله، ورهانها على استبطان الدونية والخوف واحتقار الذات الإنسانية للمواطن. فمتى تلمّس النظم التسلطية العربية على رأسها ؟ أم هي تنتظر الطوفان ؟



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور التعليم في تنمية الموارد البشرية العربية
- حالة المواطنة في العالم العربي .. سيادة الاستبداد وغياب القا ...
- تفاقم الاحتقان السياسي والاجتماعي في العالم العربي
- الحكومات العربية والرأي العام
- تضخم دور سلطة الدولة العربية وضعف دور المجتمع المدني
- تركيا والمشهد الإقليمي في الشرق الأوسط
- تدهور الحياة الثقافية العربية
- أهم معوّقات التقدم العربي
- الاقتصاد العربي .. الموارد استُنزفت والإرادة استُلبت
- افتقاد الأنموذج في العالم العربي
- العالم العربي من الفقر إلى استبداد الأنظمة
- قمة سرت ومأزق العمل العربي المشترك
- في الحاجة العربية إلى عقد اجتماعي جديد
- مآلات الدولة العربية الحديثة
- العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس في العالم العربي
- عن استقلال السياسة وواقعيتها
- العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس واستراتيجيات منعه
- بعض القضايا المؤجلة للنهضة العربية الحديثة
- استلاب الماضوية ونظرية المؤامرة
- حظر المآذن يمتحن التنوّع الثقافي


المزيد.....




- شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
- تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر ...
- -إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم ...
- كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن ...
- قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك ...
- الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو ...
- زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج ...
- زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي ...
- علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله تركماني - ضعف شرعية الحكومات العربية