أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طه اسماعيل محمد - صور من بغداد














المزيد.....

صور من بغداد


طه اسماعيل محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 19:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يرسل لي العديد من أصدقائي عبر البريد الإلكتروني بين حين وآخر صور من بغداد القديمة فتثار في القلب الشجون وتوقض في النفس الذكريات.
أذكر كيف كانت نساء الطرف (المحلة) يخفن أيما خوف من موظف البلدية الذي كان يحرص جيئة وذهابا على نظافة الطرف فلا ترمي أي منهن بالأزبال أو مياه الغسيل في الشارع خوفاً من سطوته وقسوته أحياناً.
وأذكر كيف كان موظفو قراءة المقاييس من شركات الماء والكهرباء يزورون بيوتنا وفق طقوس معينة، فيتأكدون أولاً من سلامة المقياس ويا ويلنا إذا اكتشفوا أي مؤشر على تلاعب في المقياس حتى لو كان من غير قصد، وقد يقومون بنفس اليوم بتسليمنا قائمة الشهر السابق وفق نظام شهري لا يتغير.
وأذكر أيضاً كيف كانت سجلات النفوس في منتهى الدقة والنظافة وبخط واضح لا يقبل التأويل ولا الإجتهاد، ومن لا يصدق فليراجع سجلات عائلته في النفوس. فسيجد أن الصفحات المكتوبة في الأربعينات والخمسينات وحتى الستينات والسبعينات مكتوبة بشكل واضح ومرتب تدل على إهتمام الموظف وعنايته واحترامه لعمله وكيف أصبحت إعتباراً من الثمانينات مكتوبة بخط تنقصه الدقة والنظام والوضوح. كما أذكر كيف كان الموظفون يبدأون دوامهم الساعة الثامنة صباحاً بالضبط.
وأذكر أن المدرسة كانت توزع علينا صباح كل يوم قدح من الحليب وقطعة من الفاكهه. وأن المعلمين كانوا حريصين علينا حرص الآباء والأمهات فيتابعون معنا المناهج ويتنافسون فيما بينهم لإقتناص أوقات للدروس الإضافية (المجانية بالطبع) لإعدادنا للإمتحانات وخاصة النهائية منها.
وأذكر إنه كان في بغداد نظام بريد حقيقي ينقل الرسائل بين الناس بسرعة معقولة بحسابات ذلك الزمان، ويذكر المرحوم فخري الزبيدي في الجزء الأول من كتابه (بغداد) انه كان في بغداد في العشرينات من القرن الماضي 15 صندوق للبريد منها 8 تنقل الرسائل منها مرتين يوميا والباقي ينقل منها البريد مرة واحدة يومياً. وكانت الرسائل تصل الى الشخص المعني بالرغم من سذاجة وبساطة طريقة كتابة العنوان. وأذكر أن والدي رحمة الله عليه كان قد عمل لي إشتراك في مجلتي (سمير و سندباد) المصريتين في الخمسينات من القرن الماضي وأن المجلتين كانتا تصلني إسبوعياً بإنتظام.
وكنت أسمع مع من سبقوني في العمر كل خير عن يهود العراق بأنهم كانوا عراقيين (وبالذات بغداديين) أصلاء، وأن أكثر من 95% منهم كانوا ضد الصهيونية وضد فكرة الهجرة من العراق، والتاجر اليهودي لا يغش في بضاعته أبداً وأسعاره كانت دائماً معقولة وهذا هو سر نجاحهم في التجارة. وكان اليهود يسكنون محلات بغداد جنباً الى جنب إخوانهم المسلمين والمسيحيين ومنهم عدد كبير من مختاري المحلات بل وحتى الأشقيائية (الفتوات). أما في مجال الموسيقى والطرب فقد كانت لهم اليد الطولى ومن منا لا يذكر أغاني على ليالي دجلة وصندوق أمين البصرة مثلاً.
وأذكر كيف أن الدين كان أساسه التسامح والحب، فلم يكن غريباً أن ترى إبنة إمام الجامع تخرج الى الجامعة سافرة الرأس والوجه يتلاعب هواء الله بخصلات شعرها وتغذي شمس الله بشرة وجهها وذراعيها وفروة رأسها. ولم يكن الدين آنذاك يقاس بطول الفستان أو قصره ولكن كيف أن يكون قلبك مفتوحاً لله سبحانه تخدم عباده وتصدق معهم ولا تسيء الى ذوقهم أو عرفهم ولا تأخذ حق مظلوم ولا تنصاع لظلم ظالم. وأنك إذا أردت لقاء وجهه ربك سبحانه فعليك أن تعمل عملاً صالحا ولا تشرك بعبادته أحدا، وأن الله سبحانه خلق الإنس والجن ليعبدون (أي ليخدمون) وأنه سبحانه (وحده) عالم الغيب والشهادة واننا (جميعاً) سنرد اليه فينبئنا بما كنا فاعلين.
تسحرني الذكريات وتطير بي كما العصافير مع صوت فيروز وهي تغرد...
"بغداد و الشعراء و الصور ذهب الزمان و ضوعه العطر
يا ألف ليلة يا مكملة الأعراس يغسل وجهك القمر
بغداد هل مجد و رائعة ما كان منك إليهما سفر
أيام أنت الفتح ملعبه أنا يحط جناحه المطر
عيناك يا بغداد أغنية يغنى الوجود بها و يختصر
لم يذكر الأحرار في وطن إلا و أهلوك العلى ذكروا".



#طه_اسماعيل_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طوفان نوح
- الحب الأول
- عمو بابا ....و عبدالكريم قاسم
- الموصل
- هيباتيا


المزيد.....




- الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس ...
- الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو ...
- غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني ...
- انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
- خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
- عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ ...
- روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا ...
- عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
- مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات ...
- السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية! ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - طه اسماعيل محمد - صور من بغداد