|
أيتها اللئيمة
فاديا سعد
الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 14:27
المحور:
الادب والفن
لا أستطيع القول: اشتقت لك يا زوجتي! "يخرب بيتك.. تزوجتك منذ خمسة عشر عاما وما "بقدر" قول عنك امرأة!!"
لدينا هذا المصطلح إهانة من نوع معين، وجميع الرجال وأنا كذلك نحب الطهارة.
هناك طهارة ليس لها علاقة بالجسد، كنت تمارسين سطوتها عليّ.
كان جسدك دائما يوحي لي أنه ابن الستة عشر عاما، فأنت صغيرة الحجم ونحيفة، ومن عشاق الرياضة بأنواعها، كنت ترافقين فرقاء المسير مسافات طويلة: "بالكيلو مترات"، ولا تتوقفين للاستراحة!.
هكذا قالوا لي حين كنت تشاركين فرقاء المسير.
ضحكتك لم توحي لي أنك تتجاوزين العشر سنين" بتضحكي من قلبك" مثل الأطفال، لأمور لا أفهمها. أشياء بايخة وسخيفة على عقلي المثقّف، وأحلى ما فيكي إنك تضحكين على الطرفة كلما سردتها عليك كأنك تسمعينها لأول مرة.
عندك ما في شي ألو معنى، ومع ذلك تمنحين كل المعنى لكل شي.
قلتي إنك: "حابي اليوم تلعبي مع الموت" استغربت: "حدا بيلعب مع الموت؟"
أخذت الأشياء أثناء حياتك بعيدا عن الجد، مع ذلك كنت جادة.. والله ما عرفت يوما طبيعتك. مهزارة وجادة.. لئيمة وطفلة. ناضجة مع ذلك لست ناضجة على الإطلاق. كان التعامل معك صعب.. بالفعل صعب.. كان صوتك في أكثر المشاحنات خفيض، ولكن كلماتك كانت تذبحني من الوريد حتى الوريد.
كنت تتزوجيني متى شئت، وتطلقيني بالثلاث من غير رجل دين.
لم تعترفي بهم يوما: "طلّق أنت عبر الورق.. أنا لا أفعل تلك الألعاب السخيفة.. وأنت تسألين حين أناكدك نكدا لا تتحمله امرأة: أتقوم بتلك الحركات كلها من أجل أن تحتفظ بالبيت.. لن أخيب ظنّك.. هو لك.. تعبك، لم اعتدي يوما على تعب وجهد الآخرين... أترك لي قطعتين داخليتين وسروالي الكتان وهذا الفستان... إن كنت سأموت من الجوع "الله لا يردني".. اذهب أين شئت.. بل أنا من سيطلق سراحك.. لا تهتم.. الحر فقط من يقدر حرية الآخرين.. من كانت حريته من الداخل لا يخاف إطلاق سراح العبيد، لأنه أجاد العشق والحب وقدّر التفاصيل، وبرع بحب الأشياء من حوله، فأشبع روحه وجسده منها... تريد علاقة مع امرأة أخرى.. هل وجدتني منعتك عن أمر.. لكني متى عرفت أنك تقيم علاقة مع أخرى لن يلامس جسدك جسدي، ولا يدك يدي، ولن أسمح لنظرة من عينيك أن تخترق عيني...
كان لديكِ قوانين تفرضيها عليّ رغما عني.. ومرت أوقات كثيرة وددت لو أخونك فيها، وأنتقم من طبيعتك الفريدة.. الصعبة.. لكني كنت أخشى جديتك لحظة الجد..
أنت قاسية إلى حد أن كرامتكِ لن تسمح لك إعادة الاتصال بي حتى لو ركعت أمامك. كنت تريديني أن أحبك بكل حقارتك، وطهرك، لأنك أحببتني بكل حقارتي، وحقارتي.
كل شيء معك لعب في لعب، مع ذلك كل الجد، وجد الجد.
أنت كنت مصيبتي الجميلة. وكنت مقيدا نفسي.. أسيرا لديك بإرادتي. يا لك من امرأة حقيرة أمع الموت لعب؟ هذه سمعة جديدة على بني البشر، إنما ليس معك.
بدأتِ الصباح بضحكة غريبة عجيبة لأمر غريب عجيب.
كنت أحضّر بكل جدية مقالي الأسبوعي، وأعصر دماغي كي أعمّق الفكرة. وعندما تسمعيني أقول: "أعمق الفكرة" تضحكين، ليس بتهكم، مع ذلك بتهكم، وتسأليني بطفولية شديدة: "كيف عمّقت الفكرة" ولا أستطيع إلا أن أشرح لك. كم مرة صوبتي فكرتي بقولك: وهل ما كتبته عمّق الفكرة.. لا.. يجب أن تفكر بطريقة مختلفة..
تمنحيني بسهولة مرعبة طريقة مختلفة لتناول الفكرة. سهولة لا يعرفها إلا من لديه أكثر من معنى للفكرة الواحدة. كنت أحسدك يا فتاتي.
اليوم ما كنت تريدين أن تعمّقي الفكرة.. في الأصل كان عندك فكرة وتريديني أن ألهو بها.. معها. سألتني بين الجد والهزار فيما أنا غارق بالصفحة: - بدك تشوف منظر ما بيتكرر؟ وكان ردي: - قطعت سلسلة أفكاري. - إما أن تنحاز لسلسلة أفكارك، وإما أن تلحق وتشاهد منظرا لن تراه مرة أخرى.
خلعت نظارتي المخصصة لقرب البصر، وقمت عن أوراقي والأفكار الجادة.. قمت وأنا واثق أنك لا بد حضرتي لي مشهد لن يتكرر، وأنت تثقين أني أثق بك..
كان على قضبان حديد النافذة على الوجه السفلي لقضيب الحديد ذبابتان كبيرتان بطول ثلاث سنتمتر، وحقا كانتا سمينتان بشكل غريب، لم يكن من نوع الذباب الأزرق. كان نوع عادي لكنهما لم تكونا نحيفتان، وهي ما تميز ذباب المناطق النظيفة، بل قد وجدتا في منطقتنا السكنية مصادر كثيرة لتتغذى عليها.
ما كان يؤكد أنهما ذكر وأنثى تلاصقهما فوق بعضهما البعض كالبشر أثناء الفعل الجنسي.
- إنهما على هذه الحال منذ نصف ساعة، فقلتُ ملاحظة تشبهني، وتشبه تفكيري: لا بد أن الذكر من فوق! رددت أنت: نصف ساعة وما تزال الحشرتان مذهولتين... لو رششتهما بالسم لما تحركتا... أتعرف؟ كان لدينا قريبان رجل وامرأة عرفنا عنهما بقيامهما بذلك الأمر خلال ثوان، كان الرجل يذهب تاركا امرأته شبه نائمة فيما هي تقول: عندما تنتهي لا تنسى أن ترفع سروالي... كانا يفهمان بعضهما. لم يكن يزعجهما القيام بهذا الأمر على ذاك الشكل.. حتى الحشرات تمارس الجنس بطريقة أفضل من الرجال والنساء.. تصور. برأيي: على البشر أن يتواضعوا، ويأخذوا الدروس من الحشرات. - يعني لا نثقف أنفسنا إلا الذباب؟. - أي من الذباب. تؤكدين كلامك. وتذكرت جملتك باللعب مع الموت فقلت:
- كيف بدك تلعبي مع الموت؟
- الآن؟ دعني ألعب مع هاتين الذبابتين.
#فاديا_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسماء التي تضل الطريق
-
يمارسون الأمومة.. ولا يدرون
-
في عيدي وعيدكن.. قد يبدو الشكل بريء
-
على أرجل حمام النّت.. الزاجل
-
العالقون على سكة القطار
-
أحب شفاهكِ منغلقة كانت، ومنفرجة
-
هل من جديد
-
وثيقة تفسّر الكثير
-
دروشة علمانية
-
في منشور : يكذب القرآن ويزدري رسوله
-
في حلول........ ألغام الازدواجية
-
واقعة سلوكية ودلالة
-
يا زينب بابان
-
مقال.. ليس بالمقال
-
حين يتخلى الوقار.. عن زيفه
-
من قال أنها غير.. مكررة؟
-
............. مبالاة
-
وطن أم.. في الخيال وطن؟!
-
أطرف انتخابات في العالم
-
في إشكالات قراءة النص
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|