أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صادق الازرقي - طبّاخات الرُطب














المزيد.....

طبّاخات الرُطب


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 11:38
المحور: كتابات ساخرة
    


هي أيام معدودات كنا نخشى سطوتها ولطالما حذرنا أهلونا من حدة حرّها .. بضعة أيام في آب اللهاب بالتحديد، تختنق فيها الأنفاس ويحار الناس في ليلهم ونهارهم، إذ يحتبس الهواء فلا نسمة منه تعين الناس على التمدد والاسترخاء ولا ظل يقيهم سطوة النار المنبعثة منها.
طباخات الرطب هي وحدها الكفيلة بإنضاج التمر البصري والعراقي أيام لم تكن حرارة حزيران وتموز بكافية لفعل ذلك، و لم يكن الاحتباس الحراري وتقلص الغلاف الجوي قد فعل فعله في الطبيعة بعد، أيام كانت حرارة حزيران وتموز في بلدنا مقبولة نوعا ما ولم تصل الى ما وصلت اليه في صيفنا الحالي حين تجاوزت الخمسين درجة في الظل.
طباخات الرطب دهمتنا هذا العام في وقت مبكر فأزعج ذلك الجميع أيما إزعاج في وقت غابت فيه الوسائل الكفيلة بمجابهة حرها، إذ لم تنفع السنوات السبع منذ زوال النظام المباد في رفدنا بمقومات الحياة السليمة التي نجابه فيها طباخات الرطب وغيرها من المزعجات. كان يكفينا لمجابهة حر الصيف وأيام طباخات الرطب التي استطالت لتشمل الفصل بأجمعه ان نسترخي في غرفنا تحت هواء (المكيفات) المنعش، تلك الوسيلة التي تفتقت عنها قريحة الإنسان المبدع وكرسها لخدمته ووقايته من حرارة الجو التي تدفعه رغما عنه الى الجزع وتحيل جسده الى كومة من التعب والانحلال.
كان على التاريخ العراقي ان يعيد تقويم حساباته لتتلاءم مع التدهور السريع والكارثي في مناخه وحياته فلم تعد الحرارة تطبخ الرطب فتحيله تمرا فحسب، بل انها الآن تطبخ أجساد الناس وتحيلها الى خلايا من المعاناة والتوتر، فيحار الاطفال الرضع وكبار السن في ايامهم الخانقة، وابتكر الشباب وسائل بديلة للفكاك من طباخات الرطب.. طباخات الأجساد، ووسيلتهم تلك تتمثل في قضاء معظم ساعات يومهم خارج البيت او محاولة الإفادة من وجودهم في دوائرهم ومقار عملهم التي يحتوي الكثير منها على أجهزة تبريد وتكييف فهم بذلك يقللون من مدة بقائهم في بيوتهم التي تحولت الى أفران شواء.
كنا نجابه طباخات الرطب بما تيسر من وسائل نتقيها بوساطتها، اما الآن فلا وسائل ولا هم يحزنون بعد ان استحالت اجهزة التكييف التي اقتناها الناس بعد التحسن النسبي في اوضاعهم المعيشية الى مستطيلات بائسة في شبابيك الغرف بانتظار ما تجود به عليها الكهرباء الوطنية التي باتت تتصرف من دون رحمة بحق الوطن والمواطن. ويبدو ان (وطنيتها) لم تزل في طور الاستحالة بانتظار من يفك شرنقتها لتخرج علينا نقية مصفاة من ادران سوء الادارة والفساد الذي يطارد المواطن ليلا ونهارا فلم يسلم حتى الوقود الخاص بالمحطات الكهربائية من السرقة والاحتيال بحسب ما كشف عنه المفتش العام لوزارة الكهرباء مؤخرا.
انها أيام محنة العراقيين مع طباخات الرطب التي امتدت بطول الصيف في مقابل انحسار الكهرباء وانكماشها وسط ذهول المواطن وتحسره وهو يرى بني البشر في العوالم الأخرى ينعمون بالكهرباء التي تفيض عن حاجتهم، بل انهم يفسحون مجالا لحيواناتهم للتمتع بخيرات الكهرباء العظيمة ويترحمون على مبدعها توماس اديسون في حين نترحم نحن على ضحايانا ولاسيما من المرضى وكبار السن والأطفال الذين يتساقطون صرعى يوميا بسبب عدم تلبية حاجة أجسادهم الطبيعية للتبريد و (التكييف).
لم نعد الآن نحفل بطباخات الرطب ومعاناتنا منها بعد ان تحولت جميع ايام صيفنا الى طباخات لأجسادنا وبعد ان استحالت بيوتنا الى افران طابوق يتلوى فيها الجميع ولربما استطاع البعض منهم ان يحلم بصيف يتحول مناخه وطقسه بقدرة قادرالى الأحسن بعد ان فقد المواطن أي امل بتحسن الكهرباء التي يعدها الآن في حكم المتوفاة.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خرق دستوري فاضح
- إخطبوط (بول) لفك طلاسمنا
- تحالف المالكي و علاوي!
- حراك الجماهير بمواجهة حراك السياسيين
- أزمة الكهرباء والخدمات مفتعلة
- تقية وزير.. كريم وحيد أنموذجاً
- سيناريوهات الوزارة المقبلة .. فجر العراق الحالك
- مشاريع على ورق!
- تقليص صلاحيات رئيس الوزراء تكريس للفوضى
- اختلفوا على اللجان فهل يتفقون على الرئاسات؟
- تأخير تشكيل الحكومة مظهرٌ للاخفاق
- تشكيل الوزارة أم لجان الاختيار؟
- الفشل في استغلال الزمن!
- صحوة أبو الهوا / قصة
- مخاوف من عودة المربع الطائفي العاجز
- حاجتنا الى الأسواق
- في ذكرى التاسع من نيسان
- رموز الفساد تطل من جديد!
- حكومة للكتلتين الفائزتين
- وزارات لا حاجة لنا بها


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - صادق الازرقي - طبّاخات الرُطب