أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - سورية: ضربة جديدة ضد ظاهرة النقاب















المزيد.....

سورية: ضربة جديدة ضد ظاهرة النقاب


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3068 - 2010 / 7 / 19 - 12:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الحرب الكونية المباركة على البدونة والبداوة الصحراوية والفكر التدميري القادم من مجتمعات القحط والخواء، على أوجها وأشدها، وتجري على قدم وساق في غير مكان بعد أن باتت تهدد وجود وأمن المجتمعات ذاتها التي ربتها وحضنتها وأطلقتها بحيث طالت "عملياتها التفخيخية"، أمراء وأفراداً كبار في العائلة المالكة الملكية التي وقفت وراء نشر فكر الإجرام والتطرف وثقافة الموت وباتت في موقف الدفاع عن وجودها. فبعد القوانين الأوروبية الجريئة في كل من بلجيكا، وهولندا، وفرنسا، بمنع هذه الظاهرة البدوية غير الشرعية أو القانونية، وبعد قرار وزارة التربية السورية بمنع المدرسات المنقبات من العمل في مجال التدريس، ها هي وزارة التعليم العالي السورية تمنع المنقبات من دخول الحرم الجامعي كما جاء في تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية اليوم الاثنين من دمشق، لما في ذلك من أهمية واحترام لقيم وتقاليد العمل والحياة الأكاديمية التي لا يمكن أن تنسجم وتتعايش مع قيم البداوة التي ستفجر الجامعة من داخلها، كما فجرت البداوة مجتمعات الشرق الأوسط ودمرتها، وستكون سبباً لأوضاع شاذة وغير طبيعية وقيم صدامية وعدوانية تسود الحرم الجامعي، نحن جميعاً في غنى عنها.

قد يتساءل المرء، ومن باب حقوقي، لم هذه الحرب على النقاب، أليست حرية شخصية، أليست خياراً شخصياً، لم هذا التناقض الذي يظهره العلمانيون، أليست العلمانية هي احترام جميع القيم والثقافات؟ وللرد على مثل هذه التساؤلات المشروعة نقول إن النقابة هو ثقافة ويعكس طريقة عيش وحياة وتفكير خطيرة عدوانية وغير متصالحة وصدامية وهو رمز ثقافي لمجتمعات لم تفلح تاريخياً في التقدم قيد أنملة على أي صعيد ومجال من المجالات. وإن المجتمعات التي تتلبس وتتقمص هذه الثقافة تعيش على شفير هاويات وينهشها التخلف والأمراض والأوبئة الاجتماعية والأمراض النفسية المستعصية فهل نستورد "البالة" والأفكار البائدة والهادمة و"المظاهر" غير القانونية، لندمر بها مجتمعاتنا كما دمرت مجتمعات "الذين قبلكم" إن كنتم تتقون؟ هذه مسؤولية أ×لاقية وقانونية ووطنية يجب أن يتصدى لها الجميع في درء خطر هذه الثقافة الهدامة. المشكلة ليست في النقاب بحد ذاته بقدر ما هي في الثقافة والفكر التي تقف وراء هذا النقاب والشخصية التي تحمل بذزر هذا الفكر التدميري والهدام والمستعصي على أي علاج. إنه مرض فتاك وقاتل، فجميع دول العالم المتحضر التي باتت تتنبه لخطر هذه الثقافة، لن تنتظر حتى يتم تدمير المجتمعات وإشعال نيران الحروب البدوية فيها لتقول يا ليت الذي كان ما كان، وتتعلم الدرس الذي لم يعد له أية فائدة على الإطلاق. ومن هنا فالحروب والإجراءات الوقائية والدفاعية هي أكثر من مطلب وضرورة وتتعلق أولاً وأخيراً بسلامة، وأمن وبقاء هذه المجتمعات، وهي تعلة ما عداها من أولويات واهتمامات، فالعلمانية تهدف إلى تعميم الحب والتعايش والسلام وليس الحرب والخراب والدمار الذي تقف وراءه ثقافة النقاب.

ولكن هذا لا يكفي أبداً فالقضية ليست ها هنا، والحجاب ما هو إلا محصلة حتمية لاستفشار ولعلو إقليمي لكعب الخطاب، والضخ الأصولي، والمواكبة الإعلامية للأجواء الظلامية التي تهيمن على سماء المنطقة إذ سيفضي هذا كله ولا شك إلى أكثر من النقاب. وحين تتابع، مثلاً، وزير ثقافة في دولة ثورية وهو يصرح في وسيلة إعلام وطنية، من المفترض أن تعبر عن ثقافة جمعية وطنية ، قائلاً يجب أن نتعلم اللغة العربية فقط من أجل حفظ القرآن والحديث، هكذا، تدرك تماماً المدى والقوة والحجم والاستفشار الذي وصل إليها هذا الخطاب وقدرته على الإعلان عن نفسه بجرأة ودونما خجل ومطالبته بفرض ذاته على الآخر وما لذلك من تداعيات كارثية وأمنية خطيرة . كما لا ننكر ما كان للمسلسلات البدوية والتاريخية من أثر في تنمية الاتجاهات الظلامية، التي-المسلسلات- كرست وقدمت شخصيات لسيافيين وقتلةً ومجرمي حرب كبار في ما يسمى بالتاريخ العربي في أطر مقدسة وهالات من الرومانسية والتبجيل التي أشرفت الأوساط البدوية المالية الفاعلة على إنتاجها بتواطؤ وبأيد سورية، ويبرز ها هنا مسلسل باب الحارة السوري الذي كان بحق واحد من أسوأ المسلسلات وأشدها عداوة للتاريخ السوري في تكريس وتعميم البدونة وقيمها وإظهار المجتمع السوري العريق بمظهر رث ورديء تحكمه وتتحكم به القيم الجاهلية والصحراوية، ونشر هذه الصورة غير الحضارية عن سوريا وغرسها في نفوس الأطفال والمشاهدين والباحثات عن النقاب، فبعد مشاهدة هكذا مسلسل والاحتفاء به وتكريمه من قبل رموز دينية لأنه يعمم ثقافتها ورؤيتها، لا بد ستكون النتيجة أكثر من نقاب.

إن الأوضاع من الدقة بحيث بات من الصعوبة جداً مقاربتها، فهي ليست وليدة لحظتها. نعم من الممكن لسوريا بما تملك من قوة وهيبة وآليات قانونية وإدارية ولوجستية في فرض أي قرار، وتنفيذه وتطبيقه ولكن المشكلة تبقى موجودة وربما تتفاقم، إن لم تعط التيارات التنويرية وخطابها الإنساني المتصالح دوراً فاعلاً وبنسبة جزئية على الأقل فيما يعطى للتيارات الظلامية والسلفية. وقد أصبت ذات يوم بخيبة أمل وألم كبيرين، وأدركت أن الأمور تسير نحو هاوية ثقافية وفكرية، حين قام ما يسمى بموقع شام برس، بحذف مقال لي بعنوان السلف الصالح بشكل تعسفي وغير حضاري بعد سويعات قليلة من نشره مبرراً ذلك تحت ضغط الشارع الغوغائي، رغم أن المقال ليس في المقال ما يسيء أو أي تجريح ولعن وسباب، والأنكى من ذلك أنه في اليوم التالي قام ذات الموقع، وإرضاء ومغازلة للشارع الغوغائي، وربما بتوجيه من جهة إعلامية ما، بنشر مقال للكاتب السلفي المصري المعرف علي عبد العال، وفيه ما فيه من الخطاب إياه، ربما إرضاء لذات الشارع الذي هب وانتفض. ليست الغاية من سرد هذه الجزئيات الرمزية البسيطة سوى الإشارة إلى بعض المقدمات التي ستؤدي إلى ما هو أخطر من النقاب. وإلى اليوم تقف معظم ما يسمى المواقع السورية، معارضة وموالاة، وكل الحمد والشكر لله، موقف المتوجس والمرتاب، أي فكر تنويري ومن رموزه، وبالكاد تجد فيها مقالاً أو قبساً ذا قيمة ولا يحابي قيم الصحراء وثقافتها.

من الواضح جداً أن قوى سياسية وعسكرية إقليمية فاعلة، وتقف وراءها قوى استكبار وكهنوت سياسي إجرامي دولي، حاولت التصدي لسورية، وهزيمتها، وتركيعها، واختراقها، لكنها فشلت وتراجعت وانكفأت على أعقابها، ولكنها لم تتراجع وتنكفئ في عدوانها الثقافي والفكري والإعلامي المستمر بعنف وضراوة ملحوظة. وكما نعلم فالحرب العسكرية والسياسية وإدارتها أسهل بكثير من إدارة الحروب الثقافية والإعلامية والفكرية التي تطلب جهداً وآليات خاصة مباشرة وغير مباشرة، وهي أصعب من تلك بكثير، والآليات التي قد تنفع هناك قد لا تنفع هنا. فما بين تصريحات وزير الثقافة السوري عن رغبة علنية في تجذير ثقافته الأحادية الصماء، وحذف مقال بشكل تعسفي وغير لائق وحضاري أو مهني هناك الكثير من الدلالات العميقة التي تنم عن اكتساح وهيمنة ورضوخ أبعد بكثير من مجرد النقاب لجوهر وبنية هذه المجتمعات. لكن ومن جهة أخرى، نعترف بكل صراحة، بصعوبة المهمة، فالأجواء الإقليمية الإعلامية والثقافية والفكرية الظلامية المدعومة أمريكياً وإسرائيلياً تجعل من أية محاولة للترميم والإصلاح والوقوف بوجه العاصفة الظلامية أمراً شبه مستحيل، وهناك حصار مطبق على الفكر التنويري صهيونياً، مع تواطؤ أمريكي وإقليمي مدعوم بثروات وامبراطوريات إعلامية خرافية تعمل كلها على ترثيث وتحطيط وإذلال وتجريد إنسان المنطقة من إنسانيته ومدنيته وسلبه كرامته وسلخه عن قضاياه وراهنه والقضاء على مستقبله ووجوده وكل ذلك سيخدم في النهاية إسرائيل وقوى الاحتكار والنهب الدولية التي تقف وراءها، فإسرائيل وأمريكا لا يهمها ولا يرعبها الجهلة وسكان الصحراء المنشغلون بفقه النكاح وإرضاع الكبير ووطء الصغير والتداوي ببول البعير، بقدر ما ترعبها قوى التنوير والفكر الحر ألد أعداء الصهيونية والإمبريالية، فقد وظفت أمريكا وإسرائيل ثروات خرافية لدعم تلك الأنظمة ومحاربة التنوير ونشر الجهل والخرافات وقد فعلت تلك السياسات فعلتها. ولا تصدقوا حكاية مكافحة أمريكا للإرهاب، فكل الجماعات التكفيرية والإرهابية خرجت من تحت عباءة العم سام ومخابراته، وحين اعتدى الظلاميون القتلة من المنظومة الظلامية الصحراوية على أمريكا في عقر دارها، هاجمت أمريكا العراق، وليست الدول المسؤولة عن حوادث الحادي عشر من سبتمبر، وأعادته مرة أخرى للقرون الحجرية وأشعلت من جديد نيران الصراعات الابدية على التفاهات البدوية، فالعراق التنويري الحداثي وعلماؤه ومثقفوه وشعراؤه هم من يهدد إسرائيل لا شيوخ النكاح والإرضاع، وأخشى ما نخشاه، أن هذا أيضاً، هو ما يضمره هؤلاء لسوريا الحضارة والإنسان، فلن يكون هناك أضعف من سورية تتوشح بالسواد ويلفها من رأسها لأخمص قدميها نقاب. فهل يفلح الغزو الفكري والثقافي فيما عجز عنه الغزو العسكري والاختراق السياسي؟

تقف سوريا اليوم على مفترق خطير وخيارات صعبة بين أن تعيش في المستقبل، أو أن ترمي بنفسها في غياهب الظلمات وبين أن تكون سوريا الحضارة والعراقة والتاريخ العظيم أو أن تكون مجرد جرم ظلامي منسي يسبح في فلك الظلام الأسود. فالقضية برمتها، في النهاية، حرب بين قوى الحداثة والتنوير، وقيم البداوة والتدمير، قوى الحاضر والمستقبل وقوى الماضي والزمن الآفل، قوى تتطلع للأمام وتحب الحياة، وقوى تتطلع للوراء تعشق الموت وتكره حتى الذات. فلمن ستكون الغلبة والانتصار في نهاية المطاف؟

لا مكان للنقاب وثقافته في الحرم الجامعي ولا في أي مكان ينشد التفوق والحضارة والإبداع والتعايش والأمان. والخطوة السورية الجديدة في منع النقاب في الحرم الجامعي السوري جريئة ومباركة، وتكاد الولة الوحيدة في سماء المنطقة التي تتجرأ تقدم على مثل هذا الإجراء الباهر والرائع لحرصها على وجه سوريا الحضاري والمدني وحفاظها على الهوية السورية من الاندثار أمام الهويات الصحراوية القاحلة الجوفاء، ونشد على أيادي كل من يقف وراءها، ولكن وبكل تجرد، فإنها وحدها لا تكفي.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ]لماذا لا يوجد حزب علماني في سوريا؟
- هل بدأ شيوخ الأزهر ببيع صكوك الغفران؟
- دعوى قضائية عاجلة ضد جميع إجراءات الفصل الجنسية في سورية
- بانتظار هيئة الأمر بالمعروف والمنكر في سورية
- العلم السوري
- إرضاع الكبير: ومجتمع الدواويث
- ماذا لو كانت إسبانيا عربية وإسلامية؟
- حضارة لصوص الخراج
- لا للنقاب، لا لثقافة التصحر والغباء
- رئاسة الاتحاد العام للطلبة العرب: من ندرة الفعل إلى قلة الأص ...
- بلاغ عاجل إلى محكمة الجزاء الدولية- لحجب نايل وعرب سات
- كلهم يصلّون ويصومون ويقرؤون القرآن
- حق العودة للمسيحيين واليهود إلى جزيرة العرب
- إسرائيل والتطبيع الرياضي
- يا بخت هنود الخليج
- لماذا لا يقاطع العرب كأس العالم؟
- هل نرى يهودياً عربياً زعيماً لحزب قومي عربي؟
- تعقيب على مقال الوطن القومي للمسيحيين
- أطالب بوطن قومي للمسيحيين العرب
- المرضعات: وعلاوة إرضاع الكبير


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - سورية: ضربة جديدة ضد ظاهرة النقاب