|
لقاء مع الكاتبة والناشطة العراقية د. كاترين ميخائيل
سردار زنكنة
الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 23:16
المحور:
مقابلات و حوارات
الكاتبة د. كاترين ميخائيل: التحقت بقوات البشمركة حباَ بالوطن واصراراَ على محاربة الدكتاتورية حوار : سردار زنكنة ذكرت الكاتبة والناشطة بشؤون المرأة الخبيرة العراقية في مجال النفط د. كاترين ميخائيل انها عاشت منذ نعومة أظافرها بجو أسري ينعم بالحرية وحبه للثقافة والفن والمعرفة ما اتاح لها اكمال دراستها الجامعية خارج العراق ،والمحت ميخائيل الى معاناة العوائل الكردية جراء ما تعرضت اليه من جرائم وتهجير على يد النظام السياسي العراقي السابق ، كما تحدثت ميخائيل من خلال متن اللقاء الاتي عن تجربتها في الجزائر ومفهوم الاغتراب ،فضلاُ عن حديثها عن الابداع ودور المبدعين في تقدم وتطور الشعوب: ِ * كردستان العراق، تركيا (معسكر ماردين)، الجزائر، بلغاريا، يونان، وأخيراَ أمريكا، ماذا تعني لك تلك الرحلات الشاقة والغير مستقرة؟ أ- ولا انا من مواليد كركوك :ولدت سنة 1950 اوائل شهر شباط في مدينة الذهب الاسود كركوك في العراق , وكان ترتيبي هو الثاني بعد اخي الاكبر سفر الذي يكبرني باربع سنوات . والدي كان موظفاً في شركة نفط العراق التي كانت تحت السيطرة البريطانية الكادر المتقدم والاداري من الانكليز . خدم فيها والدي بوظيفة محاسب ولفترة ما يقارب 25 عاماً , وتآثر بثقافتهم كان يتكلم اللغة الانكليزية بطلاقة يحب الموسيقى ، الكلاسيكية منها بصورة خاصة , معجب بالموسيقار بتهوفن وعبد الوهاب وام كلثوم واسمهان , كنت اسمع هذه الاسماء ولكني لا افقه منها شيئاً لكني كنت كثيرة السؤال والاستفسار من والدي الذي لم يبخل علي في ايضاح مالم يتسن لي ادراكه وبصورة مبسطة محببة فكان يشيد بهؤلاء العظام , بحيث خلق لدي مشاعر التعلق بتلك الاسماء والبحث عن قصصهم واعمالهم لاحقاً . أبدأ بهذه الديباجة القصيرة لاعرف في اية عائلة تربيت . كنت أحب العلم والمعرفة منذ نعومة أظافري . بنفس الوقت عشقت الحرية لاني تربيت بنوع من الحرية مقارنة بين الكثير من العوائل العراقية حينها لم يكن والدي يميز بين ولد وبنت هذا أعطى لي حرية أكثر كي أحصل تعليمي في الخارج عام 1976 حتى عام 1982 . الشق الثاني كردستان العراق لماذا التحقت بقوات البيشمركة ؟ إلتحقت بقوات البيشمركة الانصار لحبي لوطني ورفضي للغربة المقيته . إيماني بمحاربة الدكتاتورية التي كانت تتمثل بشخص صدام حسين . بعد ان ضربنا بالكيمياوي بحملة الانفال المبيدة توجهت مع مئات الالاف من العوائل الكردية والبيشمركة الى تركيا في الحر القارس عابرين الحدود العراقية التركية مشيا على الاقدام وطيران النظام الفاشي الصدامي يلاحقنا اينما نذهب . بقيت في معسكر تركيا لاجئين بلا مأوى الموت أخذ يلاحقنا كل يوم يتوفى معدل عشرة من الاطفال والمرضى والكبار السن لانهم لم يستطيعو مقاومة العطش والجوع والسهر وحرارة الصيف القارس . وكنا ننتظر الموت كل ساعة ونحن على سفوح الجبال . وأخيرا انتهى المطاف بي في سورية لاذهب الى السفارة الجزائرية وأوقع عقد للتدريس في جامعة الجزائر وهنا بدأت الكارثة مع الاسلاميين من جماعة عباس مدني عانيت منهم الكثير الكثير الذي يعجز القلم عن وصفه لم تكن حياتي في الجزائر أفضل من حياتي وأنا بيشمركة . لايسرني ان ارجع الى الايام الصعبة اود مسحها من تفكيري إطلاقا .
مكثت مدة عشرين يوما في ضيافة د. حسام وعائلته الى ان استلمت شقة ثانية، في نفس العمارة، في الطابق الثالث، كانت تسكنها قبلي استاذتين احداهما جزائرية والاخرى اجنبية يبدو انهما كانتا تتعاطيان المخدرات، حيث عثرت على آثار للحقن التي تستعمل في زرق المورفين والكوكائين بالاضافة الى انها قذرة ومهملة وهي لا تعطي انطباعا بان شخصية مثقفة وواعية ترضى العيش فيها. استعنت بامرأة لتنظيف الشقة وتعقيمها، واستغرق ذلك اكثر من اسبوع. تعرفت على جيراني في نفس الطابق؛ عائلة جيكية اتكلم معهم اللغة الروسية، كانوا موجودين في الجزائر منذ سنتين لهم تصور كامل عن الوضع هنا وحذروني من جملة امور منها فتح الباب مساء، واكدوا لي انهم اذا سمعوا طرقا على باب شقتي (حيث لا يوجد جرس كهربائي في تلك العمارة) فسوف يستطلعون هم الامر. الاجانب هنا متعاطفون مع بعضهم ومتكاتفين، تربطهم علاقات حميمة. عباس مدني:- هو مسؤول جبهة الانقاذ الاسلامية التي تمثل التيار المتطرف بين الاسلاميين او الاصوليين، وهي المسيطرة على الشارع الجزائري ووجدت لها ارضية خصبة في القرى والارياف وسط الطبقة غير المثقفة. بعد مرور شهر على انتقالي الى شقتي الجديدة سمعت طرقا على الباب، لم افتح. جاري الجيكي فتح بابه وتكلم مع شخص جزائري باللغة الفرنسية وانا استرق السمع خلف الباب فلاحظت تحته ورقة ذات فئة 200 دينار جزائري تزحف الى الداخل! بعد لحظات غادر الجزائري ففتحت الباب وسألت جاري عنه واخبرته بموضوع العملة الورقية التي لا زالت على الارض. ضحك الجيكي قائلا: يدعي الجزائري انك صديقته. استغربت للامر ونفيت ذلك اذ لم يمر على وجودي هنا الا بضعة ايام لكن الجيكي ابدى استخفافه بعقلية اولئك البشر ومدى تخلفهم، واضاف قائلا: ان الجزائري ذكر انك رومية (مسيحية) وتعيشين بمفردك فهذا يعني، في تفسيرهم انك (مومس)! تستقبلين الرجال من اجل المال. واشار جاري بان لا اتأثر لذلك الموقف ولا انزعج منه " فدعيهم يفكرون كيفما يشاؤون "، وكرر نصيحته بعدم فتح الباب قبل التأكد من هوية الطارق. اضطررت الى تحويل سريري من غرفة النوم الى الصالون، الذي كان اقرب الى الجيران، فبمجرد الطرق على الحائط، كانوا يستطيعون سماعي فيهبون لنجدتي حيث ينامون في الغرفة الملاصقة لصالون شقتي. وكل ليلة كنت احفظ رقم تلفون بيت د.حسام (ابو شذى) في ذاكرة الهاتف واضعه عند رأسي، وبمجرد الشعور بخطر داهم كنت اضغط على زر الذاكرة ليرن هاتف بيت د.حسام ليحضر خلال لحظات. لم تكن لدينا صداقات مع الجزائريين، مع ان بعض النساء كن يرغبن اقامة علاقة معنا، لكنهن كن يخشين المتطرفين الاسلاميين جماعة عباس مدني الذين يعتبرون الاجانب اعداء للاسلام فهم يصدرون للمجتمع الاسلامي العادات والتقاليد الهدامة! لذلك اعتبروا كل اجنبي مخرب للبلاد! مرة اخرى تعرضت للاعتداء، في الخامسة مساء، من شتاء نفس العام. روعني خبط شديد على الباب، ركضت حافية من خلال المطبخ وضغطت على زر ذاكرة الهاتف ليرن في منزل د. حسام حيث صعد مباشرة وشاهد شخصا جزائريا فسأله: ماذا تريد؟" اجابه: اريد صاحبة البيت، اريد ان ادخل عندها وادفع لها، رد عليه د. حسام: الافضل لك ان تترك العمارة فان هذه الفتاة انسانة مثقفة محترمة." ترك الجزائري العمارة وهو غاضب. بعد مغادرته فتحت الباب وسألت د. حسام عن الموضوع فرد بسيل من الشتائم واللعنات للاسلامين المتطرفين وعقولهم الضحلة "فهم يدمرون بافكارهم المتطرفة بلدهم." نهاية حلقة رقم يكتب لاحقا ذلك الشتاء، وفي يوم ممطر، بينما كنت عائدة من الجامعة لاحظت رجلا يتعقبني بعد ان نزلت من سيارة الاجرة متوجهة الى شقتي التي لا تبعد عن الشارع باكثر من عشرين مترا. لم التفت اليه ولكني اسرعت بدخول بيت د. حسام في الطابق الاول. لاحظ ارتباكي وسأل: ماذا حصل؟" اخبرته عن الشخص الذي يقتفي اثري. خرج يسأله ما يريده مني: فقال وكأنه هو المغبون: هذه المرأة سافرة! الم تتعلموا بعد اننا لا نوافق ان تعمل المرأة! جئتم هنا، انتم الاجانب، لتخريب المبادىء الاسلامية." عند حلول شهر رمضان دعيت من قبل عائلة عراقية للافطار معهم. خرجت من البيت واستأجرت سيارة تاكسي وعند وصولي الى الشارع المؤدي اليهم وهو يبعد مسافة عشرة دقائق لحقني شاب مهندم، بدأ يسمعني كلمات بذيئة جارحة وهو في حالة من الغضب والهياج حاول ان يخمطني بيديه ناديت صارخة اتركني اتركني . سمعني المارين في الشارع تركني لكني اسرعت الى بيت اصدقائي العراقيين بيت ابو نهلة ، فتركني بعد ان دخلته. وصلت حالة بالغة من العصبية والتوتر، وبدأت اقذف والعن، دون وعي مني، فرد صاحب الدار المرحوم ابو نهلة: يظهر انك قليلة المعرفة بالعادات والتقاليد الاسلامية. فهم (الاسلاميون)، يعتبرون طريقة لبسك منافية لمشاعرهم الدينية!" بالرغم من انني كنت مرتدية ملابس طويلة الاكمام مقفلة الازرار ومريلة طويلة ايضا، اذا ما الخطأ؟ اجابني ابو نهلة: انت متعطرة ولا يجوز ذلك للمرأة في شهر رمضان، فهذا يعني انها مفطرة وتغري الرجال بممارسة الجنس معها!" هذه معلومة اخرى جديدة مفيدة! على الاجنبي ان يتصرف وكأنه مسلم في رمضان! كنت اقوم بواجباتي التدريسية في الجامعة على اكمل وجه، دون ان اصادف اية صعوبات او اشكالات، واقمت علاقة طيبة مع الطلبة، بمن فيهم "الاخوان المسلمين" لاني احترم مشاعرهم الدينية ولا علاقة لي بما يفكرون طالما هم لا يؤذون احدا. لم ادخل في اية نقاشات دينية اذ كان ما يحاذر منه اساتذة الجامعة هو ان لا يتورطوا في مناقاشات دينية خصوصاً في شهر رمضان. من الصعوبات الاخرى، وهي لا تقل عما ذكرته، الضائقة المالية التي عانيت منها، لم تصرف لي رواتبي طيلة العام الدراسي. كانوا يقولون ان ميزانية الدولة تبدأ في الشهر الرابع فما علي الا الانتظار، بدأت بطلب المساعدة من اصحابي وكان ابة زينب ود. شابا قد اسلفني بعض المال كل شهر الى ان حل الشهر الرابع الذي كنت انتظره بفارغ الصبر. لم يصرفوا لي شيئا فقد اخبرني المحاسب ان هناك مشكلة، اذ لا يصدقون انك عراقية فاسمك يدل انك مسيحية، كيف تكونين عراقية وانت مسيحية؟! كل عراقي يجب ان يكون، بالضرورة مسلما. ولكن الذي يحيرني انك تتكلمين العربية بطلاقة وبلاغة!" قلت طالما اتكلم هكذا كيف اكون اجنبية؟" واخذت الاتصالات تجري بين الجامعة والعاصمة مع مدير المصرف وانا ضائعة بين هؤلاء. دخلت على مدير المعهد وبدأت اتهجم عليه: " كيف تكون بمستوى المسؤولية وانت لا تستطيع تسديد حقوق منتسبيك؟ انني في بلد غريب، ليس لدي نقود وليس لدي معارف او اقرباء، كيف اعيش؟ ومن اين؟ الم يخطر ببالك كيف اكون استاذة في الجامعة وليس معي ما يسدد فاتورة الهاتف او ايجار المسكن اويكفي لشراء ما يسد رمقي؟" بقي صامتا مشدوها لا يصدق، فهو لم يعتد ان تقف امامه امرأة، وتناقشه وتعنفه بهذا الاسلوب لانهم يعتبرون المرأة مخلوق من الدرجة الثانية لا تملك الحق في الجدال مع الرجال! ثم اجابني: لو كنت امرأة جزائرية لما استطعت التحدث الي بهذا الشكل. هذه جرأة غريبة لامرأة عربية لم اصادفها في حياتي. انني رجل محافظ لا اسمح مطلقا لامرأة ان تحدثني بهذه الطريقة. هل تعلمين انني عندما اترك المنزل صباحا اقفل بابه على زوجتي ولا اسمح لها ان تفتحه لشخص غريب الا لاخيها فقط! كما لا اسمح لها مطلقا ان تخرج لوحدها!" انه امر مضحك ومبكك في الوقت نفسه، اذ كيف آمل من شخص هذه طريقة تفكيره ان يجد حلولا لمشاكلي؟ يجب ان اعتمد على نفسي. خرجت من عنده وانا اكاد انفجر من الغضب، في اليوم التالي ذهبت عند المحاسب الذي اتصل بمدير البنك المركزي الجزائري فطلبني هذا بدوره، ليطلع على وثائقي ويدقق هويتي. في اليوم الثالث سافرت الى العاصمة لمقابلته حيث بدأ معي التحقيق التالي: هل انت من اب وام عراقيين؟ اسمك يدل على انك مسيحية؟ هل هناك روم (مسيحيون) في العراق وما هي نسبتهم؟ لماذا لم تدينوا بالديانة الاسلامية وبقيتم على تلك الديانة الى الابد؟ ما هي الوثائق التي تثبت انك عراقية؟ وختم اسئلته: انك تتكلمين عربية سليمة!" ناولته دفتر الهوية الشخصية العراقي ومن ثم دفتري والدي. اخذ يدقق المعلومات المدونة وتأكد من انها صحيحة، لكنه لم يكتف. قال ساتصل بالسفارة العراقية لاتأكد منهم هل هناك مسيحيون في العراق؟ ووعدني بانه بعد الاتصال سيوافق على صرف مرتباتي جميعها في بداية شهر ايار. في نفس الفترة اثمرت جهودي بعد بحث مضن، عثرت على صديقتي د.آمال ربيع، بعد فراق دام ثماني سنوات. كانت تعتقد بانني قد استشهدت في كردستان! وبعد جهد جهيد، استطعت الحصول على عنوانها وراسلتها فما كان منها الا ان اتصلت هاتفيا، وهي متلهفة لاستقصاء اخباري التي انقطعت، وكأنني بعثت الى الحياة مجددا. اطلعتها على وضعي المأساوي في الجزائر. واتفقنا على ان توجه لي دعوة لزيارتها في دبي لانني افتقدتها، ومن ثم يمكن ان اجد لي عملا هناك او في احدى الدول الخليجية ضمن اختصاصي. دبي هي بلد النفط واختصاصي هو في صلب الموضوع. ذهبت الى زميلي د. شابا من كرمليس لترتيب امور السفر: فهناك مشكلتان اولها؛ كيفية الحصول على التذكرة؟ ومن الذي يسدد ثمنها؟ اخذ د. شابا مسألة الحجز على عاتقه بواسطة مافيا السوق السوداء المستفحلة في الجزائر، واستطعنا الوصول الى شخص يحجز لنا التذكرة مقابل 1000 دينار جزائري اكثر من سعرها الحقيقي، واقرضني شابا سعر التذكرة البالغ 3000 دينار جزائري، ذهابا وايابا، (خط التذكرة هو الجزائر – القاهرة – دبي والعودة) غادرت الجزائر مع الرفيق ابو فرح احد زملائنا من موستغانم . هبطنا في القاهرة، واشرت جميع الجوازات الا جوازي، فقد حجزت في احدى قاعات المطار لمدة ساعة وزميلي ينتظرني في القاعة الثانية. اجرت سلطات المطار معي التحقيق التالي: هل انت عراقية؟ اسمك يدل على انك مسيحية؟ ماذا تعملين في الجزائر؟ ولماذا قصدت مصر؟ وماذا تعملين في دبي؟ ومتى العودة؟ وماذا تحملين من امتعة؟ هل بصحبتك هدايا وما هي؟ هل تسافرين لوحدك ومع من تعيشين في الجزائر؟ ثم اخذ الموظف جواز سفري لتدقيقه في جهاز كهربائي. بعد هذه الاجراءات اعيد لي الجواز، وخرجنا، انا والاخ ابو فرح، نبحث عن فندق. توجهنا الى شارع طلعت حرب فوجدنا مأربنا في شارع يتفرع منه. حجزنا غرفتين في الطابق الثالث في فندق اسعاره رخيصة، ثم خرجنا نتجول في شوارع القاهرة. لاول مرة ازور هذه المدينة، انها حقا مدينة جميلة ينساب وسطها نهر النيل الخالد، بخيلاء وتؤدة، وعلى شاطئيه انتصبت ابنية فخمة ذات اشكال هندسية تنم عن ذوق رفيع، يشكل معظمها كبريات فنادق العاصمة. نسمات عليلة تضفي على الطبيعة جواً آسر. طبيعة الناس، هي الاخرى، تترك احساسا بالمودة، مما يزيد النفس اطمئنانا وراحة. انتصف الليل وقررنا العودة الى فندقنا، الذي لم نعد نتذكر اسمه ولا اسم الشارع. حاولنا وكررنا المحاولة، دون فائدة، واثناء ذلك كنا نلتقي الكثير من المشردين الذين انتشروا على الارض وافترشوها، فهم بلا مأوى ، تنتقل الشرطة بين تجمعاتهم. شوارع القاهرة تكتظ ايضا، بالشرطة المحلية فيشعر المرء بالاطمئنان لهم، فالابتسامة لا تفارق وجوههم وهم لا يبخلون في تقديم اية مساعدة ممكنة على غير ما هو مألوف عن الشرطة من نزعة عدوانية تجاه المجتمع. الساعة الثانية بعد منتصف الليل ونحن لا زلنا نبحث عن ضالتنا، سألنا احد اولئك الشرطة عم تبحثون؟ اخبرناه بالقصة ونحن نضحك من ذلك التصرف الذي يوسم به اهل القرى الذين يذهبون الى المدينة لاول مرة! ضحك الشرطي ايضا للمأزق الذي نحن فيه واشار علينا ان نذهب معه الى المركز السياحي الخفر بسيارة اجرة على ان نتحمل نحن تكلفتها. اتفقنا, وما ان وصلنا المركز حتى بدأ المسؤول اتصالاته بالفنادق يسأل عن اسمائنا المدونة في سجلاتهم، كانت الساعة قد بلغت الثالثة صباحا عندما رجعنا الى قاعدتنا! ضحكنا على انفسنا بما فيه الكفاية وحذرني الاخ ابو فرح من مغبة افشاء ذلك السر الى المعارف والاصدقاء لاننا سنصبح مادة للتندر. فمن يصدق ان اثنين من اساتذة الجامعة جابوا الدنيا وزاروا دولاً كثيرة يفوتهم هذا الامر! ولكني ما ان عدت الى الجزائر حتى اخبرت زوجة ابو فرح بذلك المقلب مما كان مبعث ضحك وتندر لايام طويلة. حطت بنا الطائرة في دبي، كانت آمال، صديقتي، وزوجها وابنهما عبودي وخادمتهم السيرلانكية في استقبالنا. كان لقاءاً حميماً يا ليته يعود ثانية. عشت معهم في بيت جميل، تجولنا في كل زوايا دبي، ثم ابو ظبي، العين، الشارقة. تعرفت على تلك الامارات ومعالمها مع آمال، كانت قد افتقدتني كما افتقدتها، ولم يتسنى لها اقامة صداقة متينة كالتي كانت تربطنا ايام الدراسة في الخارج. كنا نتشارك في السراء والضراء حيث فرضت علينا حياة الغربة ان ننصهر في بوتقة واحدة، نكافح لكي نحقق طموحاتنا في التحصيل والدراسة. كانت تسعى لان تكون طبيبة ناجحة وانا بدوري اكافح لان اصبح استاذة جامعية. تحملنا الظروف المعاشية القاسية في الاقسام الداخلية وصعوبة التأقلم والفروقات الاجتماعية والسياسية السائدة. كنا نلاحظ التناقضات في السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي، كذلك البيروقراطية التي تنخر في جسد الاشتراكية هناك، كانت كلها عوامل احباط معنوي لم نكن نتصوره، لكن كان علينا تجاوزه للعبور الى هدفنا. كنا نتحدث عن خاليات الايام وذكريات الدراسة في الاتحاد السوفيتي، ومن استرسالنا في الحديث استغرب زوجها لماذا انا في خط المعارضة؟ ولماذا لا ارجع الى العراق؟ ونحن في حديثنا عن الماضي كانت اخبار الساعة تشير الى ان صدام عقد مؤتمر قمة عربية في بغداد حضرها الشيخ زايد. انتقدت تلك القمة وكل القمم العربية التي لا فائدة ترجى منها. لكن الضجيج الاعلامي كان يعطيها حجما اضخم من حقيقتها. استغرب زوجها عصام لهذا العداء السافر ووجهة النظر التي لم يستسغها، قال معلقا: هذه المرة سينتقم صدام من اسرائيل وسيضربها بشدة وهذا مؤشر لما يتحلى به صدام من شجاعة فائقة، انه صنف نادر من القادة العرب هذه الايام،" والحديث لازال لعصام "حيث لديه جيش عرمرم ذو خبرة قتالية نادرة، ويمتلك سلاحا متطورا يحسب له الف حساب." في بلغاريا عندما اكون وحيدة في البيت احس بخطر داهم على حياتي. صاحبة الدار تخوض معارك مستمرة مع اصدقاء ابنها الذين يطالبونها بديونهم عليه، وما من وسيلة امامها غير بيع امتعتها واثاثها لايفاء تلك الديون، قررت ترك ذلك المسكن خاصة بعد ان اكتشفت ان السرقة امتدت الى حاجياتي وامتعتي الشخصية، كنت افتح احيانا، باب المنزل لاجد شباباً امضوا ليلتهم هنا بانتظار اصطياد ديونهم. لكني عثرت بعد مشقة على شقة مكونة من غرفة صغيرة واحدة قريبة من الدكتور احمد مزرعاني. في تلك الفترة تعرفت على استاذة جامعية (بيتا) متخصصة في الاقتصاد، تعمل سائقة تاكسي سألتها: لماذا تمارسين ذلك العمل؟" اجابت انها فصلت من وظيفتها بسبب خطة تقليص العمل التقشف نتيجة الاقتصاد المتدهور في بلغاريا، وهي مسؤولة عن طفلة، وزوجها طبيب، والبطالة متفشية والتضخم الاقتصادي قد احرق كل امكانات البلد الذي كان يفتقر الى النظام. زرتها في بيتها وحدثتها عن امكانية استعمال سيارتها للاغراض التجارية واتفقت مع الدكتور احمد مزرعاني لنتزود من البضاعة التي لديه كل يوم حيث لم يكن بحوزتنا مبالغ تفي بالغرض، كنا نأخذ البضاعة صباحا ونتوجه لبيعها في القرى ونسلمه النقود بعد ذلك. بدأنا منذ خريف 1992 واستمرينا حتى موسم تساقط الثلوج حيث شلت حركتنا فاوقفنا العمل. اقترح د. احمد مزرعاني على فتح شركة خاصة بي، لاحصل على الاقامة الرسمية، ومن ثم نستطيع تشغيل الشركة بمساعدة احمد الذي سيكون هو الممول المالي للشركة. بدأنا الاجراءات الضرورية قرضت 2000 دولار من صديق اخي باسل , احمد العراقي الكردي الفيلي على امل ان تصلني نقود من اخي سلام الذي كان في كندا حينها لاسدد المبلغ واودعت المبلغ في احد المصارف البلغارية، واتفقت مع محامية بلغارية للقيام بالخطوات اللازمة لتسجيل الشركة والحصول على الموافقات الاصولية والقانونية لقاء مبلغ اقدمه لها كاتعاب قدره (300) دولار وهي تتقاضى اجورها قبل بدء العمل واوضحت ان العملية تستغرق فترة الثلاثة اشهر. وادعت بخبرتها الواسعة في ذلك المجال ودفعت مبلغ (300 دولار) لدائرة الضرائب. في هدْه الفترة قدم خالد اخي مع زوجته سناء واولاده الثلاثة كورين 7 اعوام الياس 5 اعوام مارك عام واحد وسكنو معي في نفس الشقة وهم بامل الهجرة الى كندا . بعد مضي وقت ليس بالقصير ولدى الاتصال بالمحامية البلغارية التي تتولى تسجيل الشركة ، بدأت عملية ابتزاز، فقد اشارت الى انها تحتاج الى مبلغ (500) ليفا، زيادة عن الاجور المقررة ولدى الاستفسار عن النتيجة النهائية كانت تخبرني بانها بانتظار قرار المحكمة، الذي كنت اترقبه ببالغ الصبر، وهو على وشك الصدور. وحدثتني بلغة التهديد المبطن، واوحت بانها ستترك الامور معلقة هكذا اذا حاولت استفزازها. خرجت من مكتبها غاضبة وصفقت بابه بقوة دون توديعها. تملكتني الحيرة، كيف استطيع الخروج من ذلك المأزق. اتصلت بصديقة لي بلغارية تربطني معها معرفة بسيطة ودعوتها عندي لشرب القهوة وحدثتها بالامر، فاتصلت فورا بصديقتها في المحكمة وطالبتها بتسليم قرار انشاء الشركة لي. وفعلا نفذت ذلك في اليوم التالي. ذهبت مباشرة بعد ذلك الى المحامية ومعي قرار المحكمة فتفاجأت واستغربت كيف حصلت عليه واعتبرته خرقا لقرارات الدولة. فالمحامية هي المكلفة باستلام مثل تلك المستندات، استرجعت منها كافة المستمسكات الخاصة بتأسيس الشركة وشعور من الزهو والانتصار يغمرني. لقد حاولت استغلالي لانني اجنبية اجهل قوانينهم وهذه سمة البلغار حينها ، فهم يحاولون استغلال وابتزاز الاجانب الموجودين في بلدهم بطرق غير مشروعة وباي شكل من الاشكال والشعور السائد عندهم هو ان وجود الاجانب في مجتمعهم يساهم في تخريب اقتصادهم الوطني والعكس هو الصحيح. في شتاء 1993 فكرت في فتح دكان صغير انا واخي خالد لتأجير اشرطة الفيديو وبيع المشروبات الغازية والكحولية، اقترضت مبلغا من احمد العراقي بعد ان سددت المبلغ الاول وباشرت العمل الذي كنت ابدأه في التاسعة صباحا وحتى السابعة مساء، اما يوم استراحتي فهو الاحد فقط. تفرغت كليا لذلك النشاط فكنت اعمل بجهود استثنائية في عز البرد لا تحميني اية وسيلة للتدفئة ولا ارتدي في قدمي الجزم الواقية من البرد والثلج. كانت اجور الكهرباء باهظة فاضطر للاقتصاد بكل شيء، علني افلح في جمع قليل من النقود، وآمل بان ذلك العمل ذو المردود المتواضع، ربما سيتحسن مستقبلا وخاصة في موسم الصيف. في الثالثة من بعد ظهر احد الايام الشتائية الباردة دخل شاب اسمر، نحيف، طويل القامة، يحمل في يده حقيبة يدوية صغيرة ويرتدي بنطلونا اسود وقمصلة حمراء داكنة. سألته باللغة البلغارية عن مبتغاه فلم يفهم وحاولت معه بالانكليزية فاجابني بانه ينتظر اصدقاءه، ولكن هيأته وملامحه بدت غير طبيعية، فتحت باب المتجر، بالرغم من برودة الجو، ورجعت اجلس خلف منضدة صغيرة وعيوني شاخصة الى الشارع الذي كان خاليا من المارة وسط تلك الاجواء الباردة، فضلا عن انه في مثل هذا الوقت تهدأ الحركة في الشوارع. كنت ولاكثر من ثلاث دقائق يقظة لما يمكن ان يبدر منه. تناول قنينة بيبسي زجاجية كبيرة ووضعها امامي على المنضدة. وقفت على قدمي، فوضع يده في جيبه، اعتقدت انه سيناولني ثمن القنينة، لكنه عوضا عن ذلك فاجأني بسرعة خاطفة بعلبة نفخ رذاذها في وجهي. امسكت يده اليمنى التي كان يرش فيها الغاز محاولة ابعادها عني ولكنه تعلق بيدي الاخرى محاولا سحبي باتجاهه فاطلقت صرخة عالية. وفجأة وجدت ان عيني اليمنى قد اقفلت، كما شل لساني وحنجرتي، ولما حاول انزال قنينة البيبسي الزجاجية فوق راسي امسكت يده بقوة وقفزت فوق المنضدة بالرغم من انه كان قد اطبق على كلتا يدي ولا مجال للمقارنة بين قوته العضلية وقوتي، وجهت له ضربة عنيفة من قدمي كيفما اتفق دون تحديد، فخر ساقطا على الارض. اندفعت الى خارج الدكان اصرخ في طلب العون، فولى على اثرها هاربا. رأى المشهد سائق سيارة اجرة فاسرع في اثره وتمكن من القاء القبض عليه، وعندما امسك به فتش حقيبته اليدوية فوجدها فارغة، رجع الي السائق قائلا انه لم يسرق منك شيئا فانا فتشته. لم يفهم من حركاتي وكلماتي المتعثرة ما حدث لي بالضبط. عدت عندها الى المحل، وكان بداخله مبلغا قدره 200 ليفا لم يسرقها. دخلت عند الجيران اصرخ وعيني اليمنى مقفلة، كنت اتحدث اليهم بالاشارات وافهمتهم بانني تعرضت الى هجوم، فاخذوني الى الحمام ونصحوني بان اغسل وجهي جيدا وسقوني مشروب كحولي بلغاري – ركية – وقاموا بتدليك يدي. مكثت عندهم حوالي النصف ساعة وبعدها اقفلوا المحل واتصلوا بالشرطة التي وصلت بحدود السادسة مساء، في سيارة يستقلها اثنان من افراد الشرطة يوحي منظرهما كانهما اصدقاء جاؤوا للزيارة اكثر من كونهم من سلك الشرطة. بدأوا معي تحقيقا شفهيا دون ان يكلفوا انفسهم كتابة مجرد جملة واحدة، علما بان آثار الاعتداء كانت واضحة من عيني التي يسيل منها الدمع بغزارة مصحوبة بتورم وصعوبة الكلام . نصحوني بغسلها بالماء الفاتر وايدوا اسفهم من عدم استطاعتهم قطع دابر المجرمين والقضاء عليهم ومكافحتهم باساليب وتقنيات قديمة. حتى سياراتهم هي من الطراز القديم ووضعوا كل لومهم على الدولة التي تساهم بطريقة او اخرى في تصاعد وتائر الجريمة في بلدهم، دون ان تبدر منهم اية اشارة للتعاطف معي او ارشادي الى ما يمكن عمله اذا تكرر الامر مستقبلا. لم اكن استطيع مناقشتهم خوفا من قيامهم بطردي من بلدهم او عدم تجديد اقامتي ثانيا لم استطع التكلم لتعثر لساني من الورم من اثر الغاز الذي وجه على وجهي من المعتدي . لم ابلغهم عن شكوكي في ان السفارة العراقية قد تكون وراء الحادث ولم افصح عن هويتي كوني انتمي الى المعارضة العراقية فموقف الحكومة البلغارية المعلن، كان عدم اتخاذ موقف ملزم بتوفير الحماية للمعارضة، وسياستهم هي ان المعارضة يجب ان تزاول نشاطها على الساحة العراقية لمحاربة نظام الحكم. سكت رغما عني واذهلني ان لا اجد من يمد يد العون لي في مثل تلك الظروف الحالكة. رجعت الى مسكني واويت الى فراشي دون ان يغمض لي جفن فالحادث وصورة ذلك الشخص لم تفارقني طوال الليل. جاء لتفقدي كل من الدكتور احمد مزرعاتي والدكتور هلال احمد العراقي صباح اليوم التالي ونصحوني بالراحة واستمرار تنظيف عيني بالماء. ازاء ذلك بدأت افكر ببيع المحل والتخلص منه. بعد ايام تكرر الاعتداء علي في محل عملي نفسه، حيث دخل شابان يدل شكلهما انهما من الغجر البلغار وسرقوا عددا من الاشرطة ولدى مطالبتي لهم بثمنها لوح لي احدهم بورقة نقدية فئة 50 دولارا. قلت انا لا اتعامل الا بالعملة البلغارية. دخل اثناء النقاش احد الزبائن من الجيران لشراء قنينة من الكحول البلغاري (ركية) وطلبت منه البقاء في المحل، لكنه خرج واغلب الظن انه لم يفهمني، فشهر احدهم سكيناً يهددني بها وانسحبا مهرولين دون ان يدفعا لي شيئا. لم افكر بالخسارة المادية، فالامر يبدو انه محاولات متعمدة لمحاربتي او الاعتداء علي. كرر احمد نصيحته لي ببيع المحل وكان هذا هو الحل الامثل لتسديد ديوني اولا ومن ثم التخطيط لمغادرة بلغاريا. تخلصت من الدكان حين تقدم مشتر، فوافقت بسرعة على عرضه وفي نفس الوقت ارسلت استمارة طلب اللجوء الى السفارة الكندية في يوغسلافيا لعدم وجود سفارة في بلغاريا. رفض طلبي . توجهت الي اليونان وعملت في اليونان مترجمة مع منظمة إعادة تأهيل ضحايا التعذيب وسكنت مع الدكتورة ماريا كلي مدير هذه الدائرة تعلمت الكثير من ماريا عشت في اُثينا حوالي إربعة سنوات حتى جئت الى أمريكا . جئت بزيارة الى امريكا اثناء زيارتي ارسلت جوازي اليوناني الى السفارة اليونانية كي يمدد ستة اشهر لكن فقد الجواز في البريد وبقيت بلا وثيقة ولا إقامة أقرع أبواب المحامين والمنظمات الانسانية لنصيحة ما الجميع نصحوني ان أطلب اللجوء السياسي ولكن اخفي لجوءي السياسي في اليونان لكن رفضت المقترح لاني لم أكذب . ووقفت امام المحكمة وأخبرتهم عن منحي الحكومة اليونانية وثيقة سفر سمحت لي بحصول فيزا أمريكية ومن هنا بدأت كل مشاكلي في أمريكا فترات يكون لي رخصة عمل وأعمل بها وأخرى بلا هوية عمل واصبح اتناطح مع المحامين ومع العمل ومع مصاريف الحياة اليومية الغالية في واشنطن العاصمة حتى حصلت على كرين كارت قبل أشهر فقط . كانت حياتي في واشنطن منتهى الصعاب مع العمل السياسي في واشنطن . * أنت كاتبة ومناظلة عانيت من الأضطهاد ( منذ كنت في الثالثة عشرة ) من عمرك، واعتقلت بتهمة ايصال البريد الى والدك الى السجن، والمحن توال عليك منذ كنت مع قوات البشمركة حتى عام 1987 وهروبك من معسكر ( ماردين ) بتركيا الى سوريا والمعاملة التي تلقيتها على يد متطرفين في الجزائر بعد حصولك على عمل تدريسي في جامعة الجزائر، ماذا أضافت لك أيام المحن وسنيين الغربة؟ اولا : الغربة أصعب مدرسة خضتها في حياتي منذ عام 1976 حتى يومنا هذا . غربة الدراسة رغم صعوبة اللغة وصعوبة دراستي لكني اجتزتها بنجاح لاني جدية في الدراسة الدراسة أسهل شئ في حياتي . لانها أسهل من تحمل المسئولية . أقرأ ما في الكتب وأذهب أمتحن . بينما العمل السياسي أصعب بكثير يحتاج الى ذكاء , نباهة , دبلوماسية احيانا واخرى مد وجزر الشاطر من يعرف ان يشخص متى المد ومتى الجزر .
* بعد كل هذه السنوات من الغربة، كيف تطل د. كاترين على المشهد الأبداعي العراقي؟ - الحياة كلها مدرسة إلابداع وإذا توقف الابداع توقفت حياتي وأصبح إمراة عجوز تنتظر الموت . شريان الحياة هو الابداع وشريان الابداع هو الحياة شيئين متلازمين . الان أحس إني ابدع في عملي وابدع في قلمي الذي يجعلني اواصل مع ابناء شعبي . هناك من يقبل أرائي والاخر يعارض لكن هنا هي حكمة المثقف كيف يوصل صوته الى الجمهور . أبقى تلميذة أتعلم وأتعلم من جمهوري بشكليه المؤيد والمعارض . في الدول المتطورة يقيم ويشجع الابداع لكن في عراقنا المذبوح يقتل ويعذب ويختطف المبدع لذا نرى العراق يتراجع الى الوراء . بفضل الحكومة الدكتاتورية السابقة وزادت الطين بله الحكومات الهشة التي جاءت بعد نيسان 2009 كلها حكومات مصالح ذاتية وسرقة أموال الشعب بطرق شرعية وغير شرعية قلة قليلة منهم لم تتلوث يداهم بأموال الحرام وأيتام العراق يقتلون والحكومة ليست ليست إلا موقف المتفرج حتى جاءت القوات العسكرية القسم الكبير منها أثبت وطنيته بتهزيم القاعدة من العراق . أتمنى أن يرجع العراق ويحترم الابداع ويشجع المبدعين لنرجع نركب موجة العالم المتحضر المتمدن . * وكيف رأيت الغربة؟ وكيف تعيشها اليوم؟ وكيف ترين العيش هناك؟ - الغربة تعيسة ,قاسية , متعبة , خداعة , كذابة , حافية , مؤلمة , حافية , وقحة , قبيحة الغربة كلمة واحدة لكنها إمرأة حامل بعشرة أجنة تلد كل جنين بين الحين والاخر والحبل السري يلف على عنق الجنين في إطلاقة لمولود وبعملية جراحية يخرج الطفل من بطن امه . وتتكرر العملية طيلة حياة المغترب دون توقف . أقول هنا ليس كل مغترب لديه نفس الاحاسيس ونفس الشعور تجاه وطنه وبلده . أحيانا ينصهر المغترب بالوضع الجديد وتنتهي علاقته مع الوطن الام لم ألومه ايضا لانه فضل العيش والانقطاع عن حياة وطن الام وهذا حقه . لكن أنا لي حقي على هذا الوطن أيضا الذي لم استطع نسيانه ويذكرني , كان ايلول يوم 9 أيلول 2006يوما تاريخيا قدريا فى حياتى أنها ألمرة ألأولى ألتى اهبط على ارض مطار بغداد ألدولى غير خائفة ولا مرتعبة أن يلقى جلاوزة صدام ألقبض على وصلت بغداد ألحبيبة أخيرا بعد ان تركت وطنى مرغمة قبل ثلاثين عاما . أعوام طويلة مريرة و رحلة طويلة الى ألمجهول فى أصقاع ألعالم المتعددة قاسيت ما قاسيت من المعاناة والغربة والتشرد والجوع والحرمان وفقدان الاحبة واقرب الناس لي هم والدي 1982 واخي باسل 10 نيسان 2005 لم احضر حتى مراسيم دفنهم . هبطت الطائرة بى في مطار بغداد وحياتى تمركشريط سينمائى أمام عينى في تلك اللحظة حضر اخي باسل بروحه معي وقلت له اناألأن في بغداد . دخلت باب المطار وامام جمع غفير من المسافرين ركعت وقبلت ارض المطار وشعرت اننى عد ت أخيرا كالطائر ألمتعب الى وطنى الذي اعطيته ومازلت اعطي الغالي والنفيس من حياتي و وجودى كله . متشوقة ومصممة على كشف جرائم ألطاغية توجهت الي المنطقة الخضراء , قلت للشخص الذي إستقبلني : ضعني في أى مكان بسيط حتى ولو كان مجرد خيمة فأنا لن أعترض. هكذا أديت مهمتي الصعبة وأنا في قمة السعادة ورجعت الى بيتي للغربة ثانية .
* بين الكتابة وتخصصك في هندسة النفط، الى أيهما تميلين؟ وكيف بدأت مسيرتك مع الكتابة؟ ج: ذكرت في رسالتي الانسانية إني دخلت عالم السياسة منذ طفولتي مع دراستي نلت شهادة الماجستير والدكتوراه بتفوق والعراقيين والعرب الذين حضروا جلسة الدفاع ممكن ان يقيموا هذا الموضوع لكن قساوة النظام الدكتاتوري جعلتني أبتعد عن إختصاصي وهو هندسة النفط إين أستطيع أن أعمل بالنفط وبلدي اب وأم النفط . الان بودي ان أخدم بلدي سواء كان في مجال النفط او مجال المجتمع المدني كلاهما خدمة لهذا الشعب المنكوب . توجهت الى الكتابة لاعبر عن غضبي تجاه ما يحصل لابناء شعبي الابرياء الحروب قتلتهم وأتعبتهم ,أرهقهم الحصار ولازال الشعب يعاني كان دمي يحترق وأرتباطي لم يقف يوم واحد عن مواصلة أخبار الوطن . أشعر إني أخدم وطني سواء عن طريق القلم أو عن طريق العلم . * هل من مشاريع ابداعية في الأفق؟ ج: مشروعي الرئيسي أستمر أكتب قضايا المرأة العراقية ومن ثم المرأة في الشرق الاوسط . ليس لدي مشروع أخر . كتبت مذكراتي وأنوي نشرها على شكل كتاب . * كلمة أخيرة؟ ج: يستقر العراق ويرجع يعيش الشعب بأمان وسلام وأرفع شعاري داما وأبدا "كلنا عراقيون وللعراق ننتمي .
#سردار_زنكنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع الكاتبة العراقية فاطمة الفلاحي
-
لقاء مع الكاتب والجغرافي الدكتور شاكر خصباك
-
أصدقاء مثقفين كثيرين للكورد وذلك نحن اقل مانكرهم (د. شاكر خص
...
-
حوار مع الأذاعية ميسون البياتي
-
حوار مع القاصة وزنة حامد
-
حوار مع الشاعرة فينوس فائق
-
دور البنيوية في مسار النقد الأدبي الكوردي
-
حوارات هدامة أم حوارات بناءة
-
حوار مع الكاتب الفلسطيني د. احمد أبو مطر
-
حوار مع الشاعر لطيف هلمت
-
حوارمع غادا فؤاد السمان
المزيد.....
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|