|
19 يوليو 1971
المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)
الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 23:16
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
بعد مقدمات و قراءة تاريخية تبدأ من أحداث مارس والجزيرة أبا كتب الاستاذ تاج السر عثمان إن النضال العسكري مكمل للنضال الجماهيري ثم إستعرض من وجهة نظر الحزب الرسمية واللجنة المركزية تاريخ إنقسام الحزب عاقداً إنقسام الحزب بميزان الديمقراطية والديكتاتورية وبعقد المؤتمر التداولى في أغسطس 1970 والذي أعتقد إنه كان جزءاً من حالة الإنقسام حينذاك وليس مخرجاً منها، حيث يأخذ رأي حزبنا الموقر ذلك المؤتمر فيصلاً في ما جرى وهو بعض ماجرى. وهو ما لا يشجع على توحيد صفوف الشيوعيين في السودان، ولا على تقوية صفوف التقدميين، خاصة وقد أهمل السرد مواقف أغلبية قيادات المنظمات الجماهيرية وسط النساء والشباب والعمال التي سيرت موكب يونيو وعقدت مؤتمر القوى الإشتراكية مع الحزب الشيوعي وسلطة مايو في محاولة لتوفيق الأراء ولكن تصلب الجانبين الرئيسين المدنيين والعسكريين أودى بالمشروع التقدمي أكثر مما علته أخطاءهما الأخرى، وهو رأي رفعته بالصفة الحزبية ولم أزل أرفعه ولكن ..، كذلك جاء مؤتمر القوى الإشتراكية العربية "مؤتمر الفكر العربي " مسرحاً لتعنت الطرفين المنقسمين أصلاً ولصراع البرجوازية الصغيرة في الحزب، وفي الدولة (الثورة).
مسألة تكميل العسكريين لدور النضال الجماهيري تتجاوز إستخلاص درس أساس أغفله السرد الضيق لتاريخ التحولات السياسية في السودان سواء التحولات التقدمية الإتحادية في 1924 أم التحولات السياسية الرجعية في سنة 1948 حين بدل قوة الإستعمار العسكرية نفوذ التيار التقدمي في السياسة بنفوذ الشيوخ وأرباب القبائل ومن والاهم، ثم في مذبحة جودة العسكرية ضد نضال المزارعين في النيل الأبيض سنة 1956 وفي السنوات بين 1958 -1964 أيام الحكم العسكري الأول بقيادته اليمينية الصرفة الموالية للرجعية والإستعمار الحديث ودور العسكريين التقدميين الأصيل مع النضال الجماهيري في إجبار الطغاة على الإستسلام لإرادة التاريخ، بينما كان الشعب السوداني يعاني العطش في كردفان والموت في الجنوب والإهمال في جبال النوبة والشرق وأكثر الشمال إلا القلة المدينية والسياسية الواعية في المركز ومدنه، ومن ذات عناصر التى تغلب البرجوازية الصغيرة في تكوينها!
كذلك فإن سرد تاريخ النضال ضد سلطة مايو إبان ثوريتها وإبان تقدميتها وإبان رجعيتها ثم إسلاميتها يدل وبقوة نضال الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة البطل الشهيد (العقيد) د. جون قرنق دي مابيور مع النضال النقابي والجماهيري في المدن ومراكز التسلط إن النضال العسكري والنضال السياسي ضروريان لبعضهما لا ينفصلان إلا لينهزم أحدهما وينتصر التيار العدو للنضال وللتقدم الإجتماعي المتناسق الأهداف والأفكار والأعمال، لذا فإن طرح مسألة ("الرئيس" و"المكمل") وهي من المسائل التي تفسد تكوين أي جبهة نضالية على غير أساس السوية بين أطرافها والتقرير المشترك لشعاراتها وأعمالها ، أمر يقع ما يقع فيه الرأي القديم االأحادي الذي أودى بنا إلى مهالك اليوم .
تذبذبات المدنيين في حزبنا كانت سبباً في فشل جزء كبير من نضالات العسكريين الديمقراط والشيوعيين، خاصة في الرؤية إلى طبيعة الجبهة الوطنية الديمقراطية وإرتقاء مهامها حسب الطبيعة السياسية الماثلة ، مما أدى إلى فشل مشروعين تقدميين خلال فترة وجيزة أقل من ثلاثة سنوات إنفتحت بعدها الساحة الإعلامية والجماهيرية والسياسية أكثر من أربعين سنة لتبرطع فيها قوى اليمين بالتأمر والفصل العسفي وبيوت الأشباح والإرهاب وحروب التطهير الثقافي والعرقي وبيع السيادة الوطنية وتقسيم الوحدة الشعبية وتقطيع وحدة البلاد.
من المعروف إن "ديمقراطية" كنظام لسيادة لمصالح الشعب لا تتحقق بالنظام الإقتصادي-الإجتماعي الذي يفرض الظلم الطبقي، والظلم الإقليمي، والظلم في النوع| الجندر والظلم الثقافي المركب من كل هذه المظالم الكبرى فرضاً (بقوة القانون) وهي بالضبط قوة القمع الإقتصادي، وقوة القمع العسكري، وقوة القمع الإعلامي الثقافي، لذا فإن الربط بين إزالة هذا النظام والتمحور في (إنتقاد) جرائمه بجريدة ممنوعة، لا يؤدي إلا لأن نفقد كل شيء جميل تحقق لوطننا منذ الثورة المهدية واحداً تلو الآخر وإلى إن نفقد نفقد وحدة بلادنا كنتيجة لتفكك شيء، وحتى ما يتبقى منها فلمصلحة الإستثمارات والتهجيرات الأجنبية لتغيير البنية السكانية في السودان ليكون إسرائيل الإسلام السياسي في المنطقة على مذهب "المؤتمر" و"الشراكة الإستراتيجية" معاً، أي يتحول إلى محطة طخ ومنجم ومجتمع إستهلاك فقير أكثر بنيه لنازحين أو لاجئين أو مغتربين تسوده ثقافة القيم الرجعية اللإيمان الديني، والقيم الإستغلالية في الإقتصاد، وإعلام التجزئة والتهليل، ويرفل فيه أعداءنا الطبقيين يلقون أيادي الناس في الهلاك بربا العمل، وربا المال، وربا العلاقات الدولية.
خلاصة: كنت اتوقع بياناً في ذكرى 19 يوليو 1971 المجيدة الباسلة ينظر فيه حزبنا إلى أخطاءه هو في الفصل والتمييز بين النضالين السياسيين: العسكري والمدني الضروريين معاً لحياة أي شعب يتوق إلى الحرية من بؤس الحاجة وفظاعة التكالب، وإنحطاط التفتيت والبيع في سوق النخاسة الإمبريالية، وكنت أتوقع أن يتضمن ذلك البيان إقراراً بأن الفشل هو مصير أي سياسة تفصل نضال المدينة الجماهيري السلمي لأجل حريات التعبير والتنظيم عن نضال الريف العنيف الثوري لا لأجل لقمة الحياة بل لأجل أن يكون إنسان الريف باقياً على قيد الحياة، .ولكن...
ومع ذلك فيا حسرة أن لو كان ضباط يوليو 1971 لهم قدر ولو قليل من الدموية، لما كانت كل هذه الدماء تسيل في بلادنا بعد إعدامهم تبكيهم أنهارا وأنهاراً، ولما تقطعت بلادنا وأكباد أكبادنا مثلما هي تتقطع اليوم ونحن نرى تجار الدين والأمريكان يلعلون ببرأءة الذمة عن التمزق حتى إن رئيس البلاد يقول -بعد 21 سنة من حكمه المتجبر الإستغلالي المستبد- إن الوحدة بحاجة إلى مشروعات تنمية!؟ وإنه...إلخ، ولا يجد بياناً من حزبنا من يدين كلامه!!؟
رغم وحدة القضايا العامة في السودان، إلا لأني من جيل وظروف مختلفان عن تجربة جيلكم بكل مسالبه ومكارمه، يمكنني أن أقول نحن الآن في بلادنا وحزبنا أشد ما نكون حاجة إلى راية يوليو 1971 الحمراء الخفاقة وأبطالها العسكريين الشهداء وروحهم الثورية الوثابة القافزة خور التخلف والإستغلال بعمود القوة العسكرية، ونحن الآن بحكم التجربة المرة والأليمة والفادحة والشنيعة أشد وعياً ومضاءا وعزيمة للإعتراف بحق العسكريين شركاء أصيلين في تقرير مصير هذا الوطن لا مجرد مكملين لنقصنا في العتاد والتنظيم، بل هم أصلاً ودون أي رأي ، شركاء أصيلين معنا ومع كل كادحي السودان وقواهم السياسية في جبهة تقدمية واسعة نحو كينونة وطنية ديمقراطية خيرة افضل من التي إنكسرت قبل 40 سنة ، ولبناء إشتراكية بين الناس -بشتى طبقاتهم الكادحة، وشتى أقاليمهم، نساءاً ورجالاً وأجيالاً- في كافة موارد الحياة وثروات الكدح في وسائلها وسلطات تنظيمها، إشتراكية علمية أفضل كثيراً من التي كانت في إتحاد الجمهوريات السوفييتية، ومن القائمة حاضراً مشرقاً في الصين، ومن التي تنمو في جنوب أمريكا، ومن وميضهافي بعض نواحي أوربا أفريقيا.. حاجتنا اليوم في مشروعنا الوطني الديمقراطي إلى روح وثبتهم تلك في يوليو إنها كانت خفاقة حمراء تشحز الهمم.
من: سيذكرني قومي إذا جد جدهم *** وفي اليلة الظلماء يفتقد البدر إلى: فأضحينا يا تاج السر بلا سيف ولا كتب
غلطان الحزب الجم سلاحه وخيله تناهد
#المنصور_جعفر (هاشتاغ)
Al-mansour_Jaafar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التأثيل (1)
-
نقاط في تحرير القيمة التاريخية لعَبدُه دهب
-
ليبرالية الورى والدنيا في دولة الإنجليز وفئآتهم العليا(3)
-
ليبرالية الورى والدنيا في دولة الإنجليز وفئآتهم العليا(2)
-
ليبرالية الورى والدنيا في دولة الإنجليز وفئآتهم العليا (1)
-
ليبرالية الورى والدنيا في دولة الإنجليز وفئآتهم العليا
-
تقاسيم الورد على الغناء المنير
-
الهامش .. بين المركزية الأوربية و المركزية الأفريقية
-
ضعف مقالات كوش وقوتها
-
بسم الله
-
آن أوان الفرز والتنقيح .. -الحوار المتمدن- وضرورة التأسيس ال
...
-
في -نهاية النقود ومستقبل الحضارة-
-
إشراقات على صفاء باريس
-
ستون عاماً من النضال الشيوعي في الصين
-
الهرم: أحمد السيد حمد
-
ضد الليبرالية: نحو نظام إشتراكي عالمي
-
دليل المخابرات …(المؤرخ) توينبي مساح خُطط (حضارة) رأس المال
...
-
عناصر لقاء ناجح بحضرة الأستاذة فاطمة الزهراء
-
يا أم المساكين
-
لأستاذ إسماعيل العتباني
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|