صلاح البياتي
الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 20:10
المحور:
الادب والفن
زمنٌ ينزلُ كالمقصلهْ
بشفرتهِ الحادةِ اللامعهْ
يقطعُ أحلامنا الشفيفةِ الى نصفينِِ إثنينِْ
نصفٌ نعتاشُ عليهِ،
نمضغهُ لما تبقى لنا
ونصفٌ نُخبئهُ تحتَ وساداتِنا
علّهُ يستفزُ فينا ذاكرتنا
التي جفَّ نبعُها
ويَبُسَ ربيعُها كقطعة تينْ
فألى مَ يَشدُّ أمرؤ القيس
"نجومهُ بأمراسِ الكتّانْ"؟ *
والى مَ يُخفي عنّا أصابعَهُ
التي عضّها ندماً؟
أيوهمُنا "الملكُ الضليلُ" **
أنّ الغمامة البيضاءَ
التي تُظلّلُ شَعرَهُ المصففْ
ولحيتهُ المشذبة
غبارَ المعاركِ والترحالْ؟
وإنّ الغضونَ التي في وجههِ الجميلْ
جروحَ شجاعةٍ ونَزَقْ؟
أيوهمنا أنّ كأسهُ الفارغةُ
كانت للتوِ ملئى بالخمرْ؟
وأنّ نهمهُ للنساءِ
ليسَ لهُ حدودْ؟
مازالَ يقصُّ علينا حكاياتِهِ
كشّابٍّ لم يبلغِ الرُشدَ بعدْ
ومازالَ يؤكّدُ جازماً
إنّ العنّةَ التي لديهِ محضُ إفتراءْ
*****
زمنٌ ينزلُ كالمقصلهْ
بشفرتهِ الحادةِ اللاّمعهْ
يقطعُ أحلامنا الشفيفةِ الى نصفينِ إثنينْ
نصفٌ نتندرُ عليهِ
ونصفٌ نخبّئهُ في ذاكرتنا السحيقهْ
فيطويهِ غبارُ النسيانْ
أو نخفيهِ في قلوبِنا شوقاً
فتسحقهُ السكتةُ المفاجئهْ
كلُّ قناني الاوكسجين المشبّع
ما عادتْ تُنقذُ أيامنا
من نهايتِها المحتومهْ
والأوراقُ القديمةُ المتهالكةُ
التي سطرناها يوماً
ونتركُها الآنَ خلفَ ظهورِنا إرثاً،
أكداسُ دفاترنا المسمّرةِ
الموبوءةِ بالعَثْ
وبرائحةِ زمنٍ ولىّ،
المتورمةُ بأحلامنا البسيطةِ
وأمانينا المقتولةِ
وأيامنا التي سُفحتْ
من رقابها بلا كرامهْ
كشاةِ كرنفالٍ خالطَ نجيعَها الترابْ
لا تصلحُ لأيِّ شيءْ
لا...
بل إنّها تصلحُ للنار
في ليلةٍ شتائيةٍ باردهْ
...............
*عن أحد أبيات معلقة إمرىء القيس "بتصرف"
**إحدى ألقاب أمرىء القيس الشهيرة
#صلاح_البياتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟