أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 11 -














المزيد.....

الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 11 -


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 20:09
المحور: الادب والفن
    


إنسجمت بسرعة فائقة وبسهولة غير عادية مع مهنتي الجديدة ككاتب عمومي كما أن تلك الأسرة
صاحبة المكتب إرتاحت إلي وكانت سعيدة بما كنت أدفعه لها كل مساء وهو نصف المدخول كما هو
متفق عليه بيننا وكما هو معتاد بخصوص هذه المهنة. كنت أمينا ومجتهدا أيضا بما فيه الكفاية لكي
أحقق مردودية جيدة . وبطول المدة التي كانت تتمدد أياما فشهورا بوتيرة مسرعة إزداد عدد الزبناء .
فقد كنت أتعامل معهم بصدق وعطف شديدين . وأفكاري الثورية زادت من ثقة الناس بي . وأصبح
مكتبي قبلة لكل المظلومين وأحيانا كنت أتقاضى ثمنا رمزيا وأخرى أخدم الفقراء مجانا. لكن بعض
الإنتهازيين كانوا يغتنمون الفرصة بسوء نية إستغلالا لعواطفي المتعاطفة مع البؤساء من شعبي
فكانوا يرونني كما لو أني مغفلا مما جعلني ذلك أحتاط من مكرهم وخبث نواياهم.
لقد جعلتني هذه المهنة أطلع بشكل واسع على مأساة الناس وأعايش عن كثب مشاكلهم ومن
خلال الحالات التي تعرض علي بشكل يومي بدت لي آفات المجتمع كارثية . وكان ذلك ينعكس
على كتاباتي المهنية والإبداعية على السواء . لكن هذ ه الآفات زادت من متاعبي النفسية إذ كلما
تعاطيت مع إحداها تصيبني بحزن عميق أظل على إثره مهموما ومعكر المزاج وعصبيا دون أن
يكون لذلك موضوعا محددا في ذهني . كانت مشاكل الناس تؤثر علي بشكل فضيع وينعكس
ذلك على بيتي وعلاقتي بأسرتي التي هي أيضا أصبحت أسرة جديدة . فكنت ألتجيء إلى الخمر
لأنسى مصابي فيزيد تعاطيه من مأساتي فأنفجر منتقدا سياسة النظام الذي أصبحت منبوذا
في نظره أكثر من ذي قبل . كنت غير قادر على تحمل الوضع ولسيما والأمور لم تكن عادية أو
مقبولة نتيجة للتجاوزات الخطيرة التي كان يقترفها بعض رموز النظام السياسي في البلد دون
أي اعتبار للقانون أو لحقوق الإنسان المعمول بها عالميا . فزدت تمردا على الأوضاع التي كانت
تنتن أكثر فأكثر آنذاك.
فاجأني ذات يوم حضور عون المحكمة لمكتبي يطلبني كي ألتحق بمكتب السيد وكيل الملك.
ذلك كان بسبب شكاية حررتها بطريقة مزعجة باحتجاجها بالنسبة للمسؤولين فحضرت للتو ومثلت
أمام المسؤول القضائي الذي من حسن حظي كان رجلا نبيلا . وكان معه بالمكتب عدد من
النواب . بادرني بالسؤال التالي / من تكون أنت حتى تشير علينا بما يجب اتخاذه من قرارات ؟/
قلت وقد إستبد بي الخوف والقلق / لست ياسيدي إلا كاتبا عموميا أنقل ما يصرح به الزبناء لا أقل
ولا أكثر/ . لقد كان بمقدوره أن يأمر بالتحقيق معي من طرف الضابطة القضائية . لكنه نظر إلي
مليا ثم قال لي / إنسحب إلى مكتبك . وقريبا سوف أقوم باستدعاء كل الكتاب العموميين لكي
نوجهكم ونرسم لكم النهج الذي سوف يحدد مسؤوليتكم / . إنصرفت إلى مكتبي وبعد أسبوع تقريبا كان جل الكتاب العموميين بالمدينة مجتمعين داخل قاعة من قاعات المحكمة الإبتدائية
في انتظار المسؤول القضائي . لما دخلت القاعة وجلست قرب بعضهم فوجئت بنفورهم جميعا
مني وهناك من قام وبدل مكانه . فكرت أنني كنت السبب المباشر فيما يحصل . وبعد قليل
ولجنا جميعا مكتب السيد الوكيل حيث ناقش معنا موضوع الكتابة وزودنا بإرشادات بخصوص
المهنة وسن لنا ضوابطا يجب الإلتزام بها موضحا بأن انسياقنا بعواطفنا مع الحالات أحيانا لا
يكون إيجابيا مضيفا بأن بعض المشتكين قد لا يكونون صادقين تماما وليسوا أبرياء وضرب لنا
أمثلة لحالات مثلت بين يديه . ثم توجه بتوبيخ شكلي خفيف إلى الكتاب العموميين بشكل عام
منتقدا الكتابات التي تدخل أدراج المحكمة وهي مليئة بالأخطاء الإملائية والأسلوب الغث محتجا
عليهم قائلا / إذا كنتم غير قادرين على توضيح الحالات المعقدة والتي تتطلب كفاءة وجهدا
فلا ضير ولا بأس إن أنتم قمتم بتوجيه الزبناء في هذ الحالة نحو مكتب هذا الكاتب الذي
أمامكم ( وأشار نحوي دون أن يلتفت إلي ) / كانت هذه المبادرة الطيبة التي أثلجت صدر ي
كافية لكي تعوضني عن النفور الذي قابلته منهم عند ولوج القاعة . ثم توجه إلي مباشرة قائلا/
أنت . عليك أن تختم جميع كتاباتك التي تزود بها زبناءك بخاتم المكتب الذي تعمل به ولتكن
مختومة حين تصل المحكمة ولتتحمل مسؤوليتك / هل هذا مفهوم ؟ / قلت نعم سيدي هذا
مفهوم . ثم أضاف موجها كلامه للجميع / إن مكتبي مفتوح دائما لكم . ففي حالة أي طاريء
أو مشكل يتعلق بمهنتكم ككتاب عموميين عليكم الإتصال بي/ . وأشار علينا بالإنصراف قائلا /
أعانكم الله / .
كان الجميع يظنون بأن عقابا ما سيحل بي إلا أن الأمر كان مختلفا عن ظنونهم. وبسبب الخاتم
الذي كنت أضعه على كتاباتي تزايد عدد الزبناء على مكتبي الذي أصبح معروفا بما فيه الكفاية
وتنامى المدخول بشكل ملحوظ .

- يتبع -



#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 10 -
- صراخ
- مجرد إحتمال - مهداة إلى مصطفى مراد -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-9-
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-8-
- الوليمة
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 7 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 6 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 3 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 4 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 5 -
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -
- روح الشرق
- تناقض مدير جريدة المساء المغربية
- قصة إبني أمين مع مدرسيه
- الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا- 1 -
- لا أحد
- إرهاب الحانات والنوادي الليلية
- لفحات
- هزار وقمر


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 11 -