|
الأرامل العراقيات ومجتمع مثقل بالجراح
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 15:34
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
يعاني المجتمع العراقي الكثير من المشاكل الكبيرة التي تستدعي التفكير العميق لإيجاد الحلول الناجعة لها ، وهذه المشاكل مترابطة يتصل أحدها بالآخر في سلسلة مركبة ، يجب ان ننظر إليها معا ، فمشاكل البطالة والتمييز وانعدام الأمن ،وشحة الأساسيات ، وفقدان الكهرباء والماء النقي ،في دولة تمتلك الثروة الكبيرة والتي يحسدها عليها الكثيرون، وانعدام فرص العمل ووجود جيش من اليتامى الفاقدي الحنان والغذاء ،والذين يمكن أن يقوموا بكل أمر سلبي للمحافظة على وجودهم وتوفير لهم أدنى مقومات الحياة ، واليأس من تحسن سبل الحياة ، وتغيير ظروفها البائسة عند الكثيرين الذين حلموا ،وبذلوا الجهد والطاقة ولكن آمالهم العريضة قد خابت، وأدركهم القنوط وعرفوا أنهم مغادرون هذه الدنيا دون أن يحققوا شيئا او يتمتعوا بأقل ما يجعل الإنسان سعيدا موفور الكرامة. لماذا نجد العراق من دون بلدان العالم، يرزح تحت عبء هذه الأمراض الكثيرة والخطيرة والتي يصعب على علماء النفس والاجتماع والسياسة والاقتصاد أن يجدوا لها الحلول ،في وقت قصير ؟ لماذا يكثر في العراق الفقر والفاقة والأمراض المستعصية والجهل ،والركض خلف الخرافات وتصديق الشعوذة ؟ وكيف يكون هذا البلد نفسه صانع المعرفة وباني الحضارات ،ومن علم الإنسان الكتابة واوجد له القوانين، التي تبين له الواجبات بدقة وتظهر له الحقوق ، أين حقوق العراقيين اليوم وقد أضناهم التعب وصعبت عليهم شعاب الحياة ومفترقاتها، وعز عليهم العمل الكريم والهواء العليل والماء الصافي، وهم يقطنون في بلاد الرافدين ومهد الحضارات ، لماذا يكثر العاطلون عن العمل ،وتتزايد أعداد الثكالى النادبات والأرامل المحرومات ؟ هل يمكن حل هذه المعوقات لوحدها ، أم إنها تتصل بسلسلة مترابطة من المشاكل التي يجد عراقنا الحبيب نفسه غارقا بها؟ تدل الإحصائيات : انه في العرق أكثر من مليون أرملة وأربعة ملايين يتيم ، فمن أين جاء هذا العدد الكبير ؟ أليست المعاناة الأليمة مستمرة ، الم يزهق النظام السابق الأرواح بحروبه المستعرة والعبثية ،وإعداماته المتكررة وتهجيره للعراقيين من أرضهم الطيبة الجميلة ، الم يأت الاحتلال البغيض ليسقط ذلك النظام القاسي ، وتأتي معه العصابات التفجيرية وآلاف من القتلة ،الذين روعوا السكان الآمنين وأزهقوا النفوس الطيبة ، وتسببوا في تضخم أعداد اليتامى المحرومين ،من الحنان والطعام، والثكالى المفجوعات بمفارقة الأولاد الأعزاء، الى غير عودة ،والأرامل المحرومات ؟ والآلاف من المشوهين وذوي العاهات وأصحاب الاحتياجات الخاصة ، ومن القتلى والمقعدين وفاقدي الصحة والأهلية ،هل استطاعت الدولة العراقية ان تدرس هذه المشاكل وان تجد لها الحلول ، وهل يمكن ان نتوصل لتلك الحلول بعيدا عن بقية المشكلات الكبيرة ، بان تحل مشاكل البطالة وان ينظر الى مسائل الخدمات بجدية ،وان يعمل على حفظ الأمان، وان يعاد المفصولون السياسيون إلى العمل ،وان يجد الخريجون الكثيرون أعمالا تتناسب مع مؤهلاتهم وقدراتهم وميولهم ، وان تصدر قوانين في احترام حقوق المواطنة ، وان يجد العراقيون فرصا متكافئة في الدراسة والعمل والسفر والرواتب والخدمات والقيام بالهوايات ، وهل يمكن للحكومة مهما كانت قدراتها أن تتصدى للحجم الهائل من المشاكل لوحدها ؟ أم لابد من تعاون المنظمات الاجتماعية والأخصائيين معها ؟ وان كانت مشكلة الأرامل ضخمة وخطيرة ،وتحتاج إلى الإسراع في إيجاد العلاج الشافي لها ، فإننا يجب أن ننظر إلى علاج مشاكل العائلة العراقية الكثيرة ، ووجود الأرامل أحداها ، وان يحاول الجميع ان يعيدوا للأسرة العراقية توحدها وتضامنها الجميل المعهود ، والذي أتاح لها إنشاء أبناء خيرين وبنات مخلصات ،يعرفون واجباتهم ويدافعون عن حقوقهم ، فان كنا نشهد لهذه الأسرة تفككا في الوقت الحالي ، فهذا نتيجة عقود كثيرة من الاستبداد ، فعلينا ان نعيد النظر بالقوانين والعادات كي تكتسب المرأة احترامها وتقديرها ،من عملها الذي تتقنه ومن إخلاصها فيه وليس من خلال الرجل الذي تتزوجه ، وان الزواج يجب ان يكون تلبية للعواطف الجميلة، ورغبة في العيش مع من نجده رفيقا وصديقا ومكملا لنا في الحياة ، لا أن تجبر النساء على الزواج ممن يصرفن عليهن، دون النظر لاعتبارات الحب والمودة والمعاشرة الحسنة ،وإرضاء حاجات الجسد والروح ، فهل نال أبناء المجتمع حقوقهم في المعرفة والعمل والسعادة والتقدير، واعتبارهم أفراد عاملين في هذا الوطن ؟ وان كان الأرامل كثيرات جدا واليتامى بأعداد هائلة، لماذا لا يفكر بإيجاد أعمال مناسبة لهؤلاء الأرامل يجعل كل واحدة منهن، تعتمد على نفسها في تحصيل الرزق وان تقوم الدولة بتعليمهن وتدريبهن وتأهيلهن ،للقيام بأعمال متعددة يرغبن بالقيام بها ، وان تبدل نظرة المجتمع الى الأعمال التي تقوم بها النساء ، وألا تقتصر على أعمال محددة مثل التعليم والتطبيب والخياطة ،وغيرها من المهن القليلة ،فالمجتمع العراقي يدفع النساء الا يتقدمن لمهن كثيرة أخرى لأنها لا تتمتع بالاحترام والتقدير ، وعلى الدولة ان تقوم بدعم أثمان السلع الضرورية ، وان تدفع معونات للأسر التي لا تمتلك عملا ،أو ان مدخولها لا يكفي لتوفير ما تحتاج إليه من اشياء ،كما يجب أن تولى عناية كبيرة للأسر الفقيرة ،التي يكثر فيها الأطفال الصغار ، فهؤلاء يحتاجون الى حنان واسر متعاونة ،والى حياة يسودها التفاهم والوئام ،لينشئوا أشخاصا أسوياء متعلمين أصول الحياة ومحترمين للناس ، كما يحتاج الأطفال الى رعاية والى توفير الحاجات الضرورية لهم، من غذاء كامل يتضمن كل العناصر الأساسية، ولباس محترم يقيهم برد الشتاء القاسي، ويحفظهم من حر الصيف اللاهب، وان تتوفر لهم العناية الطبية والعلاج الناجع ، ووقايتهم من الأمراض الكبيرة الخطيرة، وان ينظر بجدية ، الى تعليمهم كل العلوم والآداب والفنون ،التي يحتاجونها في الحياة ، كما يمنحونهم التدريب الحسن ليتعلموا المهنة التي تفيدهم وتفيد مجتمعهم ، كما يجب الاهتمام بصحة الناس، وان تتوفر المستشفيات الحكومية الجيدة مجانا، ويكون الأطباء مخلصين لعملهم يشعرون بالآم الناس الفقراء ، وأغلب أبناء مجتمعنا العراقي حاليا من الفقراء ، كما يجب على الحكومة أن تفكر بإعانة النساء والرجال في توفير عمل حر لهم، مثل التجارة الصغيرة وتمنحهم المال المناسب ،او تحسبه قرضا مع إعطائهم فترة كافية لأداء هذا الدين ،أما ترك النساء يواجهن مصيرهن لوحدهن، دون مساعدة وان أخطأت بعضهن واجهت العقاب فليس حلا للمشكلة ، كما إن المطالبة بتعدد الزوجات ليس حلا أيضا ، فما فائدة الزواج إن وجدت المرأة نفسها محرومة من الحنان والجنس أيضا ،وهي تعتبر بعرف الناس متزوجة ؟ وان كان بعض الرجال لا يقومون بواجب الزوجية مع الزوجة الواحدة ، كيف يمكنهم ان يقوموا بذلك مع زوجات متعددات وما ملكت أيمانهم ؟ الإجبار على الزواج ليس حلا أيضا ، وعلى المجتمع ان ينظر باحترام الى إرادة المرأة في اختيار شريك حياتها والى رغبتها في إنهاء تلك العلاقة ، وألا نجعل النساء يتجرعن علاقات فاشلة، وأزواج لا يرغبن بصحبتهم من اجل إرضاء مجتمع ما زالت تحكمه عادات لم تعد صالحة لحياة القرن الحادي والعشرين، التي نعيشها وانتصارات الإنسان وصنوف التقدم التي أحرزها على عوامل الجهل والتأخر ، فليس من العدل أبدا ان نجد الإنسان العراقي رجلا كان او امرأة،محروما من أدنى مقومات العيش ، وآن لحكومتنا أن تنهض بواجبها ،و لمثقفي مجتمعنا ان يطالبوا بحقوق هذا المجتمع بالتنوير والتثقيف وترك العادات الضارة التي تفتك بسلامة الإنسان وتهدد حياته وسعادته
صبيحة شب
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مزيدا من النضالات يا جماهير شعبنا الأبي
-
زير النساء وحقوق المرأة
-
كيف يحتفلُ العمالُ بعيدهم هذا العام ؟
-
استغلال الأطفال في أعمال لاتناسب طفولتهم
-
الزوجة في العالم المتخلف بين الاغتصاب والهجران في المضاجع
-
العلاقة بين المبدع والمتلقي
-
حوار من القلب مع شعراء مغاربة بمناسة اليوم العالمي للشعر
-
تأثير العولمة في الكتابات النسائية
-
العنف ضد النساء
-
من يوميات صحفية عاطلة
-
الفائزون في مسابقة أضل الكتاب والنقاد لعام 2009
-
الحفيد : قصة قصيرة
-
الحوار المفقود
-
حدث وتباين في ردود الفعل
-
تجارة الجنس ومخاطرها
-
الشك
-
أدب نسوي أم إنساني ؟
-
أمسية لتقديم كتاب
-
حوار مع الشاعرة والقاصة المغربية خديجة موادي
-
أربع قصص قصيرة جدا
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|