|
حوار مع القاص نواف خلف السنجاري
نواف خلف السنجاري
الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 13:18
المحور:
مقابلات و حوارات
أجرى الحوار: طلال حسن
نواف خلف السنجاري ، أديب عراقي مبدع ، ينتمي فكراً وإبداعاً إلى الجيل الجديد، نشرت أعماله في العديد من الصحف العراقية والعربية، وكذلك في الكثير من المواقع الإلكترونية، وقد فازت ثلاث من قصصه القصيرة جداً، وهي " اكتشاف ـ أرباع ـ قانون القبيلة " في مسابقة قصص على الهواء التي تذاع من الـ BBC بالتعاون مع مجلة العربي الكويتية، وهذا لقاء معه، يلقي الضوء فيه على مجمل تجربته الأدبية، وخاصة إبداعه في مجال القصة القصيرة جداً . ـ كيف تنظر إلى القصة القصيرة جداً باعتبارها جنساً أدبياً له اشتراطاته ؟
* نظرتي إلى القصة القصيرة جداً تشبه نظرة العاشق إلى حبيبته، فمهما كان انطباع الناس عنها تظل بالنسبة لي أجمل ما يكون.. انظر إليها كما انظر إلى القمر، بدراً كان أم هلالاً، فالبدر هو أنيسي في ليالي الظلمة، والهلال هو فرحتي بالعيد! إن (ق ق ج) هي مياه عذبة سواء كانت شلالاً عظيماً أم جدولاً صغيرا.. هي فاكهتي الشهية، قد تكون بحجم حبة العنب أو حبة البطيخ! جميع الشروط والمقاسات والمواصفات التي يضعها المنظرون والدارسون لا تصنع (ق ق ج) مثالية، هذه الاشتراطات تحدد ملامح معينة ولكنها ليست قالباً ثابتاً يمكن أن نصب فيه أفكارنا! كل المواصفات والصور والتخيلات التي وضعها الناس في أوربا معياراً للجمال، لا يعترف بها الأفريقي الذي يؤمن بان (ملكة جماله) هي فتاة بشرتها سوداء وشعرها أجعد! لذلك نستطيع أن نقول: لكل قصة جماليتها الخاصة بها، مهما اختلفت المساحة التي تحتلها، أو الطريقة التي التي كتبت بها، أوالتقانات التي استخدمت في بنائها.
ـ كتاباتك الإبداعية تكاد تقتصر على القصة القصيرة جداً ، لماذا ؟
* كتاباتي لا تقتصر على ق ق ج ، فقد كتبتُ الشعر، ولدي مجموعة شعرية جاهزة للطبع.. كما كتبت القصة القصيرة الاعتيادية وقد أكملت مؤخراً مجموعتي القصصية (مواسم) وهي جاهزة كأختها للنشر، إضافة إلى ذلك كتبت الكثير من المقالات الأدبية والمقالات الساخرة، واعتقد أن غزارة ما نشرته من ق ق ج في الصحف والمجلات والدوريات العراقية والعربية والمواقع الإلكترونية هي التي أوحت للقارئ بأني لا اكتب إلا قصصاً قصار جداً. أما إذا سألتني لماذا تكتب القصة القصيرة جداً؟ أقول: اكتب القصة القصيرة جداً تلبية لنداء صوت داخلي خفي، يحفزني على فعل الكتابة، مثلما يفعل الراعي حين يخرج نايه ويعزف وحيداً في المروج الخضراء، وكما الرسام عندما يشعر برغبة عارمة لمسك الفرشاة لرسم لوحة جميلة، أو النحات لمّا يقبض على أزميله ويحاول استنطاق الصخر ليجعل منه تحفة فنية. اكتب القصة القصيرة جداً لأنني استطيع التعبير بواسطتها عما يختلج في نفسي، وأعكس ردة فعلي لما يمكن أن أتخيله، أو ما يحدث أمامي ، أو ما أريد قوله للناس بلا رتوش أو زوائد أو تفاصيل صغيرة، فأقدر بواسطة ق ق ج أن أقول كل شيء دفعة واحدة. الراحة التي أحسّها بعد الانتهاء من كتابة قصة قصيرة جداً تشبه راحة العامل عندما يلقي عن كاهله حملاً ثقيلاً، هي الرصاصة التي تخرج من الجرح، والصديد الذي يتخلص منه الجسد، فنحس بعدها براحة كاملة وصفاء تام. تحضرني هنا عبارة لا ادري من قائلها : (الشعور بالصداقة هو كالتخمة بلحم الخروف أما الشعور بالحب فهو كالانتعاش بالشمبانيا) وأنا اعتقد إن الشعور الأخير - الانتعاش بجرعة شمبانيا - هو الأقرب للقصة القصيرة جداً من بقية ضروب الكتابة والأدب.
ـ متى التقيت لأول مرة بالقصة القصيرة جدا قراءة ؟ وما الذي جذبك إليها ؟ ومتى كتبت ونشرت أول قصة من هذا النوع ؟ً
* التقيت بها أول مرة دون أن اعرف اسمها، فالقصص التي قرأتها لجبران خليل جبران في مرحلة مبكرة من حياتي ضمن (مجموعته المعربة عن الإنكليزية) لم تحمل اسم (قصص قصيرة جداً)، ولكنها بهرتني، وتمنيت حينها أن أقرأ المزيد منها، واكتب ما يشبهها. بعد سنوات هزني عنوان عريض في إحدى الصحف (قصص قصيرة جداً) لا أتذكر اسم كاتبها ولكنني قلت في نفسي: ( هذا ما كنت ابحث عنه)... منذ ذلك الحين صرتُ ابحث عن الـ ق ق ج وعن أي شيء له علاقة بها، كمن يبحث عن جوهرة مفقودة! إن الذي جذبني إليها هو قصرها، وقوة إيحاءها، وضربتها الخاطفة، فانا منذ الصغر كنت مولعاً بالمأثور من الأقوال والحكم، والعبارات القصيرة المتقنة التي تحمل في طياتها رموزاً عميقة ومعاني كبيرة. محاولاتي الأولى لم انشرها، ولكني أتذكر أول قصة قصيرة جداً نشرت لي كانت بعنوان(المفقود) مع ثلاث قصص أخرى قبل حوالي سبع سنوات.
ـ لكل مبدع في الغالب معلم أو أكثر، يعجب به وبإبداعاته، ويتأثر بها، مَن معلمك أو معلموك في هذا المجال ؟
* لقد تعلمت الكثير من كبار الكتّاب العالميين، والعرب، والعراقيين (تشيخوف - أوغوستو مونتيروسو- زكريا تامر – محمود شقير، وغيرهم).. ولكني تأثرت بصورة خاصة بتجربة القاص العراقي القدير هيثم بهنام بردى الذي له باع طويل وتجربة عريضة في هذا الفن تتجاوز ثلاثة عقود من الزمان. وبفضل الانترنت أصبح لدي اطلاع واسع وصداقات كثيرة مع من يكتبون ق ق ج في جميع أنحاء العالم، وأتابع اغلب المواقع الإلكترونية المتخصصة في هذا الفن الجميل، وأقرأ ما يستجد على الساحة من ق ق ج ليس للكتاب المشهورين فقط، بل أتابع أيضا نتاجات الشباب حديثي العهد بكتابة هذا الجنس الأدبي.
ـ مهما كان إبداعك في القصة القصيرة جداً، ألا تشعر بالحاجة إلى جنس أدبي آخر للتعبير عما يجيش في أعماقك ؟
* مهما كان تعلقنا بشخص أو فن لا نستطيع الاستغناء عن بقية الناس وبقية الفنون.. القصة القصيرة جداً هي الأقرب إلى نفسي وذائقتي، ولكن هذا لا يعني التقيد التام والالتصاق الكامل بها بحيث تصبح المساحة الوحيدة والحيز الذي لا يمكن الخروج منه.. كثيراً ما أشعر بأن بعض المواضيع التي أريد طرحها، وإيصالها للقارئ لا يلائمها إطار الـ ق ق ج .. وأحياناً تلح علي بعض الأفكار والخواطر أن تخرج في صورة قصيدة، أو مقال أو نص مفتوح أو أي جنس أدبي آخر.
ـ في الموصل، وريف الموصل، العديد من كتاب القصة القصيرة جداً، كيف تنظر إلى تجاربهم، قياساً بتجربتك؟
* أنا انظر إلى المنجز الإبداعي لكتاب مدينة الموصل، وأطرافها نظرة تقدير وإعجاب، وأعتز بتجربتهم في كتابة (القصة القصيرة جداً) واحترمها كثيراً. أما بخصوص المقارنة بين تجاربهم قياساً بتجربتي، فهذا من اختصاص النقاد والقراء.
ـ كيف تنظر إلى قصصك الأولى، المنشورة منها بالذات، وهل أنت راض عن نتاجك عامة ؟
* قصصي الأولى هي جزء مني، وأعود إليها بين الحين والآخر بشوق من يريد أن يرى أحد أولاده البعيدين عنه.. قصصي الأولى حتى وان اختلفت في مستواها الفني عن آخر قصة كتبتها، تبقى قيمتها هي نفسها بالنسبة لي واعتز بها . بالنسبة للشطر الثاني من السؤال: لقد قال الشاعر الكبير محمود درويش في احد لقاءاته هذه العبارة التي أعجبت بها أيما إعجاب: (أنا لا أعتبر نفسي شاعراً ناضجاً . لا أشعر بالرضا الفني . وأنا أحد الذين يعتقدون بأن الفنان الذي يتوصل إلى الرضا عن نفسه يفقد مبررات استمراره.) إذا كان شاعر عملاق مثل محمود درويش غير راض عن نتاجه الفني، فكيف نرضى نحن الذين وضعنا أقدامنا على بداية الطريق؟؟!
#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طلال حسن رأى ظلاً يكتب قصة قصيرة جداً!!
-
على مسطبة الاحتياط!!!
-
قصائد فوق أوراق الزيتون
-
رحيل الحُلم.. أم حُلم الرحيل؟!
-
عين على القصة
-
وطن اسمه آفيفان.. غربةٌ، أشواقٌ و أحزان
-
عالم آخر وقصص أخرى
-
مملكة صغيرة / قصة قصيرة
-
ذكريات
-
قيامة
-
البيضة هي فوضى الطائر
-
(البُعد العاشر)
-
قراءة في المجموعة الشعرية (العربات) للشاعر د. جاسم الياس
-
نقاط وحروف
-
ضجيج الصمت
-
حوار مع القاص والروائي هيثم بهنام بردى
-
جمعة كنجي الطائر المسافر إلى الشمس
-
ورقة يانصيب
-
قصتان قصيرتان جداً
-
أسئلة البدايات
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|