|
شيخ الأزهر الجديد وتربيع الدائرة 2-2
كامل النجار
الحوار المتمدن-العدد: 3066 - 2010 / 7 / 17 - 10:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سأل السيد مكرم محمد أحمد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الجديد: ( فضيلة الإمام: لماذا تراجعت مكانة الأزهر كمرجعية معتدلة للعالم الإسلامي أمام المذاهب المتشددة وأفكار التطرف؟! وهل تآكلت مرجعية الأزهر لأنه أصبح خاضعا لولي الأمر؟! أم لأنه فقد القدرة علي التجديد؟! أم لأن شيخ الأزهر لا يأتي بالانتخاب؟!) السؤال في منتهى الوضوح: هل فقد الأزهر مكانته القيادية في العالم الإسلامي لأن ولي الأمر أصيح يتحكم فيه ويعين شيخه، أم لأن الأزهر فقد القدرة على التجديد. ودعونا نقرأ رد شيخ الأزهر: (علينا أن نتلمس الأسباب الصحيحة التي أدت قبل50 عاما إلي أن ينزوي الأزهر في ركن معزول علي حين سيطرت علي الساحة المذاهب والتيارات المتشددة ولدي اقتناع كامل تسانده الوثائق بأن النظام الحاكم في مصر أراد في هذه الفترة إضعاف دور الأزهر بعد أن اختار الاشتراكية مذهبا للحكم ليظل الأزهر مجرد مسجد ينحصر دوره في دروس الدين لأن للمعسكر الاشتراكي موقفه الواضح المعادي للدين, بدعوي أن الدين أفيون الشعوب ومن الضروري العمل علي تقليل دوره لأنه بمثابة النقيض للفكر الاشتراكي الذي يعتنق الإلحاد.) انتهى. هذا هو اللف والدوران الذي يتقنه الشيوخ كما يتقنون لف العمامة حول الرؤوس. جمال عبد الناصر كان منتمياً لجماعة الإخوان المسلمين، كما كان نائبه أنور السادات. فهل نادى جمال عبد الناصر بتهميش الأزهر لأن الدين أفيون الشعوب؟ إتقِ ربك أيها الشيخ. ونلاحظ هنا أن الشيخ تجنب الحديث عن خضوع الأزهر للرئيس مبارك الذي يعين شيخ الأزهر. يقول شيخ الأزهر إن النظام الحاكم أراد أن أن يكون الأزهر مسجداً ينحصر دوره في دروس الدين فقط. أليس هذا هو السبب الرئيسي الذي أنشأ الفاطميون الجامع الأزهر من أجله؟ ما هي الأدوار الأخرى التي يريد شيخ الأزهر لمؤسسته أن تقوم به؟ هل ينوي أن يقوم الأزهر بأبحاث في الفيزياء أو علم الفلك؟ وبالطبع لم يقتنع السيد مكرم محمد أحمد بهذا الرد، فقال لشيخ الأزهر: (ما أذكره يافضيلة الإمام أن أساس المشكلة يعود إلي قانون تطوير الأزهر الذي صدر عام1960 والذي لايزال موضع خلاف بين الأزهريين حتي اليوم, لأن هناك من يعتقدون أن تطوير الأزهر كي يجمع بين التعليم المدني الحديث والتعليم الديني كي يتخرج منه الطبيب الأزهري والمهندس الأزهري الذي يجمع بين المهنة والدعوة الدينية يمثل خطوة إلي الامام لأنه يوجد داعية عصريا يستطيع أن يسهم في تقدم حياة الشعوب في إفريقيا, وغير إفريقيا كما أن هناك من يعتقدون أن الهدف من ذلك كان إضعاف الدور الديني للأزهر؟!) انتهى ورد الشيخ بما يلي: (السؤال ممتاز ومهم, والإجابة الصحيحة عنه تلخص الوضع الذي نحن عليه الآن, صحيح أن فكرة القانون جيدة وجميلة, لكن مع الأسف جاء التطبيق سيئا وهو ما أفسد الفكرة وجعلها خاوية الوفاض, لأن القانون تمت صياغته علي عجل وقيل إنه صيغ في ليلة واحدة, وقد كنت من أوائل الذين طبق عليهم النظام الجديد عندما صدر القانون عام1961, وكان علي أن أدرس المنهجين: منهج وزارة التربية والتعليم بالكامل ومنهج الأزهر كاملا علي مدي خمس سنوات وبرغم صعوبة الجمع بين المنهجين واصلنا الدراسة لأن التعليم كان لايزال منضبطا وقويا, ومع الأسف تغير الحال, ولم يعد الطلاب قادرين علي هضم المنهجين وأصبح الطالب ضعيفا هنا وضعيفا هناك, ومازاد من سوء الموقف أن كل من ينجح في الثانوية الأزهرية لابد أن يدخل الجامعة بمن فيهم الحاصلون علي50% والآن نحاول إصلاح الموقف من خلال إنشاء شعبة للعلوم الأزهرية إلي جوار شعبتي الأدبي والعلمي يدخلها من يريد التخصص في العلوم الدينية ابتداء من أولي ثانوي ويشترط فيمن يتقدم إلي هذه الشعبة أن يكون من حفظة القرآن ودرس آداب وقواعد اللغة العربية.) انتهى. يعترف شيخ الأزهر أن جمال عبد الناصر حاول تطوير الأزهر بأن أضاف إليه الكليات العلمية ومع ذلك يقول الشيخ إن النظام الاشتراكي حاول تهميش الأزهر لأنهم يعتقدون أن الدين أفيون الشعوب. واضح أن الأزهر فشل في جميع المجالات لأن شيوخه وقادته فضلوا الحل الإسلامي، أي مسك العصا من الوسط (مثل وسطيتهم المزعومة) ووضعوا قدماً على المركب والقدم الأخرى على الطوف. ما هي الفائدة للإسلام أو للأزهر من تدريس الطب والهندسة؟ هل تخريج طبيب أزهري يعمل في إفريقيا سوف يكسب مسلمين جدد أكثر مما يمكن أن يكسبهم شيخ معمم لم يدرس الطب؟ أم أن هناك طب إسلامي نحن لا نعلم به ويُدرّس فقط في جامعة الأزهر؟ ولم يقل لنا شيخ الأزهر لماذا كان الطلاب في الستينات يستوعبون منهاج وزارة التربية والتعليم مع مناهج الأزهر، ولكنهم الآن ضعفوا ذهنياً ولم يعد بمقدورهم الجمع بين المنهجين. ألا يرجع ذلك إلى ضعف الأساتذة الذين يدرسونهم؟ أولئك الأساتذة الذين لا يعرفون من العلوم الطبيعية إلا حساب رواتبهم وبدلات السكن والمعيشة؟ ولماذا لم يمتنع شيوخ الأزهر في عام 1961 عن تدريس المنهجين، ويصمدوا في وجه الحكومة ليستمروا في تدريس مناهج الأزهر فقط؟ ولماذا لم يغربلوا مناهج الأزهر مع مناهج وزارة التعليم ويأتوا بمناهج حديثة يمكن أن يفهما الطلاب؟ ألم تكن تلك فرصة لهم لتحديث مناهج الأزهر العتيقة التي تعتمد على كتب صفراء كُتب بعضها قبل أربعمائة سنة؟ أم أنها طاعة أولي الأمر حتى إن سرق مالك وجلد ظهرك، التي يوصي بها الإسلام؟ والآن يحاول شيخ الأزهر إصلاح الضرر بإنشاء شعبة للعلوم الأزهرية يدخلها من حفظ القرآن ودرس قواعد اللغة العربية. وهنا يعترف شيخ الأزهر أن العلوم الأزهرية التي من أجلها وُجد الأزهر هي العلوم الدينية، ولذلك سوف ينشيء شعبة للعلوم الأزهرية. ولكن نسبة لعزوف الطلاب عن مثل هذا النوع من الدراسات يحاول الأزهر الآن أن يغريهم بحزمة من الحوافز تشجع الطلاب علي الدخول إلي هذه الشعبة أهمها أن يتكفل الأزهر بكل مصاريف الدراسة والإقامة. ويأمل شيخ الأزهر أن تخرج هذه الشعبة الجديدة علماء أقوياء في الدين. وهذا اعتراف منه أن "العلماء" الذين خرّحهم الأزهر منذ الستينات وحتى الآن لم يكونوا أقوياء في الدين. وهذا هو السبب الرئيسي في هزال الأزهر الذي أصبح علماؤه يفتون برضاع الكبير وبالتبرك بفضلات النبي، بدل أن يجتهدوا في تنقية الدين من خزعبلات أحاديث البخاري التي ينحصر أغلبها في حياة محمد الجنسية ومصه لسان عائشة وهو صائم ومباشرتها وهي حائض. سأل السيد مكرم شيخ الأزهر: (هل أفهم من اجاباتك يافضيلة الإمام أن استعادة الأزهر لدوره ومكانته وقف علي تخريج علماء ودعاة أجلاء, وأن الأمر لا علاقة له بسيطرة ولي الأمر علي الأزهر أو تعيين شيخ الأزهر بدلا من انتخابه؟!) وكان رد الشيخ: (دعنا نكن صرحاء في الرد علي هذا السؤال, لأنه ما من مؤسسة دينية في العالم أجمع يمكن أن تكون خارج إطار دولتها, أو يطلب منها العمل ضد نظام الدولة, بما في ذلك الفاتيكان الذي برغم أنه دولة داخل الدولة إلا أنه جزء من النظام الغربي لا يخرج عن سياساته العليا, وعندما سألوني في قطر عن مدي تبعية الأزهر للحكومة آثرت أن يكون ردي مختصرا وقلت لهم: هل يستطيع الشيخ القرضاوي أن ينطق حرفا ضد نظام سمو أمير قطر, وما أستطيع أن أؤكده لك وأنا شيخ الأزهر أن مؤسسة الأزهر لاتحمل أجندة الحكومة علي عاتقها, لكن الأزهر لا ينبغي أن يكون ضد الحكومة لأنه جزء من الدولة وليس مطلوبا منه أن يبارك كل ما تقوم به الحكومة, وعندما جئت شيخا للأزهر وافق الرئيس مبارك علي استقالتي من عضوية المكتب السياسي للحزب الوطني كي يتحرر الأزهر من أي قيد, ولا أظن أن هناك دولة إسلامية تتمتع فيها المؤسسة الدينية بما يتمتع به الأزهر من مكانة وكرامة وتحرر, وبالمناسبة أنا لست ضد انتخاب شيخ الأزهر من هيئة علمائه, لكنني أخشي الشللية والمجاملة التي أفسدت انتخابات عمداء الكليات!!) وطبعاً ليس هناك من يطلب من الأزهر أن يعمل ضد الدولة، ولكنا نتوقع من شيخ الأزهر ومن قادته أن يكونوا مستقلين عن الحكومة مثلهم مثل أي جامعة غربية لها حريتها في اختيار مناهجها ووسيلة اختيار اساتذتها وطلابها دون أي تدخل من الدولة. فالفاتيكان لا يسمح للحكومة الإيطالية بالتدخل في قراراته، كما لا تسمح الكنيسة الإنجليكية للحكومة الإنكليزية بالتدخل في قراراتها. ولكن عندما يكون رئيس جامعة الأزهر عضوا في الحزب الحاكم، وعضواً فاعلاً في مشيخة الأزهر، ثم يختاره مبارك شيخاً للأزهر، يصبح استقلال الأزهر أثراً بعد عين. وكون الشيخ القرضاوي (وهو خريج الأزهر) لا يجرؤ على نقد القيادة القطرية ليس عذراً لشيخ الأزهر أن يكون إمّعةً للحكومة المصرية. القرضاوي يمثل نفسه وجماعة الإخوان المسلمين ويبحث عن مصالحه الشخصية، بينما شيخ الأزهر يمثل أهم مؤسسة دينية في العالم الإسلامي السني، وشتان بين الوضعين. أين إباء السلف من أمثال سعيد بن المسيب عندما رفض القيام من مجلسه في المسجد النبوي للسلام على الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين، فجاء إليه الوليد ليسلم عليه والشيخ جالسٌ لم يقم من مجلسه (تاريخ الطبري، ج4، ص 9). ويخبرنا شيخ الأزهر أنه ليس ضد انتخاب شيخ الأزهر من أعضائه لكنه يخشى الشللية. أليست هذه طبيعة الديمقراطية وحرية الانتخاب أن يكون الناس شُللاً وراء من يعتقدون أنه المرشح الأفضل؟ وعندما قال السيد مكرم محمد أحمد للشيخ (شيخنا الجليل: مع الأسف تحول الدين في نظر البعض إلي مظاهر وطقوس شكلية, تقصير الجلباب وتطويل اللحي والاهتمام بصغائر الأمور وتسييس الدين والمباهاة بالتشدد؟!)، كان رد شيخ الأزهر: (أعود فأقول إنه في غيبة دور الأزهر نشط السلفيون ونشطت بعض المذاهب الوافدة, وحاولت الوهابية أن تملأ الفراغ وانتشر فقه البادية, علي حساب فقه الوسط, ووجدنا عشرات الكتب التي كان يطبعها الأزهر لترويج فكر الوسطية خاصة كتب الأشعري وتفسير الجلالين وقد أعيد طباعتها خلسة في الخارج, وأضيف إلي حاشيتها تفسيرات وإضافات لم تكن موجودة في النسخ التي طبعها الأزهر لترويج أفكار متشددة رفضها الأزهر علي طول تاريخه, ومع الأسف فإن قلة امكانات الأزهر قيدت قدرته علي تحجيم هذه الأفكار في ظل انتشار موضة الفضائيات التي مع الأسف يروج بعضها للتطرف ويروج بعضها للخرافة.) انتهى. ولماذا غاب دور الأزهر في مصر؟ قد نفهم تقلص دور الأزهر في إفريقيا مثلاً لقلة الإمكانات، مع أن الأزهر يبعث بعشرات الشيوخ إلى الفلبين وماليزيا وغيرها لنشر الفكر الأزهري. فهل تقلص عدد الشيوخ في مصر مما جعل دور الأزهر يغيب، أم ركب شيوخ الأزهر قطار البترودولارات الوهابية مع غيرهم وأصبحوا يزمرون مع المزمرين؟ التلفزيون الرسمي والصحافة الرسمية في مصر مفتوحة لشيوخ الأزهر ولكنا لم نسمع منهم غير الفتاوى المضحكة وتحليل الاستثمار في المؤسسات المالية الإسلامية التي عينت الشيوخ مراجع دينية لها، ثم اختلست أموال المستثمرين وأعلنت إفلاسها. وهل تحدث علماء الأزهر في الصحف أو التلفزيون الحكومي عن تغلغل الوهابية البدوية في الحياة المصرية؟ بل بالعكس باركوا انتشار الزبيبة وتقصير الجلاليب وتحجيب النساء وارتداء الخمار، حتى للممرضات. وإذا كان شيخ الأزهر مقتنعاً بتغلغل الوهابية في مصر، أليس من واجبه التصريح بالحرب ضد هذا التغلغل الذي يناهض وسطية الأزهر المزعومة؟ وعندما سأل السيد مكرم الدكتور أحمد الطيب: (ألا تمثل قناة أزهري الأزهر؟!) كان رده أغرب من الخيال عندما قال: (هي تستخدم اسم الأزهر في غفلة منه, وقد اعترضنا علي ذلك لكن الإمام الراحل د.سيد طنطاوي قال: دعوها تحمل هذا الاسم لكنها لا تمثل الأزهر!) انتهى قناة فضائية تستعمل اسم الأزهر ولا تمثل آراءه، بل تنشر التطرف الديني والخزعبلات، ويقول شيخ الأزهر السابق: دعوها تحمل هذا الإسم لكنها لا تمثل الأزهر. أي منطق هذا؟ لماذا لم يرفع الأزهر دعوى قضائية ضد القناة؟ هل نستطيع أن نلوم الحكومة إذا كان شيخ الأزهر يرى الخطأ ويتقاضى عنه إرضاءً لها؟ وإذا كان شيخ الأزهر الجديد غير راضي بما قاله شيخ الأزهر السابق، لماذا لم يتخذ هو خطوات لمنع هذه القناة من استعمال اسم الأزهر؟ إنه لعذر أقبح من الذنب. ولماذا يقول الأزهر إن تلك القناة لا تمثل رأيه؟ يقول الدكتور أحمد الطيب: (المسئول عنها ليس عالما أزهريا والقناة قائمة بأموال غير مصرية وهناك شكوي حول مصالح خارجية لا تدعو إلي الاطمئنان ومن هنا رفض مجمع البحوث الإسلامية أن تمثل هذه القناة الأزهر.) انتهى. بمعنى آخر فإن القناة ممولة من الوهابية بالبترودولارات السعودية، ويتهافت الشيوخ الأزهريون على تقديم البرامج بها من أجل أكل العيش، رغم الشكوى من وجود أجندة خارجية بالقناة، أي نشر الوهابية بمصر. وفعلاً قد انتشرت الوهابية الصحراوية بمصر ورجال الأزهر لا يحركون ساكناً وقد تقلص دوره في مصر كما صرح بذلك شيخ الأزهر نفسه. فما هي الأجندة التي يحملها شيخ الأزهر الجديد لإصلاح العطب الذي أصاب مؤسسة الأزهر؟ قال السائل لشيخ الأزهر: (هناك من الدعاة من يتحدثون عن آية السيف في القرآن الكريم التي تدعو إلي قتال الكفار حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله؟!). فرد شيخ الأزهر: (آية السيف نزلت في أمر الخارجين علي الدين الذين قاتلوا المسلمين وأخرجوهم من ديارهم وأوقعوا بالمسلمين ظلما شديدا, وهذا ما يؤكده سياق الآية في إطار ما سبقها وما لحقها من آيات والفكر القرآني الصحيح ينص علي أنه لا إكراه في الدين, وعندما خاطب الله الرسول الكريم قائلا: أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين سورة يونس آية99 كان القصد من الاستفهام في أول الآية إنكار أن يكره الرسول الكريم الناس علي الإيمان.) انتهى. شيخ الأزهر وأمثاله من الشيوخ لا يفترون عن ترديد المحفوظ من الكلام. من هم الذين قاتلوا المسلمين وأخرجوهم من ديارهم؟ لم تذكر لنا كتب التاريخ أي قتال بين القلة الذين اتبعوا محمد بمكة وبين بقية المكيين. ربما ضايقوهم مما اضطر محمد إلى نصح أتباعه بالهجرة إلى الحبشة وهاجر هو إلى المدينة دون أي قتال. ثم لما جاء أهل مكة لقتاله بالمدينة في السنة الخامسة بعد الهجرة، نزلت فيهم سورة الأحزاب التي كانت رابع سورة تنزل بالمدينة وترتيب نزولها هو 90. وآية السيف جاءت في سورة التوبة وهي السورة رقم 113 حسب ترتيب النزول، أي جاءت بعد فتح مكة وبعد أن صالح محمد أقاربه القرشيين وعفا عنهم وقال لهم "اذهبوا فأنتم الطلقاء". فإذا كانت آية السيف نزلت في أمر الخارجين على الدين والذين حاربوا الرسول في مكة، لماذا احتفظ الله بها في اللوح المحفوظ إلى ما بعد فتح مكة والصلح الذي جرى بينهم وبين المسلمين؟ هل أراد الله أن ينكأ الجراح بعد أن التأمت؟ وما دام دين الإسلام يقول لا إكراه في الدين، هل يمكن أن يشرح لنا شيخ الأزهر الموقر هذه الفتوى التى صدرت عن فضيلة الشيخ عبد اللطيف حمزة، مفتي الديار المصرية، وخريج الأزهر، في عام 1983، عندما سأله مدير الإدارة العامة بوزارة الداخلية: (أحد المسيحيين قد رغب فى الزواج من مسلمة فأشهر اسلامه وتزوج منها وكان متزوجا من قبل بمسيحية وأنجب منها ولدين على الديانة المسيحية وأنه لدى بلوغهما سن السادسة عشر استخرجت بطاقة شخصية لكل منهما أثبت بخانة الديانة أنهما مسلمان طبقا لديانة والدهما الظاهرة وبعد بلوغهما السابعة والثلاثين والخامسة والثلاثين أبديا أنهما ظلا على عقيدتهما الأولى المسيحية ويرغبان تغيير بيانات بطاقتهما الشخصية باثبات الديانة المسيحية الباقيين عليهما.) انتهى. فكان رد الشيخ المفتي: (وما أبداه الولدان من رغبة فى تغيير بطاقتهما وإثبات الديانة المسيحية فيها يكونان به مرتدين عن دين الإسلام والحكم الشرعى يقضى بقتل المسلم الذى بدل دينه إذا أصر على ردته ولم يتب ولم يرجع إلى الإسلام متبرئا مما فعل وهذا الحكم لا يتنافى مع الحرية الشخصية لأن حرية العقيدة لا تستتبع الخروج عن الإسلام بمؤشرات المادة أو التضليل وإذا كان في واقع الحال أن حد الردة بقتل المرتد إذا أصر على ردته غير منفذ الآن فإن حماية المجتمع تقتضى انزال العقوبات الرادعة بهما باعتبارهما مخالفين للنظام العام الذى تأمر القوانين بالتزامه) انتهى. أطفال تربوا مع أمهم المسيحية بعد أن تركها أبوهم الذي أسلم ليتزوج بامرأة أخرى، وعندما بلغا سن السادسة عشرة استخرج لهما أبوهما بطاقة الأحوال الشخصية وسجلت الوزارة أنهما مسلمان لأن الأب مسلم، يبدو بدون أن يستشيرهم أحد. وفي سن الخامسة والثلاثين قالا إنهما ظلا طوال الوقت مسيحيين ولم يسلما، لماذا يُحكم عليهما بالردة والقتل؟ والشيخ يقول لا إكراه في الدين؟ وحتى لو أسلما وهما في الطفولة ولا تكليف عليهما، والآن يريدان الخروج من الإسلام، لما يكرهان على البقاء مسلمين؟ وماذا عن كل المسلمين الذين أسلمهم أبواهم وهم أطفال، والآن بعد أن كبروا قرروا الخروج من الإسلام، لماذا يحكم عليهم بالردة وهم لم يختاروا اعتناق الإسلام عن فهم ودراية؟ سأل السيد مكرم الدكتور أحمد الطيب: (فضيلة الإمام الأكبر لماذا يتخلف المسلمون؟! ولماذا تنتشر بينهم الخرافات برغم أن الإسلام يعتبر التفكير واستخدام العقل فريضة واجبة؟) ورد شيخ الأزهر بالرد المتعارف عليه بين الشيوخ لكل أنواع الأسئلة، مثل: لماذا يصيب التسونامي أراضي المسلمين، مثلاً؟ والرد دائماً هو أنهم عصوا الله، فكان رد شيخ الأزهر على السؤال: لماذا يتخلف المسلمون (لأن المسلمين تجاهلوا الدين الصحيح, لأن الإسلام في ينابيعه الأولي يحض علي التفكير والعلم ويضع فروقا واضحة بين المسلمات الغيبية وبين الخرافات, وفي ظل الإسلام الصحيح قامت الحضارة الإسلامية التي أنجزت الكثير في العلم والطب والفلك والهندسة لأن الإسلام لم يضع قيدا علي استخدام العقل, وحذر من الفرقة التي تسبب الضعف, وهذا عكس ما حدث في الغرب الذي لم يحقق تقدمه إلا بعد أن أقصي دور الدين لصالح العقل, لأن الكنيسة كانت سلطة استبداد وجهل تنكرت للعقل كما تنكرت للعلم!!) انتهىالإسلام يأمر باستعمال العقل وفي نفس الوقت يأمر بالإيمان بالجن والملائكة التي تقود السحاب، والسحاب الذي يزمجر تسبيحاً لله عندما يضربه الملك بالعصا، ويؤمن بالبراق النبوي الذي تفوق سرعته سرعة الضوء، ويؤمن بالشمس التي تسجد عند العرش وتطلب الإذن بالشروق في اليوم التالي ثم تغيب في عين حمئة، ويؤمن بذي القرنين الذي بلغ مشرق الشمس وبنى سداً من النحاس والحديد لم يكتشفه الجيولوجيون حتى الآن. ويؤمن بأن نملة قد تحدثت اللغة العبرية وسمعها النبي سليمان وتبسم ضاحكاً من قولها. سبب تأخر المسلمين، كما يقول الشيخ، في القرن الحادي والعشرين هو أن المسلمين تجاهلوا صحيح الدين مع أن جلاليبهم قد قصرت، ولحاهم زادت طولاً ومسابحهم كبرت حباتها، وسيماهم على جباههم زادت سواداً حتى وإن كان بعضها ناتجاً من الباذنجان الأسود المحمى في الفرن، ونساؤهم تحجبن ولبسن الخمار والقفازات. وقاطعوا البنوك الربوية واستثمروا في المؤسسات الإسلامية. ومع ذلك هم قد تجاهلوا صحيح الدين. واين هو صحيح الدين هذا؟ هل هو في مصر أم في مدارس قُم أم في النجف أم في باكستان أم أفغانستان مع الملأ عمر والشيخ أسامة بن لادن؟ الرجاء أن تحددوا للمسلمين صحيح الدين حتى يتبعوه فلا يعاقبهم الله بالزلازل والتخلف عن بقية العالم. الأزهر يحتاج رجلاً شجاعاً مثل سعيد بن المسيب، لا ينحني للحاكم، ينفض الغبار عن كتبهم الصفراء وينقح صحيح البخاري الذي أضحى أقدس من القرآن ونُسخت بسببه آيات صريحة من القرآن. الأزهر يحتاج رئيساً لا سياسياً عضواً بالحزب الحاكم. ولكن أين نجد مثل هذا الرجل الذي لا تأخذه في الله لومة لائم؟ نص المقابلة الكامل في إيلاف، جريدة الجرائد، بتاريخ 10 يوليو 2010 www.elaph.com/Web/Webform/SearchArticle.aspx?ArticleId=577984§ionarchive=NewsPapers
#كامل_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيخ الأزهر الجديد وتربيع الدائرة 1-2
-
نساؤهم ونساؤنا
-
لماذا يزداد تخلفنا
-
مقارنة بين البوذية والإسلام
-
كيف خلقنا الآلهة والأديان 2-2
-
كيف خلقنا الآلهة والأديان 1-2
-
البطريرك إبراهيم وميثولوجيا الشرق 2-2
-
البطريرك إبراهيم وأساطير الشرق 1-2
-
طول اليوم الإلهي
-
القرآن وبنو إسرائيل 4-4
-
القرآن وبنو إسرائيل 3-4
-
القرآن وبنو إسرائيل 2-4
-
يهود الأندلس
-
في استراحة القراء 1
-
القرآن وبنو إسرائيل 1-4
-
في معية القراء
-
القرآن ونساء النبي
-
في رحاب القراء 4
-
تأملات في القرآن المكي 4-4
-
في رحاب القراء 3
المزيد.....
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|