أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وهيب أيوب - الموتُ الآخر ل نصر حامد أبو زيد














المزيد.....


الموتُ الآخر ل نصر حامد أبو زيد


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 3063 - 2010 / 7 / 14 - 18:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


“ إن الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل ، قادرون على جعلك ترتكب الفظائع." فولتير

توفي الأديب طه حسين عام 1973، لكن الموت الحقيقي لطه حسين وآخرين من المفكرين والكتاب المصريين والعرب لم يكن ذاك اليوم الذي فارقوا فيه الروح ووريت أجسادهم التراب....
لقد انطلق طه حسين في مسيرة الموت البطيء منذ محاكمته على كتابه الشهير "في الشعر الجاهلي" عام 1926، حين أُجبِر على تغيير كتابه إلى آخر هو "في الأدب الجاهلي" وحين أُقصي عقله عن التفكير الحر والبحث الديكارتي "ديكارت" المُتجرِّد من الأوهام. ثم بدأ الموت مع علي عبد الرازق حين كتب كتابه الشهير عام 1925 "الإسلام وأصول الحكم" الذي دعا فيه إلى فصل الدين عن الدولة، فتمت محاربته من قِبل الأزهر وفصله منه بعد انتزاع شهادته كونه عالماً، ثم طرده من وظيفته كقاضٍ. وقبلهم وفي العام 1902 دُسّ السُمّ في فنجان قهوة لصاحب كتاب "طبائع الاستبداد" عبد الرحمن الكواكبي فمات على أثره. فنقش حافظ إبراهيم بيتين من الشعر على قبره:
هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى*** هنا خير مظلوم هنا خير كاتـبِ
قفوا وأقرؤوا (أم الكتاب) وسلّموا*** عليه فهذا القبر قبر الكواكبي
وعاش هؤلاء وسواهم موتاً فكرياً سريرياً حتى آخر حياتهم.
يستطيع أي معتوه أو تافه أو حاقد في مصر، أمثال الشيخ يوسف البدري وأشكاله، أن يُقيم دعوى بتفريق كاتب أو مفكر عن زوجته في المحكمة بواسطة قانون ما يُسمى "الحسبة" بعد أن تُثبت المحكمة أن المُدعى عليه كافرٌ وخارجٌ عن دين الإسلام، رغم عدم إقرار المُدعى عليه بذلك.
هذا ما حصل للمفكر الراحل نصر حامد أبو زيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس، وكذلك نوال السعداوي وزوجها شريف حتاته.
ولو قرأ أي إنسان قائمة الأسماء المُدعى عليها بالكفر والمروق، لأدرك مدى التقهقر والانحطاط الذي وصلت إليه هذه الأمة التعيسة بعيشها وتعايشها وخذلانها المستمر.
وإنك لن تجِد كاتباً أو مفكراً أو فناناً مُبدعاً في مصر إلا وكان ضمن قائمة هذا الفكر العنصري الإرهابي، الذي راح ضحيته غيلة واغتيالاً المفكر فرج فوده، وكاد يلحق به نجيب محفوظ، الذي نجا من طعنةٍ بسكينٍ في رقبته.
في دساتير مصر وسائر البلدان العربية –لا أريد أن أطلق عليها دُوَلاً، لأنها ما دون الدولة بعد- هناك شيء يسمونه دين الدولة، ويحدّدونه بالإسلام، مع أنه هنالك من هم غير مسلمين ولا عرباً أيضاً. والمهزلة الكبرى في هذا النص، أن يُحدّد للدولة دين، وكأن الدولة تصوم وتصلي وتؤّدي الفرائض وتدفع الزكاة، أو أن للدولة أصلاً دينٌ أو ربٌ أو إلهٌ تعرفه وتعبده سوى السلطة والعرش..؟!
مسيرة التقهقر والانحطاط الفكري والحضاري، ليست طارئاً جديداً على المجتمعات العربية والإسلامية في هذا القرن أو الذي سبقه، بل هي استمرارٌ لما بدأه الإسلام منذُ لحظاته الأولى، خلال الدعوة ذاتها وما تلاها من كرّ القرون حتى يومنا هذا. تخللتها مراحل تنويرية وجيزة، تم القضاء عليها وعلى أصحابها بالحرق والقتل والإبادة والتعذيب.
فمنذ تم قتل واستئصال كل فكرٍ حرٍّ واجتهاد؛ منذ أن ذُبِح الجعد بن درهم ومعبد الجهني وغيلان الدمشقي، منذ القضاء على حركة المعتزلة وإخوان الصفا، وتصفيتهم ثم حرق كتبهم، منذ استطاع الأصوليون استخدام سلطان الحكم لمصلحتهم وإثارة الغوغاء للاقتصاص من أي مفكّر أو فيلسوف حاول إعمال العقل والمنطق للبحث في شؤون الدنيا والدين، ومسيرة التقهقر والانحطاط في تقدم. حتى أنك لن تجِد عالماً طبيعياً أو فيلسوفاً أو متصوفاً أو شاعراً أو أديباً، إلا ورُميَ بتهمة الكفر والزندقة، فقُتل ابن المقفّع وأُحرِق، وجُلد الشاعر بشار بن برد حتى مات، وسُجن جابر بن حيان عالم الكيمياء حتى فارق الحياة، وصُلِب الحلاج وقُطّعت أوصاله، وأُعدِم أيضاً السهروردي؛ الفيلسوف المتصوف، ورمي بالكفر والزندقة طبيب العصور أبو بكر الرازي وابن الراوندي والمعري والكندي والفارابي وعمر الخيام، وأُحرِقت كتب ابن رشد في قرطبة وطُرِد منها. وما أولئك إلا جزءً يسيراً من مذبحة بدأت وما زالت مستمرّة.
في عصرنا هذا يُطرد المفكرون والفنانون والكتاب المبدعون في بلداننا، من أوطانهم، ليعودوا إليها جثثاً أو في صراعٍ مع الموت الأخير. والمفارقة الكبرى أن يُستقبل هؤلاء في دول الغرب "الكافر" وجامعاته أفضل استقبال ويمارسوا أعمالهم وإبداعاتهم في تلك الجامعات.
فلا تبكوا نصر حامد أبو زيد ولا سواه، بل ابكوا أنفسكم ونوحوا على حاضركم ومستقبلكم بعد أن قبلتم ورضختم بأن يُنتزع العقل منكم وتُجرّد إنسانيتكم من أهم حقوقها في التفكير الحرّ.
فيا أمّة الجهل والتخلف، لا بل التقهقر والانحطاط، أما من خجلٍ أو ضمير، أما من قليلٍ من ماء الوجه أمام تلك الأمم التي تسخر وتضحك من فعلكم وجهلكم..؟؟
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

لجولان المحتل - مجدل شمس



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهزيمةُ والعقل المأزوم
- مِحنَة القراءة وفَهم المقروء
- قصّة النظام في سوريا مع الجولان المُحتَلْ
- سقفْ الحرية منذ ما قبل وبعد سقيفة بني ساعِدة
- إسلام في خدمة العنصرية والفاشية
- إرضاع الكبير وصحن الحمّص والجلباب...فماذا بعد؟!
- عشتمْ وعاش الجلاء والاستقلال! / حَكي شوارِعْ
- في البدءِ كان الاستبداد
- -سوريا ألله حاميها-
- - ودَقَ العَيْرُ إلى الماء -
- صَدَرَ المرسومْ.. تعالَ واقبَضْ المعلوم!
- شيفرة المتنبي
- -شعراء- و -أدباء- و -كتّاب paste- (copy -
- فلسفة السلطة وعجز المعارضة
- الطائفية...تنوير أم تعصُّّب؟!
- مسافات.....
- الطائفية وضياع الانتماء والأوطان
- اليومُ الأَغَرّ
- إفسادُ الودِّ والقضية
- أصوات تعلو فوق صوت المعركة


المزيد.....




- مسجد سول المركزي منارة الإسلام في كوريا الجنوبية
- الفاتيكان يصدر بيانا بشأن آخر تطورات صحة البابا فرانسيس
- ملك البحرين: نستجيبُ اليوم لنداءِ شيخ الأزهر التاريخي مؤتمرِ ...
- وفد من يهود سوريا يزور دمشق بعد عقود في المنفى
- “اسعد طفلك الصغير” أغاني وأناشيد على تردد قناة طيور الجنة عل ...
- موقع سوري يستذكر أملاك اليهود في دمشق بعد بدء عودتهم للبلاد ...
- فرنسا تناقش حظر الرموز الدينية في المسابقات الرياضية
- شيخ الأزهر يطلق صرخة من البحرين عن حال العرب والمسلمين
- ملك البحرين يشيد بجهود شيخ الأزهر في ترسيخ مفاهيم التسامح وا ...
- احدث تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUR EL-JANAH TV على ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وهيب أيوب - الموتُ الآخر ل نصر حامد أبو زيد