|
رسالة قديمة إلى قيادة الحزب الشيوعي الأردني
فؤاد النمري
الحوار المتمدن-العدد: 3065 - 2010 / 7 / 16 - 00:05
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
[في الأول من أيار 1964 اجتمع جمهرة الشيوعيين في معتقل الجفر الصحراوي، وكنت بينهم، للإحتفال بعيد العمال العالمي؛ ووقف أحد الشباب قال أنه مكلف بتلاوة بيان الحزب الشيوعي الأردني بهذه المناسبة وعلا صوته زاعقاً لا ليعايد عمال العالم بالمناسبة بل ليشتم زعماءهم ويصف ماوتس تونغ بالكلب. فما كان مني إلا أن أنسحبت من الاحتفال، وقدمت في اليوم التالي إلى قيادة الحزب المذكرة التالية أدناه ــ المذكرة احتفظب بها مترجمة للإسبانيولية التي كنت تعلمتها في السجن خشية وقوعها بأيدي حراس المعتقل واسخدامها بالتالي من قبل المخابرات في تحقيقاتها التي لم تكن لتنقطع ليوم واحد. بعد سنوات طويلة نسيت الاسبانيولية ولم أعد أفهم ما كنت قد كتبت. عبثاً بحثت عمن يترجمها لي فاضطررت أخيراً بناء على إرشاد صديق أن ألجأ إلى مترجم الغوغل ــ ولعلّي أقدم هنا المعنى العام للرسالة لما تعكس من أضواء على تلك الفترة الفاصلة الذي أخذ فيها الانهيار يدب في الحركة الشيوعية العالمية، وهي أعظم حركة شعبية وأممية تشكّلت عبر التاريخ، حتى انتهت إلى ما هي عليه اليوم في حالة يرثى لها]
ترجمة نص المذكرة
في هذا الوقت العصيب حيث السلم الدولي يتعرض لأفدح الأخطار وتشن الامبريالية الأميركية هجوماً وحشياً على شعوب أميركا اللاتينية وفي مقدمتها شعب كوبا المقدام وشعوب جنوب شرق آسيا، وتحيك المؤمرات الخطرة في منطقة الشرق العربي ضد الحركة الشيوعية ومنها حزبنا الشيوعي الأردني، الحركة التي يتهددها شبح انشقاق مرعب تجسد بداية بالجدل الدائر بين الحزب الشيوعي السوفياتي من جهة والحزب الشيوعي الصيني من جهة أخرى وظل في معظمه خارج حدود المنطق فيما وصل إليه.
في هكذا ظروف يكتسب النضال على مختلف المستويات من أجل الحفاظ على وحدة الأحزاب الشيوعية ووحدة المعسكر الاشتراكي واجتناب أية خسائر محتملة، يكتسب أهمية قصوى. لكن وفي مثل هذه الظروف السيئة ترى بعض الأحزاب لبالغ الأسف أن أولى مهامها هو الولوج في الجدل الدائر بل وتصعيده باستخدام أوطى المستويات من القدح والشتيمة، بغض النظر عمن تخدم مثل هذه المسبات والشتائم، متجاهلة مهارة الرفاق في ابتداع وتطوير مثل هذه الشتائم. مثل هذه الأعمال تتعارض كلياً ودون أن تلغي العمل النبيل الذي قامت به مؤخراً بعض الأحزاب بإصدار بيان يطلب من الحزبين السوفييتي والصيني العمل على وجوب تصفية خلافاتهما ـ برأيي فإن هذا البيان يجسد الإخلاص الحقيقي للحركة الشيوعية وهو عين العقل.
كنت أفضل أن يختار حزبنا الطريق الآخر فبيانه أمس تحت عنوان " سنبقى على الدوام حزب لينين " فبدل أن يحيي عمال العالم بمناسبة عيدهم العالمي جاء مليئاً بأقذع الشتائم والمسبات. أنا لا أعلم لماذا يصر حزبنا على إشراكنا في هذه المعركة خاصة وأننا في قبضة العدو وعلينا ألا نتوانى في انتهاز أدنى فرصة لاحتلال ولو بوصة واحدة من أرض معركتنا الوطنية!! لا، أنا أرى أن يظل حزبنا بعيداً عن هذه المعركة وذلك كي لا يعطل الجهود المبذولة للمحافظة على وحدة الأحزاب الشيوعية والمعسكر الإشتراكي. جاء بيان حزبنا تحت عنوان " سنبقى على الدوام حزب لينين " بغيرمعناه، ففي الحقيقة لم أجد فيه أية أفكار يشيها العنوان بل جاء يفيض بالدعايات السوفياتية ضد الموقف الصيني المعروف ودون أن يتضمن أية أفكار تبرر إدانة الرفاق الصينيين بعد مناقشته بعمق. فبغير الشتائم لا يوجد فيه سوى المتناقضات التي تفضح نفسها في أسوأ المعاني. لست هنا في معرض مناقشة ونقد مثل هذه الخطوة السلبية ولكن أريد القول بأن لدي ما يكفي ليدفعني لكشف المستور وهو ما يضعني في الجانب المقابل. وضميري كشيوعي حقيقي ــ وكنت دائماً أميناً مع ضيري ــ سيخرجني عن صمتي لأحارب النار بالنار ولن ألتفت إذّاك إلى أية نتائج تتعلق بشخصي مها كانت فادحة.
حسناً إذاً إذ لي الحق كل الحق أن أناقش مع كل الرفاق دون استثناء بيان الحزب بالأمس كما بيانات الحزب الشيوعي السوفياتي ومواقف الحزب الشيوعي الصيني بالمقابل حول مختلف القضايا المطروحة؛ ولن أسمح لأي كان أن يهاجم الزعماء الصينيين مهما كلف الأمر. لقد علمنا حزبنا التضحية بكل شيء في سبيل الدفاع عن مبادئنا كما عن تصحيح مواقفنا وألا نتأخر عن خوض المعارك المتعلقة بذلك إذ ليس من حجة على الإطلاق تحول دون ذلك.
ولأجل الخروج من هذه المسألة الشائكة أود أن أقترح الإنتهاء من الجدل الدائر ومنعه لحين خروجنا من السجن حين يصبح من السهل تجاوز هذا الإشكال، فعلى الأقل نتحاشى حالياً تبادل الشتائم والسباب. ولئن كان ذلك مستحيلاً فلتكن إذاً مناقشة مختلف المواقف بكل حرية. وإذّاك لن أسمح لنفسي بمناقشة المواقف الصينية بتعصب ــ كنت قد اقترحت هذين الاقتراحين قبل عدة أشهر ــ طلبت إليكم يا رفاق الموافقة عليهما لأجل مسائل نتفق بالاجماع على أنها تساهم بكل الجهود في حل مقبول للإشكال القائم، وكيلا يتهمنا الحزب في المستقبل كأنصار للصين وقادة الحزب فيها. نرجو أن يولي الحزب هذه المسألة كل عنايته لأنها تتعلق بموقفه أولاً وأخيراً
معتقل الجفر الصحراوي في الثاني من أيار 1964
ملاحظة : أرجو أن أتمكن من ترجمة رد الحزب على هذه الرسالة بنفس الطريقة في وقت قريب ونشره في الحوار لفائدة المتابعين.
#فؤاد_النمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشروعية السؤال .. ما العمل؟
-
ماركسية صدر القرن الحادي والعشرين
-
البولشفية وضرورة إحيائها
-
الماركسيون ليسوا يساريين
-
سفر الخروج / 3
-
ما بين الرأسمالية والإستهلاكية
-
أزمة اليونان مرة أخرى
-
ما تفسير الأزمة في اليونان؟
-
سفر الخروج 2
-
سفر الخروج
-
حول أطروحة المحطة المنحطة مسدودة المنافذ
-
حميد كشكولي ضد الإشتراكية
-
محطة الإنحطاط التي تحط فيها البشرية اليوم
-
تاريخ الإنسان كتبته العبودية وليس الحرية
-
تطوير العمل الفكري والثقافي للحزب الشيوعي العراقي
-
هل الرأسمالية متقدمة على الإشتراكية !؟
-
من يفتح ملف الإشتراكية !؟
-
ليس شيوعياً من يغطي على الأعداء الفعليين للشيوعية
-
القانون العام للحركة في الطبيعة (الديالكتيك)
-
الوحدة العضوية للثورة في عصر الإمبريالية
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرارات الاضراب العام الوحد
...
-
ألمانيا: آلاف المتظاهرين في برلين احتجاجا على -التقارب- بين
...
-
الجامعة الوطنية للتعليم FNE تدعو للمشاركة في الإضراب العام
...
-
قبل 3 أسابيع من التشريعيات.. مظاهرة حاشدة في ألمانيا ضد التق
...
-
ما قصة أشهر نصب تذكاري بدمشق؟ وما علاقته بجمال عبد الناصر؟
-
الاشتراكيون بين خيارين: اسقاط الحكومة أم اسقاط الجبهة الشعبي
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تعمل من أجل إنجاح الإضراب الع
...
-
تعليم: نقابات تحذر الحكومة ووزارة التربية من أي محاولة للتم
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// موقفنا..اضراب يريدونه مسرحية ون
...
-
استمرار احتجاجات ألمانيا ضد سابقة تعاون المحافظين مع اليمين
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|