معتقلو دول مجلس التعاون في الأجندة الأمريكية

عبدالرحمن النعيمي

الحوار المتمدن-العدد: 931 - 2004 / 8 / 20 - 11:28
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    

يبدو أن عدداً من معتقلي سجن قاعدة غوانتانامو الأمريكية في كوبا، هم من رعايا دول مجلس التعاون الخليجي قد عانوا من التعذيب ما عاناه اشقاؤهم العراقيون في سجن أبو غريب على يد السجانين الأمريكان، رغم عدم الكشف - للوقت الحاضر- عن مدى الاهانات التي تعرضوا لها خلال الفترة المنصرمة من اعتقالهم وللوقت الحاضر.

وتتفاعل هذه القضية بشكل متصاعد في البحرين حيث للقضية شقان، أحدهما في البحرين والآخر في غوانتنامو فمنذ قرابة شهر اقدمت النيابة العامة على توقيف ستة من المواطنين البحرينيين للمرة الثانية بموجب تعليمات امريكية تتهمهم بالعلاقة مع تنظيم القاعدة وانهم بصدد القيام بعمليات ارهابية تستهدف المصالح الامريكية في البحرين. اما معتقلو جوانتنامو البحرينيون فقد تسربت معلومات مفادها أنهم يتعرضون لتعذيب شديد.. حسب ما ورد من معلومات أدلى بها أحد المعتقلين البحرينيين «جمعة الدوسري» عن التعذيب الوحشي الذي تعرض له هو والشيخ سلمان بن إبراهيم الخليفة أحد الستة المعتقلين الآخرين.. وحيث تفاعلت هذه القضية وتلك فقد اقدمت وزارة الخارجية في البحرين على تقديم مذكرة استفسار إلى السفارة الأمريكية حول صحة المعلومات المتسربة من السجن حيال ما يلقاه هؤلاء المعتقلون.

ويبدو ان حكومة البحرين تسعى لتسليط الاضواء على معتقلي جوانتنامو في الوقت الحاضر على الصعيد الإعلامي الداخلي لحجب قضية المعتقلين الستة «بسام بوخوة ورفاقه الخمسة» الذين تصر النيابة العامة ووزير الإعلام على تحريم الكتابة أو الاشارة إلى قضيتهم في الصحافة البحرينية مهددة بتطبيق قانون المطبوعات على أي صحفي يتناول قضيتهم في الوقت الذي اشارت فيه الكثير من الصحف العربية كالحياة والشرق الأوسط وغيرهما إلى تفاصيل ما جرى معهم، كما ان الاجهزة الأمنية المعنية قد سربت معلومات اضرت بالمعتقلين وشوهت سمعتهم في الأيام الأولى من اعتقالهم، ثم اقدمت على ممارسة المنع المتكرر حول القضية ذاتها.

ومن الجدير بالذكر ان النيابة لم تتمكن من توجيه اتهامات محددة جديدة لهم سوى تلك التي وجهتها إليهم في فترة سابقة، ثم اطلقت سراحهم، لكنها تصر على احتجازهم لمدة خمسة واربعين يوماً وقد تجدد توقيفهم بموجب الصلاحيات المخولة لها.. ما اثار الكثير من التساؤلات لدى كل العاملين في الحقل السياسي والقانوني في البحرين بالاضافة إلى عدد من النواب الذين تبنوا قضيتهم وتم طرحها على أعلى المستويات ولكن لم يحصلوا على اجابات شافية.

ويبدو ان السلطة محرجة في قضية المعتقلين المذكورين سواء الموجودون في سجن جوانتنامو أو البحرين حيث انها تؤكد باستمرار ان بينها وبين الولايات المتحدة تحالف استراتيجي.. لكنها لا تريد أن يكون هناك أي معتقلين سياسيين وخاصة من التيار السلفي الذي اعتمدت عليه في الفترة السابقة، وترى فيه رصيداً لا غنى لها عنه لمواجهة قوى المعارضة السياسية أو المجتمعية، وبالرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها عدد من المحامين العرب ومراكز حقوق الانسان في البحرين والكويت وقطر حول معتقلي دول المجلس، فإنه لا يتوقع ان تحسب الولايات المتحدة حساباً لهذه الدول كما حسبت لحليفتها بريطانيا مثلاً.. خاصة ان الرأي العام الأمريكي قد تمت تعبئته ضد العرب والمسلمين عموماً ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص.. بزعم ان الإرهاب نابع من هذه المنطقة، وان كل مواطن خليجي هو ارهابي حتى تثبت براءته!!

وترسل حكومة البحرين اشارات بين الفترة والاخرى حول موقفها من الضغوطات الأمريكية، حيث تصدرت احدى الصحف المحلية حملة واسعة ضد المعهد الديمقراطي الأمريكي الذي نشط بشكل واسع خلال السنتين المنصرمتين في البحرين واحتضن عدداً من الفعاليات وورش العمل لتدريب النواب والشوريين والفعاليات السياسية وروّج لتمكين المرأة والشباب في العمل السياسي ضمن الخطوط العامة للترويج للمشروع الاصلاحي.. لكنه بدأ ينحو باتجاه توجيه انتقادات علنية إلى الفساد الحكومي والتباطؤ في العملية الاصلاحية.. الا ان بعض الشخصيات السياسية ترى في هذه الانتقادات مؤشراً إلى عدم الارتياح الرسمي للسياسة الأمريكية الضاغطة باتجاه المزيد من الاصلاحات أو الدافعة للمزيد من المواجهة مع التيار السلفي في البحرين.. خاصة أن قضية الاعتقال بدأت تستقطب المزيد من التيارات السياسية المختلفة والمتباينة المنطلقات الفكرية.. لكنها متفقة على ضرورة التصدي لاي سياسة تعيد البلاد إلى مسلسل الاعتقال سيئ الذكر الذي عانت منه البحرين عقوداً طويلة.

#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات