أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - رهاب- قصة قصيرة















المزيد.....

رهاب- قصة قصيرة


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3061 - 2010 / 7 / 12 - 23:04
المحور: الادب والفن
    


رهاب

من منا لا بحب القطط .., القطط الصغيرة ناعمة الملمس , بموائها الخاضع المتوسل أحيانا بيضاء عيونها زرق كزرقة السماء , من منا لم يشاهد تلك الإعلانات الضوئيةلسكاير (كريفن) برأس قطة سوداء جميلة, من منا لم يقتن ألبوم صور تزين غلافه قطتان جميلتان, من لم يصف حسناء فاتنة بأنها كالقطة و تلك الأمور المقصودة و المعنية بالجمال عند مقاربة عينها بعيون قطة , أتذكر أن لي صديقا عندما كنا في أول عتبات الرجولة كان يعشق شقراء من طالبات إعدادية البنات و هي طبعا لا تعلم بذلك مطلقا , لكنه افترض و صدق افتراضه أنها حبيبته و أنها الأثيرة لديه دون بنات جنسها لذلك فهو يسمح لنفسه أن تحلم بها بعد أن ينام مؤثثا دماغه الغر بصورة لعينيها اللتين تشبهان عيني القطة , آه ماذا أقول لكم و أنتم تعرفون ماذا تعني قطة تلحس يديك بخضوع خالص و تمؤ و هي في حضنك, هكذا هي القطط موجودة في أغلب البيوت.
ما يهمني من ذلك إن فكرة صديقي قد أثرت علي بشكل عميق وكنت معجبا جدا بأسبقيته في توصيف الحبيبة بالقطة وعلقت أن تكون الحبيبة كالقطة برأسي لذلك لم بكن رأسي يخلو يوما من صورة لقطة , فكرت أن أقتني قطة لكنني لم أحصل على فرصة فقد كنت أدرس في جامعة السليمانية بعيدا عن أهلي حتى إنني بعد تخرجي بدأت أجمع صورا لقطط مميزة و ألصقها على جدران غرفتي و لا زالت موجودة منذ تلك الأيام , و ها أنا أبحث عن زوجة لي بعد تعييني مهندسا في وزارة الري , أمي من النوع الذي يجامل النساء كثيرا في محلتنا ذات الأزقة الضيقة و البيوت المواجهة لبعضها لكن أمي كان لها نشاط آخر يجعل كثيرا من النساء يلجن بيتنا بشكل يومي تقريبا و يأتين أحيانا من أزقة بعيدة , عن زقاقنا الذي أعرف كل فتياته اللواتي لم أعجب بواحدة منهن على الرغم من أن إحداهن كانت راغبة بي حد الغرام ,لكنني لم أكن أعير لها انتباها .
إن أمي كانت خياطة ماهرة لذلك فمجلس النساء منعقد بشكل يكاد يكون يوميا , يثرثرن , يخلطن الحابل بالنابل كما يقال , الأسود بالأبيض , و لا يتركن عاليا إلا أهبطنه و لا واطئا إلا رفعنه , هكذا بدت الأمور و أنا أحلق ذقني أمام المرآة التي فوق المغسلة بجانب غرفة الجلوس حيث أسمع حديثهن , قالت إحداهن لي سبع بنات و لا من خاطب يطلبهن للزواج , قالت أخرى أمرا آخر , وقالت التي تجلس محاذاة أمي إن في الزقاق الفلاني يا ما شاء الله بنت فلانة صبية جميلة كأنها قطة لم أر بجمالها و لا من يتقدم و لا من يخطب , عند ذلك أصغيت بكل سمعي و توقفت عن حلاقة ذقني لكن الحديث عنها توقف و تغيرت دفة الحديث إلى مواضيع أخرى , قالت كأنها قطة , يا للروعة و غرفتي ملآى بصور القطط الجميلة , و في اليوم التالي رحت أتجول عصرا قرب بيت هذه القطة و كما وصفت المرأة , لم ألاحظ شيئا , كان هناك بعض الشباب يروحون و يغدون كأنهم هررة في شباط بارد و هكذا بقيت على هذا الحال خمسة أشهر طويلة و أنا أراقب و أجمع المعلومات و صارت لي علاقات جيدة مع بعضهم الذين هم بسني إلى أن جاء يوم رأيتها فيه , نعم كانت قطة كأنها حلم صديقي و في اليوم التالي بعد أن أقنعت أمي , أرسلت أمي أحداهن لجس نبض أهلها فكان نبضهم جيدا و كانت النتائج إيجابية بعد ذلك اتفقت أمي و أمها أن تصحبني أمي لزيارة بيتهم لكي أراها , جلسنا في الصالون الذي يشبه صالون بيتنا و يبدو أنهم لا يختلفون عنا كثيرا, أثاث بيتهم كأثاثنا و سجادتهم مثل التي عندنا تركية المنشأ , و بينما كنت أتفجص هذه الأشياء دخلت علينا قطتي و هي تحمل صينية العصير , هكذا يفعلون في مثل هذه الأحوال و قبل أن أتناول قدح العصير من الصينية شممت رائحتها كانت طيبة كرائحة الورد لكنني لاحظتها عندما جلست على الكرسي المقابل جنب أمها أن قطة حقيقية كانت تقف على قائمتيها الأماميتين بوضع ثعلبي , لم تكن أية قطة لتفعل ذلك و في حينها لم أكن منشغلا بالقطة الحقيقية قدر انشغالي بقطتي الجميلة و أخيرا و قبل أن نتهيأ للمغادرة بعد الإتفاق على كل الأمور حددنا موعدا للخطوبة و الزواج و اتفقت أمي و أمها على كل التفاصيل وباتت القضية محسومة , لكن و قبل أن ننهض بلحظات أسرت أمها بإذن أمي شيئا و أنا منشغل بالنظر الى قطتي و قطتها التي لم توحي لي بأنها قطة أبدا بل كانت الصبية أكثر شبها بالقطط من قطتها فضحكت أمي ضحكة مسموعة و التفتت إلي قائلة لا أعتقد أنه يمانع فهو يحب القطط أيضا , استوضحت الأمر, ماذا يا أمي؟ أشارت أمي إلى القطة و قالت عليك أن تتزوج البنت و قطتها و سمعت أمها تقول إنها لا تستطيع الابتعاد عن قطتها لحظة واحدة , وافقت على الفور و اعتبرت الأمر سخيفا إذ ما المانع و أنا أحب القطط , و بعد مضي شهر طويل كنا قد تزوجنا و انتقلت قطتي و قطتها التي لا تشبه القطط العادية إلى غرفتي و كنت سعيدا بهما معا في البداية غير أنني تأكدت أن روح قطتها لا تشبه أرواح القطط الأخرى بأية حال فقد كانت تراقبني رقابة مقصودة و كأنها تقول لى أنا هنا فاحذر ثم أعود و أكذب نفسيو أقول: لا إنها قطة إلا أن رأسها يختلف قليلا عن رؤوس القطط الأخرى و هي عندما تسمع حركة ما تمد عنقها الذي هو أطول قليلا من عنق أي قطة و تنتصب أذناها كانتصاب آذان إبن آوى من يراها من بعيد يحسبها ثعلبا صغيرا و ليست قطة و ذيلها المنفوش يشبه ذيل غبن عرس كأنه فرشاة تنظيف الأثاث . إن ذلك غير مهم بالمرة مادامت عروسي راضية , لكنني و بعد أيام لاحظت في الليل إن هذه القطة تحشر نفسها بيني و بين زوجتي و أحيانا تخدشني بشكل سري بمخلبها ذلك عندما يلتصق جسدي بجسد زوجتي و كأنها تحذرني بأني قد عدوت حدودي , في البداية لم أعر بالا لهذه الأمور لكن هذه القطة صارت تنمو بسرعة و بدأ يتغير شكلها الخارجي إلى أن تكون ثعلبا ,
لاحظت أنها تغادر الغرفة في الليل من النافذة ساعة أو ساعتين , ذلك أفرحني كثيرا فقد أمست خلوتي كاملة مع زوجتي بيد أنني عندما أستيقظ صباحا أرى آثار ريش على فمها و هي نائمة على ذراع زوجتي و أجد آثار دم على قمبص نومي و حين أنظر اليها بريبة تتحول إلى كائن متوحش يريد أن يغرز أنيابه في فخذي العاري و عندما بدأت أحسب لها حسابا بحثت الأمر مع زوجتي قالت : ما الأمر ؟ ألم يكن شرطي الوحيد هو احتفاظي بقطتي ؟ قلت لها تخلي عن هذا الحيوان الذي لا يشبه القطط بأي حال من الأحوال و سأجلب لك قطة أجمل منها فرفضت رفضا قاطعا مشوبا بالتهديد و الوعيد فسكت مرغما.
وبعد ستة أشهر تحولت هذه القطة أو التي كانت قطة إلى حيوان يشبه الذئب المتقطط أو القطة المستذئبة فصرت أتركها مع زوجتي و أهرب إلى الطابق الأرضي لأقضي أوقاتي مع أهلي و إخوتي و عندما تنتهي السهرة و اطلع إلى غرفتي حيث مكان نومي أجد زوجتي نائمة يحرسها هذا الحيوان الذي لا ينام غلا بعد نومي , هذا الحيوان الذي كان قطة في يوم ما و أمسى ذئبا , فأرجع من حيث أتيت و أنام في غرفة الجلوس , بحثت الأمر مع امرأتي مرة أخرى فلم يجد ذلك نفعا , هي تقول أنت تتوهم , هي قطتي نفسها لكنها كبرت قليلا , و لما لاحظت زوجتي عمق معاناتي قالت إنها ستربطها الى قائم السرير من جهتها عند ذلك لا داعي لخوفك حيث تستطيع دخول السرير من الجهة الثانية لكنني كلما أفعل ذلك تهر علي بما يشبه الزئير , أيعقل أن القطة تزأر , لا إنها ليست قطة , بلى , كانت قطة و الآن أمست ذئبا .
خلاصة القول إن حياتي مع زوجتي امست مرعبة لكنني كتمت كل ذلك عن أهلي و لم أتحدث لأحد و في ليلة من ليالي الشتاء طلعت إلى غرفتي لأنام فوجدت زوجتي نائمة وقد تحول حيوانها إلى نمر , نعم نمر ببراثنه و مخالبه و عينيه المخيفتين و لما أحست بفراغ مكاني في السرير هبطت الى غرفة الجلوس فوجدتني ملتحفا بلحافي أرتعد من البرد و الخوف من حيوانها الذي تحول إلى نمر تساءلت مع نفسي لماذا لا تستطيع هذه المرأة الجميلة أن ترى هذا الحيوان نمرا أهي بليدة إلى هذا الحد و ما زالت عند رأيها أنها قطتها و لكنها كبرت قليلا , قلت لها ذات مرة مستنكرا و هذه جروحي و الخدوش و زئيرها الذي لا يشبه مواء قطة قالت لم يكن ذلك كما تقول و لكنها قطة كبيرة أقنعتني بكل وسيلة أنني أتخيل ذلك و أن الموضوع لا يعدو عن كون قطتها قد كبرت و صارت تشبه سلالتها التي لم أر مثلها من قبل لكنني رفضت رفضا قاطعا أن أطلع معها و أقنعتها بالبقاء معي في غرفة الجلوس و في اليوم التالي اتفقنا على أن أعمل لها قفصامن الحديد المشبك بقضبان متينة عند الحداد الذي في بداية الشارع و عندما فعلنا ذلك و أدخلنا معها في القفص إناءين للماء والطعام و فرشنا أرضية القفص بقطعة من الموكيت العتيق . كانت هادئة في الليلة الأولى لدخول القفص و لكنها بدأت في الليلة التالية بالزئير الذي أقض مضجعي و صارت تضرب على القفص ببراثنها القوية فهي لم تكن قطة بالمرة بل كانت كما أراها نمرا تمد مخالبها و تسحب الشراشف و زوجتي تضحك و أنا مرتعب أقول لها إنها نمر و تقول لي إنها قطة لكنها من فصيلة كبيرة الحجم , لم أعد أستطيع النوم مع زوجتي, بدأت لا أميل اليها , جعلتني أشعر أنها لا تريد أن تتخلى عن حيوانها المقرف هذا و أشعرتني أنها تميل إلى التخلي عني و لن تتخلى عن هذا الحيوان الذي تدعوه قطة و بعد تفكير طويل حسمت أمري , وفي صباح اليوم التالي قدمت طلبا الى المدير العام لنقلي الى مشروع سدة الهندية مقنعا زوجتي بأن ذلكسيدر علينا دخلا جيدا لكن الحقيقة أنني تخليت عن زوجتي لحيوانها و لم أعد إلى البيت إلا بداية كل شهر كانت زوجتي قد اشتكت لأمي و أمي قالت يا ولدي إنها قطة ولكنها أكبر قليلا من القطط قلت لها في سري تعالي يا أمي خذي عيوني و نامي مع زوجتي لتري انها نمر و ليست قطة



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وظيفة محترمة - قصة قصيرة
- حصيات شيرين الجميلات- قصة قصيرة
- مياه ضحلة- قصة قصيرة
- ريب الضباب-قصيدة
- الفقاعة-قصة قصيرة
- يوميات
- سل الفؤاد-قصيدة
- مولعون بالوهم
- مسامير الأوغاد - شعر
- احلام
- السيدة ذات الوردة البيضاء
- الطبول
- الحصن
- المهمة
- إغتيال الحمامة
- الدغل
- ميسان


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - رهاب- قصة قصيرة