ئاشتي
الحوار المتمدن-العدد: 3061 - 2010 / 7 / 12 - 01:58
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
14 تموز
ذلك الحلم ُ........تلك الثورةُ
ئاشتي
حين يسحبك الماضي إلى حضرته اضطرارا،تحاول أن تتجاوز منحنى الذكريات،كي لا تغرق في دوامة أدوات الاستفهام جميعها،أو تبحر على قارب اللوم وتحميل المسؤولية،رغم شرعية الأسئلة وأحقية اللوم،إلا أن الاستراحة عند منحنى الذكريات،رغم أهميتها أحيانا،فهي لا تعدو أكثر من لعبة يُراد منها التغني والتغزل بماض،لا يكرر نفسه كتاريخ حيوي إلا مأساة مثلما قال العم ماركس.وتجاوز منحنى الذكريات لا يعني الهروب من استنشاق عبير زهورها (اقصد الذكريات)وإنما هو محاولة للتخلص من تأثير فعل كان على آلية التفكير.
حين يسحبك الماضي إلى حضرته اضطرارا،لا تحاول أن تغمض عينيك عن سوءاته،بل أنظر إليها بكل سعة عينيك،وتأمل الانكسارات وأسبابها،ولكن عليك أيضا أن تبحث في ذاتك عن أهرامات المستقبل،حيث الأفق أوسع مدى والطريق رحبة،ودع عجلات عرباتك تسير بكامل تعجيلها،فليس أمامها غير رحاب المستقبل،وليس خلفها غير فعل سوف يسمى ماضي.
حين يسحبك الماضي إلى إحدى حلقات حضرته القريبة جدا،محددا بتاريخ منتصف شهر تموز من عام 1958،أطلقنا عليها فعل الثورة،وأطلقوا عليها فعل الانقلاب،فكانت بالنسبة لنا ذلك الحلم....تلك الثورة،وكانت بالنسبة لهم ذلك الكابوس ....تلك المجزرة،والفرق بين الحلم والكابوس كبير،فالحلم بفضاءاته البنفسجية،جعلنا نسبح في نهر الاطمئنان،ونتيه في عالم الأمنيات،مثل أمنيات بائعة اللبن.
(أبيعُ قعب اللبن
فأغتني ما أغتني
فأشتري دجاجة
تك تك تك تك تم تك تك تك تك تم) أما الكابوس فهو تلك الصخرة التي تجثم على الصدر، لهذا تناخى الكثيرون من دول الجوار، من أجل أزاحتها عن الصدر،وتنشيط ذاكرة النائم بأسلحة الانتقام والثأر.
تلك الثورة... كانت بالنسبة لنا فرحا أبيضا، وبالونات محبة مرسومة عليها ابتسامة شهيدها،كنا نحلق معها في الفضاء،رغم تكلس أحزاننا.
أما تلك المجزرة...فقد رسموا لها بحرا من الدم،وأرادوا أن يملؤوه، فما كان غير دماء الشيوعيين،لهذا شمروا عن سواعدهم،الإذاعات كانت ترشدهم على بيوت الشيوعيين،الحاكمون بالأمر أباحوا الدم الشيوعي،فكان لهم ما أرادوا.
هل تراني تجاوزت منحنى الذكريات؟؟ أشك بذلك !!
*نشر في جريدة( طريق الشعب) يوم الاثنين المصادف 12 تموز 2010
#ئاشتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟