أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد قانصو - لا طبقية في الإسلام














المزيد.....

لا طبقية في الإسلام


محمد قانصو

الحوار المتمدن-العدد: 3060 - 2010 / 7 / 11 - 21:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تشرق شمس المبعث النبوي الشريف بخيوطها النورانية مبدّدة كل تراكمات العتمة الجاهلية , معلنة الإنتصار للفطرة الإنسانية, والأولوية الأولى للعقل العابر نحو ملكوت السماء , منهج إلهي يتسلّمه الرسول الحبيب (ص) بيد الوحي الأمينة, ودستور آهل لقيادة الكون حتى النهاية الحتمية , يحتضن بين طياته ثالوث الحق والخير والجمال, ويعلن أنّ الأخلاق هي القيمة العليا وعنوان الرسالة وخاتمة البيان .
الناس سواء في الحق وفي الواجب , في اللون والعرق والإنتماء, مبدأ أسس له الإسلام متحدّياً موروثاً ضارب الجذور في عمق الصحراء العربية على امتداد سنين طوال, وليس سهلاً أن يقف الدين الغضّ موقف المواجهة قبالة عتاة مكة المتأبطين بامتيازاتهم, المختبئين وراء أقنعة من وهم تخفي قسمات قبح وصلافة احتفرت على وجهوهم المكفهرّة علواً وكبرياء , ولكنّها المساواة التي أرادها الإسلام وبنى عليها بنيانه وقامت عليها أركانه , فهانت لأجلها التضحيات وأُرخصت دونها الدماء ..
لا فضل لعربيّ على أعجميّ, ولا لأبيض على أسود, ولا لغنيّ على فقير, ولا لحاكم على محكوم, ولا لإنسان على إنسان إلا بتقوى الله , تقوى الفكر والخلق والممارسة. التأمّل في هذه القاعدة ودراستها يقودنا لإدراك الفارق بين مبدأ التفاوت الذي أقرّه الإسلام , و بين منطق الطبقية الذي أنكره, فالإسلام يعتبر التفاوت شرطاً من شروط إستقامة المسيرة البشرية, وحافزاً نحو التطوّر والتكامل, ونتاجاً للسعي وميزاناً للكفاءة , وفي الوقت عينه يرى الطبقية نموذجاً للإستعلاء, وأداة للظلم , وامتهاناً لكرامة الإنسان ..
بناء على الموقف الإسلامي الثابت من الطبقية واعتماداً على ميزان الرؤية النبوية المباركة التي قررت أنّ الناس سواء كأسنان المشط, تأتي المحاكمة المنصفة لكثير من الظواهر الإجتماعية المعاشة في كنف المجتمع الإسلامي والتي تلبس ثوب الطبقيّة البغيضة في بعض تجلياتها . فلو نظرنا إلى ممارسة السلطة كنموذج لوجدناها بنظر بعض أهلها مطيّة للتعالي والخيلاء ,وأداة لامتهان الناس وإذلالهم, وهنا نسأل ما الذي يجعل من الحاكم وحكومته طبقة تمتهن ما دونها ؟! وهل السلطة أو الحاكمية إلا جسر للعبور إلى مرضاة الله من خلال قضاء حوائج الناس ودفع الأذى عنهم وإدخال السرور والرضا إلى قلوبهم ؟ ما الذي يحوّل الحاكم من حمل وديع يتوسّل محابة الفقراء والضعفاء سُلما للوصول إلى الكرسيّ, ليتحوّل بعدها إلى وحش كاسرٍ أو عنجهيٍ متعجرفٍ يحيط نفسه بأسوار حديدية أو حفنة من أزلام مسترزقة ؟! أوليس في أطروحة عليٍ (ع) وتجربته في الحكم نموذجاً يليق بأن يحتذى ويتبعه أرباب الحكم ويحتذون حذوه , فما أروع ما قاله (ع) في عهده لعامله مالك الأشتر: " وأشعر قلبك الرحمة بالرعية، والمحبة لهم، وألطف بهم، ولا تكوننّ عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان : إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق، يفرض منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتي على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم،ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولّاك ".
إنَّ الطبقية التي تجعل من المجتمع كياناً منقسماً على نفسه , وتشعر أبناءه بالتفاضل فيما بينهم, وتعود بهم إلى زمن النبلاء والعبيد, هي طبقية مرفوضة أنّى يكن شكلها ولبوسها! سيما لو اتخذت لنفسها شكلاً دينياً وتجسّدت فيما يعرف بطبقة الأكليروس, أو طبقية رجال الدين الذين يعيشون حالة من التعالي على الناس وعدم النزول إلى أرض الواقع لمحاكاة واقع البسطاء وتحسّس أوجاعهم ومآسيهم, إنّ إدعاء القداسة وتعظيم الهالة الشخصانية لا يمتّان إلى سيرة النبي وأهل بيته الأطهار(ع) بصلة, لأن الأئمة (ع) كان ديدنهم خدمة الناس وصلتهم وبرهم, وقد ضرب لنا الإمام السجاد علي بن الحسين بن أبي طالب عليه وعلى آبائه التحية والسلام أروع نموذج للتفاني في قضاء حوائج المحتاجين والمساكين بحيث كان يرى في خدمة أصحاب الحاجات أقرب الطرق للوصول إلى مرضاة الله عز وجل .
وإلى طبقية أهل الحكم والدّين لا بدّ من الإشارة إلى الطبقية العرقية أو النسبية التي تطاولت أفنانها إلى زماننا هذا بعد أن كانت سمة في التصنيف والتقسيم عهد الجاهلية , فمن زمن بني فلان الأشرف والقبيلة الفلانية الأكثر نسباً وعدداً وجاهاً ورفعة, إنتقلنا إلى زمن الشهرة والعائلة والآل وعدد الأصوات الإنتخابية أو مقاعد الوجاهة التي تحتلها العائلة وإلى ما هنالك من عناوين إعتبارية , وهذا بكلّه مخالف لصريح القرآن والسنة الشريفة, لأنّ ميزان التفاضل في الإسلام هو التقوى وأنّه يوم القيامة لا أنساب تغني ولا عشائر تنجي ..
وفي الخلاصة فإنّ الإسلام الذي استطاع تذويب الرّق ومسح الزمان الذي كان الإنسان فيه يباع ويشترى , هذا الدين يدعونا الى المساواة ونبذ التفرقة فيما بيننا, وأن ندين لله وحده ونقتدي بسيرة رسوله الأعظم (ص) الذي دخل عليه مرّة رجل من عامة الناس ولمّا جلس بين يديه المباركتين راح يرتجف ويرتعد لهيبة النبي (ص), عندها قال له صاحب الخلق العظيم (ص) :" هوّن عليك إنما انا إبن إمرأة كانت تاكل القديد في مكة ".فسلام عليك يا نبي الإنسانية والقيم ما بقيت خالداً وبقي الليل والنهار!.

الشيخ محمد قانصو
كاتب وباحث لبناني
[email protected]



#محمد_قانصو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كُسفت شمس الفكر .. يا سيدي الإنسان !!.
- العدل أساس الحكم !..
- الموسيقى في قراءة علمية إسلامية
- أنسنة الجنس في التصور الإسلامي
- أحلامهم الفقيرة !..
- عذراً يا أمِّي .. من قَدرٍ أُميٍّ ..
- الخرس الزوجي
- الخصوصية بين الإحترام والإقتحام ..
- إنتخب وعيك
- هل المهر حبرٌ على ورق ؟!..
- قراءة في مشروع قانون لحماية النساء من العنف الأسري ..
- التخطيط الأسري في المجتمع الإسلامي
- مسرحية العريفي
- شلال الضوء
- الحب من منظور إسلامي
- الحوار
- عقوبة الإعدام .. رؤية إسلامية
- نعم ولا واخواتهما
- الإسلام والآخر
- يا التقاء الفرقدين !..


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد قانصو - لا طبقية في الإسلام