أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - نساؤهم ونساؤنا















المزيد.....


نساؤهم ونساؤنا


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 3060 - 2010 / 7 / 11 - 09:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في بداية حياة الإنسان على هذا الكوكب، بعد أن انفصل عن القرد Apes ومشى على رجلين، كان مصدر الرزق الوحيد هو الصيد وجمع الثمار من الأشجار. ولما كان الرجل غير مرتبطٍ بتربية الأطفال، احتكر هو الصيد وربما ترك جمع الثمار للأنثى. ونتيجةً للجهد العضلي الذي كان يبذله في الركضد وراء الحيوانات أصبح الذكر يمتلك عضلات أكبر وأقوى وزاد حجمه تدريجياً.
ومع اكتشاف الزراعة، شاركت المرأة في الزراعة والرعي بالإضافة ‘لى إنجاب وتربية الأطفال، واعترف لها المجتمع بذلك لكونها واهبة الخصب وواهبة الحياة، فجعلوها إلهةً. وقد انسحب هذا المفهوم على جميع المجتمعات البدائية التي امتهنت الرزراعة أو الرعي وجعلت آلهتها إناثاً، كما في المجتمع العربي الجاهلي الذي كانت آلهته اللات والعُزى ومناة. ولكن لا شيء يدوم إلى الأبد. بالتدريج حل الإله الذكر مكان الأنثى واضطهدها ليمنع أي محاولة من جانبها لاسترداد مكانتها الأولى.
وجاءت اليهودية وبخّست المرأة إلى أقل درجة ممكنة وجعلتها نجساً يجب الابتعاد عنه إلا وقت إشباع الرغبة الجنسية للرجل. والنجس لا يحق له ملامسة الكتب المقدسة ولا الاشراف على الرجال أو مشاركتهم عبادتهم. وبما أن المسيحية جاءت تكملة لليهودية، فلم يتحسن وضع المرأة إلا قليلاً، وظلت منبوذة في الكنيسة الكاثوليكية، لا يجوز لها أن تتبوأ مركز القيادة. ثم جاء محمد بإسلامه الذي بالغ في تحقير المرأة رغم ادعاء المسلمين أن الإسلام كرّم المرأة.
ومع ثورة مارتن لوثر في ألمانيا ونشوء الكنيسة البروتستانت Protestant في بعض الدول الأوربية، خاصة إنكلترا، كان من المتوقع أن تحتل المرأة مكاناً رفيعاً في الكنيسة، ولكن ذلك لم يحدث إلا في القرن العشرين عندما سمحت الكنيسة للمرأة بأن تكون قسيسة، ولكنها حتى الآن ممنوعة من أن تكون أسقفاً Bishop. وأما الكنيسة الكاثوليكية فما زالت تمنع على المرأة أن تكون قسيسة ولكن تشجعها على أن تكون راهبةً. ولكن بعد موت الراهبة يمكن أن يرفعها البابا إلى مصاف "سينت" Saint بعد أن كانت هذه الدرجة من القداسة محظورة على الرجال فقط. وقد رفّعت الكنيسة الكاثوليكية أكثر من خمسمائة امرأة في العالم إلى درجة Saint.
اعتمد الذين يعارضون مشاركة المرأة في المجالات الدينية أو الاجتماعية على أعذار واهية مثل أن طبيعة المرأة البولوجية تختلف عن طبيعة الرجل وبالتالي هي غير مهيأة للقيام بأعمال الرجل. ولكن في حقيقة الأمر فإن التكوين الجسدي anatomy ووظائف الأعضاء في المرأة البالغة (في غير أوقات الحمل والرضاعة) لا تختلف عن وظائف أعضاء الرجل إلا في أن المرأة تمتلك رحماً صغيراً لا يزيد حجمه عن قبضة اليد، وتفرز غددها الصماء هورمون الانوثة الأستروجين بكميات قليلة، وهورمون الذكورة التستوسترون بكميات أقل. وفي الرجل يحدث العكس فيفرز جسمه هورمون التستوسترون بكميات قليلة وكذلك هورمون الأنوثة الاستروجين بكمية أقل. وحتى الأعضاء التناسلية متشابهة، فالرجل يحمل أعضاء الأنثى ولكن في حجم صغير جداً، والمرأة تحمل أعضاء الذكر مصغرة. فالشفران الكبيران هما عبارة عن الصفن – جلد الخصيتين – في الرجل، والمبايض هما الخصيتان. وتنمو الخصيتان في الجنين الذكر في البطن، في نفس المكان الذي تنمو فيه المبايض، ثم تنزلان قبل الولادة من البطن إلى الصفن. والبظر هو العضو الذكوري مصغراً. ويتكون جسم الإنسان من ستة وأربعين كروموسوم، يشترك الرجل والمرأة في خمسة وأربعين منها، ويفترقان في كرموسوم واحد فقط. فلا التكوين الجسدي ولا الفسيولوجي يمنع المرأة من القيام بما يقوم به الرجل
وهناك قانون في علم الفسيولوجي يقول إن أي عضو في جسم الإنسان إذا لم يُستعمل بكثرة يضمحل. ولما سجن الرجل المرأة في البيت ومنعها من الصيد والركض، اضمحلت عضلاتها. ولكن اليوم، وفي أوربا وأمريكا نرى نساءً قد واظبن على التردد على مراكز التدريب العضلي gym فكبرت عضلاتهن إلى مستوى يفوق عضلات تسعين بالمئة من الرجال، ومنهن من تلعب الركبي Rugby وتفوق قوتها العضلية قوة كثير من الرجال. والتحقت المرأة بالجيوش وأصبحت تؤدي كل المهام التي يؤديها الرجل، وحتى في الشرطة أصبحت المرأة الأوربية والأمريكية قائدة يطيعها الرجال. وفي السياسة أصبحت المرأة رئيسة جمهورية أو رئيسة وزراء في دول العالم الأول.
ولما كان التعليم على مر العصور ممنوعاً على المرأة حتى في أوربا إلى نهاية القرن الثامن عشر، لم تتفتح مقدراتها الذهنية بمستوًى تفتح المقدرات الذهنية في العلماء الرجال الذين درسوا في الجامعات وحضروا المؤتمرات والاجتماعات العلمية، مثلها في ذلك مثل الرجل الأمي. ولكن عندما سمحوا للمرأة بالتعليم ودخول الجامعات، أثبتت المرأة أن عقلها يفوق عقل الرجال في بعض الوظائف مثل الذاكرة والتفكير في عدة اتجاهات في وقت واحد (الفكير خارج الصندوق)، وتفوقت على الذكور في المنافسات العلمية. وهاهن الإناث يكوّن أكثر من ستين بالمئة من طلاب كليات الطب في أغلب دول العالم، بما فيها الدول العربية (خاصةً في السعودية والكويت وبقية دول الخليج التي لا يميل شبابها من الذكور إلى التحصيل العلمي بقدر ميلهم إلى اللهو ومطاردة الظباء (فالصيد هو أول وظيفة تعلمها الرجل في بداية حياته).
وإذا نظرنا إلى تاريخ المرأة العلمي في أوربا منذ القرن الثامن عشر نجد نساءً يشار إليهن بالبنان، من أمثال:
- ماريا أجنيسي Maria Agnesi (1718-1799)
كان أبوها استاذ الرياضيات بجامعة بولونيا في إيطاليا، وكان من المتعارف عليه في ذلك الوقت هو أن تدرس بنات النبلاء في الدير Convent ويتعلمن الدين، والتدبير المنزلي والحياكة. ولكن والد ماريا استأجر لها مدرسين خصوصيين فتعلمت منهم خمسة لغات (الإغريقية، اللاتينية، الفرنسية، العبرية والإسبانية) كما درست الفلسفة والعلوم الطبيعية. وكان أبوها يعقد اجتمعاتٍ دورية بمنزله لزملائة العلماء فكانت ماريا بنت الثلاثة عشرة سنة تجادلهم بكل اللغات، وخاصة اللاتينية التي طانت لغة العلم.
وفي عام 1738 نشرت مناظراتها في كتاب احتوى على مواضيع مثل ميكانيكا الأجرام السماوية، ونظرية نيوتن في الجاذبية. وفي عام 1738 نشرت كتاباً في الرياضيات يحتوي دروساً في الجبر والحساب وال Trignometry و ال Geometry. وفي عام 1750 عُينت أستاذاً في الرياضيات بجامعة بولونيا، فكالنت أول أنثى تصبح أستاذاً للرياضيات في أوربا
- ماريا ميتشل Maria Mitchell (1818-1889)
كان والدها متخصصاً في علم الفلك وكانت ماريا مسؤولة مكتبة المدينة Librarian فاستغلت وقتها في قراءة كتب الرياضيات والفلك، وأصبحت تساعد والدها في حسابات مواقع النجوم، واكتشفت نجماً مذنّباً Comet سُمي باسمها. وعندما أُنشئت أول جامعة للنساء في أمريكا عام 1865، أصبحت ماريا أول أستاذة لعلم الفلك بتلك الجامعة Vassar College. وأُنتخبت رئيسة جمعية تقدم العلوم الأمريكية Association for the Advancement of Science.
- ماري كيوري Marie Curie
ولدت في بولندا وتعلمت حتى المستوى الجامعي ولكن لم يُسمح لها بالدراسات العليا فهاجرت إلى باريس والتحقت بجامعة السوربون حيث درست الفيزياء ثم الكيمياء. اكتشفت الإشعاع الذري في مادة مشعة سمتها بولونيوم على اسم بلدها الذي حرمها من الدراسات العليا. ثم اكتشفت الراديوم بعد ذلك. وتُعتبر ماري كيوري أم الفيزياء الحديثة. وكانت أول امرأة تشغل وظيفة أستاذ بجامعة السوربون. وأول شخص في تاريخ جائزة نوبل ينال جائزتين: الأولي في الفيزياء عام 1903، والثانية في الكيمياء عام 1911.
- ماري سمومرفيل Mary Somerville ولدت عام 1780 في اسكوتلندا وعندما كان عمرها خمسة عشر عاماً رأت مسائل من الجبرا في إحدى المجلات، فعكفت على دراستها وحلها. وحصلت على كتاب يوكليد Euclid’s Elements of Geometry ودرسته بنفسها. وبعد أن تزوجت ابن عمها درست العلوم والرياضيات. وفي عام 1826 بعد أن تزوجت للمرة الثانية، ارتحلت إلى لندن وبدأت تنشر مقالات علمية عن البحوث التي كانت تجريها بنفسها. في عام 1826 نشرت بحثاً مطولاً نالت عنه الجائزة الذهبية من الجمعية الملكية لعلماء الجغرافيا. ثم ترجمت وأضافت إلى نظرية العالم الفرنسي لابلاس عن ميكانيكا الأجرام السماوية La Places’s Celestial Mechanice. أُنتخبت بعد ذلك عضواً في الجمعية الملكية لعلماء الفلك، وكانت أول امرأة تصبح عضواً بتلك الجمعية. ونشرت عدة كتب، منها On the Molecular and Microscopic Science.
وهناك عدة نساء أوربيات وأمريكيات نلن جائزة نوبل في العلوم، منهن:
Marie Curie و Maria Goeppert Mayer في علم الفيزياء
Marie Curie و Irene Joliot Curie و Dorothy Crowfoot Hodgkin و Ada Yonath في الكيمياء. كما حازت اثنتا عشرة امرأة على جائزة نوبل في الفيسيولوجي والعلوم الطبية، واثنتا عشرة امرأة نالتها في الثقافة والكتابة Literature
هذا ما كان من أمر نساء الغرب. فإذا كانت المرأة الغربية قد أثبتت كفاءتها الذهنية والبدنية لتقوم بكل ما يقوم به الرجل، وربما فاقته في بعض الميادين، فلماذا ظلت المرأة العربية على مدى العصور جاهلة، وأمية وموءودة تحت خيمة سوداء أسوأ من وأدئها تحت التراب؟
لا يشك أي عاقل في أن السبب هو الإسلام الذي جعل من المرأة شيطاناً يدعو للانحراف ويغري الرجال بالفاحشة، كما أنها ناقصة عقلٍ ودين. وقد قال رسول الإسلام (لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة وعلموهن سورة النور والغزل) (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، ج12، سورة النور، الآية 1). والأحاديث مثل هذا كثيرة في البخاري وغيره. والإسلام قد جعل المرأة أقل من الرجل في كل شيء، فبدأ بالقرآن الذي يقول (وللرجال عليهن درجة بما فضّل الله بعضهم على بعض)، وتبع ذلك سنة نبي الإسلام الذي جعل عقيقة الصبي عند ولادته شاتين، وعقيقة البنت شاةً واحدةً. وقال إذا بال الصبي على الثوب، يُنضح الثوب بالماء ولكن إذا بالت الطفلة على الثوب فيجب أن يُغسل الثوب كله، مع أنه من الناحية العلمية فليس هناك أدني اختلاف بين بول الطفل الذكر وبول الطفل الأنثى
وبمثل هذه التعاليم غسل الفقهاء عقول الصبيان والصبايا منذ نعومة أظافرهم فكبروا على يقين أن الله يفضل الرجل على المرأة. وتيقنت المرأة على أنها خُلقت لإمتاع الرجل جنسياً ولخدمته، وبالتالي فهي لا تحتاج العلم لتقوم بهذه الوظائف.
يقول علي بن عمر بن حسام الدين البصيري، المعروف بابن البتنوني، في كتابه "في مكايد النساء" إن رسول الإسلام نصح ابنته فاطمة، فقال لها: (يا فاطمة ما من امرأة قالت لزوجها أف لكَ إلا لعنها الله تعالی والملائکة يا فاطمة ما من امرأة عبست في وجه زوجها إلا غضب الله عليها، وغضب عليها زبانية جهنم. فإن مانعته في الفراش لعنها کل رطب وياس. يا فاطمة ما من امرأة صلت ودعت لنفسها ولم تذکر زوجها. إلا رد الله عليها صلاتها حتی تدعو لزوجها. يا فاطمة ما من امرأة لبست ثيابها وخرجت من بيتها بغير إذن زوجها إلا لعنها کل رطب ويابس حتی ترجع الی بيتها. يا فاطمة ما من امرأة نظرت الی وجه زوجها وعبست في وجهه الا غضب الله عليها وغضبت عليها الملائکة. يا فاطمة ما من امرأة کشفت وجهها علی غير زوجها، إلا أکبها الله علی وجهها في النار. يا فاطمة ما من امرأة أدخلت في بيتها ما يکرهه زوجها إلا أدخل الله عليها في قبرها سبعين حية وسبعين عقرباً من عقارب جهنم يلدغونها الی يوم القيامة. يا فاطمة ما من امرأة صلت تطوعاً ولم تستأذن زوجَها، إلا رد الله عليها صلاتها.) حتى الصلاة لا يقبلها الله إلا إذا كانت بإذن الزوج، فكيف بالتعليم؟
فالمرأة المسلمة مهمتها في الحياة العناية بزوجها وطاعته وعدم الخروج من منزلها إلا بإذنه، وبالتالي ليس هناك من داعٍ إلى تعليمها القراءة والكتابة، ناهيك عن علوم الرياضيات والفلك والفيزياء.
واستمر شيوخ الدين في تعنتهم ضد تعليم المرأة إلى يومنا هذا. فقد أفتى الشيخ السعودي بن حميد بالآتي: (وألفت نظر ولاة الأمور إلى أنه لا مانع من توسيع تعليم المرأة على المنهج الذي يقره الدين وتعاليمه، مع التمسك بالحجاب، وبالأخلاق الفاضلة، وكما كان التعليم في زمن السلف الصالح .مثل تعليم التوحيد، والطهارة، والصلاة، وأحكام الحيض، والنفاس، وأمور دينها الواجب عليها، وتربية أولادها وتدبير منزلها، وغير ذلك من الأمور النافعة لها، وهذا فيما يظهر ونظن هو هدف الحكومة أيدها الله ورغبتها .ولذا: جعلوها منوطة بالمشائخ، وقد عينوا برياستها شيخا منهم، مؤملين فيه السير بمدارس البنات على الهدف المنشود، ولكن يا للأسف بأول سنة شوهد تبدل الأمر وسوء الحال .فقد نشرت جريدة البلاد بعددها رقم 703 في 3/12/1380هـ مقالا للرئيس المذكور، يتضمن عزمه على إدخال مواضيع الحساب والهندسة والجغرافيا بمناهج مدارس البنات في السنة الدراسية القادمة، لأن هذه المواضيع لم تكن تدرس هذه السنة . أيها المسلمون: يا أهل الغيرة والأنفة، اسمعوا لهذا التصريح الشنيع الذي يقصد منه إرغام أهل الخير، ومجاراة الأمم المنحلة في تعليم بناتكم الحساب والهندسة والجغرافيا، ما للنساء وهذه العلوم، تضاف إلى ما يزيد عن إحدى عشر درسا، غالبا لا فائدة فيها، إنها لمصيبة وخطر عظيم على مجتمعنا.) (الدرر السنية، ج 16، ص 79-84، نقلاً عن شبكة "أنا المسلم").
فهل لم يفهم هذا الشيخ الكبير الحديث الذي ينافح به الإسلاميون عن الإسلام وفرض العلم على كل مسلم ومسلمة عندما قال نبي الإسلام: أطلبوا العلم ولو في الصين؟ فهذه الفتوى من الشيخ بن حميد تُثبت أن العلم المقصود هو حفظ القرآن والأحاديث فقط.
ومثل هذه التربية لا تنتج إلا خرافاً تتبع الراعي حيث ذهب، وتحجب العقل قبل الرأس. ولذلك لم يذكر لنا التاريخ الإسلامي أي امرأة اشتهرت بالعلم طوال تاريخ الإسلام الطويل إلا "قرة العين" التي ولدت في غزوين عام 1814 واشتهرت بجمالها وذكائها الفائق وعلمها المتين في القرآن والحديث. وقد بزت الرجال في وقتها كما يقول العلامة العراقي علي الوردي (كان الكثير من الذين عرفوها وسمعوها في أوقات مختلفة من حياتها يذكرون لها دائما انها فضلا عما اشتهرت به من العلم والغزارة في الخطب فان القاءها كان من السهل الممتنع وكان الناس اثناء تكلمها يشعرون باهتزاز وتأثير الى اعماق قلوبهم مفعمين بالاعجاب وتنهمر دموعهم من الآماق) انتهى. فهل يسمح رجال الدين لمثل هذه المرأة أن تبزهم في العلم والخطابة؟ بالطبع لا يمكن أن يسمحوا لها، ولذلك (رُبطت من شعرها بذيل بغل فسحبت الى المحكمة وهناك صدر الحكم باحراقها حية غير ان الحكومة أوعزت بتأخير الاحراق الى مابعد موتها فخنقت ثم القيت جثتها الى النار) كما يقول علي الوردي.
بقية النساء العربيات ذكرهن المؤرخون ليس لعلمهن ولكن لجمالهن أو تمردهن على الحجاب. يقول المؤرخون عن عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، زوجة مصعب بن الزبير بن العوام التي تزوجها عمر بن عبد الله بعد موت مصعب، أنها كانت تمتنع من لبس الحجاب رغم إصرار أزواجها – وقد تزوجت ثلاث مرات – وكانت فائقة الجمال، كبيرة العجيزة لدرجة أن بعض النساء كن يتغزلن بعجيزتها (كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني في باب أخبار عائشة بنت طلحة). وقال عنها الذهبي في سير أعلام النبلاء (كانت أجمل نساء زمانها وأرأسهن ، وحديثها مخرّج في الصحاح). فهي برعت، كما برعت بعدها قرة العين، في العلوم الدينية فقط.
وحدثتنا كتب السيرة عن عائشة بنت أبي بكر التي كانت تفوق الرجال في رواية الحديث وحفظ القرآن، ولا غرو في ذلك إذ كانت زوجة محمد صانع الاثنين. وتحدثت كتب السيرة عن بعض نساء المسلمين اللآتي حاربن مع جيوش المسلمين ضد الروم، والنساء اللآتي دافعن عن محمد في موقعة أُحد عندما هرب عنه عمر وعثمان بن عفان. وببداية الدولة العباسية أصبحت المرأة تشتهر بالغناء والرقص في قصور الخلفاء العباسيين. ورغم انفتاح الدولة في عهد المأمون على الترجمة والعلوم الطبيعية، لم تشتهر أي امرأة بالعلم أو الكتابة. وجاءت الخلافة العثمانية فبنت بيوت الحريم في قصور السلاطين وأصدر السلطان عبد الحميد مرسوماً يقضي بأن يُقص شعر أي امرأة تخرج من منزلها دون الحجاب والخمار، ثم توضع على حمار ليطوف بها في القرية ووجها صوب ذنب الحمار.
وحتى في عصرنا هذا لم نسمع عن امرأة عربية عُرفت عالمياً في المجال العلمي غير السيدة زها حديد، المعمارية العراقية التي صممت بعض المباني الشهيرة بأوربا وأمريكا ودول الخليج.
ورغم انتشار التعليم الجامعي للمرأة في العالم العربي، ما زال الشيوخ يقفون لها بالمرصاد ويمنعون ابتعاثها للخارج لنيل الدراسات فوق الجامعية. وفي السعودية لا يُسمح للطبيبة بالتخصص إلا في أمراض النساء والولادة وطب الأطفال. وما زالت بعض الطبيبات في السعودية يلبسن الخمار ولا يرى المريض منهن إلا العينين.
وحتى عندما تتعلم المرأة، فبدل أن تجد التشجيع من زملائها الرجال ومساعدتها على الحصول على أعلى الوظائف، نجد مثلاً القضاة المصريين يحتجون على تعيين المرأة قاضية بالمحكمة العليا لأن القرآن يقول (الرجال قوامون على النساء) ولا يجوز أن تكون المرأة قاضية بالمحكمة العليا لأنها سوف تكون أعلى مرتبةً من أغلب القضاة الذكور.
أما الأمير نايف بن عبد الغزيز فقد قال في كلمته يوم افتتاح مجلس الشورى السعودي إنه لا يرى ضرورة لوجود المرأة بالمجلس (الشرق الأوسط، 25/3/2009). وفي بلاد يتصرف حكامها وشيوخها ومتعلموها بهذا القدر من الاحتقار للمرأة، لا يمكن لنسائها أن يلحقن بإخواتهن في البلاد المتقدمة إلا إذا ضغطت المنظمات العالمية والحكومات الغربية على حكامنا المستبدين للجم رجال الدين، الذين هم الأداة في يد الحكام لتطويع المواطنين، ونحن نعرف أن رجال الدين لا يستطيعون مخالفة ما يقوله الحاكم ولا يجرؤون على معارضته رغم جعجعتهم الكثيرة عن قول الرسول "خير الجهاد كلمة حق في وجه سلطان جائر". وقد أثبت الملك عبد الله بن سعود ذلك حين أنشأ جامعة ثول الجديدة وسمح فيها بالاختلاط، فلم يعارض ذلك إلا اثنين أو ثلاثة من من الشيوخ، وعندما فقدوا وظائفهم، صمت الآخرون صمت القبور. فالدين عند هؤلاء تجارة يربحون منها قوتهم.
الحل الثاني هو أن تثور النساء على تلك القيود كما ثارت النساء الأوربيات والأمريكيات من أجل نيل حقوقهن في التصويت في الانتخابات وفي التمثيل في البرلمانات. ولكن للأسف فإن غسيل الدماغ الذي تعرضت وتتعرض له المرأة المسلمة منذ ميلادها، جعل الثورة حلاً لا يمكن أن يحدث إذ أن الشيوخ جعلوا من المرأة المضطهدة أشرس المدافعين عن الإسلام الذي يذلها
والحل الأخير والأصعب هو ثورة الشعوب العربية من أجل تطبيق الديمقراطية التي يبدو أنهم يخافونها كما يخافها حكامهم لأن الإسلام يفرض على المسلم الطاعة العمياء لولي الأمر حتى أن سرق ماله وجلد ظهره. وقد علمهم الشيوخ أن الديمقراطية كفر بواح مثلها مثل الشيوعية. وأعتقد أن المرأة المسلمة، عربية كانت أو أعجمية، سوف تظل ترفل في خيمتها السوداء إلى أمدٍ غير قصير. ولا يسعني إلا أن أقول: كانت عشتار في عونها.
ن



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يزداد تخلفنا
- مقارنة بين البوذية والإسلام
- كيف خلقنا الآلهة والأديان 2-2
- كيف خلقنا الآلهة والأديان 1-2
- البطريرك إبراهيم وميثولوجيا الشرق 2-2
- البطريرك إبراهيم وأساطير الشرق 1-2
- طول اليوم الإلهي
- القرآن وبنو إسرائيل 4-4
- القرآن وبنو إسرائيل 3-4
- القرآن وبنو إسرائيل 2-4
- يهود الأندلس
- في استراحة القراء 1
- القرآن وبنو إسرائيل 1-4
- في معية القراء
- القرآن ونساء النبي
- في رحاب القراء 4
- تأملات في القرآن المكي 4-4
- في رحاب القراء 3
- تأملات في القرآن المكي 3-4
- في رحاب القراء 2


المزيد.....




- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - نساؤهم ونساؤنا