|
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-9-
ناس حدهوم أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 3059 - 2010 / 7 / 10 - 22:16
المحور:
الادب والفن
إنسابت الأيام والشهور بسرعة وأحسست بأنني بدلت وتيرة حياتي بشكل كامل فقد كنت متسكعا وأصبحت أشتغل كما تبدلت نظرة الناس عني بالكامل . صرت شخصا إيجابيا ومنتجا. كما كنت في ذلك الزقاق جديدا وغريب الأطوار بالنسبة للسكان . تحسن مستوى الدخل في ظرف بضعة شهور . وأصبح مكتبي محج زبناء من كل أنحاء المدينة وصرت أستقبل أيضا أناسا لم يكونوا ينظرون إلي بارتياح . تعرفت على طلبة أيضا من خلال بحوثهم التي كنت أنسخها لهم على الآلة الكاتبة وكذا على أدباء وشعراء شباب يحملون هم الإبداع . وبدأت تظهر كتاباتي ونصوصي الأدبية على صفحات أهم الجرائد الوطنية . وكان ذلك إنجازا كبيرا بالنسبة إلي حتى أنني لم يكن لدي ما أفتخر به سوى تلك النصوص التي كنت أشهرها في وجه كل من يريد التقليل من أهميتي . حتى بعض أصدقاء الدراسة والطفولة الذين كانوا قد نسوني عادوا يتذكرونني ويقومون بزيارات من حين لأخر لمكتبي منهم الموظف والأستاذ وو..... لكنني كنت أقضي معظم أوقاتي بعد العمل أو أيام العطل مع أصدقاء التسكع والليل وبالضبط ( ميكي وفارس وشلومو وأحيانا تجتمع بنا - م - ) بعد أن كان الشمل قد تفرق . وكان - ميكي - ومصطفى شلومو - هما من يمولان جلساتنا بالمطاعم الفاخرة والنوادي الليلية والحانات أيضا. لم أكن قادرا على تحمل تلك المصاريف وأحيانا بسبب عزة نفسي أسدد مثلا ولو وجبة واحدة أو بضعة كؤوس لأعود للبيت خالي الوفاض كما لو أنني لم أشتغل ذلك اليوم أو ذاك الأسبوع.
كان أصدقائي لا يستغنون عني رغم ما كنت أسببه لهم من متاعب بسيطة بحكم طبعي ومزاجي المرهفين حيال نظرتي الوجودية وموقفي السياسي بخصوص الأوضاع التي لم تكن عادية بالمرة. ذات يوم تعرفت على ضابط سامي لما إلتحقت بأصدقائي المتسكعين كان هو قد سمع عني ولاشك وعن تمردي لهذا أخذ مني موقفا حساسا . كان يقول لي ونحن نتناقش بأنني سوف أموت شهيدا كنت أرفض ذلك . أو كنت أحس به كتهديد لأن الرجل ليس شخصا عاديا إنه برتبة كومندار بالجيش وكنا نشك في أمره . لذا كنت أنا أيضا أقابل تهديده بتهديد آخر أكثر خطورة . قلت له ( سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) فسكر الرجل وثمل ثمالة متمردة ونشب الصراع بيننا بينما الأصدقاء لا أحد تدخل لفائدة أحد من الطرفين بل كانوا يتفرجون وينتظرون الخاتمة . إمتطينا سيارة المرسيدس وتنازلت عن مكاني في المقدمة للضابط إحتراما لمكانته وهذا كان طبعي وتردد الرجل أول الأمر لكنه أخيرا قبل بعرضي . وكان الصراع محتدا بيننا ويأخذ شكل المزاح لكنه كان صراعا حقيقيا . وصلنا مشارف المدينة وهددني الضابط فأثار حفيظتي وقلت له ( إخرج من غمدك ) فأمر صديقي -ميكي - بالتوقف أمام ثكنة في طريق مرتيل فتوقف . نادى على العسكري الذي قدم التحية له .فأمره بإحضار رئيس الدورية ( شاف دو بوسط ) وقبل أن يمثل أمام الرجل لكزت صديقي بعنف وقلت له تحرك ياأخي ولا تذعن له . فتحرك . لكننا لما وصلنا إلى ثكنة -باب العقلة - التي كان الضابط يشتغل بها إنقض على المقود محولا إياه نحو دخول الثكنة بينما صديقي كان يعارض . لا خوفا علي بل خوفا على نفسه لأننا كنا في حالة سكر طبعا. توقفت السيارة وسط الطريق معرقلة السير وسمعنا منبهات السيارات من ورائنا طالبين المرور فلم يجد صديقي إلا أن يذعن ويقتحم الثكنة العسكرية التي قام الحارس ببابها برفع الحاجز وأصبحنا في الداخل . نزل الضابط وكذلك فعلنا فقام بإصدار ا لأمر للعسكري لإلقاء القبض علي . وضع يده على مرفقي فأسقطت له يده وقلت له ماذا تفعل ؟ قال بأنه أمر الكومندار . بغضب قلت له أتقصد السكير ؟ فكما لو إستيقظ من غفلته رفع الحاجز ودفعني خارجا وهو يقول إذهب يامصطفى ؟ في الطريق بدوت مستغربا في الأمر . فأنا لست مصطفى . لا شك أن الرجل يعرفني ونسي إسمي . مع الطريق أسير غاضبا فتوقفت السيارة من جديد لتقلني . صعدت وسمعت حديثا يحكي ما وقع من بعدي . أخبروني بأن -الكولونيل - حضر بعد خروجي بوهلة فغرق الكومندار في خجله حينما تساء ل العقيد عما يحدث فأخبره العسكري بأن الزاوار ( الثملون ) هم أصدقاء الكومندار . أمر العقيد برفع الحاجز وخرج الأصدقاء بينما الكومندار بقي صامتا أمام رئيسه . في الغد إلتقيت بالكومندار بحانة - شالة - الشعبية . عانقني وقبلني كما لو أن شيئا لم يحدث كان رجلا سكيرا بمعنى الكلمة لكنه والحق يقال كان نبيلا وطيبا فقد رأيته مرة بنفس الحانة ينتزع حداءه من رجليه ويعطيه لشخص بائس . ثم أمر - النادل - بأن يذهب لبيته الذي كان على مقربة ليأتيه بحذاء آخر . كان أيضا حينما يثمل يسب ويشتم ولا يخشى أحدا . فكرت أن حرب سوريا ضد العدو الصهيوني وكذا حرب البوليزاريو ضد الجيش المغربي كان لهما تأثير على نفسيته . كما أيضا كنا نشك في أمره فلربما كان من المخابرات . وأذكر يوما أردت تسديد فاتورته فرفض ولم يستغل غباوتي. لقد توفي رحمه الله متأثرا بمرض المعدة المزمن وتشمع الكبد لإفراطه في شرب الخمر. كان عظيما لكنه كان مجنونا أيضا.
- يتبع -
#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا-8-
-
الوليمة
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 7 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 6 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 3 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 4 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 5 -
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا - 2 -
-
روح الشرق
-
تناقض مدير جريدة المساء المغربية
-
قصة إبني أمين مع مدرسيه
-
الجزء الرابع من سيرة البسيط والهيئة العليا- 1 -
-
لا أحد
-
إرهاب الحانات والنوادي الليلية
-
لفحات
-
هزار وقمر
-
الجنرال عطوان في تطوان
-
صحافة - المعيور - بجريدة المساء المغربية
-
طفولة
-
النسيان المبتدل
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|