أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - إرضاع الكبير: ومجتمع الدواويث














المزيد.....

إرضاع الكبير: ومجتمع الدواويث


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3059 - 2010 / 7 / 10 - 11:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لنتخيل المشهد الإباحي التالي: زوج يجلس في منزله في أحد البيوت الصحراوية والعمال والهنود والخدم الآسيويون يدخلون تباعاً، الواحد تلو الآخر، والمرأة جالسة، ويا عيني عليها، على أريكة عارية الصدر Topless بانتظار قدوم الهندي أو الآسيوي أو أي عابر سبيل، وباعتبارها وكالة من غير بواب، كي يمص حلمتها، ويبدأ برشف الحليب كامل الدسم، ولخمس مرات متتاليات، وطبعاً سنفترض، وحسب تفكير الوعاظ الذين يطلقون فتاوى التهريج الشامل، بأنها من غير أية مشاعر أنثوية ولا أحاسيس تذكر بل، وعذراً شديداً، مجرد "بقرة" تـُحلب ويـُرضع منها وهي صامتة، ثم يخرج ليأتي آخر وهكذا دواليك. وإذا علمنا أن هؤلاء العمال والآسيويين معرضين للطرد التعسفي والفصل والإبعاد الاعتباطي كما يحصل في أغلب الأحيان، أو الحصول على إجازات، فإنه سيتم استبدالهم بآخرين، ليواصل هؤلاء الآخرون مهمتهم الإباحية المقدسة في عملية لا تنقطع ولا تكل ولا تمل. ومن المعروف أن معظم هؤلاء الآسيويين هم من أبناء ديانات ومعتقدات غير إسلامية وبوذية ووضعية على العموم، فهل يجوز أن تنكشف المرأة المسلمة عليهم، وترضعهم، ويا عيني عليهم، كي يحل لها الجلوس معهم والاختلاط بهم؟ وما هو حال ووضع وحكم مئات الألوف من النسوة في الصحراء البدوية اللواتي يختلين، اليوم، بالسائقين الآسيويين من دون إرضاع؟

ثم هل أصبحت حياة أولئك البدو البائدين في صحرائهم مسطرة وصراطاً وأنموذجاً يجب أن تخضع له شعوب المنطقة على مر الأيام والزمان وتقلدهم شعوب الأأرض كافة باعتبارهم قمة ما وصل إليه الجنس البشري في السلوك والتفكير؟ ما الذي يربطنا بقبائل جاهلة باطشة قليلة المعرفة وعديمة الحيلة والنتدبيرعاشت في سالف الزمان وكان ديدنها الغزو والسبي كي تستطيع العيش؟ هل علينا أن نقلدهم أم عليهم هم أن يقلدونا وقد بلغنا مراحل حضارية لم يكن "أجدعهم" يحلم بها أو يتخيلها نتيجة لقصور وعيهم المعرفي والعلمي والعقلي ومحدودية إدراكهم للحياة وعجزهم عن تفسير الكثير من الظواهر الحياتية الميسـّرة اليوم للصغار فيما كان "أكبر" فحل ورأس فيهم يجهلها ولا يعرف عنها شيئاً ويقول علمها عند الله؟ بمعني من أعرف واعلم ممن؟ ومن يجب أن يقلد الآخر الجاهل يقلد العالم، ويقتدي به، كما هو مفترض، أم ينبغي على العالم أن يقلد ويتبع خطى الجاهل كما يرغب أصحاب التيارات إياها، وبحكم الرؤى المعكوسة و"المشقلبة" التي يحاولون فرضها على الناس؟ ألا يدرك ويعرف اليوم تلاميذ المدرسة الصغار من العلوم والمعارف واللغات ما لم يدركه ابن تيميه وتلميذه البار ابن القيم الجوزية بعشرات المرات؟ ثم من هو هذا البدوي "الحذيفة" و"سالم" الذي صدعوا رؤوسنا به وما هي مكانته العلمية والأدبية والأخلاقية، وما هو فضله على البشرية حتى يستلزم أن تستعبد شعوب المنطقة من أجله ويصبح أنموذجاً يحتذى بسبب حادثة عابرة واستثنائية مرت في التاريخ، ليصبح الاستثناء هو القاعدة، يجب أن يقيس ويمشي عليه الجميع؟ بمعنى ألا يوجد بدائل لهذه الرثاثات المخجلة من الممكن أن يلتزم بها الناس في حياتهم، وهي على سبيل المثال لا الحصر، الأخلاق والتربية الحميدة منذ الصغر وزرع القيم والمبادئ والسلوكيات والنماذج العظيمة في نفوس الناس بدل تعويدهم على التعايش مع الرثاثات وتقبلها ومسخ عقولهم وسحق إنسانيتهم من أجل بدوي غابر عفا عليه الزمن وصار في حكم التاريخ، فهل هناك استعمار وعبودية أبشع وأحط وأكثر ذلاً من ذلك؟. ثم إذا لم تنجح الشريعة، ولم تفلح، وعبر كل هذا التاريخ، ومع كل هذا الزخم والقوة والتشدد والصرامة والدموية في تطبيقها من لجم غرائز الإنسان والارتقاء بسلوكيات الناس وأخلاقهم فما الحاجة لها؟ كثير من الأسئلة تراودك وأنت ترى فيضان البداوة هذا الذي يتقدم على نحو مضطرد في عمق في هذه المجتمعات المنخورة بالغيب والأسطورة.

والأمر بحد ذاته يتخطى الإباحية الواضحة في الفتوى، لينتقل إلى موقف أخلاقي أشد خطورة وهو وضع الرجل الزوج أو الأخ أو ، المعني والمقرب من المرأة المرضعة، في هذه الفتوى لتضعه الفتوى تلقائياً، وبامتياز في موضع الديوث و"العكروت" الشرعي الذي يرى عفة عرضه تنتهك على يدي الغرباء والشذاذ واللمامات من كل حدب وصوب، وهو صامت من دون أن يجرؤ على الاعتراض لأن واعظ الزمان وعبد السلطان يريد ذلك، وكي يطيب العيش لابن تيميه في قبره، ولأن ذلك يرضي غرور أبناء الجاهلية الثانية الذين جعلوا صورة أبناء وشعوب المنطقة في أردأ وأسوأ حال بين شعوب الأرض.

الم يتساءل الفقيه اللوذعي الذي أطلق هذه الفتوى من هو الرجل الذي سيقبل أن "يقبل" الغرباء، زرافات وقطعاناً، على صدر زوجته كي يلقمه، أم أن شرف وأعراض وكرامات ومكانة الرجال لا تعني شيئاً لهذا الواعظ السلطاني؟ وأن الرجال بالنسبة ليسوا سوى مجرد أشباه كائنات ممسوحة لا قرار ولا اعتبار لهم عليهم فقط الطاعة وتقبل ما يصدره من شذوذ ورهات؟

إن هذه الفتوى، كمثيلاتها، وبغض النظر عن فحشها وإباحيتها الواضحة في انتهاك خصوصية وعفة المرأة وكيانها، ومهما حاولنا تجميلها وشقلبتها وتشذيبها فهي ليست، وبأحد أشكالها الأشد مضاضة وإيلاماً، سوى نمط آخر للتدويث المشرعن وترويج للدواثة الشرعية هذه المرة، بحيث تصبح مجتمعاتنا مواخير للرجال الدواويث بحكم الشرع، فإنجازها الآخر والوحيد والذي لا يقل أهمية، هو أن تجعل من الرجل، زوج، أو أب، أو أخ "المرضعة" مجرد ديوث شرعي يقبل وهو راض، عن قناعة، أو على مضض، بهذه الأوضاع الشاذة التي لا يقبلها عقل ولا شرع ولا منطق، ولكنها أمر طبيعي وعادي بالنسبة لرموز الجاهلية الثانية، ووعاظ السلاطين.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو كانت إسبانيا عربية وإسلامية؟
- حضارة لصوص الخراج
- لا للنقاب، لا لثقافة التصحر والغباء
- رئاسة الاتحاد العام للطلبة العرب: من ندرة الفعل إلى قلة الأص ...
- بلاغ عاجل إلى محكمة الجزاء الدولية- لحجب نايل وعرب سات
- كلهم يصلّون ويصومون ويقرؤون القرآن
- حق العودة للمسيحيين واليهود إلى جزيرة العرب
- إسرائيل والتطبيع الرياضي
- يا بخت هنود الخليج
- لماذا لا يقاطع العرب كأس العالم؟
- هل نرى يهودياً عربياً زعيماً لحزب قومي عربي؟
- تعقيب على مقال الوطن القومي للمسيحيين
- أطالب بوطن قومي للمسيحيين العرب
- المرضعات: وعلاوة إرضاع الكبير
- خرافة المفكر العربي
- عولمة رياضية
- الجهاد الإسلامي بين الأنموذج الأردوغاني والأنموذج البن لادني
- نعم لإرضاع الهندي الفقير
- العرب والسطو على التاريخ
- أيهما أهم الأخلاق أم الأفكار؟


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال نعيسة - إرضاع الكبير: ومجتمع الدواويث