|
- يا رضا الله ورضا الوالدين- دعاء تلاشى على إيقاع الثقافة والتحضّر.
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3057 - 2010 / 7 / 8 - 21:48
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
يقول غاندي" إنني أفتح نوافذ بيتي على كل الثقافات، لكنني لا أسمح لواحدة منها أن تقتلعني من جذوري." تنتشر في المجتمع سلوكيات وقيم لم تكن معهودة في حياة المجتمع، جرّاء التغيّرات والتحوّلات الطارئة بفعل الثقافة الوافدة بسرعة البرق عبر وسائل الاتصال المتعددة. ويشهد الواقع الاجتماعي الكثير من الممارسات الغريبة عن قيم ومفاهيم مجتمعنا وأهمها مسألة التعامل مع الوالدين خصوصاً في مراحل عمرية متقدمة من عمرهما وعمر الأبناء. إذ نلحظ مثلاً تخلي الأبناء عن رعاية أحد الأبوين أو كلاهما، والاستعانة بدور العجزة والمسنين والمختصين بالرعاية الاجتماعية كبديل عن أبناء اكتفوا بزيارات مقتضبة متمثلين أغنية فيروز( زوروني كل سنة مرّة) إن استمر التواصل على هذا النحو، و باعتقادي يقف وراء هذه الحالة أسباب عدّة أهمها: - الأسباب الاقتصادية التي ضيّقت ذات اليد، وجعلت من السعي وراء لقمة العيش أمراً مريراً لا يحتمل وافدين جدد على الأسرة. - ضيق مساحة البيوت ونمط الحياة داخل أسوارها بحيث باتت بالكاد تتسع لأصحابها، فكيف والحال مع وجود أشخاص جدد لهم متطلباتهم الخاصة. - خروج الزوجين للعمل مما لا يترك مجالاً لرعاية الأبناء في كثير من الحالات، فكيف برعاية الأبوين. - الفردية التي اتسمت بها الحياة العصرية وطغيان الشعور بالأنا، حيث لم تعد الحياة تحفل بالتعاطف الإنساني والاجتماعي الذي كان سائداً منذ عصور، كمثل تفشي عادات ومظاهر جديدة خالية من القيم الاجتماعية الداعية إلى احترام الكبير والعطف على الصغير. واليوم تطفو على السطح ظاهرة أخرى أكثر دهشة وغرابة لأنها ذات صلة وثيقة بمحرّمات القيم والمفاهيم الاجتماعية، كمثل التطاول على الأبوين بالضرب أو القتل، الأمر الذي يُعتبر ظاهرة تستحق المزيد من الدراسة والاستقصاء النفسي- التربوي والاجتماعي، باعتبارها تحوّلاً سلبياً في أنماط السلوك الفردي والاجتماعي، ولأنها تحمل في طيّاتها خللاً بنيوياً يهدد أمن وسلام الوجدان الإنساني كونها تمسُّ مباشرة صلة الرحم، متجاوزة القيم الإنسانية والاجتماعية التي تسمو بتلك الصلة لمراتب لا تدانيها أية صلة أخرى من جهة التقدير الاجتماعي والديني في بيئة تحضُّ على احترام وتبجيل الوالدين مُعززة بدعاء( يا رضا الله ورضا الوالدين) وهذا ما يدعّم المكانة الدينية والاجتماعية للوالدين. فلقد نشرت الصحافة الرسمية أخباراً عن حوادث تقشعّر لها الأبدان ويهتزُّ لهولها الضمير الإنساني. يضرب والده للمرة الثانية: تقدّم يونس/ع (49 سنة) بشكوى ضدّ ولده العاق إثر تعرضه للضرب من قبله على رأسه وكان قد حاول أن يخنقه بكلتا يديه. وقد قرر المدعي/ الأب الشكوى على ولده الأكبر(23 سنة) بعد أن قام بضربه للمرة الثانية، والأب مُتخوّف من العودة ودخول منزله الذي كان ولده العاق يحاول وبهذه الطريقة إخراجه منه عنوّة والاستيلاء عليه. متعاطٍ يضرب والده ويكسر له يده: فقد أُسعف عبود(50 سنة) إلى مشفى دمشق إثر مشاجرة نشبت بينه وبين ولده(29 سنة) الذي يتعاطى الحبوب المخدّرة، ما أدى بالولد إلى ضرب والده على يده فكُسرت أصابعها. قتل والده بسبب علاقته غير الشرعية بكنته: وفي طرطوس قام المتهم/ سامر بقتل والده ببارودة صيد، لأنه وحسب ادعائه قد رآه يخونه مع زوجته في شقته، وقد تقدّم إثر ذلك بشكوى ضدّه بجرم التزاني، كما طرد زوجته إلى منزل أهلها، وأراد أن يُطلّقها إلاّ أن والده مانعه وقام بطرده من المنزل مع إخوته، ما جعله يفكّر بالانتقام والثأر لشرفه وكرامته بقتل والده. غير أن شهوداً آخرين قد أفادوا بأن الخلاف كان على ميراث وأراضِ. قتل والده لأنه اعترض على سلوكه الشائن: وفي أحد الأحياء القريبة من دمشق أقدم المدعو أمجد(22 عاماً) على قتل والده بطعنه بسكين كانت بحوزته، وذلك لأن الأب اعترض على تصرفات ابنه اللاّمسؤولة واللاّأخلاقية. فالابن على علاقة بفتاة كانت قد أجهضت حملها إثر تلك العلاقة، ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ، فقد كان الابن يأتي بتلك الفتاة إلى البيت ويتصرفا بطريقة غير لائقة، ولمّا اعترض الأب في إحدى المرات على ذلك، ما كان من الابن إلاّ أن استل سكينه وغرزها في أحشاء والده الذي فارق الحياة قبل أن يصل المستشفى. إذا ما ألقينا نظرة سريعة على كل حالة من الحالات المذكورة، نجد أن التربية الأسرية تُعاني خللاً ما في أحد جوانبها، هذا أولاً، ومن ثمّ نتلمّس دور ثقافة العصر السائدة في التحفيز على ارتكاب مثل تلك المعاصي والجرائم. إذ بات العنف وسيلة للتعامل بين غالبية البشر وصولاً للأسرة الصغيرة التي افتقدت الألفة والمودة مثلما افتقدت احترام الأبوين كما في الحالات أعلاه، لاسيما في البيئات التي يسودها الجهل والتخلّف، وتعوزها أساليب التربية اللائقة. وإذا كنّا نعتقد أن بنية التربية الأسرية في مجتمعنا كانت إلى وقت قريب قائمة على السلطة الأبوية الصارمة، وإذا ما ارتأينا أنها لم تعد تساير أنماط التربية الحديثة ولا التطور الذي طال المجتمعات قاطبة، فإن هذا لا يبرر لأولئك المنحرفين تصرفاتهم المشينة بحق آبائهم مهما تعاظمت قسوة أو أخطاء هؤلاء الآباء. ورغم قناعتنا بضرورة التمازج الثقافي والحضاري بين الشعوب، إلاّ أنه لا يمكننا التخلي عن الكثير من القيم والسمات التي تتصف بها المجتمعات الشرقية والمتمثّلة بالتعاطف والاحترام بين أفراد الأسرة الصغيرة كما بين أفراد المجتمع متمثلين قول غاندي. من هنا أجد ضرورة تنبيه المجتمع إلى خطورة مثل تلك الظواهر الغريبة التي تُسيء إلى المجتمع بشكل عام، والإنسان بشكل خاص.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محامية تلوذ بالصحافة بحثاً عن حلول وتستجدي الإنصاف من القضاء
-
الرجل والمرأة.. أيهما أكثر إخلاصاً..؟
-
إجرام المرأة أصيلاً أم مكتسباً..؟ في الرقة أم تقتل طفليها.!!
...
-
تعاليم القبيسيات في المدارس ضرورات أم محظورات.!؟
-
الجنسية... دموع ومعاناة وأبناء مقهورين
-
مؤتمر المنامة والعودة لأسوار الحرملك والوأد
-
وأخيراً... عيادة حديثة لفحوصات ما قبل الزواج
-
عندما تتحوّل الأخوّة لافتراس
-
باقة حب وياسمين لروح أبي
-
قضايا المرأة بين الواقع الاجتماعي والتشريعات
-
وزارة الإدارة المحلية تسحق الشرائح الأكثر استحقاقاً في المجت
...
-
مواكباً للقتل بداعي الشرف ضرب المرأة بات ظاهرة تستدعي التصدي
...
-
رغبت بمساعدته على تكاليف الحياة فقتلها بدافع الشك
-
صراحة الأزواج...مغامرة أم ضرورة..؟
-
كيف يرى الرجل صداقتها له
-
كان عامٌ حافلاً بقضايا المرأة
-
عندما يصبح الغدر مكافأةً كبرى
-
شموع أنارت ليل دمشق...فهل تنير دروب التائهات عن حقوقهن..؟
-
مرّة أخرى الدعم لمستحقيه... ما عدا المطلّقات
-
المشروع الجديد للأحوال الشخصية... تهميش للسورين عموماً وللجه
...
المزيد.....
-
بعد أكثر من ربع قرن من الصمت... إدانة مسؤول سابق بجريمة اغتص
...
-
مسؤول أممي يحذر من -وباء عنف جنسي- ضد النساء في السودان
-
آخر تعديلات سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 وموعد صب معاشا
...
-
سجل NOW.. كيفية التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت بجمي
...
-
العدوى الجن-سية مش وصمة
-
معجزة علمية: أمومة متأخرة.. امرأة ستينية تضع مولودها الأول ف
...
-
الهند: بعد جريمة اغتصاب وقتل طبيبة.. النساء في مواجهة يومية
...
-
خارجية السودان: -الجنجويد- ترتكب انتهاكات جسيمة ضد النساء وا
...
-
تحذير أممي من عنف جنسي -وبائي- ضد النساء في السودان
-
قتل واختطاف واغتصاب.. أمنستي: ميليشيا الكاني ارتكبت جرائم ضد
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|