|
لماذا يتوجس الغربُ خيفةً من المسلمين وخاصةً العرب منهم ؟ [ 2 ]
زاهر زمان
الحوار المتمدن-العدد: 3056 - 2010 / 7 / 7 - 22:28
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
( البدايات والانطباعات الأولى ) Ω – بدايةً ..أنا لا أهدف من وراء ماسوف أطرحه فى مقالى هذا أو المقالات التى تليه الى تعظيم أو تفخيم دور الغرب فى احداث التطور الهائل الحاصل فى حياة البشر على سطح كوكبنا هذا ، ولا أهدف أيضاً الى التقليل من شأن العالم الاسلامى أو تهميش دوره فى التأثير على مجريات الأحداث الجارية على كوكبنا هذا ، وانما كل ماأهدف اليه ، هو محاولة الوصول الى الأسباب والعوامل والتراكمات التاريخية التى تحول دون ارتقاء دول العالم الاسلامى الى المستوى الانسانى والحضارى الذى يمكن شعوبها من المساهمة الحقيقية والفعالة فيما يجرى فى العالم من تطورات هائلة تقودها الدول المتقدمة فى شتى مجالات الحياة ، بحيث تصبح دول العالم الاسلامى اضافة لمسيرة النهضة الحضارية للبشرية ، لا عبئاً عليها أو مصدراً لتهديد منجزاتها Ω
نعود الى البدايات الأولى التى ارتبطت بظهور الدين الاسلامى فى مكة بجزيرة العرب ؛ ذلك الدين الذى كانت أيديولوجيته الأساسية تتمثل فى القرآن الذى آمن المسلمون ومازالوا يؤمنون بأنه وحىٌ قد أنزله الله على محمد بن عبدالله بعدما وقر كذلك فى يقين من دخلوا فى هذا الدين أن محمداً نبىٌ مرسل من خالق هذا الكون . بالتأكيد لم يكن محمد شخصاً عادياً كسائر أبناء زمانه من أهل العرب . وربما كان لنشأته يتيم الأبوين محروماً مما كان يتمتع به أقرانه وأبناء عمومته من القوة والمنعة التى كانوا يستمدونها من آبائهم وأمهاتهم ومايستتبع ذلك من شعور الانسان بالأمن والأمان والاتساق والانسجام مع الذات ، وخاصةً فى البيئة الصحراوية القاسية التى نشأ فيها ؛ ربما كان لتك النشأة الأثر الأعظم فى النهج الذى انتهجه محمد بن عبدالله فيما بعد ، خاصةً وأن الرجل كان شديد الذكاء وواسع الخيال وطموحاً محباً لكل مافى الحياة من متع حسية كالتمتع بالنساء وأطايب الطعام * عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: «إنما حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة " قال أبو هريرة : ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه ولم يأكل منه ولما قدم إليه الضب المشوي لم يأكل منه فقيل له أهو حرام ؟ قال لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه فراعى عادته وشهوته فلما لم يكن يعتاد أكله بأرضه وكانت نفسه لا تشتهيه أمسك عنه ولم يمنع من أكله من يشتهيه ومن عادته أكله . وكان يحب اللحم وأحبه إليه الذراع ومقدم الشاة ولذلك سم فيه وفي " الصحيحين " : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه وذكر أبو عبيدة وغيره عن ضباعة بنت الزبير أنها ذبحت في بيتها شاة فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أطعمينا من شاتكم فقالت للرسول ما بقي عندنا إلا الرقبة وإني لأستحيي أن أرسل بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع الرسول فأخبره فقال ارجع إليها فقل لها : أرسلي بها فإنها هادية الشاة وأقرب إلى الخير وأبعدها من الأذى ولا ريب أن أخف لحم الشاة لحم الرقبة ولحم الذراع والعضد وهو أخف على المعدة وأسرع انهضاما وفي هذا مراعاة الأغذية التي تجمع ثلاثة أوصاف . http://www.alshirazi.com/compilations/tos/adab_teb/chapters/... – 92k ولم يكن محمد يعشق متع الدنيا الحسية فقط وانما كان أيضاً عاشقاً للمتع المعنوية حدثنا مجاهد بن موسى وأبو إسحق الهروي إبراهيم بن عبد الله بن حاتم قالا حدثنا هشيم أنبأنا علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر " سنن ابن ماجه http://hadith.al-islam.com/display/display.asp?Doc=5&Rec=5899 - 50k
وفى اعتقادى الشخصى أن فكرة النبوة بدأت أول مابدأت عند محمد بن عبدالله فى سنوات طفولته ، وربما فى الفترة التى عُرفت فى التراث الاسلامى بفترة " شق الصدر " ؛ تلك الحادثة التى تضاربت الروايات فى تحديد زمن وقوعها ومكانه . تلك الحادثة التى قيل أنها وقعت له وهو فى سن الرابعة من عمره ، وان كنت أرجح أنها كانت بعد ذلك على الأقل بعامين أو ثلاثة أعوام ، لأن الأطفال لا يبدأون فى تركيب الأحداث والصور من العناصر الموجودة والمختزنة فى عقولهم الصغيرة قبل سن الخامسة ..فمثلاً نجد الطفل فى تلك السن يستدعى عناصر مرئية ومسموعة من البيئة التى حوله ويبدأ فى تشكيل قصص ورؤى جديدة من تلك العناصر ، ويقصها على من حوله وكأنها حدثت له شخصياً ، فتلك الأمور تشبع لدى الأطفال فى تلك السن بعضاً من احتياجاتهم المزاجية والنفسية ، بحسب التركيبة الشخصية للطفل وبحسب المؤثرات البيئية التى يعيشها ويعايشها الأطفال من حولهم. وفى اعتقادى أن أكثر ما كان يلح على محمد فى طفولته هو اليتم المرتبط بفقدان الأمن والأمان . عموماً تأثير البيئة الصحراوية المليئة بالألغاز ، بدأ مبكراً عند محمد بن عبدالله ، شأنه فى ذلك شأن كل العباقرة الذين عرفتهم البشرية . لاشك أن العبقرية والنبوغ اللذان تفرد بهما محمد عن أقرانه من بنى قومه ، كانت واضحة جلية فى تصرفاته منذ نعومة أظفاره وخير دليل على ذلك سؤاله لحليمة السعدية عن اخوته وأخواته فى الرضاع وهو فى سن الرابعة كما جاء فى كتب التراث الاسلامى..وكذلك اصراره على الذهاب الى أماكن الرعى مع اخوانه فى الرضاع وهو مازال فى الرابعة ، ينبىء عن شخصية غير عادية..ومهما كانت شخصية محمد بن عبدالله متفردة ، فاننى لا أميل الى تصديق تلك الروايات التى وردت فى كتب التراث بخصوص تزلزل ايوان كسرى يوم مولده أو النور الذى كان فى جبهة أبيه قبل أن يتزوج آمنة ..فلما تزوجها وحملت بمحمد ذهب ذلك النور من جبينه..كما أن حادثة شق الصدر لا تعدو كونها اسقاطات لرؤى يتوهمها الأطفال فى سن الرابعة والخامسة وربما حتى الثامنة ، أما الأوصاف التى صاغها لسرد تلك الحادثة ، فدقتها تنبىء عن شخصية متفردة فى اختزان الرؤى والحكايات المتناثرة فى أفواه الكبار من حوله ، واعادة فكها وتركيبها بالصورة والكيفية التى تلبى حاجات نفسية ملحة عنده فى ذلك السن والتى فى اعتقادى الشخصى كان أهمها محاولة تعويضية لاشعورية مرتبطة باحساسه المبكر جداً بالغربة فى ديار بنى سعد بعيداً عن قومه فى مكة..هذا ان كان فعلاً قد روى تلك الحادثة لحليمة السعدية وهو فى تلك السن المبكرة..واذا كان فعلاً قد روى شيئاً من هذا القبيل ، فما رواه يختلف تماماً عن تلك الصور والشروحات التى حفلت بها كتب التراث..لأن من يطالع حادثة شق الصدر تلك فى كتب التراث ، لن يخفى عليه الاضافات والزيادات التى أضافها الرواة لإثبات أن محمد لم يكن شخصاً عادياً حتى من قبل أن يولد ! ان المدقق الفاحص للسيرة المحمدية ، سوف يلحظ الكم الهائل من الأساطير والخرافات التى أضافها الرواة من سدنة الرسالة المحمدية والتى تدور كلها فى اتجاه واحد ألا وهو أن ذلك الرجل هو آخر اتصال للسماء بالأرض ، قبل أن يأمر الالاه بتدمير الأرض وقيام القيامة لمحاسبة الناس على أفعالهم..والفكرة فى حد ذاتها ليست جديدة ، فلقد تبناها اليهود فى رؤاهم الدينية التى تقول بأن مسيحاً من بنى اسرائيل سوف يأتى فى أواخر الأيام لهداية الناس وبعدها تقوم الساعة..وهذه الفكرة بالذات هى محاولة من حواريى الرسالة المحدية لضرب معتقد اليهود والمسيحيين بأن مخلص آخر الأيام سوف يكون من بنى اسماعيل وليس من بنى يعقوب أو اسحاق..وهنا يتجلى الصراع الخفى بين العرب من بنى اسماعيل وبين أبناء عمومتهم اليهود من بنى يعقوب ...ذلك الصراع الذى بدأ مع بداية ظهور الرسالة المحمدية ومازال قائماً حتى يومنا هذا...غير أن أبناء يعقوب تجاوزوا تلك المرحلة من الصراع عندما انفتحوا فى القرون القليلة الماضية على العلم والفلسفة والتكنولوجيا والأخذ بكل أسباب اعمار الأرض..بينما ظل أبناء اسماعيل ومازالوا حتى تلك اللحظة رهينى التراث الاسلامى السلفى المتكدس عبر مئات السنين والذى لايخلوا من التأثير المباشر والمتغلغل فيه ،لتلك البيئة البدوية الصحراوية التى مازال أبناء اسماعيل يعيشون فيها ، رغم الأبراج الشاهقة المنتشرة فى شتى عواصم الخليج العربى ، وأحدث السيارات والطائرات التى يشترونها من عوائد البترول ، التى يصرون على انفاق مبالغ هائلة منها على برمجة العقل العربى على التمسك بما يسمونه الهوية العربية الاسلامية ! وما أحاط بشخص محمد من أساطير وحكايات ، يعد شيئاً يسيراً بالمقارنة بما صاحب الرسالة نفسها من حكايات وأساطير لا هدف لها سوى برمجة عقول الأتباع على الطاعة والخضوع وعدم مناقشة أولى الأمر أو من يسمونهم أولى العلم فى أية اشكالية يراها العقل السليم متناقضة مع متطلبات الحياة العصرية الحديثة أو متطلبات حقوق الانسان ..بعكس الحاصل عند غالبية أبناء يعقوب الذين خرج من بين صفوفهم علماء وفلاسفة غيروا مجرى التاريخ الانسانى كله ..بعد أن تجاوزوا تراثهم القديم وانصهروا فى متطلبات التطور الحضارى والانسانى. على العرب بكل مذاهبهم وطوائفهم أن يعيدوا النظر فى مسألة الوقوف عند التراث أو الانصهار فى عالم القرن الحادى والعشرين الذى من أهم متطلباته التسلح بالعلم وتدعيم حقوق الانسان فى التفكير والتعبير وحقوق الأقليات وحقوق المرأة والطفل . بغير الانصهار فى الحياة العصرية الحديثة ، لن يكف الغرب عن التوجس خيفة ً من المسلمين وخاصةً العرب منهم . يتبع بقلم زاهر زمان
#زاهر_زمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل الإلحاد قرين الانحطاط الأخلاقى ؟
-
لماذا يتوجس الغربُ خيفةً من المسلمين وخاصةً العرب منهم ؟ [ 1
...
-
محاولة تحليل ماجرى وسبر أغواره وجذوره
-
الرد على تعجب السيد آدم عربى
-
أسطول الحرية وأبعاد التظاهرات الصوتية [2]
-
أسطول الحرية وأبعاد التظاهرات الصوتية !
-
[ كارثية عداء المؤسسة الدينية للمؤسسات العلمية الفلسفية التن
...
-
تغييب العقول.....لمصلحة من ؟؟!! [ 3 ]
-
تغييب العقل ......لمصلحة من ؟ [ 2 ]
-
تغييب العقول ... لمصلحة من ؟ 1
-
[ ذكر...فإن الذكرى تنفع العاقلين ! ]
-
قراءة فى موضوع [ تشنجات الدين الوافدة على المجتمع المصرى - م
...
المزيد.....
-
-حرب- التعريفات الجمركية بين الصين وأمريكا.. كيف ستستجيب بكي
...
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس وزراء يلتق
...
-
إجلاء أطفال فلسطينيين جرحى إلى مصر مع إعادة فتح معبر رفح
-
تعيين اللواء إيال زمير رئيسا جديدا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
كاميرا تلتقط لحظة انفجار طائرة في فيلادلفيا في كارثة جوية جد
...
-
بوتين يهنئ البطريرك كيريل بذكرى تنصيبه الكنسي
-
قتلى وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف مركبتين في مدينة جنين (فيد
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن صاروخ كروز البحري بمدى يتجاوز
...
-
طالبة صينية أول ضحية لقانون ترامب بترحيل الطلاب المؤيدين لفل
...
-
ترامب يأمر بتوجيه -ضربة دقيقة- لاستهداف أحد زعماء -داعش-
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|