أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - أبوزيد في وسط -غابة- التيار الديني














المزيد.....

أبوزيد في وسط -غابة- التيار الديني


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 3056 - 2010 / 7 / 7 - 12:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



حينما يردد المنتمون إلى التيار الديني أن وفاة المفكرين العلمانيين الحداثيين، مثل رحيل نصر حامد أبوزيد، هو انتقام إلهي، فذلك يوضح أن الفكر الذي يبنون عليه رأيهم هو فكر أجوف لا ينتمي إلى الحاضر ولا إلى الإنسانية ويعبر عن سلوك عدواني لا يليق أن يتصف به الله. هم يبنون هذا الرأي استنادا إلى النص الديني القائل "وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر"، ويلصقونه بالمفكر الراحل لأنه أراد أن يفسر القرآن. فإما أن يتم تفسير القرآن وفق منهجهم والنتائج التي يرجونها، وإما الانتقام الإلهي بإلغاء أبوزيد. إنها "غابة" التيار الديني وليست "ساحة" التيار الديني. إنهم لا يعون أن معيار الحرية بات هو السائد الآن، فيما هم يريدون للمعيار التاريخي، أي امتلاك الحقيقة الدينية والوصاية على الفهم وعلى تفسير الدين، أن يظل سائدا. لذلك هم يستسلمون ويخضعون لتفسيرهم الماضوي الإلغائي، ويرتجفون أمام أي تفسير حداثي يزلزل الأرضية التي يقفون عليها ويهدد بالنسيان التفسير الذي ينطلقون منه، والذي عجز عن استيعاب أسئلة الحياة وفشل في وضع إجابات علمية وواقعية لها.
لقد أراد أبوزيد للحرية أن تكون هي المدخل لاختيار تفسير الحقيقة الدينية، فيما هم أبوا إلا أن تكون الحقيقة الدينية هي الحقيقة الواحدة، حقيقتهم فقط، لا الحقيقة ضمن إطار فيه الكثير من الحقائق، الحقيقة التي يمكن إخضاعها لعدة تفسيرات وفق مدارس متعددة لفهم النص. هم يريدون أن يفرضوا فهمهم علينا، غصبا على الجميع، أو انتظار الإلغاء قتلا أو عن طريق الانتقام الإلهي. يريدوننا أن نخضع لهم من خلال تهديدنا وإرهابنا، وأن نرمي معيار الحرية وما يتفرع منه من تعددية ونقد واحترام الآخر في مزبلة التاريخ. يريدوننا أن نكون أسرى فهمهم "للحقيقة الدينية"، وأن نظل في سجونهم، لكنهم لا يعون بأنه من غير الوارد في العصر الحديث الاستسلام لحقيقة معينة، ولابد من ظهور حقائق عدة، واختيارات تمس الحقيقة وتمس فهمها كنتيجة حتمية من نتائج معيار "الحرية"، ومن ثم لابد أن يتم احترام الاختيار بوصفه معبّرا عن إرادة الإنسان.
إن من يزعم امتلاك الحقيقة الدينية واحتكار تفسيرها هو في الواقع يسرق إرادة المفكرين في البحث العلمي، ومن ثم يسرق حرية عامة الناس في اختيار ما يرونه مناسبا من تفسير يناسب حياتهم الحديثة. لكن التيار الديني يأبى إلا أن يخنق تلك الإرادة وتلك الحرية بزعمه أنهما تناهضان الدين في حين أنهما تخالفان وصايته على الفهم الديني. ومن الطبيعي ألا يستطيع معيار الحرية التعايش مع هذا النوع من الوصاية والاحتكار والإلغاء، بسبب أنه يضيق على حرية الإنسان وإرادته.
ومن الطبيعي أن يتمسك التيار الديني باحتكاره لآلية فهم الحقيقة الدينية، لأن أي تراجع لصالح حرية الاختيار وتعددية الفهم هو بمعنى تقديمه تنازلات قد تهدم بنيانه الديني والفكري والسياسي والاجتماعي. فالاعتراف بمعيار الحرية في الحياة، الذي يجعل الإنسان حرا في اختياراته الدينية والفكرية والاجتماعية، وحرا في اختيار أفهامه، وحرا في نقد التفسيرات، دون إلغاء أو إقصاء من قبل طرف ديني ضد أطراف دينية وغير دينية، قد يكون بداية النهاية للتيار الديني.
إن ما عزز مفهوم الإلغاء وساهم في تحريك ماكينة العنف الدنيوي والانتقام السماوي وشجع رؤى التكفير وأضعف مفهوم التعايش، هو استمرار التيار الديني في وصف فهمه للدين بأنه هو القرآن، وهو الفهم النهائي، وأنه ليس فهما من الفهوم البشرية، أو تفسيرا من التفسيرات الصائبة أو الخاطئة، أو قراءة من القراءات النسبية، وأنه لا يحكم أي تفسير من تفسيراتها على التفسير الآخر بأنه خاطئ فحسب وإنما يعتبره خارجا عن الدين وزندقة ولا يمثل القرآن.
لذلك، حينما نتمعّن في الاتهامات التي كانت وستظل توجّه إلى أبوزيد – ملحد، زنديق، مرتد، كافر، ... بسبب "تعديه على ثوابت الدين" – نصل إلى نتيجة منطقية وهي أن الغالبية العظمى من المسلمين تكفّر بعضها بعضا، لأنها تختلف حول تلك "الثوابت". فالذين وافقوا على اتهام أبوزيد، وافقوا على ذلك استنادا إلى الفهم المغاير للمفكر المصري إلى "الثوابت"، وليس على أصل "الثوابت". فمثلا، الاختلاف الأساسي بين الشيعة والسنة هو على "الثوابت" أيضا. لذلك، فإن فكر التيار الديني يعيش أزمة واقعية، أزمة لا يستطيع من خلالها أن يحل مشكلته العويصة المتمثلة في تكفير وإلغاء وإقصاء الآخرين، وفي أن فهمه للنص الديني مقدس وثابت ونهائي ولا يتزحزح، ومن ثم يقدّس رأيه ويكفّر رأي الآخرين المختلفين معه الذين يدّعي بعضهم أيضا بأن رأيهم يعكس "الثوابت".

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهي الطائفية؟
- في الدفاع عن حرية التعبير في الكويت
- -الزعيم- في الثقافة الأصولية
- الخضوع للتراث
- -الليبرالويون-.. والحرية
- الانقسام الشيعي الجديد في الكويت
- الحرية.. والنقد.. والأزمات السياسية
- التسامح.. والرؤى التكفيرية.. والهوية الدينية
- الوجه المزدوج للإسلام السياسي
- العلمانية.. والحجاب
- -المثقفون المؤدلجون-.. وأنصار البرادعي
- التعايش الأصولي.. والتعايش الحداثي
- بين الأصولي والليبرالي
- الليبرالية المزعجة
- الدين.. الليبرالية.. والحياة الجديدة
- العوضي.. والليبرالية.. وأخطر الأفكار
- النقد الأخلاقي لنظرية ولاية الفقيه المطلقة (2-2)
- النقد الأخلاقي لنظرية ولاية الفقيه المطلقة (1-2)
- جدل داخل حركة المعارضة الإيرانية
- هل هناك سلوك ديني يعكس حقيقة الدين؟


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - أبوزيد في وسط -غابة- التيار الديني