|
ليس ذنب الباحث
رمضان عبد الرحمن علي
الحوار المتمدن-العدد: 3055 - 2010 / 7 / 6 - 20:03
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
ليس ذنب الباحث ليس ذنب الباحث أو القارئ أو المفكر أو الكاتب الذي يضحي بوقته وبراحته من أجل الوصول إلى الحقيقة، وأن الوصول إلى الحق يحتاج جهد واجتهاد مستمر لا يتوقف إلى أن تنتهي حياة الإنسان دون كلل أو ملل، ويوجد في كتاب الله قاعدة ثابتة لا تتغير عن الذين يبحثون من أجل العلم والمعرفة، يقول تعالى: ((أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آناء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)) سورة الزمر آية 9. ومما لا شك فيه لم ولن يكون الإنسان من الذين يعلمون ولن يكون من الناس الذين يحذرون الآخرة إلا إذا قرأ وبحث عن الآخرة الحقيقية، ونحن هنا لا نزكي أنفسنا على أحد ولكن من خلال القراءة والكتابة التي نقوم بها يتضح أنه يجب على كل إنسان أن يبحث ويجتهد للوصول إلى الحقيقة أو الحق الذي ليس به شك أو ريب، وهذا لن يتحقق بدون مجهود، وكما قال الله تعالى ((إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ))، ندعو الله أن نكون من ((أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)) الذين يتذكروا، وقد أشار الله في القران للناس كافة وقد قسم الله الذين أمنوا من الناس إلى قسمان قسم يقرأ ويتدبر ويجتهد من خلال القرآن، يقول تعالى: ((وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ)) سورة العنكبوت آية 69. أي بدون المجهود والاجتهاد والتفكر في كلام الله لم ولن نعلم نحن على أي طريق نسير، بدون هذه الغاية من الباحث أو الكاتب أو المفكر أو الذي يقرأ لكي يتعلم، هل هو من الذين أتبعوا كلام الله يقول تعالى: ((وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) سورة الأنعام أية 153. وكلما أخلص الإنسان إلى الله ودين الله وعبادة الله دون شريك من الممكن أن يأتي الله في الدنيا حسنة قبل الآخرة، والحسنة من مفهوم القران ليس الزوجة الصالحة كما يدعي المفسرون، ولو كانت الزوجة كما يقولون كان من باب أولى أن تكون امرأة نوح وامرأة لوط من الصالحين، وهذا لم يحدث، ومع ذلك لم تؤثرا عليهما في دعوتهما إلى الله، وعلى كلام المفسرون هل من الممكن أن نقول أن الله قد أتى فرعون الظالم حسنة في الدنيا بما أنه جعل امرأته من الصالحين؟!.. وهذا خطأ ممن يعتقد في ذلك أن الزوجة الصالحة هي حسنة الدنيا، لا شأن لهذا بعمل الإنسان سواء أكان ذكر أو أنثى، كل إنسان مسؤول عن أعماله وعن أفعالة وعن معتقداته أمام الله يوم القيمة، وأعتقد أن الحسنة في الدنيا هي الحكمة التي آتاها الله للأنبياء والذين أتقو من الناس والذين أخلصوا إلى دين الله من رجال ونساء، يقول تعالى: ((يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ)) سورة البقرة آية 269. فما ذنب أي كاتب أو باحث أو قارئ، فما ذنب هؤلاء الذين يسعون للوصول إلى الحق وهم في مجتمع قسم منه يتحجج أنه لا يقرأ ولا يكتب لأنه أمي متهربين من مسؤولية السعي من أجل المعرفة والوصول إلى الحقيقة والحق قبل فوات الأوان فموضوع الأمية ليس مبرر لأي إنسان تجعله أن يتقاعس عن البحث عن الحق من أجل نفسه، وليس مطالب من أي إنسان أمي لا يقرأ ولا يكتب غير أن يكون مستمع إلي آيات الله بإخلاص، يقول تعالى: ((الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)) سورة الزمر آية 18. فمن كان من الناس يدعي أو يقول وهو في الحياة الدنيا أنا لا أقرأ ولا أكتب ولا أعلم شيء هو في الحقيقة لا يخدع ألا نفسه ويوم القيامة سوف يقرأ كتبه بنفسه يقول تعالى: ((اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً)) سورة الإسراء آية 14. وفي هذا الموقف العظيم سوف يتساوى القراء وغير القراء والعالم والجاهل أي لا مجال للهروب أو التمني بغير ما هو مكتوب في كتب كل إنسان، ومن كان يقول وهو في الحياة من هؤلاء الذين يتقاعسون ويقولون (ضعها في رقبة عالم وأخرج منها سالم) هم في الحقيقة لا يؤمنون بيوم القيامة الحقيقي والذي قال عنه الله تعالى: ((هَاأَنتُمْ هَـؤُلاء جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَن يُجَادِلُ اللّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً)) سورة النساء آية 109. أي ليس لأحد أن يكون وكيلا عن أحد أو يجادل مع الله، وأن الجدل في الحياة وليس في الآخرة، ومن الذين يجدلون في شرع الله بغير علم يقول تعالى: ((وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ)) سورة الحج آية 3.
وفي النهاية لا أحد يملك من البشر أن يقول أنا الوحيد الذي أمتلك الحقيقة دون غيري، نحن نجتهد من أجل الوصول إلى الحق إلى أن يأتي وعد الله يوم القيامة، يقول تعالى: (وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ) سورة هود آية 122.
#رمضان_عبد_الرحمن_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الغريزة الجنسية قبل الإسلام
-
أول من تعلق رؤوسهم على الميادين
-
حمى عبادة الحاكم عند المصريين
-
نجحت إسرائيل وفشلت مصر والعرب
-
المحكمة الإدارية وزواج المسيحية
-
الوطنيون والخونة
-
يموت الإنسان ولا يموت فعله
-
ضد القانون والحكومة والشعب
-
هارب من التجنيد
-
نظرة في تاريخ مصر
-
القادة العرب هم العنوان
-
المصري في جواز السفر والهوية
-
كيلوباترا والنظام المصري والأنذال،
-
واتخذ الله إبراهيم خليلاً
-
يا شرفاء مصر إنتبهوا ..!
-
فاقد الشيء لا يعطيه وخاصة في مصر
-
نشأت القصاص يطالب بقتل المصريين
-
أم القرى وليست السعودية
-
وعظنا الأغنياء لم يستجيبوا
-
الكفر بالطاغوت كان سبب الاضطهاد
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|