|
عار على النوبي إن رفض العودة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3055 - 2010 / 7 / 6 - 12:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
أعتقد أن معيار ردود الأفعال على أي مقال ، هو المعيار الأكثر ثقة لتقييم مقدار ما حازه كل مقال من إهتمام الرأي العام . معيار عدد الزيارات ، أو العداد ، الذي يحظى لدى البعض بالإهتمام الأكبر ، لا أعتقد إنه ذا أهمية كبرى ، خاصة عندما يكون الأمر متعلق بمقالات سياسية ، نظرا للتلاعبات التي تتم في العدادات ، و أنا شخصيا رأيت كيف تم تجميد عداد مدونتي : إستعيدوا مصر ، في موقع مكتوب عدة مرات ، و لمدد تعد بالأسابيع في كل مرة ، بما أكد لي أن أي عداد يمكن إيقافه ، أو على الأقل إبطائه . كما أن قائمة المقالات التي تظهر من خلال البحث في جوجل ، أو ياهو ، لا تعد معبرة عن الأهمية ، خاصة إذا كان هناك من يريد إختيار قائمة معينة من المقالات ، و يريد أن تكون هي المعبرة عن كاتب معين ، لغرض ما ، و ذلك أمر ليس بالعسير إذا تم فهم الطريقة التي يعمل بها كل محرك بحث . بتطبيق معيار ردود الأفعال على قائمة مقالاتي المنشورة هذا العام 2010 ، و حتى اليوم ، فإنني أجد أن مجموعة المقالات المتعلقة بعلاقات مصر مع دول حوض النيل ، هي التي نالت الإهتمام الأكبر ، و من تلك المقالات ، و على سبيل المثال ، و بدون أي نوع من الترتيب : - حلايب قضية حلها التحكيم - السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب - يا أهل النوبة الغارقة : أعدوا أنفسكم للعودة و غير ذلك من المقالات التي إما إنها تتحدث عن علاقات مصر مع السودان ، أو تتعلق بالنيل . شخصيا ، أعتبر ذلك دليل نضج ، و عافية ، في الوعي الشعبي المصري ، لأن و برغم الأخبار الساخنة المتتابعة التي تأتي من غزة ، و حرص أجهزة توجيه الرأي العام في مصر على أن يظل الرأي العام المصري متجه فقط بإتجاه القضية الفلسطينية بكل تفرعاتها ، إلا أن هناك من لم يخدعه ذلك ، و رأى أن علاقات مصر مع دول حوض النيل أكثر أهمية لحاضر مصر ، و مستقبلها ، من أي قضية أخرى ، في الوقت الحاضر . في هذا المقال أريد أن أعلق على تعليق وصلني معبرا عن رأي شخص ، أو جهة ، و أرجح أن يكون تعبيرا عن رأي جهة ، و سيعرف القارئ الكريم بالبديهة من هي تلك الجهة بمطالعته للتعليق ، و الذي كان رد على مقال : يا أهل النوبة الغارقة : أعدوا أنفسكم للعودة . و يزيد من تأكدي على إنه يعبر عن جهة رسمية ، إنني سبق أن أشرت في مقال : السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب ، إلى محاولة للتحقيق معي عبر الإنترنت بسبب مقال : حلايب قضية حلها التحكيم ، و الذي يوجد أيضا كتسجيل صوتي في موقع يوتيوب في قناة حزب كل مصر بيوتيوب : allegyptparty مضمون التعليق : هل تعتقد أن أي نوبي يقيم حاليا في الأسكندرية ، أو القاهرة ، سوف يعود للنوبة ؟! سؤال تعجبي بريء يحمل مضمون خبيث . ليكن ، و من البداية ، واضحا ، إنني لم أقل أن النوبة سوف تظهر الأن ، أو سوف تظهر كلية ، لو تم تقليص حصة مصر المائية الحالية بنسبة أربعين بالمائة ، و لم أحدد متى سيظهر ذلك الجزء من أرض النوبة الذي سينحسر عنه الماء ، لأن كل ذلك مرتبط بحسابات متشابكة ، بعضها بشري ، و بعضها متعلق بالتغيرات المناخية في دول حوض النيل . و لكن لو فعلا تم إقتطاع أربعين بالمائة من الحصة الحالية ، فبالتأكيد أن هناك جزء ضخم من النوبة الغارقة سوف يظهر ، و هذا الجزء هو حق للنوبيين ، الذين هجروا عن ديارهم قسرا لتسعد مصر . أن يكون هناك نية مبيتة من الأن من النظام الحاكم الحالي لمنعهم من العودة ، و لتقسيم الأراضي الخصبة التي سينحسر عنها ماء النيل ، و توزيع تلك الأراضي على محاسيب السلطة كتعويض عن الأراضي التي نالوها في مشروع توشكى ، الذي بالتأكيد سينتهي إلى الخراب عندما تتقلص الحصة المائية المصرية ، أو توزيعها على مزارعين من مناطق مصرية أخرى ، لتغيير التركيبة السكانية بالنوبة ، فهذا ظلم فادح واضح ، لا يمكن أن يقبله الضمير الإنساني ، و سيعد تأكيد للأقوال التي تتداول بين بعض النوبيين في مصر ، بأنه ، و من قديم ، هناك نية رسمية مبيتة لتدمير المجتمع النوبي ، و تلك الأقوال طالما إستمعت إليها بأذناي في مصر ، من مصريين نوبيين يعيشون بمصر ، و لم يغادروها أبدا في حياتهم ، و ليس إعتمادا على الإنترنت ، أو أي وسيلة أخرى ، و لكنى لم أنظر لتلك الأقوال بجدية ، و إعتبرتها إستنتاج خاطئ ، لأنني لم أجد ما يثبت وجود تلك النية الرسمية ، و لكن يبدو أنه سيكون علينا تصديق ذلك الإتهام لو أصر النظام الحاكم الحالي ، أو من يأتي بعده ، على منع النوبيين من العودة للنوبة عندما تظهر ، و لو جزئيا . الإعتقاد الرسمي بأن النوبيين لن يعودوا ، مؤثرين البقاء في مدن مثل الأسكندرية ، و القاهرة ، و أسوان ، على العودة للبدء من الصفر تقريبا ، فكرة عبثية ، لأنها تعتمد فقط على حسابات المنفعة القصيرة الأجل ، ملغية تماما المشاعر الإنسانية ، و أولها حب الأوطان . لقد بُهر العديد من الأوروبيين عند تعاملهم مع بدو الصحراء ، من عرب ، و غير عرب ، من مدى مشاعر الحب العميقة التي يكنها أهل البادية لباديتهم القاحلة ، فكيف بأرض تحف بالنيل شرقا ، و غربا ، و خصبها طمي النيل ، على مدى عقود ، بعد أن حجب هذا الطمي عن باقي مصر ، بسبب السد العالي ؟؟؟ لطالما هاجر الإنسان لأراضي بعيدة ، و بدأ من الصفر ، و في ظروف كثيرا ما كانت خطرة ، و خاض أحيانا حروب ، فقط من أجل المنفعة المادية ، فما بالنا إذا أضفنا لمبدأ المنفعة المادية في المدى الطويل ، و التي ستعود على النوبيين من العودة ، التعلق بأرض الأجداد . عقود مرت على التهجير ، و لم ينس النوبي أرض أجداده . إن هذا التعليق ، الذي يرى إستحالة عودة النوبيين ، يدل على شيئين : أولا : التفكير القاصر للنظام الحاكم الحالي ، و حساباته الخاطئة . ثانيا : التدليل على أن هناك نية مبيتة من الأن لمنع النوبيين من لم شعثهم ، لمنع المجتمع النوبي من الظهور لمرة أخرى على أرض أجداده ، داخل نطاق السيادة المصرية . على العموم لو لم يرغب أهل النوبة الغارقة في العودة لأراضيهم التي ستظهر نتيجة إنحسار ماء بحيرة السد ، أو بحيرة النوبة ، بسبب رغبتهم في البقاء في مدن مصر الكبرى ، فليتوقفوا من الأن عن الرثاء لحالهم ، و ليمتنعوا عن البكاء على أرض أجدادهم . أما إن منعوا قسرا ، و بالقوة ، ليتم توزيع أراضي أجدادهم على محاسيب السلطة ، أو أي مجموعة سكانية أخرى ، فأذكرهم بالحديث الشريف ، الذي ما معناه : من مات دفاعا عن ماله فهو شهيد ، إنتهى الحديث ، و كما هو معلوم فإن الأرض شرعا تدخل ضمن المال ، بل و عدها العرف أكثر من المال ، فأصبحت جزء من العرض . فقط ما يحز في النفس ، و يثير ألمها ، هو أن عودة النوبة ، ستكون مصاحبة لمعاناة ، و تقتير مائي ، سيعاني منه الشعب المصري . و لكن ألم يكن أماننا المائي خلال قرن تقريبا ، مبني على خراب النوبة ؟؟؟ على كل حال لم يكن للنوبيين يد في بناء سد أسوان ، ثم السد العالي ، ثم سدود إثيوبيا التي تقام حاليا ، و التي سيتبعها بالتأكيد سدود أخرى من جنسيات أخرى . مشاعر متناقضة بالتأكيد تعتمل داخل أي مواطن مصري حي الضمير . إننا ندخل عصر أخر صعب للغاية .
06-07-2010
ملحوظة دائمة : رجاء تجاهل التلاعب الأمني الصبياني المستمر في المقالات ، و هو التلاعب الذي يشمل التلاعب في طريقة كتابة بعض الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، أو بكلا الطريقتين معا ، و ليكن تركيز القارئ الكريم على صلب كل مقال .
المنفى : بوخارست - رومانيا
حزب كل مصر تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا أهل النوبة الغارقة : يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة
-
خطوات صائبة من البرادعي ، و لكن
-
المأمور قتل ، و لكن إسماعيل صدقي لازال حي
-
التنوير ، كلمة يملكها المؤمن أيضاً
-
و مغارات اللصوص تشجع على المزيد من السرقة ، حول الحسابات الم
...
-
إنحدرنا حتى أصبحنا نطالب بالأساسيات
-
لماذا لا تقبض حماس ثمن ما تقوم به بالفعل ؟
-
الفرصة لم تضع لمبادرة مباشرة من حماس
-
غزة ، إنضمام مؤقت ، كحل مؤقت
-
شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة
-
عمر بن حفصون ، لماذا نبشوا قبره ، و مثلوا بجثته ؟
-
هكذا سيتدخل نظام آل مبارك عسكريا في دول حوض النيل
-
في قضية الردة ، لنخسرهم ، و لنكسب العالم
-
المشكلة في البوصلة السياسية الإيرانية ، و ليست القنبلة
-
علينا إعداد العدة لإحتجاجات ما بعد إنتخابات 2011
-
كترمايا جاءت لجمال مبارك على الطبطاب
-
السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب
-
للإخوان : هناك ما هو أكبر من غزة
-
ما الذي يدفعهم للإخلاص لأوباما ، بعد أن طعنوا كلينتون في ظهر
...
-
الخدمة العسكرية الإلزامية ، هذه سياستنا
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|