أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - يوسف ابو الفوز - المناضل صبحي جواد البلداوي احد ركاب قطار الموت : كانوا يريدوننا موتى !















المزيد.....

المناضل صبحي جواد البلداوي احد ركاب قطار الموت : كانوا يريدوننا موتى !


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 3053 - 2010 / 7 / 4 - 18:20
المحور: مقابلات و حوارات
    


كيف يمكن ان يكون اللقاء بمناضل ، هو واحد من اسماء دخلت ذاكرة البلاد عبر حكايات مرشوشة بعبق الاساطير ؟ كيف يكون اللقاء مع واحد من ركاب " قطار الموت " ، الذي دخل ذاكرة العراقيين ، كقصة تذكر بمناضلين منحوا حياتهم لاجل سعادة هذا الشعب وحرية الوطن ؟ في طريقي اليه ، عادت الى ذاكرتي كل قصة وتفاصيل قصة " قطار الموت" ، الذي كان تمرينا أول للجرائم الجماعية المنظمة لحزب العفالقة . كان "قطار الموت" طريقة الانتقام من الشيوعيين والوطنيين من انصار ثورة 14 تموز التي وادها انقلاب 8 شباط 1963 ، الذي ما ان اختلف قادته حتى فضحوه ، بأنه جاء بقطار امريكي ، على عهدة علي صالح السعدي احد قادة الانقلاب ! "قطار الموت " كان خطة انتقام جهنمية من ابناء العراق نفذها حزب دموي ، لا تخطر الا للشياطين والابالسة من القتلة ، أذ وضعوا في عربات حديدية لقطار حمل عادي ، حوالي 500 سجين شيوعي ووطني ، من العسكريين والمدنيين ، وامروا السائق بالسير البطيء ، ليموت الجميع من الحر والعطش والاختناق داخل العربات ، لكن السائق البطل والشهم ، عبد عباس المفرجي ، قلب لهم الموازين بشجاعته وبسالته ، فكان ان انقذهم ،ولم يستشهد منهم ، سوى الشيوعي الرئيس يحيى نادر .
عند باب البيت ، في أحد احياء بغداد الشعبية ، بكل تواضع المناضلين الكبار ، متوكئ على كبرياء السنين ، استقبلني مرحبا ، وضغط علي يدي بحرارة وابتسامة عريضة تفترض وجهه المشرق . كان من حولنا يقف ابناؤه النجباء ، وكانت الى جانبه زوجته ، رفيقة رحلته في النضال والعذاب . كان كبر العمر واعتلال الصحة واضحا على بطلنا ، وهو يحاول ان يعتصر ذاكرته ، فتتداخل الاسماء والاحداث احيانا ، فتكون الزوجة معينا جيدا للتدقيق .
المناضل صبحي جواد البلداوي المعروف بأسم ابو جميل ، مواليد 1932 ، في شبابه المبكر كان من المساهمين في وثبة كانون 1948 حيث تبلور فكره الوطني ، وسرعان ما انتمى لصفوف الحزب في بواكير حياته ، انهى الدراسة الثانوية وتعلم مهنة الطباعة فكانت ان حددت له مسار حياته ، اذ صار من الشيوعيين العاملين في مطابع الحزب السرية، وكان نصيبه العمل في جريدة " صوت الفلاح " السرية ، التي لاجلها كان يسكن مع زوجته أم جميل السيدة أديبة محمد سلمان مواليد 1940 في بيت حزبي مغلف بالاسرار والكتمان . عن هذه المهمة قال :
ـ كان المشرف على البيت هو الرفيق ستار الخوجه ، انتقلنا الى بيت في الكاظمية ، بعامين قبل ثورة 14 تموز 1958 ، وبقينا هناك كل الوقت حتى ايام انقلاب 8 شباط 1963 ، كانت مهمتي تنضيد الحروف وطبع الجريدة من صفحتين واحيانا اربع صفحات . لم اتعرف على اي من محرري الجريدة ، كانت تصلني المواد عبر المسؤول الحزبي وكنت انضدها واطبعها وعن طريقه تنتقل الملاحظات مني وألي . لم نكن نختلط بأحد ، وكنا نبتعد حتى اهلنا واقاربنا للحفاظ على اسرار البيت وكتمانها ، وخصوصا من اجل عدم كشف وجود المطبعة ، بعد اعتقالي التي حصلت بسبب بعض الاعترافات صودرت المطبعة من قبل انقلابي 8 شباط .
* ومتى كان اعتقالك ؟
ـ اعتقلت ليلة 19 ـ 20 اذار 1963 ، ولم يتسن لنا نقل المطبعة وتغيير مكانها ، اذ كانت شدة موجة الاعتقالات والترقب والحذر يسودان الوضع ، لكن انهيار بعض من كان له علاقة بعمل المطبعة كان السبب في كشف المكان والاعتقال ، واذكر ان آمر القوة التي اعتقلتني كان أسمه "احمد طه العزوز " ، وكانوا في البداية يريدون تصفيتنا فورا .
تتدخل ام جميل لتضيف وتقول :
ـ كانوا اكثر من عشرين مسلحا ، كلهم بالخاكي ، ورشاشات قصيرة ، ووضعوها فوق رؤوسنا ، وراحوا يسألون عن اسماء من يزور البيت ، وماذا يجري في الاجتماعات داخل البيت ، فقلت لهم بأني لا اعرف شيئا وانا ام لاربعة اطفال ، وحامل ، وانا مجرد زوجة انفذ اوامر زوجي . اقتنعوا بعض الشيء بكلامي وتركوني ولكنهم اخذوا يحققون فورا مع ابو جميل .
يضحك ابو جميل بصفاء ، وهو يتذكر تلك الايام ، وهو يحكي لنا كيف ان ام جميل لمشاغلتهم بادرت وقدمت لهم كليجة وحليب وشاي ساخن وراحت تبدو كربة بيت ممتازة وغير معنية بالامور الحزبية ، ويضيف :
ـ كان قرار قتلنا وتصفينا في بالهم ، لكنهم اختلفوا فيما بينهم حول التنفيذ ، وقرروا اخيرا ان يتركوا ام جميل والاطفال ، واعتقلوني فقط ، فأخذوني فورا الى سجن قصر النهاية ، وهناك كان الحظ الى جانبي ، فالى جانب رئيس هيئة التحقيق في قصر النهاية المدعو مدحت ابراهيم جمعة ، كان هناك ابراهيم العاني المعروف بأسم ابو رفعت ، وهو من كوادر البعث ، وكان خاله هو قاسم محمد علي العاني من الضباط الشيوعيين المعروفين ، وهذا يكون ابن عمتي ، فلعب الجانب العائلي هنا دورا في انقاذي من الاعدام ، اذ كنت اجلس ضمن مجموعة من الرفاق السجناء ، اذكر من بينها الشهيد لطيف الحاج والشهيد حسين فرمان ، فجاء ابراهيم العاني لينهرني بعنف دون يكشف انه يعرفني ويأمرني بالنهوض ، واجلسني ضمن مجموعة اخرى من السجناء ، اذكر منهم الصحفي ابراهيم الحريري ، وكان الاعدام من نصيب المجموعة التي كنت معها اولا ، وانا شخصيا كنت اتوقع الاعدام لان اعتقالي في بيت حزبي مع مطبعة يجعلهم يظنون اني كادر متقدم جدا في الحزب .
وبصعوبة يواصل أبو جميل ذكرياته :
ـ في قصر النهاية ، كان التعذيب هو غذاءنا اليومي ، كانوا يطالبون بمعلومات وتأييد اعترافات ، انا كنت اتحجج بكوني عامل مطبعة وليس كادرا في التنظيم ، فلا اعرف سوى مسؤولي الذي اعدم في الايام الاولى من الانقلاب . وبعد قصر النهاية نقلوني الى سجن معسكر الرشيد ، وبقيت هناك حتى حركة حسن سريع وبعدها نقلنا بقطار الموت .
وتوقفنا كثيرا مع ابو جميل في شرد وقائع تلك الايام ، ولانعاش ذكرته رحنا نتحدث عن انطلاق انتفاضة معسكر الرشيد كرد على انقلاب 8 شباط الاسود ونشاط الشيوعيين داخل الجيش ، وحاولنا معا اعتصار ذاكرته لنعرف شيا من التفاصيل عن ما جرى صباح يوم نقل السجناء الى القطار وماجرى خلال رحلة القطار ، الا ان وضعه الصحي وذاكرته لم تسعفنا الا بلقليل :
ـ من بعد اسبوعين من البقاء في سجن قصر النهاية نقلونا ، حوالي عشرين مدنيا ، الى سجن معسكر الرشيد ، وكانوا يسموننا المجموعة الثانية ، واذكر كان معي الفقيد المعلم عبد علوان ، وستار زبير ، وكريم الحكيم ، وهناك في سجن معسكر الرشيد كان يوجد أكثر من 300 ضابط شيوعي من مختلف الرتب ، وفي سجن معسكر الرشيد اذكر كان معي غضبان السعد ، وبعد حركة حسن سريع نقلونا الى قطار الموت فجرا ، وكنت في العربة التي فيها غضبان السعد وسمير القاضي ، وكانت رحلة صعبة ، خصوصا مع اشتداد حرارة الشمس ، وكان جحيما حقيقيا ، كانوا يريدوننا موتى ، ولكن سائق القطار البطل واهل السماوة الابطال انقذونا وكان ردا ذا معنى على الانقلابين . اذكر كيف اني بعد ان اخروجوني من جهنم عربات القطار ارتميت على الارض لا اقوى على الحركة وكان اهل السماوة يرشونا بالماء ، ثم جاءت نساء وزعت علينا الملح والاكل . ثم بعد ساعات نقلونا الى سجن نقرة السلمان .



#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طائرات فنلندية مستأجرة لابعاد عراقيين من أوربا
- في فنلندا إختيار رئيس وزراء جديد بسبب تهم الفساد
- أيها المهاجرون في فنلندا : أحذروا الفتنة !
- سينما الخيال العلمي والأسئلة الأخلاقية المعاصرة!
- لماذا هذا الاصرار في الابتعاد عن الوطن والمكوث في المنفى ؟
- مؤتمر الحزب الشيوعي الفنلندي : الرأسمالية سبب البؤس والعنف ف ...
- هلسنكي : بوابة الشتاء وسحر الليالي البيضاء !
- حوار مع تاج السر عثمان بابو عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي ...
- دعوة لمناقشة أسئلة مشروعة !
- الفنلندية صوفي اوكسانين تنال جائزة الادب لعام 2010 في دول ال ...
- بعض المثقفين ولغة - نحباني للّو - !
- حين أتسعت غمازتا مراقبة صندوق الاقتراع !
- شريحة المثقفين التي لا تجد الاهتمام الكافي
- في السماوة مع مرشحي قائمة -اتحاد الشعب- في مسيرة انتخابية را ...
- اتحاد الشعب.. قائمة الديمقراطية وقوى اليسار
- عن مثقفي المحافظات
- مرشحو قائمة اتحاد الشعب : لدينا امال كبيرة نعمل لاجلها
- ثقافة القانون وعمود النور العراقي !
- الشهيد سعدون: ولد وغادر في ظهيرة تشرينية ليتحول رمزا
- قدح شاي معطر بالعنفوان


المزيد.....




- ما ردود فعل دول أوروبا على إعلان ترامب رسوم -يوم التحرير-؟
- الحرية الأكاديمية في خطر: قرارات ترامب تهدد تمويل الجامعات ا ...
- غارات إسرائيلية تستهدف مطارين عسكريين في سوريا
- وزير الدفاع الإسرائيلي: العملية العسكرية في غزة تتوسع لاستيل ...
- قائمة بالرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على الدول العربية.. ...
- الرسوم الجمركية..قواعد ترامب ترعب أوروبا
- ترامب يلاحظ -تعاونا جيدا- من قبل روسيا وأوكرانيا بشأن السلام ...
- -ديلي إكسبريس- نقلا عن مصدر مقرب من إدارة ترامب: إيران قد ت ...
- الخارجية السورية: تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة ا ...
- وزير الخارجية الفرنسي يحذر من صدام عسكري مع طهران إذا انهارت ...


المزيد.....

- تساؤلات فلسفية حول عام 2024 / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - يوسف ابو الفوز - المناضل صبحي جواد البلداوي احد ركاب قطار الموت : كانوا يريدوننا موتى !