شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3053 - 2010 / 7 / 4 - 16:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جميع الكتابات الإسلامية ذات صبغة واحدة في دفاعها عن الدين الإسلامي .
نستطيع أن نختصرها حسب ما يقوله هؤلاء السادة " بأن سبب تأخرنا وتخلفنا هو "
حملات التغرير ( سوزان ) – الغزو الثقافي ( سالم النجار ) – الحرب النفسية ( محمد الحلو ) – فرض مفاهيم وافدة على القيم الإسلامية ( سامي لبيب ) – القوى الاستعمارية ( عهد صوفان ) – ثم يقولون " لقد خلق الغرب أولياء لثقافته هم عملاء في نفس الوقت ( شامل عبد العزيز) – الصهيونية ( مسلم تارك دينه ) – الفلسفات المادية ( سامي المصري ) الفلسفة اليونانية الوثنية ( سيمون خوري ) – المؤامرة الدائبة والمستمرة ( المنسي القانع ) – بروتوكولات حكماء صهيون ( رعد الحافظ ) – ألمأسونية ( قارئة الحوار المتمدن ) – المبشرين ( آمال ومرثا وأشورية ) .. الخ .
طبعاً إذا كانت جميع هذه المُسميات تقف أمامنا فكيف لنا أن نتقدم ونتطور ؟ ولكن في نفس الوقت هل هذا القول صحيح ؟ أو أن هذا الإدعاء العقيم في محله ؟
هل السبب في تخلفنا هو الآخر تحت أي مُسمى مُجتمعاً أو مُنفرداً ؟
هل العلة تكمن في الآخر أم العلة في أنفسنا ؟
إذا سَلمنا بأن الآخر هو السبب فأنا استطيع أن أقول بأننا " أمة لا تستحق العيش , لا تستحق الوجود , لا تستحق الحياة , فما هو نفع أمة تنسب تأخرها وهوانها وضعفها وتخلفها للآخر الذي خلقت منه وهماً ثم بدأت تتصوره عدواً يحاربها ليل نهار ويحاول القضاء عليها علماً بان الأدلة على أرض الواقع تُثبت عكس ذلك ؟
لو كان الآخر مشغولاً إلى هذه الدرجة في القضاء على أمتنا فأعتقد بأنه لحد الآن لم يغادر ولم يخرج من الظلام الذي كان يعيش فيه ؟ ولم يستطع أن يصنع ويخترع ويكتشف ويغزو القمر والبحر وكل شيء في الكون و لا زال يفعل وسوف لن يتوقف .
إذن الثنائية – التقدم / التأخر ..
بما أن المسلمين يؤمنون إيماناً عميقاً وقطعياً وجازماً بأن الدين الإسلامي قد حوى كل شيء , لذلك فلديهم مفهوم للتقدم وحسب وجهة نظر هذا الدين .
علماً بأنني لا أرى أي معنى للتقدم سوى التقدم . وليس هناك أي معنى بأن هذا التقدم إسلامي وهذا مسيحي وهذا بوذي . فالتقدم هو التقدم .
ولكن بما أننا امة تحب النقاش والجدال والكلام فقط و لا تهتم بأشياء أخرى فهي لديها منظور لكل شيء في الكون ؟
ما هو مفهوم التقدم في الفكر الإسلامي ؟
هل هناك خلاف بينه وبين مفهوم التقدم في الغرب ؟
هل التقدم في الغرب مادي فقط ؟( هذه تهمة للغرب يحاولون فيها تجريده من المشاعر وهذا غير حقيقي فهم أكثر إنسانية من أمتنا والدليل طريقة عيش المسلم في بلدانهم ) .
أم أن التقدم تقدم – شامل – مادي – روحي – نفسي – اجتماعي ؟
ولكن قبل اتهام الغرب بأنه مادي ؟ هل هناك تقدم في الإسلام وبجميع أنواعه المادية – الروحية – النفسية – الاجتماعية ؟
قبل أن نتهم الآخرين بما ليس فيهم علينا مراجعة أنفسنا والنظر لواقعنا ومقارنته مع الآخر ثم بعد ذلك يحق لنا أن نقول كلمتنا ؟ أليس هذا هو الإنصاف والعدل ؟ والإسلام يحث على العدل ؟
ولكن يبدو أعزائي القراء " أن لا فائدة من هذا الكلام مع أمة تعودت أن ترى أصغر العيوب عند الآخرين وتتجاهل أكبر عيوبها .
أين هي الأدلة على أن التقدم في الغرب تقدم مادي فقط ؟
هو التقدم في مجالات الحضارة ووسائل العيش وأساليب الحياة والجوانب الاقتصادية والعلمية وهو تقدم مطلق غير محدود , لا تقف أمامه أي حواجز وغايته الرفاهية ..
هل هذا التقدم بهذا التعريف مذموم في نظر المسلمين ولماذا ؟
إذا كانت غاية الدين الإسلامي " الإنسان وسعادته ورفاهيته فأين الخلل في التقدم الغربي ؟
ثم أين تقدم الإسلام الذي غايته الإنسان ورفاهيته وسعادته على أرض الواقع ؟ وهل نحنُ سُعداء حقاً ؟
حركة التقدم في الغرب نشأت مع الثورة الصناعية في القرنين 17 – 18 ومرتبط بنظرية التطور ..
المسلمين يرفضون هذا التطور, لماذا ؟ للأسباب التالية "
أنه مادي – جوهره سيطرة الإنسان على الضرورات الإنتاجية – السيطرة على الطبيعة .
لنقرأ الرد من قبل المسلمين والذي برأيي الشخصي مجرد شعارات "
تختلف النظرية الإسلامية في مفهوم التقدم عن النظرية الغربية في مفهوم التقدم نفسه , فمفهوم التقدم في الإسلام يدفع الإنسان دائماً إلى الأمام , ويؤكد القيم الإنسانية العليا الثابتة , وأنه – وهذا هو الجانب الأكبر والأهم – يعني التقدم المادي والروحي وأنه لا يُضحي بالجانب الروحي في سبيل المادي و لا يُعلي من شأن الجانب المادي وحده أو يفرده بالاهتمام ( أحدهم ) .
أعتقد أن تقدمنا حسب هذا القول وحسب هذه النظرية هو تقدم إلى الوراء وسوف نبقى نتقدم بهذه النظرية حتى نضمحل والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ؟
لنقرأ العبارة التالية " الأعداء حاولوا إقناع المسلمين بفصل الدين عن الدولة "
هذا قول علماء المسلمين في الغالب . ولكن هل هذا الإقناع من صالح المسلمين أم لا ؟
ثم كيف يقدم العدو نصيحة لعدوهِ هو نَفسَهُ قد أخذ بها ؟ ورفعته إلى السماء السابعة ؟ ( هذا إذا كان هناك سماء تحمل الرقم 7 ) ؟
كيف تقدم الغرب ؟ أليس بفصل الدين عن الدولة ؟ فهل كانت نصيحة عدونا حقيقية أم لا ؟
ولكن كيف قدم الغرب نصيحته لعدوه ؟ عندما قال " الدين معوق عن التقدم ومانع من النهضة , وان على المسلمين والعرب إذا أرادوا التقدم أن ينفصلوا عنه ؟
يرد علماء المسلمين على هذا القول البديع والحقيقي بما يلي "
إن دعوتكم غير صادقة من الوجهة العلمية الصحيحة ؟ لماذا يا سادتي يا علماء المسلمين ؟
لأن خروج امة من مقدراتها وقيمها ومزاجها النفسي لن يكون بحال من الأحوال عاملاً من عوامل تقدمها "
سوف نسأل ؟
هل خرج الغرب من مقدراته وقيمه ومزاجه ؟ ما هي فائدة القيم والمزاج إذا كنا في الحضيض ؟
أو بمعنى أخر " أن قيمنا هي سبب بقاءنا في الحضيض "
التقدم بنظر المسلمين ( للغرب الكافر ) والذي يقارنون به تقدمهم يعني "
التحرر من الضوابط الأخلاقية , وعوامل التقوى والإيمان , وهو مؤامرة ضخمة على المسلمين ؟ هل هناك من يستطيع أن يفسر لنا هذا الكلام ؟
هل نحنُ فقط نفهم معنى الضوابط الأخلاقية ؟ ثم ما هي الأخلاق ؟ وهل نحنُ أمة تعرف للأخلاق أي معنى ( باستثناء البعض لآن التعميم ظلم ) ؟
التفسير الإسلامي لفصل الدين عن الدولة في الغرب "
إذا كانت أوربا أو الغرب عامة قد أنفصل عن الدين فذاك لأنه اعتبر المسيحية دخيلة عليه ووافدة ؟ لماذا ؟ لأن تشكيله النفسي كان قائماً من خلال الفلسفة اليونانية والأنظمة الرومانية ( سوف اترك التعليق للقراء الأعزاء على هذه النقطة بالذات ) .
أما عند المسلمين فالأمر يختلف فإن هذه الأمة قد تشكلت قبل أربعة عشر قرناً والإسلام جزء من كيانها من حيث هو دين وعبادة للمسلمين ومن حيث هو نظام وثقافة ومنهج حياة للمسلمين و لأهل هذه البقعة جميعاً ؟ ولكن ألم يكن الدين المسيحي دين عبادة ونظام وثقافة ونظام ومنهج حياة للمسيحيين ؟ فلماذا حصل العكس ؟
قد يتصور غالبية المسلمين أن فصل الدين عن الدولة معناه إخراج المسلمين من الدين أو هي محاولة لإخراجهم ؟ إذا كان هذا هو تصور العلماء ومعهم العوام من المسلمين فعلى الدنيا السلام ؟ ثم ما هو ذنب الآخرين الذين لا يرون هذه النظرة ؟
" إخراج أي أهل دين من دينهم هي تجربة مستحيلة ومضادة لاتجاه التاريخ ومن يفكر بهذه الطريقة فمكانه مستشفى المجانين .
الغرب لا يريد أن يُخرج الناس من دينهم , الغرب يريد أن يكون الدين منفصلاً عن الدولة وهناك فرق كبير بين المفهومين ؟
إذن سقطت نظرية الفصل في النفوس أولاً قبل التطبيق على أرض الواقع .
ختاماً "
التقدم في الغرب حصل رغماً عن الدين , أما في دين الإسلام فالعكس هو الصحيح ؟ لأن الدين الإسلامي لا يستطيع أن يبقى على قيد الحياة إلا بانتشار العلوم ؟ ( أعمل أيه ألطم ) ؟
لذلك سيداتي سادتي تجدون أن علومنا قد فاقت علوم الآخرين وطغت على أهل الأرض جميعاً , فنحنُ العلماء والمكتشفين والمخترعين , ونحنُ الذين غزونا الفضاء وأعماق البحار ولم يكن شغلنا الشاغل المساجد – الجوامع – الحسينيات – ولم نشتغل إلا في العلم والعلوم ولم نهتم إلا بالعلماء ولذلك نحنُ في أفضل حال ولولا وجودنا لما كان للبشرية أي طعم ؟
هل هناك من يصدق هذا الكلام السقيم – العقيم الذي يردده هؤلاء المغيبين ؟
ثنائية أخرى "
الغربي إذا صار عالماً ترك دينه ؟
أما المسلم فإنه لا يترك دينه إلا إذا صار جاهلاً ؟
اللهم أني من الجاهلين , اللهم أني بلغت , اللهم فأشهد ؟
/ ألقاكم على خير / .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)