أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله أحمد الباكري - العبقري البدين














المزيد.....

العبقري البدين


عبدالله أحمد الباكري

الحوار المتمدن-العدد: 3052 - 2010 / 7 / 3 - 09:48
المحور: الادب والفن
    




عندما قرأت كتابه ( سنة ثالثة سجن ) خيل لي أنني أشاهد فيلماً عظيماً حصد كل جوائز الأوسكار ، فلدى الأستاذ المرحوم مصطفى أمين قدرة عجيبة على تصوير المأساة لدرجة أنك تعيشها معه لحظة بلحظة ، فتحس معه آلامه وأوجاعه ، لقد دهشني الأستاذ بهذه البراعة الكتابية التي صورها بأسلوبه العبقري المدهش !! 0

بعد فراغي من قراءة الكتاب وقع في نفسي شغف غريب لقراءته مرة أخرى ، وبعدها شرعت في تناول كتبه الأخرى كتاباً كتاباً حتى عرفت من هو مصطفى أمين ، إنه كاتب انساني من الدرجة الأولى ، فهو محب للناس وعاشق للحياة ووفي للصداقة ومجنون بصاحبة الجلالة ( الصحافة )0

وكما قالوا بأن الشائعات هي ضريبة الشهرة ، فقد طاردته حيثما حل وارتحل ، فزوجوه رجالها عشرات المرات وطلقوه مثلها ، ونسجوا حوله عشرات الحكايات والغرائب مما جعل حاسديه وشائنيه لا يألون جهداً في دس الأكاذيب السياسية حوله فكان لقمة سائغة للمخابرات العنجهية حينها ، فدفع الأستاذ ثمن ذلك سجناً ارتمى في غياهبه ثمان سنوات ظلماً وافتراءً 0

وبعد نصر اكتوبر شكل الرئيس الراحل أنور السادات لجنة لإعادة التحقيق في قضية الأستاذ ، وعندما اتضح للجنة براءة الأستاذ وتظلمه ، أخرجه السادات من زنزانته وأعاد له اعتباره كرئيس ومؤسس لصحيفة أخبار اليوم ، ثم سجن سجانيه ونكل بهم كما نكلوا بالأستاذ ، ولكن الأستاذ ذو قلب عطوف لا يهوى الإنتقام فاستعطف السادات في أن يفك وثاقهم ويعفو عنهم إلا أنه أصر على معاقبتهم 0

وطيبة قلب الأستاذ معروفه ، فالأستاذ هيكل ، عدوه الصديق ، لم يكف عن مهاجمته والتحريض عليه ، ويقال بأن له دوراً في حبس الأستاذ ، إلا أنه بعد خروجه من السجن لم يرد عليه ولو بلوم أو عتاب ، ولا ننسى أن بداية الأستاذ هيكل كانت مع أخبار اليوم ، وأن للأستاذ مصطفى أمين فضل إبرازه كصحفي لامع في دنيا الصحافة العربية 0

حكايته مع الصحافة أو مع صاحبة الجلالة كما يحلو له تسميتها حكاية ظريفة وعصامية تصلح مادة تاريخية لفيلم يوثق حياة الأستاذ وسيرته مع الكتابة ، فقد عشق الصحافة وافتتن بها منذ نعومة أظافره ، فكان يحرر مع شقيقه علي أمين صحيفة للقصر الذي نشأ فيه وهو ( بيت الأمة ) بيت جده – خال والدته- سعد باشا زغلول ، فكان الباشا يسر حيناً من هذه التجربة ويقلق حيناً عليهما لأنه يعلم مشاق الصحافة ومتاعبها 0

كان الأستاذ عبقرياً في علاقاته الإجتماعية ، فكان محبوباً من الكل ومعروفاً لدى الكل ، رجال الحكومة وأساطين السياسة وقمم الغناء والموسيقى وجهابذة العلوم والفنون والأدب ، ولا غرو فمهنته الصحفية تقتضي معرفته بكل أطياف المجتمع ، أما الصحفيين فكان إمامهم الذي يقتدون على أثره في الكتابة ، ومعلمهم الذي ينتهجون على نمطه في التحرير ، فكان أباً لهم بالنصيحة والمشورة 0

أما عبقرية الأستاذ فلا تتجلى في الكتابة الصحفية وحسب ، بل تتخطى ذلك إلى الإدارة ، فكان نابغة الإداريين في زمانه ، فبعد خروجه من السجن وتسلمه لزمام الإدارة في أخبار اليوم ، كانت الصحيفة قد تاهت وسط تألق الأهرام الكاسح ، فأعاد هيكلة الصحيفة إدارياً ، وأصدر سلسلة من القرارات قلبت ظهر المجن لصالح الأخبار ، وأما عن طبيعة هذه القرارات فكانت سابقة لزمانها آنذاك ، وهي ما تدرس اليوم كأساسيات في فن التسويق والمبيعات ، مثل تحقيق الرضا الوظيفي للموظف ، فكان يشتري لهم السيارات ويقسطها عليهم بشكل مريح ، ويساعدهم على الزواج والمعونات المالية ، كما أنه وفر لجميع المحررين أغلى المكاتب حينها ، مما جعل الجميع يعمل ليل نهار لصالح هذه الصحيفة وأستاذها العظيم0

عاش الأستاذ قصة حب حقيقية جميلة ورائعة ، فعندما كان في الخامسة والخمسين من عمره وهو قابع في سجن ليمان طرة ، زارته ابنة خالته ( ايزيس طنطاوي ) ، وكانت تصغره بثلاثين عاماً ، ولأن الحب يجهل السنون والأعوام ، فقد تعلق الإثنان ببعضهما ودونا قصة رائعة في الوفا والإخلاص ، فقد انتظرت حبيبها حتى خرج من السجن وتزوجته وعاشت معه حياة وصفها الأستاذ وصفاً ساحراً كأحلى ما يكون من قصص الحب والغرام 0

أما حكايته مع السياسة فلم يرض عنه القادة والسياسيين طوال عمره لأنه كان لسان الشعب الناطق ، كما كان الشجاع الذي لا يهاب السجن ولا يخش التهديد ، فقد سجن أيام الملكية مرات عديدة ولكنها قصيرة المدة ، فقد ظل يهاجم الفساد والمفسدين حتى قامت الثورة فطبل لها ولزعيمها عبد الناصر ، ولكنه بعد أن رأى أن العسكريين استأثروا بالحكم وضحكوا على الشعب بأن استبدلوا ظلم الملكيين بظلم العساكر ، خرج بقلمه وعموده الشهير ( فكرة ) ينادي بالديمقراطية ، فلفقوا عليه التهم الإستخبارتية وزجوه في الحبس 0

وعندما أخرجه السادات إلى نور الحياة وأكرمه ، كان الأستاذ يعلم أن كل هذا الإكرام مقابل السكوت عن أوضاع الظلم والفساد ، كما أنه كان متيقن أن السادات أخرجه من الحبس لا حباً فيه ولكن ليجد مبرراً لسجن أعدائه الجدد بعد توليه السلطة ، وهم قيادات الإستخبارات ، ولأن الأستاذ لا تمر عليه مثل هذه الأمور فظل يهاجم الظلم والفساد ويطالب بالحرية والديمقراطية حتى منعه السادات من الكتابة عدة مرات 0

وفي بداية عهد الرئيس مبارك ، يقول الأستاذ أنه وجد مناخاً للحرية أفضل كثيراً مما مضى ، وقال عبارته الشهيرة : إذا غضب عبد الناصر قصف العمر ، وإذا غضب السادات قصف القلم وإذا غضب مبارك اكتفى باللوم والعتاب 0

وفي النهاية ، أتمنى أن يصدر أحد الباحثين المهتمين بالأستاذ كتاباً يلم به بكامل تفاصيل وحياة هذا الرجل العبقري ، ويبرز جوانب العبقرية والنبوغ في شخصيته بصورة علمية جادة 0



#عبدالله_أحمد_الباكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإبداع يبحث عن الحرية - هجرة الشوام إلى مصر أنموذجاً


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله أحمد الباكري - العبقري البدين