|
المرأة المضطهدة في المجتع الفاسد
علي محمد البهادلي
الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 16:35
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
دأب البشر على تقسيم النوع الإنساني إلى ذكور وأناث حتى في أرقى الدول المتقدمة ولم يكن ضابط تقسيماتهم واضحاً ، فهناك من عدَّ هذا التقسيم دلالة فارقة بين الفرد الأقوى والمتميز عقلياً والفرد الضعيف من ناحية جسمه وعقله ، وهناك من عدَّ الأنثى ليس في عداد البشر ، أو أنها شر لا بد من اجتنابه ، وهناك من يرى أن هذا التقسيم هو بسبب الفوارق الجسمية والاختلاف بين سيكلوجية الجنسين وليس أساساً لتكريس تميُّز أحدهما على الآخر ، أما في الحضارة الغربية الحديثة ،على الرغم من أنها رافعة لواء تحرير المرأة و مساواتها بالرجل ، فلم تكن أفضل حالاً من سابقاتها فيكاد شعاراتهم في تحرير المرأة تبغي تحريرها من سيطرة الرجل شكلياً وهذا ما نلحظه واضحاً ، بل ازدادت سيطرته الفعلية عليها ، إذ إن تحريرها لم يكن يستهدف فكرها ونظرتها لنفسها على أنها إنسانة كأخيها الرجل لها طموحاتها كما أن له طموحاته ولها أن تبدع وتشارك في ميادين الحياة كافة كما هو حاصل له ، إذ لم تكن هناك دعوات جادة لذلك بل رأينا تحرير المرأة من القيود المفروضة عليها من قبل الرجل من ناحية الملبس والعمل والجنس ، وخرجت لنا المرأة بعبودية أشد مما كانت، فــ "موظات الملابس " التي تأخذ طابعاً جنسياً ودور الأزياء وحفلات الرقص والغناء وأنواع مساحيق التجميل والحلاقة كلها أدخلت المرأة في هوس الإثارة وجعلت منها دمية تحركها الأهواء يميناً وشمالاً وغدت عملية إثارتها للرجل هو العمل الرئيس لها ، فهي من حيث تشعر أو لا تشعر غدت مملوكة للرجل بكيانها كله ، أما شعور المرأة بدورها الرسالي في المجتمع وسعيها مع أخيها الرجل للتغير الاجتماعي ومكافحة الظلم ونشر العدالة بين أبناء المجتمع والوقوف بوجه أصحاب المصالح ورؤوس الأموال والفاسدين الذين يتحكمون في كل مفاصل الحياة فهذا ما لم نلمسه بالواقع إلا محاولات ضئيلة جداً . فهذا الإنسان (المرأة) لم يأخذ دوره الحقيقي المبتغى منه ، فالله سبحانه خلق الناس ذكوراً وإناثاً وطلب منه وكلفهم بالسعي لتحقيق الغاية التي من أجلها خلقوا ، وهي السمو بالإنسان نحو درجات التكامل والرقي ، وهذا لا يكون إلا بإزاحة الظلم عن الساحة الاجتماعية ، وبما أن المرأة الآن هي الطرف الأضعف في المعادلة فقد عُرِّضَت لأبشع أنواع الظلم والاضطهاد والاستغلال ، فالأم في بيتها يكال لها مجموعة من الأعمال الشاقة منها تربية الأطفال وتنظيم أمور المنزل ليكونوا بذرة صالحة في المجتمع ، وهذا شيء جميل جداً إلا أنها للأسف الشديد تُضطهَد من قبل الزوج والأهل و من المجتمع لا سيما إذا فُقِد زوجها جراء الاضرابات السياسية والأمنية ، وهذا ما شهدناه على الساحة العراقية ، فالمرأة قامت بدور الزوجة والأم والأب خلال هذه الأجواء المضطربة وتحملت الآلام والمآسي والتهجير، ولم تسع الحكومة إلى تخفيف الظلم الواقع عليها ، بل إنها ـ أي الحكومة ـ تضع إجراءات روتينية كثيرة أمام منح المرأة مبالغ هي أقل من حقوقها بكثير ، فدائرة الرعاية الاجتماعية التي كانت المسؤولة عن إعطاء منح للأرامل والمطلقات ومن لحقهن الظلم الاجتماعي ، لم تقدر معاناة المرأة بل أجحفت حقها وظلمتها ، وما دموع الأرامل وأهات المطلقات وأنين أطفالهن على عتبة أبواب الرعاية الاجتماعية إلا شاهد حي على الانتهاك الصارخ لحقوقها . أما في ميدان العمل فإنها تُستغَل بشكل بشع ودنيء فقلة الأجور وعدم تكافئها مع رواتب وأجور الرجال موجود في كل أنحاء العالم حتى في الدول الديمقراطية ، وتعرضها للابتزاز والتحرش الجنسي من قبل القيادات الإدارية في مواقع العمل واضح وكثير حتى وصل هذا الأمر إلى الدولة التي تتزعم النظام العالمي الجديد ، إذ تحرش رئيسها الأسبق " بيل كانتون " بإحدى موظفات البيت الأبيض ، وهي أشهر فضائح الرؤساء في العالم . فعلى النساء الواعيات المثقفات المطالبة بحقوقهن التي لا مناص منها في طريق تحررها من براثن الجهل والاضطهاد والقيام بحملة مركزة تهدف إلى لفت نظرها إلى أهدافها الحقيقية وليس إلى ما يجعلها نائمة وغافية عن حقوقها المشروعة ، وأخص بالذكر النساء البرلمانيات اللائي نلن مقاعد في مجلس النواب في دورته الجديدة ؛ لأن موقعهن ومسؤوليتهن تفرض عليهن ذلك ، ولأنهن أقدر من النساء غير البرلمانيات على انتزاع حقوق المرأة ، إذ لهن مجالات واسعة للتغيير منها تشريع القوانين ومراقبة الوزارات والدوائر التي تعنى بشؤون المرأة ، ولا ينبغي إغفال الدور الرائد لبعض البرلمانيات في هذا المجال وفي غيره من المجالات ، فمواقف بعضهن في البرلمان فاق مواقف زملائهن الرجال وقد تلقى رئيس البرلمان السابق قبل استقالته أعنف الكلمات والمواقف من برلمانيات وطنيات استنكرن فيها سلوكياته السمجة في إدارة المجلس واستهزائه بمشاعر الشعب العراقي . نأمل أن يكون هذا خطوة في اتجاه تحرير المرأة ليس من الرجل بل من كل ما من شأنه أن يحط من قيمتها الحقيقية وكرامتها ، وواجب على كل الخيرين من أبناء المجتمع لا سيما الذين ينحون المنحى الإسلامي في تحركهم السياسي أن لا يقفوا حجرعثرة في طريق المرأة بسبب تمسكهم بالموروث العشائري القبلي ، فالإسلام لم يضع الحواجز على طريق المرأة ، وما هذا الحواجز الموجودة إلا ترسبات من تقاليد المجتمع البالية ، وأول ما ينبغي محاربته هو ذلك ، والتنبيه بأن الإسلام يدعم تحرك المرأة في طلب العلم وفي الوقوف بوجه الطغاة والمستكبرين واخذ مسؤوليتها الاجتماعية ، وما تحرك زينب بنت علي إلا خير مثال على ذلك إذ إنها قرَّعت بكلماتها الثورية أعتى الطغاة في عصرها عبيد الله بن زياد والخليفة الأموي يزيد بن معاوية ، ونبهت المجتمع الكوفي والشامي إلى إلأوضاع الفاسدة آنذاك ، ووبختهم على سكوتهم على الظلم وعدم تحركهم ضد الواقع الفاسد ، فنحن نريد امرأة واعية مثقفة ثقافة صحيحة بعيدة عن التقاليد البالية وفي الوقت نفسه متسلحة بسلاح العلم والمعرفة وتعي اللحظة والواقع الذي تعيش فيه .
#علي_محمد_البهادلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علي والعدالة الاجتماعية
-
الشباب العراقي والتغيرات الاجتماعية والسياسية
-
فساد التوقيت وتوقيت الفساد
-
السيادة الوطنية في مهب الريح الأمريكية !!
-
الدعاية الانتخابية وهدر المال العام
-
بعد محاسبة الفاشيين جاء دور الفاسدين
-
العمل الرقابي بين التأسيس والتسييس
-
الرعاية الاجتماعية... فساد إداري وفساد أخلاقي
-
الانتفاضة على الاستبداد والدكتاتورية والفساد
-
المصارف بؤرة الفساد الكبرى
-
هجوم العريفي على السيستاني
-
إخلاف الوعود الانتخابية ....فساد صارخ
-
يسوع والحسين المصلحون في مواجهة المفسدين
-
هل يسبقنا الأفغان إلى مطاردة الحيتان؟!!
-
من وحي ذكرى يوم الغديرالنزاهة والكفاية معيارا اختيار الحاكم
-
عمليات الاستجواب والاصطفافات السياسية
-
الانتخابات اللبنانية أغلى أم الانتخابات العراقية
-
ماذا بعد إقرار قانون الانتخابات ؟
-
الرقابة الشعبية تجبر الرعاية على الغاء تعيينات
-
الفساد السياسي كوة الفساد الاداري والمالي
المزيد.....
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
-
المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|