نجوى مجدي مجاهد
الحوار المتمدن-العدد: 926 - 2004 / 8 / 15 - 12:11
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
مما لاشك فيه أن المرأة قد حصلت على كثير من الحقوق داخل المجتمع المصري الآن حتى وصل الحال إلى أن نسمع بعض الرجال ينادون بمساواة الرجل بالمرأة، هذا واقع ولا يمكنني الجدال فيه، ولكن ما أود طرحه للنقاش هنا هو كيفية ممارسة هذه الحقوق من واقع الحياة اليومية لنتبين سويا إلى أي مدى تتمتع المرأة فعلا بحقوق مساوية للرجل.
لست هنا بصدد نقاش الشرائع الدينية ولا القوانين المدنية ولكني بصدد مناقشة المعطيات الثقافية لمجتمعاتنا الشرقية التي تصور للمرأة أن ممارستها لهذه الحقوق إنما هي فضل ومنحة يفيض بهما الرجل الشرقي عليها لكرم طبعة ودماثة خلقة وعليها ( أي المرأة ) أن تعيش أسيرة هذا الفضل بل وان تقدم في المقابل له فروض الولاء والطاعة.
ويتمتع معظم الرجال ( في مجتمعاتنا ) بهذا النوع من العلاقات الزوجية والتي يبدو فيها وكأنه المانح و المانع, و هذا بالطبع يشعره باستمرار أدائه لدور " سي السيد " الذي فقد كثيرا من مقوماته, تلك المقومات التي يظن البعض أن من أهمها التكفل المادي الكامل بنفقات زوجته وأولاده، ولا يخفى على أحد أن الظروف والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها مجتمعنا قد دفعت كثير من الرجال إلى التخلي عن فكرة التكفل المادي الكامل ودعتهم إلى تبني مبدأ الشراكة المادية في الحياة الزوجية، فتجد غالب الرجال الآن حينما يختارون زوجاتهم, يختاروا شريكة الحياة الحاصلة على شهادة جامعية والتي تستطيع من خلالها أن تعمل في وظيفة ذات راتب محترم لاستحالة وفاءه وحده باحتياجات أسرته نظرا لضعف الدخول وكثرة الالتزامات، وهذا في حد ذاته لا غضاضة عليه بل ولا عيب فيه أيضا ولكن ما يثير العجب أن يمارس الرجل سلطته على زوجته فيتحكم في مواعيد عملها، وعلى سبيل المثال تكون الزوجة العاملة التي اختارها تحت هذا الشرط غير مسموح لها بالتأخر بعد مواعيد العمل الرسمية تحت أي ظرف من الظروف حتى ولو كانت هذه الظروف قهرية، وهي ليس لها حق قبول أو رفض أي دعوة لحضور اجتماع أو ندوة تخص عملها بعد مواعيد العمل الرسمية مهما كانت أهمية هذه الدعوة أو علاقتها الضرورية بالعمل إلا بعد الرجوع له أولا لتحصل منه على صك الموافقة وبعد أن تكون قد قدمت للحصول علية عريضة عظيمة من المبررات والتفسيرات لمسئوليات عملها.
وربما تكون الزوجة محظوظة, فتحصل على صك الموافقة من الزوج والذي يمنحها إياه على مضض منه خصوصا وانه سيجالس أطفالها أو بتعبير أدق أطفالهما لمدة تتراوح ما بين الساعتين ومن ثم فلابد له من تغليف موافقته هذه بالويل والثبور وعظائم الأمور إذا ما تأخرت ( الهانم ) عن هاتين الساعتين ولو لخمس دقائق، وقد تكون الزوجة قليلة الحظ, فلا يشفع لها عند زوجها أي مبرر أو تفسير ومن ثم تضطر إلى أن تدعي المرض كعذر ( شائع بين الزوجات ) تحفظ به ماء وجهها أمام رؤسائها عن عدم مقدرتها على الحضور.
والحقيقة أن الزوجة المحظوظة هنا إذا ما دققنا النظر هي تلك المرأة التي رفض أن يمنحها زوجها حق حضور الاجتماع من البداية، حيث تجنبت بهذا الرفض رؤية التكشيرة ( المحترمة ) وسماع مر الشكوى مما سببه الأطفال من مشكلات أثناء تواجدها بالخارج.
وتتمنى الزوجة التي عادت من عملها تلهث لو لم تخرج للعمل من أساسه وتترحم في زحمة لهاثها على زمن والدتها الذي جلست فيه المرأة بالمنزل ترعى أطفالها بينما الرجل عليه أن يشقى ويتعب خارج المنزل بمفرده .
وإذا ما دققنا النظر اكثر لوجدنا أيضا أن الرجل الذي خرجت زوجته للاجتماع بعد مواعيد العمل الرسمية هو رجل معذور حيث قضي الساعتين في حالة من الرعب، يخشى فيهما أن يطرق بابه أحدا من أفراد عائلته فيجده يجالس أطفاله بمفرده ويصبح مضطرا للقول بأن ( الهانم ) عندها اجتماع عمل.
ومن الأمور التي قد تسبب أزمة داخل إطار الحياة الزوجية أيضا هي حصول الزوجة على ترقية مثلا أو علاوة الأمر الذي يجعل مركزها الوظيفي أو المالي في وضع أفضل من وضع الزوج, و يستوجب هذا على الزوجة أن تبالغ في إظهار فروض الولاء والطاعة خاصة أثناء زيارات الأهل والأصدقاء اللذين لا يكتفون بالمراقبة عن بعد فقط حيث أنها لا تشبع رغبتهم في الفضول وحب الاستطلاع ولا تمكنهم من ممارسة هواية النصح والإرشاد، فتجد مثل هذه الزيارات وقد تحولت إلى تحقيق مليئ بالأسئلة عن مقدار دخل الزوج ودخل الزوجة وأوقات عملهما وربما عن ماذا تناولوا في وجبة العشاء، ومن الذي يستذكر منهم دروس الأطفال من حساب وعربي وفي أي المواد يحصل الأطفال على مجموع افضل، الأمر الذي من شأنه عادة أن يؤدى إلى حدوث الشجار بعد انتهاء الزيارة وربما لا ينتهي هذا الشجار حتى الصباح، إلا في حالة وحيدة فقط وهي أن تتجنب الزوجة أثناء هذه الزيارات معارضة زوجها في أي شئ يقوله حتى وان كان عن أسعار الطماطم في سوق الخضار وأن تراعي إعلان الموافقة والتأييد ويا حبذا الإعجاب بجميع الآراء العميقة والسطحية بل والتافهة أيضا التي يقولها زوجها.
وغالبا ما نجد الزوج أثناء هذا النوع من الزيارات يتفنن في إعطاء الأوامر المستفزة للزوجة كطلب كوب ماء أو طفاية السجائر من على المنضدة التي أمامه مباشرة ليعلم الجميع من هو سيد هذا المنزل والآمر الناهي فيه ومن ذا الذي لا يملك سوى الانصياع.
إن تلك الأمور التي قد تبدو صغيرة إنما هي أمثلة واقعية عن منظومة اجتماعية ثقافية تحيط بالرجل والمرأة، تلك المنظومة التي قد تساهم بالسلب أو بالإيجاب في حياتهما الزوجية والتي في إطارها قد يسعى الرجل من ناحيته إلى إتقان دور سيد العلاقة المتحكم و المسيطر على جميع الأمور حتى مسؤوليات زوجته في العمل, وتسعى المرأة من ناحيتها لمحاولة إتقان دورين متناقضين هما الزوجة مسلوبة الإرادة المطيعة بالمنزل والمرأة المستقلة صاحبة اتخاذ القرار في العمل, ونحمد الله أن هناك عدد لا بأس به من الرجال قد ترحم على هذا النوع من وهم الرجولة والمتمثل فقط في قهر المرأة
#نجوى_مجدي_مجاهد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟