|
يبدلون دينهم من أجل لقمة العيش !؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 3044 - 2010 / 6 / 25 - 13:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في السودان حيث مكثت بين أهلها الكرماء الطيبين قرابة العام لاحظت أنه - ومن شدة الفقر المدقع والجوع المؤلم - قد يقصد بعض المسلمين الفقراء الكنائس السودانية أو الغربية المتواجدة في العاصمة الخرطوم ليعلنوا فيها بأنهم قد تنصروا وتركوا الإسلام بالمره بسبب المعيشة المره!! .. فتستقبلهم هذه الكنائس التبشيرية والتنصيرية بفرح وسرور حيث يقوم هؤلاء "المسلمون المستنصرون" عندها بأداء كل المطلوب منهم من الطقوس الظاهرية والإجراءات الشكلية لتأكيد صدق نيتهم وصحة تبديلهم لدينهم وتنصرهم! .. وبعض هؤلاء ما يقوم بهذه الخطوة إلا من شدة العوز أي من أجل الحصول على مساعدات مالية وطعام وملابس له ولأولاده.... إلخ ولسان حالهم يردد ( قال : أيه إللي رماك على المر؟ قال : إللي أمر منه)!!! .. ولاحظ هنا أننا نقول "البعض" وأننا لا نعمم ولا نكثر! ... وبعضهم - كما لاحظت وسمعت - يقصد المركز الثقافي الإيراني في العاصمة الخرطوم فيدعي أنه قد تشيع وأصبح من أنصار فريق (آل البيت) ويلعن سلسبيل فريق (الوهابية) عملاء الرجعية والإستعمار ووووو...إلخ وكل ذلك من أجل أكل العيش من شدة الفقر والحاجة! ..أو ربما بسبب الطمع والإرتزاق وكسب المال ولو من باب الإحتيال!! .
وفي المقابل فإن بعض السودانيين الجنوبيين (المسيحيين أو الوثنيين) كانوا يقصدون المساجد أو الجمعيات والمراكز الإسلامية في العاصمة لإشهار إسلامهم بهذا الغرض نفسه أي للحصول على المساعدة المالية لهم ولأفراد عائلاتهم أو من باب الطمع وكسب المال ولو من باب الإحتيال! .. ولكن أطرف موقف حضرته بنفسي هو أن سوداني جنوبي في الجامع الكبير بالعاصمة "الخرطوم" إدعى يومها بأنه سوداني نصراني جاء ليشهر إسلامه وسط المسلمين جهارا ً نهارا ً ثم وبعد أن نطق بالشهادتين بصعوبة بالغة متظاهرا ً أنه لا يجيد العربيه (أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا ً رسول الله) تعالت داخل المسجد أصوات التكبير والتهليل (الله أكبر .. الله أكبر!) وأراد بعض أهل الخير – كما جرت العادة في مثل هذه المناسبات السارة - مساعدة هذا "الأخ المسلم الجديد" ماليا ً من أجل تحبيبه في الإسلام وتأليف قلبه والتعبير له عن المساندة والمودة إلا أن حظ صاحبنا العاثر حال دون ذلك وأدار الدائرة عليه وحدث ما عكر صفو هذه الفرحة الغامرة وبدد كل الأحلام السعيده! .. فبدل أن ينال صاحبنا هذا الذي أعلن إسلامه لتوه من جموع المصليين على مبلغ مالي "محترم؟" ناله منهم ضربا ً مبرحا ً أو "علقه سخنه" على حد تعبير إخواننا المصريين أو "طريحة رباش القبور" على حد تعبيرنا نحن الليبيين !!!! .. كيف؟ ولماذا ؟؟ ......إليكم القصة كما شاهدتها وحضرتها بنفسي:
فكما أخبرتكم آنفا ً فلسوء حظ صاحبنا هذا وفي اللحظة التي أخذ فيها يحصد نقود المتبرعين المسرورين بدخول هذا "النصراني" للإسلام - فجأة وعلى حين غره!- حدث ما لم يكن في حسبان صاحبنا ذاك ولا حسباننا نحن ! .. فقد صاح أحد المتواجدين في الجامع الكبير قائلا ً ومحذرا ً الجمهور بأن هذا الشخص الذي أعلن لتوه إسلامه ليس سوى دعي كذاب ونصاب !!! .. كيف !!!؟؟؟؟ .. قال : لأنه مسلم أصلا ً من يوم يومه !!! ... وأقسم صاحب التحذير والنكير بالله العظيم بأنه يعرف هذا الشخص "المتمسلم" شخصيا ً وأن إسمه "فلان إبن فلان" وأنه من أبناء قريته "الفلانية" في جنوب السودان !!. وهكذا إنفضح أمر هذا المحتال !! .. فهو مسلم من الأصل أبا ً عن جد منذ ألف عام وليس نصرانيا ً ولا هم يحزنون!! .. أي أن صاحبنا الذي أشهر إسلامه - وهو مسلم أصلا ً من يوم يومه! - قام بهذه التمثيلية السخيفة والطريفة من باب النصب والإحتيال ومن أجل الحصول على المعونة والمال!! ..
فأسقط في يد صاحبنا وكثر الهرج والمرج في الجامع الكبير من حوله وتطاير من العيون الشرر وتعالت الأصوات باللعنات التي إختلطت بصوت الضحكات والشهيق والنخير والإحتجاج والنكير! .. وهكذا وبدل أن يجمع ويلم المصلون لصاحبنا هذا المال بغرض المساعدة تجمهروا حوله - زرافات ٍ ووحدانا ً - أطفالا ً ورجالا ً ونساء ً - خارج المسجد وتكأكأوا عليه كتكأكأهم على ذي جنة ٍ يبرحونه ضربا َ وشتما ً ولم يفرنقعوا عنه إلا بعد أن أشبعوه لطما ً بأيديهم وخدشا ً بأظافرهم وركلا ً بأرجلهم وضربا ً بأحذيتهم وعضا ً بأسنانهم وشتما ً بألسنتهم وشدا ً لشعره وأذنيه وهو وسطهم يتخبط في فزع وذهول كتقلب الصرصور العالق في شباك العنكبوت! .. فيالها من فرحه ما تمت!.. ويا لها من حسرة ٍ مريرة ٍ إنتابت الطرفان .. الخادع والمخدوع على السواء! .. حيث كانت غضبة الجمهور كبيرة وشديدة بعد أن إكتشفوا أن صاحبهم الذي حاول خداعهم ليس سوى "مسلم" مثلهم إبتكر هذه الطريقة للحصول على بعض المساعدة المالية من إخوانه المسلمين ولو بهذه الطريقة الإحتيالية! .
ولعل "المسكين" لو طالبهم بصفته "مسلم" فقير ومحتاج لربما أعرضوا عنه أو يعطوه – إذا أعطوه – النذر القليل الذي لا يسد الرمق ولا يسمن ولا يغني من جوع بعكس ما لو إدعى أنه جنوبي "نصراني" دخل لتوه الإسلام فإن حماسة المسلمين وفرحتهم بهذا "الأخ المستجد" ستكون كبيرة وعارمة فتحفزهم على بذل أقصى كرمهم في العطاء!! .. فهو حسبها بهذه الطريقة وقد يكون نجح في مرات سابقة في هذه العملية ودخل إلى الإسلام مائة ألف مرة ولكن هذه المرة بالذات ألقاه حظه العاثر في "صاحب الزرع؟" الذي بادر إلى فضحه وهو في عز فرحه وسروره وفي عز إنتصاره وغروره فكان ما كان والله المستعان!! .
كذلك الحال بالنسبة إلى بعض الأفارقة الذين يشدون الرحال إلى "خيمة القذافي" في ليبيا ليتظاهروا بأنهم يشهرون إسلامهم لأول مرة في التاريخ أمام حضرة صاحب الفضيلة "إمام المسلمين" مولانا "معمر القذافي المعظم" - حامي حمى المآذن في سويسرا الكافرة الفاجرة! - ويدخلون على يده "السخية" إلى دين الله أفواجا ً فيغدق عليهم "القذافي" بشئ لذيذ من ثروة الشعب الليبي المحروم - القابع في المعتقل الكبير! - مقابل إظهار هذا "المشهد" في وسائل الإعلام أي لزوم الدعاية للقايد "المسلم" الفريد الإمام وحامي حمى الإسلام !!!! .. وكذلك الحال بالنسبة لبعض الأفارقة ممن يعلنون إسلامهم كلما زار القذافي بلد إفريقي زرافات ووحدانا ً أمامه ويتم بث ذلك في وسائل الإعلام الرسمية أو يسلمون على يد جمعية الدعوة الإسلامية - التابعة لجهاز أمنه الخارجي - فإن كان بعضهم صادق النية بالفعل ولا شك في إسلامه فإن بعضهم الآخر – بلاشك - ينتمي لفئة صاحبنا هذا الدعي المسلم الذي إدعى أنه نصراني جاء ليعلن إسلامه في الجامع الكبير لا لشئ إلا بغرض الإكتساب والإرتزاق وكسب المال ولو من باب الإحتيال وربما على أساس أن الحاجة أم الإختراع وللضرورة أحكام!؟.. وشر البلية ما يٌضحك!.
سليم نصر الرقعي
كاتب ليبي يكتب من المنفى الإضطراري(بريطانيا)
[email protected]
(*) هذه الحوادث التي سقناها بالطبع لا تمثل المسار الغالب في المجتمع السوداني الطيب والمثقف والمنفتح بل هي أحداث فردية تحدث في كل المجتمعات ومع أن الشعب السوداني مصنف على أنه شعب فقير إلا أن هذا البلد يملك من الثروات الطبيعية والبشرية ما يمكن أن يعول ويمول ويكفي العالم العربي كله ولكن سوء الإدارة وفساد النخبة السياسية - كما هو حال العالم العربي - فضلا ً عن الحروب الأهلية والمؤامرات الخارجية أنهكت هذا البلد الطيب العزيز وأنهكت أهله الطيبيين أهل الكرم والعشرة الكريمة .
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإناركية .. في ميزان العقل والدين!؟
-
الأناركية .. محاولة للفهم !؟
-
من هو المثقف وماهو دوره ؟ وماهي الثقافة!؟
-
زمن العجز العربي وغياب الديموقراطية !؟
-
نحو دولة إسلامية -ليبراليه- لا شموليه -توتاليتاريه-!؟
-
في السياسة .. أرباب متفرقون خيرٌ من رب واحد قهار!؟
-
ماهو سر تضارب الأنباء حول صحة المقرحي!؟
-
أكشن!..القذافي والسيناريو القادم لثاني مره!؟
-
لمه وليست قمه !!؟؟
-
ماهي مفاجآت القذافي في قمة سرت!؟
-
العقيد .. وقمة الفشل العربي الأكيد !؟
-
المقرحي .. هل هو مريض بالسرطان بالفعل!؟
-
المحاصصة الطائفية والقبلية أفضل من الشموليه!؟
-
أمريكا تعتذر للناقة الليبية الحلوب !؟
-
لو مات -مبارك- غدا ً فجأة ً ماذا سيحصل!؟
-
ليبيا هي الدولة الديموقراطية الوحيدة في العالم !!؟
-
الفكر وأثره في السلوك الديكتاتوري !؟
-
الفقر عيب وألف ألف عيب !!؟
-
التوريث الجاري مطلب إمريكي وقد يتم بمباركة الإسلاميين!؟
-
هل يمكن تصور ديموقراطية في مجتمع قبلي أو طائفي !؟
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|