|
الدور التركي في الشرق الأوسط (2-3) من دولة الخلافة إلى وزير الداخلية داوود أوغلو
جان كورد
الحوار المتمدن-العدد: 3044 - 2010 / 6 / 25 - 11:08
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
على الرغم من الزحف الذي قام به تيمورلنك من ناحية الشرق على الامبراطورية العثمانية، حيث عطّل الكثير من شؤونها وأضّر بها ضرراً بليغاً، وألحق الهزيمة بالسلطان بيازيد "الصاعقة" بالقرب من أنقره في عام 1402 م، وعلى الرغم من التحركات الكبيرة للشاه اسماعيل الصفوي من ناحية أيران غرباً بهدف نشر المذهب الشيعي بالقوّة في كوردستان والأناضول الذي أصبح جزءاً مما سمّي بعد قرون ب"تركيا"، فإن العثمانيين أظهروا قدرة فائقة على صد الهجمات التي قامت بها الامارات والممالك المسيحية في اوروبا على امبراطوريتهم من ناحية الغرب،على انفراد أو مجتمعة،. وحيث أن الحروب الناشبة بين العثمانيين والصليبيين في شرق أوروبا اتسمت بالرعب والدمار، فقد ظّل اسم "الترك" حتى يومنا هذا في أذهان الأوروبيين الذين يقرؤون تاريخهم بشغف مثيراً للفزع، وكأن الأتراك على وشك احتلال بلدانهم قريباً وارغامهم على الإسلام وحز رقابهم وسبي نسائهم، ونرى هذا الخوف المرتسم في عقولهم واضحاً في رد فعل الزعماء العنصريين للأحزاب الوطنية المتشددة حيال الإسلام، حتى في صورة مأذنة أو حجاب امرأة مسلمة، وبخاصة بعد صعود نجم السياسي العنصري (غيرت فيلدر) في هولاندا مؤخراً وحيازته على عدد كبير من أصوات الناخبين في بلاده، هذا الذي لم يكن نجاحه بسبب برنامج اقتصادي كبير أو تحقيقه نجاحات سابقة، وانما فقط بتحريكه المشاعر العنصرية الرخيصة واخافة الناس من اكتساح الإسلام لأوروبا وقضائه على "الحضارة الغربية"، وهجومه القاذع على "أردوغان" رئيس الوزراء التركي الذي أظهره وكأنه "ارهابي خطير"... ومما زاد في هيبة العثمانيين الذين كان الأتراك يشكلّون سنام جملهم في السياسة والحرب، هو انتصارهم بدعم واسع وكبير من زعماء العشائر الكوردية السنية في 23 آب (أغسطس) 1514م في موقعة جالديران الشهيرة على الشاه اسماعيل الصفوي الذي هرب من ساحة المعركة تاركاً وراءه تاجه وزوجته، فسيطر الرعب على نفوس جنوده، وتمكن العثمانيون بقيادة السلطان سليم من الدخول إلى العاصمة تبريز بسرعة، ثم انتصارهم بعد ثلاث سنوات أخرى على كبير المماليك، قانصو الغوري، بالقرب من مدينة حلب في مرج دابق، وقتلهم له. وبذلك تم فتح الطريق أمام العثمانيين جنوباً للتوغل حتى إلى مصر، بعد تحقيقهم انتصاراً آخر في معركة الريدانية في منطقة غزّة الفلسطينية. إلاّ أن توالي الثورات في الامبراطورية العثمانية، والترف الفاحش الذي كانت عليه قصور السلاطين ولوردات حروبهم وأمراء الممالك والأمصار التي تحت سيطرتهم، مقابل كوارث الجوع في الامبراطورية، ومنها ثورات وتمردات (الشيخ بدر الدين بن اسرائيل السيماوني في عهد السلطان محمد الأوّل)، (جان بردي الغزالي الكرواتي في عهد السلطان سليمان القانوني) و(عزيز المصري الشركسي في عهد السلطان عبد الحميد الثاني) وغيرها من ثورات الكورد الذين انتفضوا ضد الظلم العثماني باستمرار، إضافة إلى تراكم ديون الحروب وانتشار الفساد والفوضى في أنحاء الامبراطورية الشاسعة الواسعة، قد فتح الباب لاختراقات أجنبية متتالية، انتهت بسيطرة العناصر الغريبة على دفة الحكم في ظل السيطرة الشكلية للسلطان، حتى دخلت الامبراطورية في مرحلة "الرجل المريض" في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وانتشرت الأفكار العلمانية من خلال الجمعيات والنوادي والجرائد التي كان يسيطر عليها الغرباء، وبخاصة (يهود الدونمة) الذين وجدوا لدى العثمانيين مأوىً لهم بعد هجرتهم من اسبانيا، حيث تعرّضوا هناك قبل ذلك بزمن طويل إلى مختلف أنواع الاضطهاد، وكذلك اليهود الذين جاؤوا لأغراض التجارة إلى القسطنطينية من الدول الأوروبية المختلفة، وتمتّعوا بحقوقهم في تسيير أعمالهم التجارية التي يشتهرون بها، وبخاصة في مجال الذهب وسوق المال. كما أدّى انتشار الطرق الصوفية المتخلّفة في أنحاء الامبراطورية إلى مزيد من المشاكل والانهيارات وإلى خلق عوامل الكسل والاتكال والتسكّع ومحاربة أي فكرة أو عمل يدعو للتطوّر والتقدّم بين الشعوب المحكومة من قبل العثمانيين، وذلك على الرغم من أن العثمانيين استخدموا في الدعوة لحروبهم الطرق الصوفية بقوّة وبشكل ملحوظ، عبر تاريخهم. توغّل اليهود في الشريحة السياسية الحاكمة وفي الوسط الاقتصادي الثري في اسطانبول، من خلال قدراتهم في مجال العلاقات المالية الفائقة التطوّر وامتلاكهم الذهب وكذلك عن طريق تطعيم الأوساط الثقافية بالأفكار التحررية والعلمانية التي ظهرت في أوروبا بعد الثورة الفرنسية وما قبلها، وبخاصة بعد أن دخل العديد من الطلاب العثمانيين في الجامعات الأوروبية وعادوا إلى الأستانة، وقد لمع نجم بعض رموزهم الكبيرة، منذ ولادة اليهودي الاسباني الأصل (ساباتاي بن مردخاي زيفى) في عام 1612م في أزمير، وزعم بعد بلوغه سن الثانية والعشرين بأنه "المسيح المنتظر!"، الذي كان بعض زعماء اليهود يتوقّعون ظهوره في عام 1648م، وأنه سيقود اليهود إلى فلسطين، ليحكموا من هناك العالم. ويبدو أنهم أخطأوا في حساب كلمات وألفاظ توراتية، بفارق 3 قرون، حيث تم منحهم وعد بلفور لاقامة دولة لهم في فلسطين في عام 1948م أولاً. فقام ساباتي بزيارات لفلسطين ومصر وتجوّل في بعض أنحاء الامبراطورية العثمانية، داعياً اليهود إلى الايمان به "نبياً مخلّصاً"، إلاّ أن منافساً له يدعى "كوهين" شكى أمره إلى السلطان العثماني الذي أمر بالقبض على ساباتاي، ولما شعر هذا "المسيح المنتظر!" بقرب نهايته اعتنق الإسلام، فحوّله السلطان إلى بواب ذي راتب مناسب، فأصبح يدعى ب"محمّد البواب". ومن ذلك ظهر اسم "الدونمة" حيث يعني "عودة" اليهودي إلى دين الفطرة الإسلامية، وفتح الباب بذلك أمام أسلمة اليهود شكلاً واحتفاظهم بعقائدهم سراً، واستطاعوا تأسيس منتديات لهم، في ظاهرها متوافقة مع النظام الديني العام في الدولة وفي باطنها حركات يهودية متشددة، مثل اليعاقبة والقابانجية والقرقاشية ...بل إنهم برعوا في تزويج اليهوديات من العثمانيين، ولم تأت الحرب العالمية الأولى، إلاّ ولهم شأن كبير في مختلف مناحي الحياة الثقافية والاقتصادية ومؤثرين بوضوح في السياسة التركية... دعا المثقفون اليهود إلى رفع حجاب المرأة المسلمة وإلى الاختلاط بين الفتيان والفتيات، وإلى الحكم العلماني بدلاً عن الشريعة الإسلامية، وجرى كل ذلك بأساليب متلونة وبحركات متناغمة مع أفكار الحرية والعدل والمساواة التي انتشرت آنذاك في أوروبا... وهم بلا شك أوّل من دعا إلى احداث مسابقات ملكات الجمال في تركيا... أسست العائلات اليهودية الثرية أولى الصحف والجرائد التركية، ومنها عائلة القبانجي والإيبكجي وكبار، واشتهر منهم صحافيون بارزون روّاد مثل أحمد أمين يالمان، مؤسس العديد من الصحف والمجلات وأحد أهم الشخصيات المشاركة في المؤتمرات الصهيونية العالمية... ولمع فيما بعد اسم عبدي ايبكجي الذي اغتيل في عام 1979م ، المتربّع على عرش الصحافة التركية، فاليهود هم الذين أسسوا معظم الصحف اليومية الهامة في تركيا، ومنها (حريت، ملليت، غون آيدين، جمهوريت، ترجمان...)، كما سيطروا فيما بعد على الإذاعات والتلفزيون، وبذلك تمكنوا من توجيه المجتمع التركي حسب سياساتهم ورغباتهم ومصالحهم المالية الكبيرة. بل إنهم أسسوا صحفاً شيوعية هامة أيضاً مثل (طنين) و(بوليتيكا) وأيدوا اليسار التركي الطوراني، كما شاركوا، ومنهم نساء مثل خالدة أديب، في الحركة الكمالية وما يسمى ب"حرب الاستقلال" وفي بناء الجمهورية الحديثة، رغم خلافاتها الكبيرة مع مؤسس الجمهورية مصطفى كمال. وعليه يمكن القول بأن اليهود لهم الفضل الأكبر في ظهور اعلام تركي حر إلى حد ما بالنسبة للإعلام العربي - مثلاً- الذي يلعب دور الخادم والتابع للحاكم في أغلب الدول العربية حتى اليوم وعن طريقهم انتقلت فكرة الحريات الإعلامية من أوروبا إلى تركيا، تماماً مثلما ظهرت المساجد الإسلامية فيما بعد في أوروبا عن طريق الأتراك أولاً. والمثقفون اليهود هم الذين أرسوا فكرة "الطورانية" كبديل عن فكرة "الإسلامية"، واستخدموا في ذلك الأفكار الديموقراطية الغربية والدعوة إلى الشيوعية على حد سواء. ودفعهم إلى ذلك بشكل رئيسي الموقف الرافض من قبل آخر سلطان عثماني هو السلطان عبد الحميد الثاني الذي خلعوه وأسكنوه قصر شخص يهودي فيما بعد، لأنه رفض الموافقة على طلبهم بمنحهم حق تأسيس دولة لهم في "الأرض الموعودة" أي في اسرائيل – فلسطين الحالية، رغم ما عرضوا عليه من تمويل مالي كبير ورشوة مغرية. وشملت حملتهم ضد الإٍسلام كبار شيوخ الكورد أيضاً، ومنهم الشيخ سعيد بيراني الذي قاد الثورة ضد الكمالية في عام 1925 وأعدم بسببها مع عدد من رجالات الكورد الداعين لاقامة دولة كوردية، والشيخ سعيد النورسي (أبو لاشيء) الذي يعد "الأستاذ" في مسائل (فكر التوحيد الإسلامي) واشتهر ب"رسائل النور" التي كتبها في منفاه الطويل الأمد، والذي كان مع فكرة (المشروطية) لتحديد وتقليص صلاحيات السلطان، وفي الوقت ذاته كان كوردياً وطنياً مخلصاً لشعبه المظلوم. ومع الأسف لايعلم أحد من أبناء قومه أين مدفنه لأن الحكومة التركية انتشلت جثمانه من قبره ونقلته إلى مكان مجهول، وسط تعتيم اعلامي واشراف عسكري. سعى مثقفو اليهود الذين كانوا قد صاروا مواطنين في تركيا منذ أمد بعيد، من أمثال موئيز كوهين (1883-1961)، ابراهيم غالانتي، وقره صو"الماء الأسود"، وكذلك يهود أوروبا من أمثال ليون كاهون، أرمينيوس فامبري ولومي ديفيد، إلى دعم تيار القومية الطوراني قبل وبعد بناء الجمهورية في عام 1923، ووجدوا في ذلك ضالتهم المنشودة "مصطفى كمال" السالونيكي، بل يعتبر موئيز كوهين صانع القومية الطورانية لوضعه كتاباً تحت عنوان "طوران" لا يزال يعتبر بمثابة انجيل للعنصريين الأتراك. وعمل بذلك على دك أسس الفكرة العثمانية من خلال احياء الفكرة القومية التركية. ومن ثم اتخذ على غرار الكاتب التركي محمد ضيا لقب (ألب) الطوراني، بعد أن التقيا في سالونيك، وصار يدعى بموئيز كوهين تكين ألب. وخدم موئيز كوهين هذا الصحافة القومية الطورانية بشكل كبير ومستمر، وصار عضواً في مجلس الأمة التركي، ومهتماً بشؤون بلاد الشام، وألّف العديد من الكتب، ومنها "سياسة التتريك" و"الروح التركية" وكما ذكرنا "طوران"، التي نهل من معارفها الأوروبيون معلوماتهم عن مرحلة انهيار الدولة العثمانية وظهور الجمهورية الطورانية، ومنهم رئيس الوزراء البريطاني الشهير وينستون تشرتشل. ويعتبر بعض الكتّاب التركي مثل أرطغرل دوزداغ هذا المثقف اليهودي موئيز كوهين مؤسس "الحضارة التركية الجديدة المستقلة. في كتابه "طوران" يبشّر موئيز كوهين بأن الأتراك سيرفعون تاج جدهم الأكبر "جنكيزخان" رغم أنه منغولي وليس تركي، وهرب الترك من أمام جحافل جيوشه أثناء تحرّكه صوب الشرق، وفي كتابه "سياسة التتريك" يتحدّث عن "الضمير المشترك" بين اليهود والترك، ويدعو في كتابه "الكمالية" بشكل سافر إلى الغاء الخلافة العثمانية فينادي "فلتسقط حكومة الشريعة"، أما زميله محمد ضياءالدين كوك ألب فقد كان يضرب على وتر آخر فيقول: "أنا أنتمي لثلاث عناصر، هي القومية التركية والأمّة الاسلامية والحضارة الأوروبية" ولكنه كان يعتبر السلطة الإسلامية "غاشمة" ويمدح انتصار الأتاتوركية عليها. وفي كتاب "الروح التركية" يضع موئيز كوهين "العلمانية" مبدأً مطابقاً للنظام السياسي - الاجتماعي للعشائر التركية قبل دخولها الإسلام، لذا يطلب من الترك الأخذ بها من جديد. سارت الدولة القومية التركية القائمة على أساس "العرق الواحد واللغة الواحدة" وحملت مبادىء "العلمانية" على طريق شاق، رغم مد يد المساعدة إليها من العالم الغربي، الذي كان في مرحلة صراعات قومية وامبريالية شديدة، بعدالحرب العالمية الأولى التي وقفت فيها تركيا مع ألمانيا لأسباب تاريخية عديدة تتعلّق بنزاعاتها الحدودية مع روسيا، فظهرت الشيوعية في تلك المرحلة على الساحة بثورة أوكتوبر(1917م)، وبذلك ارتفعت أسهم تركيا كموقع لابد من تحصينه من قبل الأوروبيين والأمريكان على الحدود الجنوبية لروسيا وعلى مضيق بحر مرمرة، ثم انتعشت الأفكار النازية والفاشية المتأثرّة ب"الكمالية" في كل من ألمانيا وايطاليا، إلى أن حدثت الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) التي قتل فيها أكثر من خمسين مليون من البشر، ودمرّت آلاف المدن والقرى في معظم دول أوروبا وروسيا، مما رفع من أهمية الأيدي العاملة التي وفدت من تركيا وجنوب أوروبا، وفتح الباب بذلك أمام الأتراك ليضعوا قدمهم في "البيت الأوروبي" بأمان ودون قتال، بعد أن فشلوا قبل قرون سابقاً من اقتحام عتبتها في (فيينا) النمساوية عن طريق الحرب. ولم يكتف الأوروبيون بذلك، بل سمحوا لتركيا أو فرضوا عليها الانضمام إلى حلف السنتو ومن ثم حلف النيتو أيضاً، وربطوا بينهم وبينها بعلاقات تجارية – ثقافية – واقتصادية قويّة، في حين أن الطورانيين أقاموا حدوداً من الأسلاك الشائكة وحقول الألغام وأبراج المراقبة العسكرية الشديدة بينهم وبين جيرانهم العرب، كما حدث على امتداد الحدود التركية – السورية. وبدت تركيا وكأنها انزلقت تماماً إلى أحضان أوروبا، وأن مستقبلها كامن في تخلّصها من كل ما يشير إلى أسيويتها وإسلامها. وهنا يكمن التناقض الكبير بين"الطورانية" التي ترى قوتها في التوسّع شرقاً صوب مواطن الترك الأصلية في أعماق آسيا، وبين الاندماج والانصهار في بوتقة "الحضارة الأوروبية"، وكذلك بين "الإسلامية" المتأصلة عميقاً عبر قرون طويلة من الزمن، في صدور المواطنين، والتي رفعت الترك إلى مصاف "الأسياد العالميين" بعد أن كانوا "وحوشاً للهراش!" وبين "العلمانية" التي تفرض عليهم ترك الدين في بيوتهم والسير وراء آتاتوركهم الذي فرض عليهم القبعة العمالية الشهيرة والحروف اللاتينية عوضاً عن العربية وعمل على سلخهم من الوسط الإسلامي كلياً. تميّزت المرحلة منذ قيام الجمهورية وإلى انقلاب عام 1980، بأنها كانت مرحلة سعي حثيث لارضاء الأوروبيين وتحقيق مصالحهم الاستراتيجية والاقتصادية في بلادهم، ومن أهمها قمع كل حركة شيوعية أو يسارية في تركيا، تعمل على معاداة الغرب وحلف الناتو، كما تميّزت المرحلة بقمع مستمر للحركة القومية الكوردية وثورات الكورد المتتالية (1925، 1927، 1937) وممارسة سياسات التشريد والكبت والحرمان بحق الشعب الكوردي، دون أي رعاية لحقوقهم الإنسانية أو أي اعتبار لبنود معاهدة (لوزان لعام 1923) أو للائحة حقوق الإنسان (1948)الموقّعتين من قبل تركيا أيضاً...وسكت العالم الأوروبي عن ذلك سكوتاً مريباً حقاً. إضافة إلى قمع أي توجه سياسي إسلامي في تركيا الحديثة، مع السماح للطرق الصوفية التي ليست لها أي اهتمامات سياسية بالانتشار في ظل السياسة العلمانية العامة، ودون أن تعيقها بشكل من الأشكال. وكانت وحدة تركيا كقلعة معادية للشيوعية وللاسلام في الدرجة الأولى من اهتمامات السياسة الغربية، تماماً مثل الحفاظ على أمن اسرائيل. بعد سلسلة من المشاكل السياسية الكبيرة على الطريق إلى أوروبا، منها انقلابات عسكرية، وسجن رؤساء وزراء، واعدام رئيس للجمهورية، ومنع أحزاب سياسية، واغلاق صحف ومجلات، وتعديلات دستورية معرقلة للديموقراطية واصدار قوانين مضّرة بالاستقرار الوطني وبالحريات، فإن الكراهية الطبقية التي ساهم في انتشارها الفساد المالي والاداري للحكومات واستبداد الجنرالات الذين فرضوا أنفسهم كأوصياء على الشعب وكمحافظين على تراث آتاتورك القومي قد خنقت الأجواء، وانتشر العنف السياسي في البلاد، وظهر العديد من التنظيمات الشيوعية، المسلحة وغير المسلحة، من تركية وكوردية، والتي كانت أيادي "الدولة السرية: الأرغنكون" وراء بعضها، وتحوّلت تركيا، التي لم تستقر أبداً، إلى ساحة لما يمكن اعتباره مقدمة ل"حرب أهلية"، وظهرت للعيان مساوىء النظام الاقتصادي – السياسي التركي، غير العادل اجتماعياً، واضحة بحدوث انقلاب الجنرال كنعان ايفرين في 1980م. فوجدت تركيا نفسها أبعد ما تكون عن "الدولة الديموقراطية الحديثة"، وبدأت بذلك مرحلة جديدة شرع في وضع أسسها الرئيس الراحل تورغوت أوزال (ذي الأصل الكردي والخلفية الدينية)، والذي يقال عنه بأنه تم تصفيته من قبل المؤسسة العسكرية – الاستخباراتية السرية "أرغنكون"... (للمقال بقية...)
#جان_كورد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا السكوت عن قصف أرياف وقرى كوردستان العراق؟
-
رسالة بلا رتوش ديبلوماسية إلى فخامة الرئيس السوري
-
صوب معالجة تاريخية جادة للأوجلانية (4) الأوجلانية والسياسة ا
...
-
صوب معالجة تاريخية جادة للأوجلانية (3) : الأوجلانية والدين
-
يمكن نقد -منظومة الشعب الكردستاني وقائدها...ولكن-!
-
من سيعيدنا إلى العصر الحجري؟
-
كفى صمتاً...أم كفى كلاماً!
-
لماذا الخوف من فيدرالية كوردية؟ (2)
-
لماذا الخوف من فيدرالية كوردية؟ (1)
-
المجتمع الدولي واللغز السوري
-
التملّق السياسي لنظام -غير ديموقراطي- جريمة بحق الانسانية
-
حتى لا تذبل الديموقراطية في القلوب
-
نظام دمشق والانتخابات البرلمانية العراقية
-
هل الكورد السوريون أيضاً بحاجة إلى (گوران – التغيير)؟
-
حتى لاتنتكس التجربة الديموقراطية في كوردستان
-
كي لا تُجرَحَ الديموقراطية !
-
وقفة مع السياسة الألمانية
-
إذا كان طباخنا الأستاذ حسن عبد العظيم نبقى بلا مرقة
-
ماذا وراء التهديدات المتبادلة بين دمشق وتل أبيب؟
-
البعثيون ولعبة توم وجيري
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|